أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الدمعة من أور الى الكرادة














المزيد.....

الدمعة من أور الى الكرادة


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 00:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مرة كتبت : كلما بكيت مطرت روحي وفقراء المدن الكبيرة أنعشهم حزنهم .
وأجمل ما قيل في المطر بيت شعر لشاعر داغستان رسول حمزاتوف : ليس هناك موسيقى أجمل من صوت المطر..
يقترن المطر بالدمعة قبل اقترانه بموجةِ النهر ، وهو أقرب للمعطف من البرد ، ففي المطر ندثر تأملنا بمعاطف الذكريات ، والذي يقول ، المطر هو فم الوردة يعرف جيداً إن هذا الغيث مثل رسائل العشق خطوطه لا ميل فيها وأفكاره واضحة ودموعه تحمل المعنى الحقيقي لمشاعرنا التي تهزها زلازل العمر وأعاصيره وهي لاتشبه دموع التماسيح ، إنها لا تمتلك المعنى ولا تريد أن تقول شيئاً بالرغم من أنها تسيل بصفاء يشبه نقطة ضوء على جنح فراشة.
تذكرني دموع التماسيح بالحاكم الظالم عندما يبكي ، بالمخادع ، بجلاد المقصلة ، بالمرأة التي تمتلك عُشاقاً كثر ، بذي الوجهين الذي يشبه ذي القرنين الذي حين وصلت منيته بابل بكى .فقالوا لماذا تبكي وانت تملك العلم كله ..؟
قال : لأنني أشعر بحقيقة ما ينهمر مني . قالوا : وما ينهمر ...؟
قال : دمعة الموت.
تذكرني عبارة ( دمعة الموت )، بمواقف لا تنسى ، لحظة أيام كنا نرى الشظايا في أجساد أصدقائنا ،ودموع الورد تهطل عليهم بغزارة ومعها الرجاء بأن لا تترك جثثهم على ارض المعركة بل عليها أن تهبط الى الجنوب لتشم هواءه ولتغسل وجوهها بمطر دموع الأمهات الثكالى والجزعات من مشاوير وبيانات الحرب التي لانعرف متى يقطع التلفاز برامجه ليذيعها.
دمعة الموت هي اللحظة التي يستعيد فيها البشر كلما جرى في حياتهم ، لتحمل الكثير من هواجس الأمنيات والندم والتمني ، ليعود ظلال وطيف ما شاخ وكبر ، وكأن الدمعة هي من كتبت هذا البيت الشعري الخالد : إلا ليت الشباب يعود يوماً. فأخبرهُ بما فعل المشيب.
إذن دمعة الموت هي خلاصة للسيرة الذاتية التي تغلفنا بأزمنتها منذ سرير الولادة وحتى سرير النعش ، وفي هذا الزمن أشياء بحجم الآبرة واخرى بثقل الجبل وجميعها تسكن رؤوسنا.
دمعة المطر هي الأخت التوأم لدمعة الموت ..ولو أن دموع المطر هي بشارة خير لسقي ظمأ وردة الحديقة او سنبلة الحقل ، وربما أيضا تكون دمعة الموت بشارة خير لفردوس يتخلص فيه الإنسان من تعب اليوم الأرضي ومشاكله الهائلة ، وحتى في التضاد ،فقد تبعث هذه الدمعة صاحبها المشاكس الى جحيم الندم ، وقطرة المطر قد تتحول الى سيل أو اعصار يغرق كل شيء .
هذا يعني إن دمعة الموت ودمعة المطر سلاح ذو حدين ، لكن دموع التماسيح تبقى تمتلك هاجساً وفعلا واحداً، إنها دمعة لا يطلقها القلب كما عند البشر بل تطلقها العيون. وهنا نأتي للحديث عن دمعة القلب ، هي تصفها امي بأنها الدمعة المصنوعة من خفقان القلب ولوعته ، وأعتقد إن هذه الدمعة هي من صنعت ملاحم العشق وطقس القبلة وأحمر الشفاه...
وعليه خلاصة هذا الكلام ندرك إن دمعة التمساح هي دمعة السفاح ..ودمعة المطر هي دمعة الصباح . وشتان ما بينهما...!
ولا أدري لماذا حين أتطلع إلى العيون المغمضة لبورخيس وأجفانه المحملة بأطنان الكتب ، أتذكر العيون التي ترى بوضوح ولكن بقلب مغمض . العيون الغبية ، القاسية ، الجشعة ، الشبقة ، والتي لا تملك أي ذرة من الوطنية لتبكي ، على جوع طفل أو موت مغدور أو سرقة بيت تراثي أو تحويل رحلة المدرسة الدراسية إلى حطب لشتاء بارد دون تدفئة ونفط أبيض وخواطر دافئة.
أتذكر لغة العيون ، وأقارنها بحرف الكتابة منذ ألواح سومر وحتى كيبورد الحاسوب المحمول ، فأكتشف إن كل اللغات قابلة للاندثار مع اندثار الحضارات وموتها فيما تبقى لغة العيون تمثل الحس الإنساني بكل هواجسه.
تلك هي مسافة الحزن ورومانسية الموت من نشيد السيوف أيام أور والى دمعة الموت المفخخ في الكرادة . وكأنها قصة الدمعة الحضارية ومأساتها مع الأنسان القائم مع مصيبته والقصيدة من أور الى الكرادة.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الناصرية ( المترفون ، الشاي وبوذا )
- الناصرية 51 مئوية
- هايكو الأهوار ، وهايكو اديث بياف
- أور وموبايل اوردغان
- النبي نوح في طفولة الناصرية
- جاموسة الليدي غاغا
- أبراج الحظ
- آثار دمُكَ على النعش
- سريالية موت طائر الكناري
- للرفش عاطفة ايضاً..
- الروح ترتدي ثوبا ابيضا
- نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود
- شهداء العطر الاخضر
- ناموسيات قُبلاي خان
- الكرادة
- لقالق سمرقند ومنائر الجبايش
- سفرة مدرسية الى التوراة
- مرثية الى بود سبنسر
- شيوعيٌ بثوب أسود ...!
- أحمرْ والحْسِينْ . أخضرْ والعَباسْ


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - الدمعة من أور الى الكرادة