أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الصفار - الفلسفة والانسان 3/4















المزيد.....

الفلسفة والانسان 3/4


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5185 - 2016 / 6 / 6 - 11:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مطلع القرن التاسع عشر ساد هيجل عالم الفلسفة كما ساد جوته عالم الادب وبتهوفن عالم الموسيقى وبينما كان نابليون يتوغل في اوربا وينتزع الاراضي البروسية الف هجيل كتابيه الوحيدين ( المنطق ) ( وعلم تجسيد الروح ) ..
كتاب المنطق عند هيجل , لا يبين لنا وسائل التفكير . لكنه يوغل في النضريات المتبعة في التفكير , ويوضح لنا مفاهيم الكيف والكم والصلة بينهما , وان اي فكرة على العموم ما هي الا مجموعة من الصلات والعلاقات . ثم يؤكد في بحثه على علاقة التناقض بين الاشياء حتى نفهم مدلولاتها . فمن خلال التناقض يحدث التطور . ويكون عمل العقل ومهمة الفلسفة هو اكتشاف الوحدة الكامنة في التعارض . فالسياسة هي توحيد الافراد داخل الدولة اما الدين فمهمته بلوغ المطلق الذي هو الله . الذي تتحلل به كل التناقضات . فالله هو نظام الصلات الذي تتحرك به جميع الاشياء , وتجد اهميتها عنده . اما في التاريخ ففي كل مرحلة من المراحل هناك تناقض وتعارض لا يقوى على حله سوى صراع الاضداد . مما ينسحب على ماهية الحرية وعلاقتها بالدولة التي بفضل التناقض يكون الهدف هو النظام اللازم للحرية. .
طور ماركس فلسفة التاريخ الهجلية الى نظرية صراع الطبقات التي تؤدي بالضرورة الى الاشتراكية فبدل المنطق الذي يقرر التاريخ . وجد ماركس ان تناقض حركة الجماهير والقوى الاقتصادية اسباب اساسية لكل تغير سواء كان في عالم الاشياء او حياة الفكر ..
كان هيجل بطبيعة الحال يرفض التطرف مما ادى الى تحالفه مع الحكومة البروسية حتى لقب بالفيلسوف الموظف وكانت نهايته مأساوية حين اصيب بمرض الكوليرا وودع الحياة مع ثلة من معاصريه الافذاذ ففي الاعوام من 1827- 1832 رحل عن العالم كل من جوته وهيجل وبتهوفن ...
عند منتصف القرن التاسع عشر انتشرت في اوربا موجة التشاؤم نتيجة لما آلت اليه اوضاع اوربا بعد اندحار نابليون وعودة الملكية الى فرنسا فضهر لنا شوبنهور حين فاق الجميع بروح التشاؤم لقد كان كتاب شوبنهور ( العالم كارادة وفكرة ) حل لجميع مشاكل الفلسفة من وجهة نضره ورغم تجاهل الجامعة واساتذتها والكثيرين غيرهم لكتبه وافكاره الا انه في نهاية المطاف وجد من الطبقة المتوسطة من تجار ومحامين واطباء الاقبال على قراءة كتبه ...
( في كتابه العالم كارادة وفكرة ) ركز نضرته على ان العالم ارادة وبذلك يكون كفاحا مما يترتب عليه البؤس والشقاء وحينما لم ينل كتابه الشهرة شن هجومه على فلاسفة عصرة ومن ضمنهم هيجل فاعتبر ان كل ما يكتبه هؤلاء ليس الا وسيلة للارتزاق يؤدي الى مهادنة السلطات وسياستها . فمن يأكل من مال السلطان يحارب بسيفه . وعاب على الفلاسفة اعتدالهم واعتبره نوع من النفاق والتواضع المصطنع .
ان اكتشاف العالم عن طريق احساساتنا وافكارنا جعلتنا نقر ان (العالم فكرة ) متفقا بهذا مع ( كانت ) فهاجم من يعتبر العقل مادة مبينا اننا لانعرف المادة الا عن طريق العقل ونحن لا نريد الاشياء لان لها اسبابا وانما نخلق لها اسبابا لاننا نريدها فالفلسفة والدين وضعناهما واحكمنا صنعهما لنحجب رغباتنا وان عقل اغبى انسان يتحول الى ذكاء مرهف عندما تكون المسالة المطروحة للبحث متماشية مع رغباته .
