أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - حسن عبود في قوائم الطب العدلي














المزيد.....

حسن عبود في قوائم الطب العدلي


محمد الذهبي

الحوار المتمدن-العدد: 5219 - 2016 / 7 / 10 - 17:37
المحور: الادب والفن
    


حسن عبود في قوائم الطب العدلي
محمد الذهبي
عند كل انفجار يضع نفسه مع الشهداء، او الجرحى، دائما يزيد العدد واحدا، ويتوقع ان يأتي يوم يكون فيه جثة محترقة، تظهر على شاشات الفضائيات، ويتصور من يفتقده بعدها، ويعلم ان الحكومة ستهدد وتتوعد، وبعد انقضاء ثلاثة ايام يطوى كل شيء وتنتهي الحكاية ويختفي هو من الوجود، درج على هذه العادة طويلا، حسن عبود راضي موظف في مديرية تربية كربلاء، لم يكن يشغله شيئا سوى دوره الحقيقي في مسلسل الموت اليومي، ومتى يتذكره المخرج بعد هذا الانتظار، كان يهيىء نفسه يوميا فيحاول ان يرتدي الملابس الداخلية الجديدة، متوقعا انه سيجرد من ملابسه في انفجار كبير، فكان يتهيأ لموته يوميا، وكأنه عريس يفكر ان يعجب حبيبته، مازال يسمع بالانفجارات، وشاهد القليل منها، لكنه لم يكن يوما من ضحاياها، ولذا كان يتحرق شوقا ليشعر بذات الشعور، فليفرح الدفانون، انها فرصتهم، لقد صار عملهم مجزيا جدا، وامتدت المقابر على مساحة العراق ، لم يعد هناك متسع من الارض بحجم الموتى، طويلا ماكان يسأل نفسه: ماهو الموت؟ وهل هو النهاية الحقيقية ام ان هناك اشياء اخرى تعقبه، لايتبلد كما هم رجال الدين، ويتكلم عن الموت كأنه غول كبير، لا انه صديقنا من اعوام عديدة.
هو من يريحنا من عبء هذه الحياة وكثرة الفرق والاختلافات، الكل سيموت ويندثر وينتهي كل شيء، وسيأتي من يأتي ليمارس ذات اللعبة، لكن باسلحة اكثر رحمة، لم يكن السيف سيئا، لكنه في الماضي لم يكن ليحصد هذا العدد من سنابل القمح، اما الآن فانت لاتكاد ان تشعل سيكارتك حتى يختفي الجميع، ربما يكون موتا رحيما، ساحمل نعشي واذهب الى هناك، في الصباح الباكر ايقظ زوجته، وقبلها على جبينها، مر على الاولاد، فسألته مابك؟، فقال: يكفي ما رأيت اريد الرحيل فقد انتظرت طويلا، هل ستعرج على والدتك لتسلم عليها؟، نعم ساذهب اليها، كنت احب الحياة لاجلها، والحمد لله انها رحلت ، والا فمنظر موتي سيكون مؤلما جدا لها، تعرفين كم تمنيت ان ابقى على قيد الحياة لاجل والدتي فقط، لانني اعلم مدى حزنها حين اموت، ولذا تجاوزت ازمات وحروب لابقى على قيد الحياة، زوجته ضحكت من افكاره السوداء: الموت بيد الله وليس بيدك، لاتتكلم هكذا وكأنك ملحد، انت رجل مؤمن وتعرف الله، رد عليها بغضب: هل تستطيعين ان تقولي لي اين الله مما يجري؟، لو كان صانع دمى لحزن على دماه وهي تحترق وانتقم من القتلة، انا اعرف ان من يصنع شيئا او يكتب قصيدة يحبها، فهل من المعقول ان الله لايحبنا.
اجهشت زوجته بالبكاء ، هكذا يريد هؤلاء ان يخرجونا من ديننا ويلقون بنا في غياهب المجهول، ولج بابه يامجهول، كلشي ماكو مو شفت امي من دفنوها، مو ذبوا عليها لوريين اتراب، شيطلعها بعد، نهرته بشدة وهي تردد استغفر الله ، استغفر الله، وشنو هذا العلم تشيله وياك دائما؟، هذه العلم سيوضع على جثتي في يوم ما ، افضل من ان يتبرع احدهم فيضع كيس نفايات فارغا فوقي، حتى عنوان البيت احمله معي، اسماؤكم، ارقام هواتفكم، لا اريد ان اتعب احدا عند موتي، تصوري انني هيأت معاملة التقاعد، ماعليكم الا ان تأخذوا كتاب تأييد الى مديرية التقاعد العامة، فالاضبارة كاملة، انا فقط حزين على شيء واحد، كنت اود ان اخرجكم من هذه البلاد، لانني واثق من دوري الذي سالعبه، شهيد من بين الشهداء، رقم عادي جدا ، ربما يأتي اسمي في المقدمة بقائمة الطب العدلي، او انه سيكون آخر الاسماء، لكنني ساذهب وانا ممتلىء بالخشية عليكم، لو كنت اخرجتكم من هنا لارتحت.
حزم امره وهو قد قرر من مساء الامس ان يذهب الى بغداد، ويطلع على شهداء الكرادة، فالانباء متضاربة، منها من قال انهم اكثر من سبعمئة، وآخرون قالوا اكثر بكثير، ومنهم من جعلهم 290، مع عدد من المخطوفين الذين حملتهم سيارات الاسعاف التي لاتضع لوحة حكومية، ومنهم من لم يمت بالتفجير وانما مات باطلاقة في الرأس، يتكلمون عن صفقة كبيرة بين الحكومة واميركا وداعش، راح ضحيتها هؤلاء الشباب المساكين والنساء المسكينات والاطفال، ليتصور احدكم ان وطنا يقتل فيه الاطفال، مامدى تعاسة هذا الوطن وظلامه، في كل العالم الاطفال ورود المجتمعات، الا هنا فهم حطب لنار الحروب الطائفية المستمرة على ايديولوجية بدأت تتراجع امام جميع الايديولوجيات، طبقات من المثقفين والكتاب ، جميعهم يصور نفسه بانه خروف عراقي ينتظر دوره، ولايستطيع ان يفضح دور المخابرات الدولية خشية ان يأتي دوره بسرعة، لايمكنني ان اعيش بمجتمع يقتل الاطفال، والنساء، او يجعل منهم ارامل ويتامى وامهات ثواكل، اندفع بسرعة كبيرة يعد لافتات الشهداء، وصل الى منتصف اللوحة الكبيرة، شاهد لافتة فارغة، وقف يتأملها بعمق، سقط مغشيا عليه، جاء احدهم سحب العلم العراقي من يده وضعه على جثته، كان يسمع الصيحات: اخوان هذا شهيد آخر.



