أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الصفار - الفلسفة والانسان 4/4















المزيد.....

الفلسفة والانسان 4/4


يوسف الصفار

الحوار المتمدن-العدد: 5193 - 2016 / 6 / 14 - 13:36
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة والانسان 4/4
اكثر الفلاسفة اتخذوا من اللاهوت المسيحي هدفا للهجوم وتجاوزوا مذاهبه المتعددة . كاثوليكية و كلفانية او بروتستانية و انجليكانية . لكنهم لم يتخذوا موقف متشابه من المسيحية وتناغمها مع المحبة ومساعدة الضعيف والحنوا عليه . الا نيتشة فقد انقلب على معتقداته الدينية واعلن الحاده وهو في سن الثامنة عشر وحينما قرا شابنهور (( العالم كارادة وفكر )) وجد فيه ضالته واخذ يقرأ الكتاب بنهم . لقد اثرت سوداوية شبنهاور وتشائمه في حسه المرهف ولم ينقذه غير مطالعته لسبينوزا وجوته .
في سن الخامسة والعشرين نال اجازة الدكتوراه في الفلسفة وعين استاذاً في جامعة بال . لكنه ومن خلال اعجابه ببسمارك اقتنع ان اقوى واسمى ارادة للحياة لاتجد تعبيرها البائس في الصراع من اجل البقاء وانما في ارادة الحرب , والقوة . ان رقة احساسه وضعفه وفشله في العسكرية جعلته يعيش بروح فتاة ترتدي درع محارب .
تاثر لاحقا بالدراما اليونانية وروحها المتشائمة منبهرا بقول ( سيلينوس ) (( ان افضل مصير لشيء عسير المنال هو الا يولد الانسان وان يكون عدماً , ويتبع هذا في الافضلية ان يموت الانسان مبكرا وهو فتى )) .
حين خاب امله في نتائج الحروب معتقدا ان الامبراطورية الالمانية استأصلت الروح الالمانية تللك الروح التي تجاوزت السقراطية فدارت في فلك واسع فسيح بالموسيقى الكلاسيكية ابتداءً من بتهوفن وانتهاءً بفاغنر
تعلق بالموسيقي فاغنر فتناغم مع موسيقاه برؤى شاعرية ثم ما لبث و تخلى عنه , فعاد يهاجم الجامعات الالمانية ذات النعرة القومية ,ودعا الى اعادة بناء الاخلاق والدين على اساس نضرية التطور, فالحياة لاتعمل الى تحسين حال الاكثرية من الشعب , بل خلق العباقرة والسموا بها الى الرجل الاعلى ( السوبرمان )
في عام 1881 متجاوزا سن السابعة و الثلاثين من عمره سطر كتابه ( هكذا تكلم زرادشت ) وهو في قمم جبال الالب حيث اختار العزلة قسريا بعد عافت نفسه التحدث مع الناس . زرادشت الذي نزل من صومعته كان اول لقاء له هو مع الراقص على الحبال حينما سقط هذا من الحبل ومات فاحتضنه ورثاه ومجد فيه روح المغامرة والبطولة .. ثم التقى بعدها برجل ناسك يتعبد الى الله فاثار استغرابه وتسائل كيف لا يعي هذا الرجل ان الله قد مات .(( اناشدكم اخواني واستحلفكم ان تبقوا على اخلاصكم وولائكم لهذه الارض ولا تصدقوا اولئك الذين يحدثونكم عن الامال السماوية انهم ينفثون فيكم السموم سواء علموا بذالك او لم يعلموا )) ثم يعلن عن اسم الالهة الجديد ( لقد ماتت جميع الالهة , ونريد الان ان يعيش الانسان الاعلى – السوبرمان ) . ان اعضم المتدينين هم الذين يستهينون بالحياة ويستخفون بالموت و يضحون بحياتهم من اجل الارض لا من اجل السماء من اجل ما هو موجود وراء النجوم لهم اجدر بالمحبة والتقدير . ان الانسان ليس الا جسراً للانسان الاعلى فلا تكن فاضلاً فوق قدرتك ولا تطلب من نفسك شيء فوق احتمالك ولا ترغب بشيء فوق طاقتك .
