أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - يوسف الصفار - 14 تموز والصناعات الثقيلة ..الاسكندرية نموذجا ً















المزيد.....

14 تموز والصناعات الثقيلة ..الاسكندرية نموذجا ً


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 21:30
المحور: الصناعة والزراعة
    


14تموز والصناعات الثقيلة ...الاسكندرية نموذجا
من معطيات ثورة تموز هو احياء الصناعة العراقية وتطورها نحوا افاق جديدة كالتصنيع الثقيل وغيرها من الصناعات التي تساهم بتطور البلد وتوفر احتياجاته الانية والمستقبلية كنوع من الاكتفاء الذاتي الذي يفوت الفرصة على الاحتكارات العالمية بان يكون العراق ذيل استهلاكي دائم للاجنبي معتمدين على مردودات النفط المتذبذبة والتي تخضع لتصرفات الدول الكبرى وماكنتها الاحتكارية.
الاتفاقية السوفيتية العراقية في عهد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم والتي ابرمها من اجل تطوير الصناعات في العراق كان تستوعب كل احتياجات العراق المادية فكان هناك ما يقارب من ثلاثين مشروع جرى الاعداد له من قبل الروس بعد دراسة الجدوى الاقتصادية والصناعية له لان اي مشروع صناعي لاتتوفر فيه جدوى اقتصادية من حيث توفير الامكانات التسويقية وامتصاص البطالة و الحاجة الفعلية له بموجب التسويق الداخلي سوف يؤدي بالضرورة الى تلكأ هذا المشروع وفشله .
من المشاريع الصناعية الناجعة التي كانت نتاج ثورة 14 تموز على سبيل المثال لا الحصر كان معمل الخياطة في بغداد ومعامل الغزل و النسيج في الكوت ومعمل الادوية في سامراء والسكر في ميسان والزجاج في الرمادي و على رأس هذه الصناعات هو معمل الاسكندرية للالات الزراعية فكيف تم اختيار المكان والزمان اللازم لانشائه .
في الستينات الاسكندرية كانت ناحية فقيرة تقع بمحاذات الحدود بين محافظة بابل و بغداد فهي تقع شمال محافظة بابل وجنوب محافظة بغداد تبعد قليلا عن نهر الفرات يغذيها نهر صغير كفرع لهذا النهريمتد بمحاذاتها الى منطقة الحصوة . كان قسم من مواطنيها يعتاشون على الزراعة والقسم الاخر على استخراج (الجص ) من حقول تقع في شمال غربها في ارض مقفرة تبدوا كصحراء قاحلة . الجص كمادة جبسية استعمله العراقيون القدماء والبابليون بوجه خاص في البناء وهي مادة صلبة مكونة من ثنائي هيدرات كبريتات الكاليسيوم .وكانت عملية الاستخراج الغير صحية سببا باصابة اعداد كبيرة من عماله بمرض السل .
تم اعداد الخرائط والتصاميم لمعمل الالات الزراعية في الاسكندرية بموجب معمل اوديسا للالا ت الزراعية (المشيد على ميناء اوديسا في البحر الاسود قبل الحرب العالمية الثانية ) وبوشر بانشائه في الستينات لكن الاوضاع السياسية حالت دون تنفيذه في الوقت المناسب حتى امتدت عملية بنائه الى نهاية الستينات وتم افتتاحة في بداية السبعينات وكانت مجاميع كبيرة من الخبراء السوفيت تشرف على تنفيذه والاعداد لتشغيله اتخذوا من ضرورة انشاءه بهذا المكان قربه من النهر و موازاته الطريق الرابط بين بغداد والحلة كما شيد قريب من محطة سكة الحديد الرابطة بين بغداد والبصرة امتد فرع لها يدخل الى المصنع لنقل البضائع والعمال وتسهيل دخول المواد الاولية وتصدير الالات الزراعية الجاهزة بعد عملية التصنيع .
انشأ قرب المعمل محطة تكرير للمياه الثقيلة واعادة التدوير كما يحتوي المعمل مراجل لانتاج البخار و اقسام اخرى لانتاج الهواء المضغوط كحاجة ملازمة لانشاء المطارق الضخمة التي تعمل على تحويل الحديد المسخن بكل اشكاله الى مادة طيعة من الادوات الحديدية المصنعة الداخلة في انتاج الالات الزراعية ويحوي ايضاً مسبك ضخم لصهر الحديد وسباكته. وتعتبر افران الصهر الثلاث الضخمة هي لبنة الانتاج الاولية لبعض المواد التصنيعية كما يحتوي المعمل على قسم الانتاج الذي تتوفر فيه مكائن الخراطة والتفريز من اجل تشغيل المادة الحديدية وتحويلها الى مادة مصنعة تفي بالحاجة و يحتوي على اقسام اللحام ومعمل التعاملات الحرارية الضرورية لاكسدة وتصليب المواد الحديدية المنتجة .
مزود المعمل باقسام تقوم على عاتقها تهيئة القوالب المتعددة الحارة والباردة الضرورية لمساعدة وتبسيط وتسريع العملية الانتاجية . كما يوجد في المصنع الاقسام الرئيسة لاعداد تصماميم المنتج وقسم التكنولوجيا الذي يوفر الطرائق اللازمة للانتاج للوصول الى اسرع الطرق وابسطها لخلق المنتج ابتداء من كونه مادة خام الى اداة انتاجية مفيدة داخلة في المنتج النهائي العام المعد تصميمه .تشرف على انتاجه النهائي اقسام السيطرة النوعية لمعرفة مدى مطابقة المنتوج للخرائط التصميمية والطرائق التكنولوجية المعدة .
