أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 37














المزيد.....

سيرَة أُخرى 37


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5232 - 2016 / 7 / 23 - 02:57
المحور: الادب والفن
    


1
كم يبدو المكان غريباً لعينيّ المرء، في حال إقفاره من الناس. كذلك الأمر مع " درب أوضة باشي " في شهر رمضان؛ وهوَ المكان، الذي يعدّ من أهم الأسواق الشعبية وأكثرها ارتياداً من لَدُن المراكشيين. لقد دأبتُ على مشهد هذا السوق، حينما يكون دوماً في أوج ازدحامه بالمشترين والعابرين، بالباعة المستقرين والجوالين. أحياناً، يكون الزحامُ مدبّراً من قبل النشالين، أما ضحاياهم فهم غالباً من السياح. على ذلك، ففي كلّ مرة أنوي فيها السيرَ لمركز المدينة عن طريق السوق، فإنّ الأهل يوصونني بحرص " أجعلْ محفظتك في جيب البنطال الأمامي لا الخلفي! ".
" درب أوضة باشي "، يبتدأ من أحد مداخل ساحة جامع الفنا، لينتهي في مفتتح حيّ باب غمات على مقربة من منزل العائلة. عادةً، أتمشى عبْرَ السوق نهاراً في طريقي لمركز المدينة القديمة ثم أعود مساءً على الدرب نفسه. مدخل السوق، يتسّمُ بالسِعَة وبما يحفّه من جانبيه من العمارات الأنيقة، المستعملة كمطاعم ومقاهٍ أو كمحلاتٍ تجارية متنوعة. الجوّال، يغذ خطوه خِلَلَ المدخل الفسيح ليعبُرَ من ثمّ الدربَ في أماكن تضيق هنا وهناك. نهاراً، والشمسُ لاهبة فوق رأسه، عليه أن يحرص على مصادقة الظلال. فالسوقَ، لا يحظى سوى في مدخله وحتى منتصفه بالأسقف المتصلة، أو المتقطّعة، المشغول معظمها من جريد النخل. حمّامٌ منذور لراحة الرجال، يقبعُ ثمة أيضاً ناشراً في المكان الرائحة الحرّيفة للحطب المحترق. دروبٌ لأزقة عديدة، تنفتحُ على الدرب، وبعضها الآخر يؤدي إلى أسواقٍ آخرى ـ كالسمّارين، المُعدّ بمثابة " سوق الحميدية " المراكشي. مع أنّ هذا الأخير، لا يُمكن مقارنة عظمته بأيّ من أسواق المشرق أو المغرب.

2
كانت الحرارة في مراكش لاهبة، حتى ميعاد غروب الشمس. بالرغم من ذلك، فإنني أقنعتُ قريبي بالسير على أقدامنا من المنزل حتى مركز المدينة القديمة، ثمّ المتابعة إلى حيّ غيليز عبْرَ شارع محمد الخامس. وإذاً، ما أن خرجنا من سوق القنارية، حتى أنفتحَ أمام أعيننا مشهدُ ساحة جامع الفنا، المهيب. أدهشني الوجودُ الكبير للسيّاح الغربيين، مع أن رمضان على الأبواب. كان هؤلاء يردّون متبسّمين على دعوات الباعة، المنطلقة بعدة لغات. وإنني لأدرك دهشة الغريب، لما يجدُ نفسه للمرة الأولى في هذا المكان الساحر. مع ذلك، فها هيَ الساحة تفاقمُ من دهشتي المرة تلو الأخرى؛ أنا من أضحى شبهَ مقيمٍ في المغرب مع إجازاتٍ عَرَضية في السويد.
مروضو الثعابين ( الحواة )، ما فتأوا نجومَ الساحة نهاراً. ثمّة، يقبعُ عدة جماعات منهم وكلّ منها قد اتخذت خيمة مفتوحة. الثعابين، هيَ أنواع صغيرة وكبيرة من بينها الكوبرا. بعض هذه الثعابين كان قد أخلد للراحة ملتفاً على نفسه، أو قابعاً تحت الصنوج ( الدفوف )، فيما أندادها تتراقص على أنغام موسيقى أصحابها الحواة. أحدهم، يقترب من السيّاح مقترحاً عليهم أخذ صورة مع حيّة صغيرة. وعادةً يتم أخذ الصورة بمقابل 5 دراهم، فيما الحيّة تلتف على عنق السائح ورأسها بيد الحاوي. ذات مرة، ببداية تعرّفي على هذه الساحة العجيبة، أقتربَ الحاوي من جمعةٍ تضمّني مع سواحٍ أوربيين. كان يحملُ، على غير المألوف، حيّةً من نوع الكوبرا. على ذلك، أبتعدنا عن الرجل وتفرقنا. ولكن، في اللحظة التالية، إذا بجهاز الموبايل ( وكان أثرياً من نوع نوكيا ) يهتز في جيبي بقوة. فما كان مني إلا أن قفزتُ مذعوراً، متوهّماً أنّ الحاوي قد صار ورائي مع الكوبرا!

