أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد عبدول - الراحل علي الوردي والنزعة الطائفية عند الفرد العراقي















المزيد.....

الراحل علي الوردي والنزعة الطائفية عند الفرد العراقي


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 13:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا يختلف اثنان على ما يحتله عالم الاجتماع الراحل المرحوم (علي الوردي 1913 ـ 1995 ) من مكانة مرموقة في سماء العلم والمعرفة ويكفي هذا العالم ان له دوي كدوي النحل في المحافل الأكاديمية والاجتماعية حتى كتابة تلك السطور فقد كان رحمه الله قريبا في طروحاته للجماهير وهو يسلك من السبل وعرها ومن الامور اصعبها الا ان هذا الامر لا يعني بحال من الاحوال ان كل ما جاء به الوردي من اراء وطروحات يعد حقائق لا يرقى اليها الشك وهو امر لم يدعيه الوردي نفسه سواء في ما يذهب اليه من افكار واراء او ما يعتمده من منهج في دراسة الظواهر الاجتماعية على مستوى الفرد والجماعة وهذا ما اكده جمع من المختصين والكتاب كما في كتاب الدكتور (سليم على الوردي ) الذي تناول فيه منهج الراحل على الوردي بالنقد والتحليل والتصويب .
مكانة الراحل الوردي جاءت على خلفية جراءته في الطرح وتحريكه الساكن من البرك الفكرية والثقافية التي احجمت عن تناولها اقلام الاخرين فضلا عن عذوبة اسلوبه المكتنز بالحكايات الشعبية والطرائف والنوادر التي تنطوي على جوانب موضوعية لدراسة وفهم سلوكيات المجتمع , كل تلك العوامل جعلت من الوردي اكثر قبولا من غيره بالنسبة للعامة والخاصة حتى صارت اراء الوردي وطروحاته في متناول الجميع تتناقلها الركبان وترددها الاجيال , وان كان بعض ما جاء به غير مستوفي للشروط المتوخاة في البحوث العلمية الرصينة وهو ما اكده الراحل في اخر سنواته وهو يتمنى لو يعود به الزمن ليصحح الكثير من آرائه التي اوردها في كتبه التي اصدرها قبل عقود من الزمن وهو امر يضاف الى سجل حسنات ومناقب الوردي .
صفحات التواصل الاجتماعي منذ سنوات تزدان بشتى مقولات الراحل الوردي وهي تحظى بمئات الاعجابات والتعليقات وهو شيء متوقع لكلام يصدر عن علم من اعلام الفكر العربي المعاصر الا ان بعض مقولات الوردي التي استوقفتني مؤخرا كانت بخصوص نزعة الطائفية التي بقيت قوية داخل شخصية الفرد العراقي في الوقت الذي ضعفت فيه نزعة التدين يقول الراحل الوردي في كتابه ذائع الصيت (وعاظ السلاطين الفصل (11) الذي يحمل عنوان قضية السنة والشيعة ) ( فقد ضعفت نزعة التدين في اهل العراق وبقيت فيهم الطائفية حيث صاروا لا دينيين وطائفيين في آن واحد ) ولا شك ان الوردي يعد مثل هذا الامر شيء مخل ومعيب وهو كذلك الا ان الوردي نفسه والذي كثيرا ما نجده يستشهد بمقولة (اذا عرف السبب بطل العجب ) قد اعرض عنها في ذلك المورد كل الاعراض عندما لم يكلف نفسه عناء الوقوف على حقيقة واسباب ودواع ما آل اليه حال الكثير من العراقيين بخصوص مسالة اشتداد النزعة الطائفية وضعف نزعة التدين ولعل الوردي كان يدخل ذلك الامر ضمن اطروحته الشهيرة في ما يسمى بازدواج الشخصية العراقية التي تبين فيما بعد مجافاتها للواقع العلمي حيث تبين ان الازدواج مصطلح طبي نفسي شاع في خمسينيات القرن الفائت , يشير الى حالة مرضية لا توجد عند الفرد العراقي ليتم استبدال المصطلح بمصطلح اخر هو التناشز الاجتماعي على يد الدكتور (قاسم حسين صالح) والدكتور (حسين سرمك) .
الوردي يشير الى ظاهرة تخص الفرد العراقي لكنه لا يقف بنا على اسباب وملابسات ما ساعد على بلورة تلك الظاهرة فهو يكتفي بالإشارة الى ظاهرة اجتماعية بأسلوب جميل مبسط فيه شيء من التهكم والسخرية ثم لا يفصل لنا اسباب ذلك الخلل الذي اصاب شخصية الفرد العراقي علما ان الوردي متخصص في بحث جذور كل ظاهرة والوقوف على مسبباتها وقد كان اولى به ان يفصل لنا اسباب استفحال نزعة الطائفية عند العراقيين وضعف نزعة التدين عند شريحة كبيرة منهم وهو امر نراه طبيعيا يقع لكل شخصية اذا ما مرت بنفس الظروف وعانت من نفس الويلات والمصاعب .
ان استفحال نزعة الطائفية عند العراقيين له ما يبرره من اسباب وعوامل فقد رضخ العراقيون على امتداد تاريخهم القديم والمعاصر لحكومات وانظمة تتخذ من المذهب سلاحا بيدها تقرب على ضوئه وتقصي على ضوئه فكانت حكومات بني العباس وبنو امية مرورا بكل الانظمة التي توالت بعد سقوط الدولة العباسية هي حكومات وانظمة طائفية ولعل هذا ما تجسد بشكل جلي وواضح على يد العثمانيين الذين حكموا العراقيين لمدة اربعه قرون حكما يقوم على التعنصر الطائفي واستبعاد المختلف مذهبيا وليس دينيا ولا شك ان ( الطائفة ) تنطوي على جوانب سياسية واجتماعية مهمة وبالتالي بجد الفرد نفسه مجبورا على الالتصاق بطائفته بشكل واخر حتى اذا ضعف عنده الوازع الديني او انسلخ من الدين بمستوى من المستويات .
الفرد العراقي لم يحارب في يوم من الايام على اساس دينه لكنه حورب على اساس هويته المذهبية من هنا كان ارتباطه بالمذهب اقوى من ارتباطه بدينه . لقد كانت اشارة الوردي اشارة دقيقة لكنها كانت منقوصة من حيث بحثها واستقصاء اسبابها .
ان الانظمة السياسية التي حكمت وما تزال تحكم العراقيين هي المسؤولة عن استفحال تلك النزعة وبالتالي فان اللوم لا يقع على عاتق العراقيين بقدر ما يقع على تلك الانظمة والحكومات التي كان اولى بالوردي ان يوجه لها سهام النقد والتقريع .
لقد خضع العراقيون طيلة القرن الفائت الى حكم الدولة القومية التي اسست على قاعدة تهميش واقصاء اهم مكون من مكونات المجتمع العراقي (الشيعة) فكانت هوية عموم ابناء الشعب المذهبية في مآزق وهي تواجه مشروع عروبي متطرف يقوم على تعجيم (الشيعة ) واعتبارهم اجانب جاء بهم القائد العربي (محمد بن القاسم الثقفي ) خلال الفتح مع قطعان الجاموس من بلاد الهند وما جاورها وكان من نتائج ذلك كله ان تمددت النزعة الطائفية على حساب نزعة التدين وكان لزاما ان يحدث مثل هذا الامر بالنسبة للشيعة لما لاقوه من عنت وعسف وتهميش اما جانب (السنة) فكان ان تمددت عندهم نزعة الطائفية على حساب نزعة التدين لانهم اتخذوا من الهوية المذهبية سلما للسلطة ومدرجا للحكم والاستحواذ طيلة حقب وازمان .
ولا شك ان ما خاضه العراقيون وما يخوضونه هذه الايام (2003 ـ 2016) من حرب داخلية انما هو في جوهره وصميمه يعد حربا تخص الهوية المذهبية التي يجب ان تحكم فتلك الحرب لم تقم على اساس البرامج السياسية والاصلاحية بل قامت على اساس هوياتي صرف .
كان على الراحل (الوردي ) ان يضع كل ما تقدم حساباته وان لا يتعجب من حال العراقيين الذين لا يحسدون عليه بحال من الاحوال بسب تعاقب الانظمة التي وظفت الجانب المذهبي لصالح مشاريعها الاستبدادية .
ان اشتداد النزعة الطائفية على حساب نزعة التدين لدى الكثير من العراقيين امر له ما يبرره واذا عرف السبب بطل العجب كما كان الراحل الوردي (رحمه الله) يردها كثيرا في كتبه ومؤلفاته .





