أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - النظام العالمي














المزيد.....

النظام العالمي


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 5123 - 2016 / 4 / 4 - 19:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولاً
لنفهم النظام العالمي علينا أن نعرف كيفية تركيبته كجهاز تديره جماعات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، هدفها الدفاع عن المصالح الخاصة أو العامة لفئة من الفئات. عمليًا تعمل هذه الجماعات مع النظام السياسي تحت أشكال مختلفة: تتطور في أمريكا نزعة غريزية في المجتمع تنزع إلى الدفاع عن المصالح الخاصة عن طريق جماعات "لوبيات من لوبي" تمثل هذه المصالح، بينما في فرنسا وفي إنجلترا المصالح العامة هي كل شيء. في أمريكا مصالح الدولة هي نفسها مصالح هذه الجماعات، بينما في فرنسا وإنجلترا مصالح الناس هي مصالح الدولة، فلا مصالح وسيطة بين مصالح الدولة ومصالح الناس، وبالمصالح الوسيطة أعني مصالح هذه الجماعات، التي توجد رغم كل شيء على شكل مؤسسات نِقابية ومِهَنية ذات سلطات اجتماعية واقتصادية وسياسية تحت غطاء تبعيتها للدولة.

ثانيًا
هناك إذن نوعان في الحكم، النِّقابي المِهَني كما هو الحال في فرنسا وإنجلترا، والجماعاتي اللوبياتي كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية. في الدستور الأمريكي كل شيء واضح، ومن يتكلم عن الدستور الأمريكي يتكلم عن طبيعة النظام الأمريكي: يسمح الدستور الأمريكي بالتنافس بين أصحاب المصالح، وهو يسمح بذلك لأن في تعارض المصالح –حسب الدستور- تتعدد الجماعات، ولا تكون حكرًا على واحدة فقط منها، كما هي طبيعة النظام العربي. إنه النظام التعددي، وهو نظام سياسي يرتكز على تعايش الجماعات المختلفة والمستقلة في الإدارة والتمثيل، جوهر الحياة السياسية في أمريكا، فالبيت الأبيض تعددي في تكوينه لأن جماعات المصالح تعددية في تكوينها، وتعددية جماعات المصالح والبيت الأبيض واحدة تتشكل من بعضها، وعن هذا التشكل بين جهاز الحكم وجهاز مجموعات المصالح تتشكل مجموعات مصالح أخرى وتمثيليات حكم أخرى على مستويات أخرى، وأخرى، وهكذا إلى ما لا نهاية، وعلى هذا الأساس "التناسلي" يداوم النظام السياسي (والنظام الاقتصادي والنظام الاجتماعي) على البقاء، وتتحدد السياستان الداخلية والخارجية.

ثالثًا
تعمل كل جماعة من جماعات المصالح على مصالحها كشيء شرعي، وبالتالي كجماعة من صُلْب القانون ناطقة باسم الذين تمثلهم من مؤسسات من شتى الأنواع وشركات متعددة الجنسيات، وخاصة كبرنامج يعول عليه، فتحتل مكانًا مكينًا على المسرحين السياسيين الداخلي والخارجي، داخليًا ستشارك في اتخاذ القرار، وخارجيًا ستوجب ما تقتضيه مصالحها. ومن هذه الناحية الخارجية، سيكون الانسحاب الكلي للبيت الأبيض من الاقتصاد، والخضوع التام لضغوط الشركات والمؤسسات الكبرى التي تجد نفسها ممثَّلة في هذه المصالح، فتتحول "اللوبِيَّة" إلى نشاط من يتخذ عملاً مهنة له.