3
عصراً، عليّ كان أن ألبّي طلبَ ابن حماي بموافاته إلى المقهى. عند طوار الدرب المؤدي من " باب أغمات " إلى السوق، كانت حركة سيارات الأجرة قليلة. السبب، هوَ استنكاف الناس عن ركوب التكسي بعدما صار طريقه أطول نظراً لإصلاحاتٍ لا تكاد تنتهي في بوابة " قصر البديع "، المفضية للمدينة. في مبتدأ سفرتي الفائتة، قبل حوالي خمسة أشهر، كانت هذه الإصلاحات قد حظيتْ بها أماكن أخرى في المدينة القديمة. وسيُعلّق أحد سائقي التكسي، ساخراً، بأنه خلال سنة تقريباً من العمل الدائب في مدخل " الملاح " ( المتصل دربه مع حيّ باب أغمات )، تمّ رصفُ عشرون متراً من أرضيته بقطع الحجارة السمراء.
أخيراً، أوقفتُ سيارة أجرة. قال لي السائق بنبرَة مُطَمْئنة، فيما هو يُشير لزبونة أوروبية تجلس في المقعد الخلفي، أنه سيمضي بها مسافة قليلة أخرى ثم يعود بي إلى طريق المدينة. هذه المسافة القليلة، استغرقت دقائق طويلة فيما السيارة تُجاهد بشقّ طريقها عبْرَ دروبٍ في غاية الضيق ومكتظة، فوق ذلك، بالمتسوّقين والجوالين والباعة من كلّ صنف. الأدهى، هم أولئك الصبيّة الملوّحين للسائق بين فينة وأخرى: " هل تبحث عن رياض؟ ". وكان سائقنا ينفعل، مُجيباً بعض أولئك الفتيان ممن كانوا يتشبثون بأبواب ونوافذ سيارته: " خويا، السيدة تعرف عنوان الرياض لأنها هيَ صاحبته! ". الخانم من ناحيتها، لم تكن تأبه بمعاناة السائق ولا بتوسلاته لها أن تمضي مشياً بما أنها أضحت على مقربة من نزلها. على الأثر، وبعدما تخلّص الرجل من زبونته المزعجة، فإنه شغّل عداد السيارة مجدداً. سألني خلال الطريق عن الأحوال في سورية، وكيفَ يعجز العالم عن وضع حدّ لهكذا مأساة. فقلت له: " العالم هو تلك المرأة الأجنبية، التي نزلت من سيارتك قبل قليل!! ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل الثاني من الرواية: 7
- الفصل الثاني من الرواية: 6
- الفصل الثاني من الرواية: 5
- الفصل الثاني من الرواية: 4
- الفصل الثاني: 3
- الفصل الثاني: 2
- الرواية: الفصل الثاني
- سيرَة أُخرى 36
- الفصل الأول: 7
- الفصل الأول: 6
- الفصل الأول: 5
- الفصل الأول: 4
- الفصل الأول: 3
- الفصل الأول: 2
- الرواية: الفصل الأول
- سيرَة أُخرى 35
- تخلَّ عن الأمل: 7
- تخلَّ عن الأمل: 6
- تخلَّ عن الأمل: 5
- تخلَّ عن الأمل: 4


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - سيرَة أُخرى 37