هذه العمليات هي تراتيبية عامة لمختلف الصناعات التحويلية في العالم رغم ما جرى في الاونة الاخيرة على اسالبيها من تدخل البرمجة الالكترونية والاتمتة وحتى استعمال الروبوتات وهذا ما كان يستلزم بنا القيام به للتدرج فيما لو كتب للصناعة العراقية ان تستمر بالمنوال الذي خطط لها .
كان اعداد خرائط تصميمية لاي منتج يتبعه تصنيع نموذج للقيام ببعض التغيرات في التصاميم بعد ان يتدخل قسم البحوث بتجاربه العملية على المنتوج ثم يتم اعادة صياغة التصميم وفق الملاحظات المثبتة من هذا القسم حينها يصار لاعداد خرائط جديدة يقوم الكادر التكنولوجي بوضع المجرى التكنولوجي للعمليات الانتاجية لهذا المنتج واعداد القوالب والعمليات المساعدة لتسريع وتيرة التصنيع . المعمل تغير اسمه لاحقا الى الشركة العامة للصناعات الميكانيكية والحقت به منطقة سكنية للعمال والمهندسين والادارين وعوا ئلهم وشيد ايضا فندق صغير للعزاب ونادي ترفيهي .
عند اندلاع الحرب العراقية الايرانية ولكون هذا المعمل يحوي خيرة الصناعين والتكنولوجين المعدين من قبل الخبراء الروس ارتأت سلطة البعث وقتها استغلالهم باساليب معروفة استفاد من مردوداتها لاحقا الوصولين والانتهازين والمدراء العامين اللاهثين نحو الاكراميات الكثيرة التي اغدقت عليهم بالوقت الذي عانت بها الشرائح الهندسية الكوفؤة من عمليات ابتزاز وضغط نفس وجسدي فعلى سبيل المثال ان اول عملية تصنيع حربية كانت للخزانات الاحتياطية لطائرات الميك والمتكونة اصلا من مادة الالمنيوم التي لاتتوفر لكادر المنشأة اي خبرة فيها مع هذا فقد تمكن المعمل برفد الالة الحربية بهذا المنتج بعد سلسلة من الاختبارات عانت منها شرائح العمال الكادحين والمهندسين الشيء الكثير فانتفخت جيوب المدراء العام ومرتزقة التصنيع العسكري من اعوان حسين كامل بالاكراميات التي كانت تبذخ عليهم باسهاب .
حينها تدهورت الصناعة التقليدية التي قام عليها المصنع وترك الانتاج الرئيسي المعد له اصلاً وتجاوز عمليات تطوير المنتج النهائي على حساب الانتاج الحربي فالكفاءة العالية التي ادار بها كادر المعمل المنتجات الحربية كالجسور الدفترية الضخمة وملحقات كل ما تطلبه زمر وكوادر التصنيع ذوي البدلات الزيتونية اعطت زخم هائل للعملية التصنيعية الحربية وانسحب هذا على كثير من مصانع العراق كمنشأة نصر العامة على سبيل المثال حيث جرى تحميل مكائنها المتطورة بعمليات انتاج متخلفة مما اثر سلبيا على مكائنها الحديثة قادها باصرار احد المتزلفين من الكادر الهندسي القيادي ارضاء لنزعات هؤلاء الامين المشرفين على عمليات التصنيع حينها .
حينما دخل الامريكان العراق في 2003 كانت الصناعة العراقية باسوء حالاتها بفعل ما اعقب الحرب العراقية الايرانية من حصار جائر جعل من مصانعها تتآئكل وتتخلف اضافة الى عمليات الاخلاء المتكررة قبل كل ضربة كان يعد لها الامريكان حيث تنقل المكائن الى اماكن نائية بعيدة عن اماكنها الاصلية فتسرق اجزائها الاحتياطية من بعض ذوي النفوس ا لضعيفة او الذين اضطرتهم الضروف الاقتصادية لهذا العمل .
ازاء ما تقدم وبعد مرور سنين طويلة من عمليات التشوية هذه يتطلب الان من اجل اقامة صناعات عراقية جديدة قائمة على اسس علمية بعيدة عن المزايدات وعمليات السرقة المبطنة التي حولت قسم من شركاتنا التصنيعية الى مواقع سمسرة لمنتجات شركات اخرى كمعامل انتاج السيارات المنحرفة عن اهدافها الحقيقية يلتزم اجراء مسوحات لحاجة السوق العراقية لهذه الصناعة اوتلك وفق دراسة منهجية فلا يتطلب منا بعد الان صناعة الات زراعية او غيرها يمكن استيرادها باسعار متدنية اذا ما قورنت بكلفة انتاجها الباهضة فيما لو انتجت في العراق ..
عموما تم سابقا وقبل سنين الكتابة في هذا الموضوع في الصحف العراقية لكن لم تجد لها اي اذان صاغية فلا زال المطبلون والمزوقون للامور هم في مواقع القرار الذي يخفي وراءه روح التخاذل والهزيمة من اجل الدعاية والابتزاز .. وعلى مر تاريخنا السياسي والاقتصادي نجد الوصوليون والانتهازيون في مقدمة اي عمل جاد بغية اجهاضه لاحقا وما اكثر الفاسدين الذين دمروا في كل الاوقات البنية التحتية لهذا الشعب المبتلى .