ان البراعة الالية التي يتمتع بها الحيوان تبين لنا بوضوح كيف ان الارادة اسبق من العقل . فكم من سلوكيات الحيوان تنزع الى حالة مفرطة بايجابياتها من وحي الارادة والغريزة . فالانسان كذالك يتحمل الاعباء من اجل اطعام اطفاله ويعلمهم ويثقفهم وكل هذا يتاتى من ارادة التناسل التي تعتبر اقوى الغرائز لذا ما دام العالم ارادة فهو عالم يكتنفه الالم والعذاب لكون الارادة تعني الرغبة وكم من رغباتنا بعيدة المنال لاننا باي حال من الاحوال لايمكننا اشباع رغباتنا او الاقتناع بالقليل منهاوهنا يستشهد شوبنهور بمقولة ارسطوا : الرجل الحكيم لايبحث عن اللذة ولكن عن التحرر من الالم والهم .
ان زيادة المعرفة في الانسان وبعد نضره تزيد من الامه . وان سيطرة العقل على الارادة يفسح لنا طريق التطور والرقي فبخضوع النفس للعقل نقهر انفسنا وقاهر الانسان لنفسه يثير فينا الاعجاب وهكذا نصبوا بالفلسفة التي نفهم منها على اساس انها تجربة وفكر لامجرد مطالعة او دراسة .
في القرن التاسع عشر ظهر اشهر فيلسوف في انجلترا هو روبرت سبنسر بقى منذ ولادته حتى سن الاربعين من عمره بدون تعليم الا فترات قليلة بضغط من والده وعمه . في الاربعين قرأ الالياذة ثم تركها بعدها قرأ ( كانت ) فحكم عليه بالغباء والف كتابه الاول (( التوازن الاجتماعي )) دون ان يقرا في علم الاخلاق سوى كتاب واحد . فمن اين استمد واستوعب الحقائق فيما بعد . انها قوة الملاحظة المباشرة للاشياء التي صادفته في حياته . لكن هذه الواقعية افقدته روح الفن والشعر, لذا خلت مجلداته العشرين من اي لمسات شعرية .
في وقت مبكر وضعنا سبنسر على تساؤلات لا نزال نعاني منها , فهو يلوم الملحد لانه يقف عاجزا عن السر المخفي وراء نشوء الكون وعملية تكوينه و يعجز العقل عن تفسيرها . منطلقا من كون لايمكن لشيء ان يوجد بدون علة .اما رجل اللاهوت او رجل الدين فيجزم بان الله هو الخالق ويتخطاها بدون تفسير لكنك لوسالته من اوجد الله يقينا سيترك المشكلة دون تفسير (( عندما نرقب افكارنا نرى كيف من المستحيل التخلص من الشعور بوجود حقيقة كامنة كامنة وراء الضواهر )) فليعترف العلم اان قوانينه نسبية وليعترف الدين ان لاهوته خرافة تتنافى مع العقل .
ثم يبين لنا كيف ان الاشياء المتجانسة والمتشابه لا يمكن ان تبقى متجانسة لانها تخضع في النهاية الى قوى خارجية سرعان ما تعرضها لعدم التجانس . فالحياة تجمع وتفرق ثم تنتهي الى الموت الذي هو مكتوب على الجميع مع هذا فاننا نفضل ان نفكر بالحياة التي نقر اخيرا بتفاهتها حيث تمر جميع مسراتها واشكالها الممتعة من تحت انوفنا ومن غير ان نراها .
في علم الاحياء وتطور الحياة يعرف سبنسر الحياة هي التوفيق بين الكائن الحي وبيئته وتكتمل الحياة باكتمال هذا التوفيق على الرغم انه لم يكن تاما فحينما دعى ( ماثلوس ) الى ضبط النسل بسبب زيادة السكان على المتوفر من الغذاء ادى بالانسان الى اصلاح الارض وتطوير اساليب الزراعة وتحسين الانتاج مما ادى بالنهاية الى التوازن بين الغذاء والسكان وجلب المهاره والذكاء الى بني البشر .
في علم النفس وضع برنامج عن عملية تطور الادراك وان المادة لا تعرف الا عن طريق العقل . مع هذا يؤكد ان العقل تطور ايضا في طريق استجابته للبواعث الخارجية من صور مبسطة الى اخرى معقدة . واعتبر الصورة الابتدائية هو عملية انعكاس للغريزة ثم يجري التطور بالتتابع من ذاكرة وخيال الى ذكاء ومهارة وليس هناك فوارق بين الغريزة والعقل فكلاهما يعمل على الموائمة بين حالة الكائن الباطنية وبين الظروف الخارجية . فما العمل العقلي سوى استجابة غرائزية كتب له البقاء بعد نشوب صراع مع استجابات غرائزية اخرى اما الارادة فهي اصطلاح على مجموعة من الدوافع التي تجبرنا على العمل واعتبر الحركة هي المرحلة الاولى للعمل الغرائزي .