#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواسب نظام البعث في شخصية الفرد العراقي
- العراقيون والشيخ زايد
- المثقف بمواجهة السلطة ام المجتمع ؟
- الزوج ام النقال
- منزلة الادب بين سائر الرتب
- سالفة ام جبار
- وماذا عن (المطيرجية)؟
- ذا فويس كيدز وذائقتنا الفنية
- هل يصلح العبادي ما افسدته المحاصصة ؟
- من سرق الديك ؟
- مقهى الناصرية
- عندما يموت المثقف مرتين
- الحكومة وعيون المدينة
- اتحاد القوى
- القطار والسينما
- قسمة ضيزى
- احتفالات العراقيين بمناسبة العام الجديد ...دلائل ومعطيات
- أمهاتنا من زاوية آخرى
- الأدب والسياسة من يتنازل لمن ؟
- بين الشخصية المصرية والعراقية


المزيد.....




- عداء قتل أسدًا جبليًا حاول افتراسه أثناء ركضه وحيدًا.. شاهد ...
- بلينكن لـCNN: أمريكا لاحظت أدلة على محاولة الصين -التأثير وا ...
- مراسلنا: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي ...
- بدء الجولة الثانية من الانتخابات الهندية وتوقعات بفوز حزب به ...
- السفن التجارية تبدأ بالعبور عبر قناة مؤقتة بعد انهيار جسر با ...
- تركيا - السجن المؤبد لسيدة سورية أدينت بالضلوع في تفجير بإسط ...
- اشتباك بين قوات أميركية وزورق وطائرة مسيرة في منطقة يسيطر عل ...
- الرئيس الصيني يأمل في إزالة الخصومة مع الولايات المتحدة
- عاجل | هيئة البث الإسرائيلية: إصابة إسرائيلية في عملية طعن ب ...
- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احمد عبدول - الراحل علي الوردي والنزعة الطائفية عند الفرد العراقي