في الاخلاق اكد نيتشة بان هناك نوعان من الاخلاق . اخلاق السادة واخلاق الطبقات المغلوبة على امرها فالروماني الوثني كانت اخلاقه تتسم بالشجاعة والرجولة والاقدام والجرأة اما اخلاق العامة القادمة من اسيا اليهودية والمسيحية فهي اخلاق الضعفاء التي روج لها الانبياء وجعلوها مقياس للاخلاق وبالتلي تفرعت الى المباديء الديمقراطية والاشتراكية . ان الاخلاق كما يراها نيتشة هي ارادة القوة حين اعتبرالحب هو الرغبة في التملك ( يقول الضعيف فاتر الهمة -– ان الحياة لا تساوي شيأً - وخير له ان يقول -–اني لا اساوي شيأً - لقد فقدت الحياة قيمتها عندما تخلينا عن اخلاق البطولة واخذنا بمبادىء المساواة والديمقراطية التي تكفر بعظماء الرجال ) فالطريق الى الانسان الاعلى هي الارستقراطية وما الديمقراطية سوى سخافة حكم الاكثرية يتوجب استئصالها قبل فوات الاوان واول خطوة لتحقيق ذالك هي تحطيم المسيحية وسيادة العالم تتم بدمج الجنسين السلافي والالماني مع اليهودي الذي يتمتع ببراعة مالية . كما اعتبر نيتشة كل ثقافة اوربية الى جانب الثقافة الفرنسية كلاما فارغا وان فولتير هو سيد العقل العظيم وهو يعني بذالك فرنسا القرنين السادس عشر والسابع عشر لانه يعزوا الى الثورة الفرنسية حينما حطمت دعائم الثقافة . وكان يعتبر روسيا وحش اوربا الاشقر حيث تركزت بها قوة الارادة كما اعتبر اجمل شعوب اوربا هم الايطالين نجد فيهم الرجولة وكبرياء الارستقراطية واعتبر الانجليز اسوء شعوب اوربا الذين افسدوا العقل الفرنسي باوهام الديمقراطية .
ان الانسان الاعلى لايمكن له ان يترعرع في اجواء الديمقراطية . توفى نيتشة عام 1900 بعد ان اصيب بالعمى والجنون وقد يبدوا انه العبقري الوحيدالذي دفع ثمن عبقريته غاليا ..
ادى التصنيع في اوربا الغربية الاتجاه الى الاشياء المادية والابتعاد عن الفكر . كانت فلسفة ( سبنسر ) صدى لحركة التصنيع لكن ( شبنهور ) كان اول من اكد اهمية الحياة على القوة ثم تناول هذا الموضوع ( برجسون ) بالبحث فجذب اليه انضار العالم فقد ذاع صيته حينما اخرج اروع كتبه سنة 1907 ( التطور المبدع ) فاصبح اكثر الشخصيات شعبية في عالم الفلسفة فقد سدد ضربة قوية للمذهب المادي . فاذا كان العقل مادة وان العملية العقلية نتاج آلية فما فائدة الشعور اذن ؟؟
المذهب المادي يؤكد ان كل وجود لقوة حيوية انما هي حالات تتابعية للمادة وكل حالة هي نتيجة لما قبلها ومقدمة لما بعدها . يعترض برجسون على هذه التتابعية التي قد توصلنا الى التكوين الاولي للسديم وفي هذه الحالة فان كل ما انتجته الحضارة من ادب ومسرح يرجع الى هذا السديم بالضرورة . ثم يؤكد برجسون اننا نميل الى النزعة المادية لاننا نفكر بصيغة المكان الذي يحيط بنا ونغفل الزمان بينما الزمان هو امر جوهري كالمكان لانه جوهر الحياة كلها . فالعقل والمخ ليس شيئا واحدا فالادراك العقلي حينما يعتمد على المخ هو كالملبس حينما يعتمد على علاقة الملابس فحينما تسقط العلّاقة يهوى معها الملبس . ان الذكاء نشأ وتطور لكي يتناول الاجسام المادية ويتفهمها هو سبب الربط بين العقل والمادة كما ان الحياة هي الحافز المولد للعالم . ( ان هذه الحياة الملحة والخالقة التي تجعل من كل فرد ونوع مسرحا لتجاربها هي الله ) ان الله والحياة شيء واحد ولكن الله يبقى محدودا ليس له القدرة على كل شيء . تقيده المادة فهو ليس عالما بكل شيء ودائما يتلمس طريقه للمعرفة والادراك والضوء تدريجيا . وبالنهاية فان الانسان يعيش بغريزته وبصيرته لكنه يتقدم بعقله وذكائه .
كان برجسون ذو نزعة دينية متطورة اقرب الى الصوفية هذا اليهودي الفرنسي الذي ورث اراء سبينوزا ولامارك نجد ما يقابله في ايطاليا الكاثوليكية انه كروشي الذي فقد دينه وتجاوزه واخذ ككثيرين من الايطالين يفضل الجمال على الحقيقة . ولد عام 1866 ونشأ متدينا تقيا دارسا المواضيع الدينة بالمام بالغ لكنه في النهاية اصبح متشككا ملحدا مبينا ان ليس هناك حل وسط بين الايمان والالحاد . تأثر في بداياته باطروحات ماركس في الاقتصاد معتبرا ان فكرة المساواة بحد ذاتها تكمن فائدتها في طريق الخير والجمال ومعرفة الحقيقة . لقد اطرى على ماركس في الاقتصاد لانه لفت انضار العالم الى الى معلومات اقتصادية تم تجاهلها تاريخيا . مع هذا فهو لم يتفق معه على تفسير التاريخ على اساس اقتصادي فرفض المذهب المادي