#محمد_الذهبي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رجل ولافتة
- المرقط لايليق بك
- استقالة مصحح لغوي
- قصة رجل يعرف موته
- ايران والسعودية في بيتنا
- مجاهرة بالافطار
- مرآتك انتَ
- الحكيم الذي لم يعد حكيماً
- الموسيقار
- المعطف والربيع
- ليتك اكلته ميّتاً وتركته حيّاً
- خريف المدينة
- امي انا في الطب العدلي
- مصحح
- سماعة الاذن والمعدلات الانفجارية
- العذارى ومراقد الاولياء
- مدن الموت
- الموت في الوطن المنفى
- تالي العمر محطات
- انا وليلى ولتفتحوا جراحكم


المزيد.....




- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...
- برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع التخصصات عبر ...
- دورة استثنائية لمشروع سينما الشارع لأطفال غزة
- تصاعد الإسلاموفوبيا في أوروبا: معركة ضد مشروع استعماري متجدد ...
- انطلاق أولى جلسات صالون الجامعة العربية الثقافي حول دور السي ...
- محمد حليقاوي: الاستشراق الغربي والصهيوني اندمجا لإلغاء الهوي ...
- بعد 35 عاما من أول ترشّح.. توم كروز يُمنح جائزة الأوسكار أخي ...
- موقع إيطالي: هذه المؤسسة الفكرية الأميركية تضغط على إدارة تر ...
- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد الذهبي - حسن عبود في قوائم الطب العدلي