أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بورحيم - مسعود المبتسم














المزيد.....

مسعود المبتسم


حفيظ بورحيم

الحوار المتمدن-العدد: 5200 - 2016 / 6 / 21 - 08:41
المحور: الادب والفن
    


نظر العالم مسعود إلى حاويات اﻷزبال ، فاقترب منها وطفق يجمع كل ما يمكن أن يصلح للأكل ، وبينما هو منشغل بجمع بقايا الخبز ظهر فجأة جمع من أطفال الحي، ولما رأوه على تلك الحال اتفقوا فيما بينهم على الانتقام منه والتنكيل به . فقد حملوا الحصى المنثور في جنبات الطريق وشرعوا يرشقونه بكل حقد وضغينة وسخرية، فما كان له إلا أن يهرب منهم حتى يضمن السلامة لنفسه، وكيف لا يهرب وهو الذي يردد دائما تلك العبارة الشهيرة : "اهرب اليوم لتقاتل غدا . " ؟
بعدما هرب منهم دخل إلى "الحوش" الذي يعيش فيه منذ أعوام غير قليلة ابتداء من اليوم الذي سمحت له السيدة "لالة فطومة" بالدخول إليه ليحتمي من البرد ويضمن السكينة والمأكل والملبس . أما اﻵن فقد ماتت تلك المرأة وبقي أبناؤها الذين لم يحرموه من الحوش، لكنهم حرموه من الامتيازات الماضية .. وها هو اﻵن نائم متحسر عليها، حزين على كرامته التي اتسخت لما أصبح يستجدي الحاويات بعدما تعب من استجداء أصحابها .
وبعد ساعتين، دخلت الصالحة ابنة المرحومة إلى الحوش وقالت له بنبرة حادة :
- يا أيها الحيوان ألم ترى كرة ابني سهيل ؟!
فأجاب :
- كلا .
- وأين ستكون يا ترى إن لم تكن هنا ؟!
- قد تكون في اﻷعلى .
- آه حسنا سوف أبحث عنها هناك .
بقيت كلماتها عالقة بذهنه وصورتها وحركاتها ثابتة في ذاكرته، فلقد كان وجهها مصفرا مثل وجه الملك محمد السادس في قطعة من فئة خمسة دراهم، وحاجباها كثيفين مثل عفريت من عفاريت ألف ليلة وليلة، أما شفتيها فقد كانت تدهنهما بأحمر الشفاه دهنا عشوائيا ليبدو فمها مثل رسم طفولي سخيف. وكان جسدها بدينا جدا ، حتى إنها لما كانت تخرج إلى السوق كان المشاغبون يرددون خلفها كلمات من قبيل :
- هز حط .. هز حط ..
ولطالما قالت له قبل زواجها اخرج من حوشنا ، لكنه لم يكن يعير كلامها أي اهتمام. حتى تزوجت وأنجبت وتناست أمر طرده مع كرور اﻷيام وتواليها .. وكان هو دائما يتفاءل خيرا لأنه قرأ تحليلا نقديا لمسرحية هارنولد بنتر التي عنوانها الحارس، ففهم أن الواقع لا يمكن أن يكون سيئا دائما .
حط رأسه على عربة لنقل الحجارة واﻹسمنت ونام. وفي اليوم التالي، خرج من حي تناعورت أوسباعي وابتسم في وجه كل الناس الذين كان يجدهم في طريقه، حتى يتصدق عليهم بأقل ما يمكنه أن يقدمه إليهم . ولما دنا من ذلك الحي الذي كان به في اﻷمس وجد نفس اﻷطفال هناك، فقرر أن ينتقم منهم انتقاما كبيرا جراء ما فعلوه به ..
تسلل خلف سيارة من نوع "كات كات" وبدأ ينظر إليهم متخفيا، لقد كانت عيونهم براقة وسحنتهم ضعيفة وملابسهم باهضة الثمن . مطط يده إلى الخلف فجر بعض الحصى المتراكم. سدد الحصية اﻷولى صوب طفل منهم، فلم تصبه لتصيب سيارة الضابط عبد الرحيم .
في الليل وجد العالم مسعود نفسه في زنزانة معتمة ومن حوله أصدقاء جدد، أحدهم يدعى كريميصا والاخر التيباري أما ثالثهما فاسمه الرعدة كلهم أحبوه من النظرة اﻷولى، ولم يبخل عليهم هو بابتساماته التي تشكل صدقات وأعطيات ومنحا لكل الناس .



#حفيظ_بورحيم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حبل وصال - حفيظ بورحيم
- خطاب الدفاع
- وقائعُ إعدامِ المُحِبِّ -مُمُو-
- قصة الكَنْزِ المَخْفِيِّ
- مأساة الطالب سفيان بن عُنفوان
- لاَ تُحَدِّثُونِي عَنِ الأَعْيِادِ
- حديثُ قلبٍ جريح
- أخبار طفل يحب الأشجار
- صعوبات الترجمة الأدبية:
- نظرات حول منهج البنيوية التكوينية
- نزهة
- السوسن يأبى الذبول
- فاضمة والفراشات
- أرق


المزيد.....




- يحقق أرباح غير متوقعة إطلاقًا .. ايرادات فيلم احمد واحمد بطو ...
- الإسهامات العربية في علم الآثار
- -واليتم رزق بعضه وذكاء-.. كيف تفنن الشعراء في تناول مفهوم ال ...
- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بورحيم - مسعود المبتسم