كفلسفة او حتى وسيلة للعلم فمزج بين مثاليته وقسوة ارائه عن الديانات فقد نكر الدين واعتقد بحرية الارادة ولم يؤمن بالروح وخلودها واستبدل الدين وعباداته بالجمال والثقافة لذا كانت فلسفة كروشي مزيجا من الفلسفة الطبيعية واللاأدرية والعملية والمثالية والاقتصادية متمثلا الحقيقة بالجمال وتقديس الذوق . وفي بحثه عن التاريخ اعتبر التاريخ فلسفة متحركة مستشهدا بتعريف روسوا له (( التاريخ هو فن اختيار اكذوبة تشبه الحقيقة بين جملة اكاذيب )) لذا فهو لم يحبذ البحث النضري في التاريخ .
اخذته دراسته للتاريخ والاداب الى الفلسفة ولكن بلون جديد هو تذوقه للفن والجمال لقد فضل الفن على الميتافيزيقيا والعلم واعتبر العلوم تباعد بيننا وتتجه بنا الى المجردات اما الفن فيتجه الى الكلي المعروف بالبداهة لان اصل الفن يكمن في القدرة على تكوين الصورة الذهنية التي تعبر عن بصائرنا حينما نستمتع به.
بداية القرن العشرين ضهر لنا برتراندرسل كفيلسوف يعتبر ابن اعرق العوائل الانجليزية . اتجه في الفترة الاولى من حياته الى المنطق والرياضيات وقرأ لبرجسون و لم يتأثر به . آلمته احداث الحرب العالمية الاولى فتملكته نزعة شيوعية . كانت اولى مؤلفاته كتابه ( التصوف والمنطق ) هاجم فيه التصوف ومجد الطريقة العلمية . فقد كان له معبود واحد هو الرياضيات اعتبر التعليم ضرورة لتدريس العلوم وان سبب مصائب العالم هو التفكير المبهم . (( خير للعالم ان يفنى من ان يصدق اكذوبة اي انسان فهذه هي ديانة الفكر الذي يحترق بلهيبه المشتعل اوهام العالم )) .
استهوى برتدراند رسل الرياضيات بما تتصف به من موضوعية صارمة وبين انه يتوجب على الفلسفة بلوغ ما في الرياضيات من كمال.. لقد ادت بدايات رسل في الرياضيات الى متاهات من اللاأدرية والشك وحين وجد المسيحية لا تعبير لها في الرياضيات تخلى عنها مستثنيا قانونها الاخلاقي .كان يتفق مع سبنسر ان العالم يسير نحواالفناء ومع هذا على الانسان ان يحافظ على شجاعته ورباطة جأشه وعلى الرجل الحر ان لاينحني الى عبادة العالم اخارجي القاسية وانما يعبد قواه الداخلية الخلاقة . هذا ما كان عليه رسل قبل الحرب لكنه في اثنائها راح يصب جام غضبه على رجال السياسة ادت الى طرده من الجامعة . كان عبارة عن مجموعة من المشاعر والاحاسيس وهو يرى الشباب اليافع يدفع به الى الموت فادرك ان الملكية الخاصة هي الداء وان الشيوعية هي الدواء . وما الملكية الخاصة غير سرقة مستباحة تتحول الى ملكية تحت انضار العالم في مناجم الماس والذهب فلا خير من ورائها للمجموعة البشرية ولو كان هناك قانون عادل يصغي لصوت العقل لجرى مصادرتها وتحريمها ومن غير تعويض لماليكيها سوى ما يمكنهم من العيش بكرامة بعدها وجهة هجومه الى الدولة لانها هي التي تحمي الملكية واعتبرها شر عظيم وبالنتيجة اعتبر الكراهية والحروب سببها الاراء الثابتة والعقائد الجامدة فحرية الفكر هو المطهر للعقل من الخرافات والاوهام . فما يميز الجاهل هو سرعةتكوينه لافكاره ومعتقداته الذي يعتبر اراءه امورا مطلقة .
كان اقوى ناقد لرسل هو تجربته الشخصية فحين سافر الى روسيا اوشكت المصاعب التي تواجهة محاولة خلق مجتمع اشتراكي واسلوب توزيع الارض الى زعزعة ايمانه وتحطيم رؤاه الاشتراكية . لكنه حينما زار الصين انفتحت امامه امال وافاق جديدة في تلك الارض الزاخرة في الناس عندها ادرك ان اوربا ليست سوى تجربة كاذبة امام قارة اعظم واقدم منها وربما اوسع واعمق ثقافة .



#يوسف_الصفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة والانسان 3/4
- الفلسفة والانسان 2/4
- الفلسفة والانسان 1/4
- الثورة والانسان 2/2
- الثورة والانسان 1/2
- الله والانسان


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - يوسف الصفار - الفلسفة والانسان 4/4