أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود














المزيد.....

نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5216 - 2016 / 7 / 7 - 00:19
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود

نعيم عبد مهلهل

لم يدرك ( فليح شجر معيبد ) معنى أن يلفَ نعش ولده براية العراق قبل أن يعيدوه الى نعش من خشب البلوط الذي وينام فيه هادئا وهو آتٍ من جبهة لم يسمع بها فليح في حياته أسمها ( كردمند ) .
عندما حمل ولده من نعش الخشب ليضعه في نعش من القصب ، هكذا مثلما كان يفعله اباؤه واجداده ومنذ قديم الزمان ليحمله وهو واعمامه وابناء قريته من المعدان ويدور به القرية بنحيب يختلط فيه بكاء الرجال مع بكاء النساء .
ظل علم العراق في النعش الخشبي الفارغ ، فهو لم يسأل عن معنى وجود العلم على تابوت ولده ، لكن والدته التي تمزقت اوتار حنجرتها من النعاوي والنوح تساءلت عن معنى وجود قطعة القماش الملونة هذه فوق نعش ولدها وقالت : الجو حار ، وسيختنق ولدي بسببها .
لكن أحد لم يستطع أن يتجرأ ويزيح العلم عن النعش بوجود رجل يرتدي بدلة عسكرية جاء من مركز قضاء الجبايش مع المأمور الذي اتى ليوصل الشهيد الى اهله ، وهذا الشخص وهو معروف بشخصه ومنصبه لدى المعلمين أخبر مدير المدرسة أن يُفهمَ اهل الفقيد أن الاوامر الصادرة من جهاتٍ عليا في بغداد أمرت أن تُلفَ نعوش الشهداء براية العراق ، وهو ما تفعل كل بلدان الارض مع جنودها الذين يقتلون في الحروب.
ولكن المدير تجرأ واخبر الرجل : انه من ابناء المنطقة ويعرف جيدا أن المعدان ومنذ القدم لايلفون موتاهم الذين اغلب نعوشهم من القصب برايات بل يلفونها بآيزار أحمر منقوش برسوم بدائية أو ببطانية جديدة واغلبها من نوع ( فتاح باشا ) يشترونها من بائعة متجولين يأتون اليهم بزوارق قبل موسم البرد بأيام قليلة أو بقطة قماش من الستن الاخضر يأخذوها الى مراقد الآئمة في كربلاء والنجف ويديرون بها على الاضرحة المقدسة كي تنال البركة وهي من ترافق الفقيد الى القبره ثم تجلب مع ( الدفانه ) وتعاد الى البيت الذي يحتفظ بها في مكان امين ونظيف في صندوق خاص بها.
لم يتعود المعدان في كل حياتهم على رؤية أن تصاحبه طقوس عليهم ان يدركوها وينسجموا ويتفاعلوا معها مرغمين او طائعين حتى مع الاسئلة والذهول الذي صبغ وجوههم يوم رأوا الرجل الغريب الذي اتى بصحبة المأمور ينزل على العلم وقبله وهو يلف النعش.
ليدفع الأم لتسأل زوجها المفجوع مرة اخرى وبفطرتها الحكيمة :
من هذا الذي ( باسَ ) تابوت ولدنا ، وما شأنه ، هل هو ( صاحبه ) بالجندية ؟
لم يجيبها الزوج بل بقي صامتاً ، ربما بسبب خوفه من الرجل الغريب وبقيَّ صامتاُ .
تمنيت ان اتقدم صوبها لأشرح لها : أن موت المعدان صنعته الدولة بقصد تقول فيه أن يكونوا وقودا لتلك الحرب مثل بقية أطياف الأخرى .
أراقب النعش ، وأراقب دموع الأم المفجوعة والمستغربة من هذا الطقس الجديد فتعيد السؤال الى زوجها : لماذا لايجلبوا راية الحسين ويلفوا تابوت ولدي فيها ؟
يصمت الأب ولا يعرف جوابا لسؤالها المحرج .!
يجيب الرجل القادم مع النعش والمأمور : راية العراق هي راية الحسين يا عمه.
ترد بشجاعة : راية الحسين خضراء وبها كف محناة .وتلك الراية بأكثر من لون وفيها نجوم لانعرف لها معنى.
أستغرب من نباهة المرأة ، وأسئلتها الشجاعة .
فيرد الرجل : النجوم هي ولدك وكل شهداء العراق .
ترد : ولكني فقدته الى الابد ولم اعد اراه وكنت اتمنى ان ازوجه الى بنت عمه ( دشر ) ، ونجومكَ تلك لن تستطيع ان تعيده لي ، ازفه الى ابنة عمه ، ثم خذوه الى اي حرب ودان .
قال الرجل : سيجد الحواري تنتظره في الجنة .؟
لم ترد المرأة سوى بعبارة يزينها النحيب بلون وردي وقالت بخفوت ويأس : أنشاء الله.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهداء العطر الاخضر
- ناموسيات قُبلاي خان
- الكرادة
- لقالق سمرقند ومنائر الجبايش
- سفرة مدرسية الى التوراة
- مرثية الى بود سبنسر
- شيوعيٌ بثوب أسود ...!
- أحمرْ والحْسِينْ . أخضرْ والعَباسْ
- أسرار الشذر الأزرق
- الأهوار وناي عدنان شنان
- النزول جنوب بابل
- مديح الى حمدية صالح
- الأهوار والقنصل الكهنوتي
- فشافيش اكبادُ الجواميس
- الأهوار ( يوم في فنيسيا )
- الحُب بحروف بيل غيتس
- أور (عواء الثعالب لايُحبُ البساطيل )
- الأهوار ( المجلات وجدار الطين والحرمس )
- بان كي مون ..لمناديلا صوتٌ في الاهوار
- أهوار أنجيلا جولي


المزيد.....




- رئيس الوزراء الأسترالي يصف إيلون ماسك بـ -الملياردير المتغطر ...
- إسبانيا تستأنف التحقيق في التجسس على ساستها ببرنامج إسرائيلي ...
- مصر ترد على تقرير أمريكي عن مناقشتها مع إسرائيل خططا عن اجتي ...
- بعد 200 يوم من الحرب على غزة.. كيف كسرت حماس هيبة الجيش الإس ...
- مقتل 4 أشخاص في هجوم أوكراني على مقاطعة زابوروجيه الروسية
- السفارة الروسية لدى لندن: المساعدات العسكرية البريطانية الجد ...
- الرئيس التونسي يستضيف نظيره الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي ال ...
- إطلاق صافرات الإنذار في 5 مقاطعات أوكرانية
- ليبرمان منتقدا المسؤولين الإسرائيليين: إنه ليس عيد الحرية إن ...
- أمير قطر يصل إلى نيبال


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - نجومٌ خضرٌ في نعشٍ أسود