في علم الاجتماع يضهر ( سبينسر ) عظمته في الفلسفة السياسية. فهو يقر ان الاحتماع لن يصل الى مرتبة العلم فكم من الناس ينفقون جل حياتهم من اجل الحصول على علوم الفيزياء والكيمياء بينما نجد ابسط الناس يدلون بدلوهم في علم الاجتماع . لقد ضهر له المجلد الاول لعلم الاجتماع عام 1876 لكنه لم يتم المجلد الاخير حتى عام 1896 .
يعتقد سبينسر ان المجتمع كائن عضوي له وظائف واعضاء للتغذية ودورة دموية وفيه تعاون بين كل هذه الاعضاء وهو يتناسل ايضا مثل الافراد . والمجتمع كالفرد يعاني من بناء تراكمي يقترن بهذا البناء زيادة بالتباين النوعي وهكذا يتطور المجتمع من خلال نموا الوحدة السياسية ابتداء من الاسرة الى الدولة ثم الى عصبة الامم كذالك بالنسبة الى الوحدة الاقتصادية تتطور من صناعات محلية صغيرة الى احتكارات ونقابات للانتاج كما بين ان وحدة السكان تتدرج من قرى صغيرة الى مدن كبيرة .
اما الدين فيعتبره الركن الاساسي في حياة الشعوب البدائية البسيطة كون حياتهم وضيعة ومزعزعة فالخرفات الدينية دائما تلازم المجتمعات الحربية . فحين حلت الصناعة محل الحرب تحول الفكر من مماهات للموت الى تناغمات مع الحياة ثم شن هجومه على الحرب وبين ان الشعوب الحديثة لا تقل وحشية عن الشعوب البدائية آكلة لحوم البشر وان بعض الامم الحديثة تستعبد وتبتلع شعوب باسرها ثم يضع حلوله لايقاف الحروب بتطور (ما يعتقده ) الشعوب نحوا التصنيع وزيادة الدخل وتوزيعه بصورة عادلة على المجتمعات وبالتالي ستتحطم السلطات الكهنوتية والقبلية الطائفية وتدريجيا تقل سلطة الحكومة وتزيد سلطات الجماعات المنتجة . وعلى الرغم من اعترافه ان السلطات الاشتراكية تتكون كنتاج للسلطات الاقطاعية لكنه بنفس الوقت لا يتفق مع النظام الاشتراكي ويعتبره نظام النحل والنمل وان الناس لايتسامحون مع مساواة تفرض عليهم بالقوة .
اعتبر سبينسر ان القانون الاخلاقي الذي يفشل امام امتحان الانتخاب الطبيعي وتنازع البقاء مصيره الفشل وان الاخلاق بخيرها وشرها تتكون بقدر ملائمتها او عدمه لغايات الحياة. ففي وسط تنافر الغايات يكون السلوك اخلاقيا بمقدار ما يساعد الافراد او الجماعات على الكمال وان مفاهيم الخير تختلف من مجتمعات عن اخرى فالذي يعتبر مقدسا في مجتمع ما تستنكره مجتمعات اخرى وبالتالي يضع سبينسر مقياس للاخلاق من خلال اقترانه باللذة والالم ..
في اواخر ايام حياته شاهد سبنسر باسى ان الواقع تجاوزه كثيرا وتعرضت مفاهيمه وافكاره لهجوم من قبل معاصريه ومن كافة الطبقات الاجتماعية والفكرية ثم التفت الى نفسه ليجد انه اضاع فرص سعادة الحياة فلام نفسه على سخافة سعيه للشهرة . وفي عام 1903 توفى وهو يشعر بضياع جهوده وعبثها . لكن بعد سنين جاء من اعطى لفلسفته زخما جديدا ..



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والانسان 2/4
- الفلسفة والانسان 1/4
- الثورة والانسان 2/2
- الثورة والانسان 1/2
- الله والانسان


المزيد.....




- جعلها تركض داخل الطائرة.. شاهد كيف فاجأ طيار مضيفة أمام الرك ...
- احتجاجات مع بدء مدينة البندقية في فرض رسوم دخول على زوار الي ...
- هذا ما قاله أطفال غزة دعمًا لطلاب الجامعات الأمريكية المتضام ...
- الخارجية الأمريكية: تصريحات نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليست ...
- استخدمتها في الهجوم على إسرائيل.. إيران تعرض عددًا من صواريخ ...
- -رص- - مبادرة مجتمع يمني يقاسي لرصف طريق جبلية من ركام الحرب ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تسعى إلى حرب باردة جديدة
- روسيا تطور رادارات لاكتشاف المسيرات على ارتفاعات منخفضة
- رافائيل كوريا يُدعِم نشاطَ لجنة تدقيق الدِّيون الأكوادورية
- هل يتجه العراق لانتخابات تشريعية مبكرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الصفار - الفلسفة والانسان 3/4