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انفجار الكرادة والتحليلات المتضاربة
- الله في الميزان
- موروث شعبي , تعنت فقهي واضطراب سياسي
- اللامنتمي الثوري
- الاعلام والرؤية العوراء
- الدين والاخلاق
- داعش والكائن الخرافي
- الفلسفة والانسان 4/4
- الفلسفة والانسان 3/4
- الفلسفة والانسان 2/4
- الفلسفة والانسان 1/4
- الثورة والانسان 2/2
- الثورة والانسان 1/2
- الله والانسان


المزيد.....




- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..مقتدى الصدر يشيد بالانفتا ...
- الكشف عن بعض أسرار ألمع انفجار كوني على الإطلاق
- مصر.. الحكومة تبحث قرارا جديدا بعد وفاة فتاة تدخل السيسي لإن ...
- الأردن يستدعي السفير الإيراني بعد تصريح -الهدف التالي-
- شاهد: إعادة تشغيل مخبز في شمال غزة لأول مرة منذ بداية الحرب ...
- شولتس في الصين لبحث -تحقيق سلام عادل- في أوكرانيا
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (1).. القدرات العسكرية لإسرائيل ...
- -امتنعوا عن الرجوع!-.. الطائرات الإسرائيلية تحذر سكان وسط غ ...
- الـFBI يفتح تحقيقا جنائيا في انهيار جسر -فرانسيس سكوت كي- في ...
- هل تؤثر المواجهة الإيرانية الإسرائيلية على الطيران العالمي؟ ...


المزيد.....

- كيف استفادت روسيا من العقوبات الاقتصادية الأمريكية لصالح تطو ... / سناء عبد القادر مصطفى
- مشروع الجزيرة والرأسمالية الطفيلية الإسلامية الرثة (رطاس) / صديق عبد الهادي
- الديمغرافية التاريخية: دراسة حالة المغرب الوطاسي. / فخرالدين القاسمي
- التغذية والغذاء خلال الفترة الوطاسية: مباحث في المجتمع والفل ... / فخرالدين القاسمي
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي- الجزء ا ... / محمد مدحت مصطفى
- الاقتصاد الزراعي المصري: دراسات في التطور الاقتصادي-الجزء ال ... / محمد مدحت مصطفى
- مراجعة في بحوث نحل العسل ومنتجاته في العراق / منتصر الحسناوي
- حتمية التصنيع في مصر / إلهامي الميرغني
- تبادل حرّ أم تبادل لا متكافئ : -إتّفاق التّبادل الحرّ الشّام ... / عبدالله بنسعد
- تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الطريقة الرشيدة للتنمية ا ... / احمد موكرياني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصناعة والزراعة - يوسف الصفار - 14 تموز والصناعات الثقيلة ..الاسكندرية نموذجا ً