أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - ناموسيات قُبلاي خان














المزيد.....

ناموسيات قُبلاي خان


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 00:18
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في مدينة حيدر آباد الهندية كان هناك حي سكني كبير يسمونه المدينة القديمة حيث الطرز الاثارية في المعابد الهندوسية والبيوت الملوكية ذات القباب والتي كان يسكنها ولاة وملوك ومهراجات المدينة ، والجوامع والاضرحة المتبقية من الحكم المغولي ــ الأسلامي الذي حكم الهند لقرون عديدة.
في تلك الجهة القديمة من المدينة يوجد متحف الفنون الاسلامية في العهد المغولي والعهود الاخرى ، ومن بين ما رأيت صورا لملوك مغول ممدين على السرير في وقت النوم او القيلولة وفوق رؤوسهم ناموسيات لتقيهم من البعوض ، الذي يأتي الى المدينة من مزارع القصب والمستنقعات المحيطة بالمدينة المكتظة بالبشر بشكل غريب وخصوصا في شهر حزيران حيث كنا وكان الجو شرجياً خانقاً وممطراً .
أمام استراحة الملوك التتر وهم تحت الناموسيات أستعدت ذكرياتنا في الاهوار ، عندما كانت الناموسية واحدة من اهم ضرورات العيش في المكان وخصوصا في ايام الصيف حيث البعوض والحرمس والبراغيث ، ولآاعتقد ان معلما يستطيع ان يبقى ليلة واحدة مضطجعا فوق سوباط الخشب او داخل الصريفة بدون تلك الناموسيات البيضاء التي كنا نشتريها من المدينة ونخطيها عند خياطي القيصرية ، اذ لم نعرف الناموسيات الجاهزة إلا عندما ذهبنا الى الجيش وكانت توزع على الجنود مع اليطخات والاحذية والزمزميات وخصوصا في الصيف وللوحدات التي تتجحفل في المناطق المائية والزراعية والقريبة من الاهوار .
مكثت في مدينة حيدر آباد لاكثر من شهر ، من منتصف مايس حتى اواخر حزيران حيث اتى صيف رياح الشرجي الخانقة وافواج لاترحم من حشرة البعوض التي بدأت تغزو ليل المدينة بشكل عجيب ، مما اضطرنا لننام فوق سطح الفندق ، وكان علينا ان نشتري ناموسيات من السوق كنا نبللها بالماء وننصبها ليمر عليها الهواء الرطب والدبق فيتحول الى نسائم باردة تستطيع فيها ان تنام كما في جو المبردة حتى لو لساعتين وحين تشعر بلزوجة المكان تنهض مرة ثانية لتغمسها في الماء وتعيد نصبها .
يوم ذهبت الى سوق المحرومين هكذا يسمونه في حيدر اباد لشراء ناموسية سألت احد الهنود الذي يتكلم العربية عن افضل نوع من الناموسيات قال لي ان النوع المسمى ( قبلاي ) هو افضل نوع .
ضحكت وقلت هل تقصد قبلاي خان ؟
قال الهندي : انا ما يعرف ، ولكن الكثير هنا يحملون الاسم ، وهو اسم كان الكثير من المغول يسمون ابنائهم به بعد ان أصبحوا أسلاماً .
قلت : هذا يعني أن صاحب معمل الناموسيات أسمه قبلاي ولا يمت بصلة للامبراطور المغول الاسطوري الذي حكم في الصين والذي ذكره كثيرا في حكاياته الرحالة الايطالي ماركو بولو؟
عاد الهندي ليقول بعربية مكسرة :والله هذا حكي يقول عليه أنتَ ، انا ما يعرفه .
قلت :اذن لنذهب نشتري ناموسية قبلاي خان ، فربما في الليل اعيد معها متعة استعادة ما قراته من كتاب رحلة ماركو بولو وحواراته المذهلة مع الخان المغولي.
هز رأسه موافقا وذهبنا صوب متجر لبيع الناموسيات ، وكانت اغلى الناموسيات هي من النوع المسمى ( قبلاي ).
وما ان نظرت الى الناموسية وانا اقلبها لاعرف جودة قماشها حتى تفجأت بصورة الخان المغولي مرسوما في اذيالها كعلامة تجارية لهكذا نوع من الناموسيات وكن بأشكال واحجام والوان عديدة ، فيما نحن لم نتعود سوى على تلك الناموسيات البيضاء التي كنا ننام تحتها في ليل الاهوار وقماشها في اغلبه صينيا ، أما في العسكرية فقد كان لون الناموسيات خاكيا كما لون ملابس الجيش حتى تتلائم من طبيعة المكان في العش والتخفي وكانت تأتينا من كوريا .
وفي الحالتين حتى تلك التي نستخدمها في الاهوار والعسكرية لها علاقة بقبلاي خان حيث حكم الصين وكوريا وشعوب هذا المناطق هي من ذات العرق الذي ينتمي اليه.
أتخيل اللوحة التي يتمدد عليها ملك حيدر آباد المغولي واقارنها بالصورة المطبوعة على ناموسية قبلاي خان التي اشتريتها من سوق المدينة فتتناثر على رأسي الصور التي كنا نمتع فيها خواطرنا ولذة القراءة يوم كانت حكايات ماركو بولو بعض من ينابيع ثقافتنا واحلام العبور الى الضفاف الاخرى.
كولمبس وماجلان وابن بطوطة وابن خلكان والسندباد وفاسكو دي غاما وابن ماجد وماركو بولو كلهم يشتركون في حكاية الطريق الرابطة بين المدن والقارات وحتما كانوا يشاهدون في صيغ تلك المدن الاستوائية والحارة تلك الناموسيات ، وقد يكونوا قد جلبوها معهم الى بلدانهم وبدأ شغف نوم الملوك داخلها ، ولاادري فربما عن طريق الجنود الهنود ( الكركه ) الذي جاؤا مع المحتل البريطاني تعلم معدان الاهوار استخدام الناموسيات.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكرادة
- لقالق سمرقند ومنائر الجبايش
- سفرة مدرسية الى التوراة
- مرثية الى بود سبنسر
- شيوعيٌ بثوب أسود ...!
- أحمرْ والحْسِينْ . أخضرْ والعَباسْ
- أسرار الشذر الأزرق
- الأهوار وناي عدنان شنان
- النزول جنوب بابل
- مديح الى حمدية صالح
- الأهوار والقنصل الكهنوتي
- فشافيش اكبادُ الجواميس
- الأهوار ( يوم في فنيسيا )
- الحُب بحروف بيل غيتس
- أور (عواء الثعالب لايُحبُ البساطيل )
- الأهوار ( المجلات وجدار الطين والحرمس )
- بان كي مون ..لمناديلا صوتٌ في الاهوار
- أهوار أنجيلا جولي
- آبي سين أنتحر ، والبابا لايعلم
- الأهوار وفيتامينات إدوارد شيفر نازده


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - ناموسيات قُبلاي خان