رابعًا
بناء على ما سبق، بخصوص النظام العالمي، تتم الأمور عالميًا بالقياس إلى هذه المصالح: أمريكا لا تدعم إسرائيل حبًا لإسرائيل ولا عطفًا على اليهود، كل هذا نفاق في نفاق، ولكن لأن مصالحها توجب ذلك، وهي لا تسكت عما يحصل في السعودية من ضلال واغتصاب حق السعوديين في الحياة حبًا لأبناء الملك عبد العزيز ولا عشقًا بمراحيضهم التي من الذهب الخالص، كل هذا خصاء في خصاء، ولكن لأن مصالحها توجب ذلك، وليس هذا فقط، المصالح وما أدراك ما المصالح شيء طبيعي، ما يغفل عنه الكثيرون، الأهم من هذا وذاك، لأن السعودية وإسرائيل عرفتا كيف تمثلان هذه المصالح، إسرائيل بكونها ذريعة لمئات لآلاف الصفقات التجارية والعسكرية التي لن تمشي دون أن يكون هناك موقف واضح من وجودها، والسعودية بكونها ذريعة لمئات لآلاف المشاريع السياسية والجغرافية التي لن تتحقق دون أن يكون هناك صمت كامل على فاشيتها. وكذلك كل ما يحدث اليوم من فظائع، ليس لأنها فظائع بالمفهوم الأخلاقي، وإنما لأن هذه الفظائع فظائع ضرورية، فظائع لا بد منها، وهذا شيء طبيعي –أقول طبيعي- في نظام يقوم على الجماعات ذات المصالح غير المشتركة، جماعات متنافسة ومتناسلة إلى ما لا نهاية، متنافسة مهما كانت الوسائل، ومتناسلة مهما كانت الغايات، تتنافس وتتكاثر، والتكاثر والتنافس عنصران جوهريان ينفيان التناقص والتآمر كمفهومين ساذجين.

خامسًا
ليبقى هذا النظام العالمي عالميًا عليه أن يبقى محليًا، لهذا السبب تكون الحملة الانتخابية الأولية كل أربعة أعوام، فكما رأينا، يتناسل النظام الجماعاتي اللوبياتي كنظام أبدي إلى ما لا نهاية، ومشكلة المشاكل لهذا النظام كل نهوض شعبي لغضب أو لإحباط يقلب الوضع السائد أو على الأقل يهدده، وعن طريق الحملة الانتخابية الأولية يتم تقنين الغضب والإحباط، وذلك منذ غداة الحرب الأهلية حتى اليوم. ما يهم النظام السائد إسكات الأصوات الصائحة ضد الليبرالية المروَّضَة أمس والليبرالية المتوحشة اليوم، هذا ما حصل مع أوباما، وهذا ما سيحصل مع ترامب، فالأسباب الأساسية لتأييده، ليست العنصرية، وليست العنجهية، العنجهية والعنصرية شيئان إضافيان إلى التقليعة الترامبية، قليل من البهارات الإغرابية على الطبخة الانتخابية، الأسباب الأساسية لتأييده هي تراجع الصناعة واليأس، الركود والمستقبل الغامض، وهذه أمور لا يمكن جماعات المصالح أن تتحكم بها، بعد أن فقدت السيطرة على آلية نظام فَطَرَتْهُ فَطْرَ اللهِ للسماء والأرض. لهذا يقف النظام العالمي اليوم على كف عفريت، وبانتظار الأزمة القادمة التي لن يحول أي شيء لا تناسل ولا تنافس دون انهياره، سيكون ترامب الأبيض بائعًا للأوهام، كما كان أوباما الأسود بائعًا للأوهام.


باريس الاثنين 2016.04.04



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني النص الكامل
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 51
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 50
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 49
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 48
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 47
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 45
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 44
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 43
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 42
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 41
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 40
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 39
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 38
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 37
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 36
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 35
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 34
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 33
- الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 31


المزيد.....




- كارمن سليمان وروبي تشعلان أجواء الحفلات الافتتاحية لمهرجان - ...
- البيت الأبيض يعلق على تصريح ترامب حول -تغيير النظام الإيراني ...
- الموجات فوق الصوتية لزيادة فعالية المضادات الحيوية
- أردوغان يدين الهجوم على كنيسة مار إلياس في دمشق ويؤكد دعمه ل ...
- ردا على قصف منشآتها النووية... إيران تستهدف قاعدة أمريكية بق ...
- عاجل| المتحدث باسم الخارجية القطرية: دولة قطر تدين الهجوم ال ...
- الاتحاد الأوروبي يجمد أصول 5 أشخاص مرتبطين بالأسد ويحظر سفره ...
- استطلاع: أغلبية الأميركيين قلقون من تصاعد الصراع مع إيران
- سقوط مُسيرة بعمّان تحمل رأسا متفجرا دون إصابات
- واشنطن بوست: حملة إسرائيلية سرية لترهيب قادة إيران العسكريين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أفنان القاسم - النظام العالمي