أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غفران محمد حسن - في حديقة الهرمل














المزيد.....

في حديقة الهرمل


غفران محمد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5226 - 2016 / 7 / 17 - 21:29
المحور: الادب والفن
    


في حديقة الهرمل
قصة قصيرة
بيروت-غفران حداد

في أيام عزاء عمتي كنت آخر مرة أسمع فيها صوت جدتي ، تلك الفلاحة التي لا تجيد القراءة والكتابة ولكنها مثقفة بشهادة الحياة التي عاشتها لإثنين وثمانين سنة، جدتي التي أرضعتني الحب والحنان ،لم تكن بالنسبة لي الجدة التي تقصّ الحكاوي وتحتضن احفادها بالحب والحنان فحسب بل كانت بالنسبة لي الأم والأخت والصديقة ،في اخر مكالمة هاتفية وانا ابكي حزنا على وفاة عمتي التي لم تكن ميتتها طبيعية كانت تقول لي "لا تبكي يا صغيرتي انها مشيئة الله ،كلنا لهذا الطريق " بعد وفاة عمتي في عام 2012 في عامي الدراسي الاخير من الجامعة انقطعت اخبار جدتي عني لأقرر بعدها الهجرة من بغداد الى بيروت وانا اشتاق اليها بشكل يومي ، الإرهاب فرقني عن احبتي ، أشتاق لأرضي لوطني لصباحاتي في بغداد ومعها تصدح اغاني فيروز عبر المذياع و رغم القصف ورغم التفجيرات أشتاق لرؤية بلدي واحبتي وأن ارتمي في حضن جدتي وقبل ايام هاتفت أمي ،كان لديّ شعور بأن جدتي توفيت وما من أحدٍ يخبرني بذلك ،كان يتملكني هذا الشعور بشكل كبير فأستدرجتها .
"سمعت من جيران عمي ان جدتي "ريم" توفيت –قلت لأمي ،تلعثمت في الحديث وصمتت لبرهة من الوقت " نعم منذ شهر آذار في العام الماضي قد توفيت"قالت ،"ماذا؟ منذ عام ونصف جدتي ميتة ولم تخبروني؟ لماذا؟" قلت لها.
-يا ابنتي صحتكِ ليست على ما يرام لا نريد ان نزيد أوجاعكِ" قالت أمي.
أغلقت الهاتف ومن شدة الصدمة لم ابكي ، أخذتني قدماي الى أمواج البحر وأنا أستذكر سواقي مزرعة جدي شمال بغداد ،أستذكرت الأوز وهو يعوم والأغنام على مقربة من الساقية، وجدتي وهي تضع العشب الأخضر أمام الابقار،تذكرت طفولتي التي مرَّ عليها ثلاثون عاما وانا أستيقظ صباح كل يوم أبكي حين لا أراها بجواري على الفراش وياتيني صوتها "نعم حفيدتي كنت في الحضيرة لحلب البقرة " وهي تحمل الإناء المليء بالحليب وابتسامتها الجميلة تغزو تجاعيد وجهها المحمّل بالهموم.
أتذكر كيف توقظ الجميع ان يفطروا حول المدفأة في فصل الشتاء، لا جدتي لا ، كيف ترحلين من دون وداعي كيف؟ كيف تغادرين عالمي من دون أن أقبلكِ قبلة الوداع ، لقد أوصيتني في يوم وفاة عمة ابي ان اصرخ ورائكِ "ياحنونة يا جدتي ،لماذا ذهبتِ" هل تذكرين؟ لقد أوصيتني في يومها لو متٌّ أن أزرع وردة الجوري بجوار قبركِ، وبعد موتكِ من سينفذ هذه الوصية يا ترى؟، هاتِ يديكِ جدتي خذيني اليكِ لقد تعبت من هذه الدنيا ، كل البشر ظالمون، ما من أحدِ يمسح دمعتي بعدكِ يا جدتي، ما من أحد، وما من أحد يسأل عن سبب غيابي ،وما من أحد يبتسم حين يرى ضحكتي، جدتي أحبكِ يا حبيبتي، سامحيني لأنني لم أنفذ وصيتكِ لم اصرخ في جنازتكِ واقول "يا حنونة ،يا طيبة" لكني زرعت وردة الجوري هنا في حدائق بيروت،في حديقة "الهرمل" واسقيها بشكل يومي، انها جميلة مثل روحكِ.
هل تعلمين يوميا اطالع صوركِ، وأبكي لأنني لم اعد استطيع رؤيتكِ ابداً ،وارى وجهكِ الجميل في كل سيدة بيروتية مسنّة، أنظر اليهنّ بحبٍ واحترام وتخنقني دمعتي حين اسمع احد من أحفادهنّ يناديها" تيتة" اشتقت ان اناديك "جدتي " رحلتِ ولن تجفّ دموعي بعدكِ ستبقين في روحي وقلبي الى الأبد.



#غفران_محمد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جوازسفر
- سعد محمد موسى رسّام الطبيعة وكلكامش والآلهة السومرية
- كأسكِ يابغداد
- مصير سبايا داعش بعد معارك التحرير إلى أين؟
- صخرة الروشة صخرة الحب والإنتحار
- الماعون-قصة قصيرة
- عاشقان في المهجر
- تاج الياسمين الذي لا يذبل
- ماذا لو سقطت بغداد بيد داعش؟
- عيد الفطر في المهجر
- وداعاً أوديت
- كاظم الساهر وماجدة الرومي في ليالي -مهرجانات بيبلوس الدولية-
- مغارة جعيتا اللبنانية حكاية من حكايات الخيال والجمال
- تنبوءآت كاتب
- ذكريات المغتربون العراقيون في لبنان بعيد الفطر
- إجتماع طاريء يضم صدام حسين والشحرورة صباح في مغارة جعيتا الل ...
- المغتربات العراقيات والسوريات في لبنان ..هروب من الموت الى ا ...
- هجرة العراقيين و تنامي النفوذ الإيراني في العراق الى اين ؟
- كيف ينظر المسيحيون العراقيون لشهر رمضان وصيام المسلمين
- تحت المظلة


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غفران محمد حسن - في حديقة الهرمل