أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بورحيم - فاضمة والفراشات














المزيد.....

فاضمة والفراشات


حفيظ بورحيم

الحوار المتمدن-العدد: 4764 - 2015 / 3 / 31 - 20:51
المحور: الادب والفن
    


لطالما عشقت فاضمة الطبيعة ، فهي في القرية زهرة بين الأزهار ومن فرط حبها للنسيم كانوا ينادونها نسمة البنفسج ، وحينما كانت تغيب عن أهل القرية فكأنما قد غاب عنهم الغيث ، ولم تكن تغيب إلا لكي تتبع فراشة في الحقل وكانت تفعل ذلك حتى تتعب ويتعرق جبينها الناصع البياض ثم تجلس مباشرة تحت شجرة وارفة الظل دون أن تتجرأ على الصعود إلى غصن من أغصانها .. هذه المرة بالذات كانت تجلس فوق صخرة تركها بعض الرعاة ، حاولت أن تحلم بواقع أفضل من الذي تعيشه ، أن تتخيل بسمة الحياة ، على الأقل فهنالك سبب لهذه الأحلام لأن أمها كانت تمنيها بحياة سعيدة قائلة:
ــ سيأتي يوم سعدك عما قريب يا ابنتي .
لكنها لم تكن تفهم المقصود ، فاعتقادها كان عميقاً بأن جبروت أبيها وسطوته سوف يضمحلان مع الأيام الآتية، هذا الأمر لو حدث سيكون مصدراً لسعادة مطلقة .
وحينما تعرفت على صديقها المخلص أحمد الذي يقطن في القرية المجاورة ، زادت السعادة ولمعت العينان بكثافتها ، وحن القلب إلى وصال الألفة بعد كل انقطاع..
هذه المرة صارت تتبع الفراشات بطاقة مضاعفة عما كانت عليه من قبل ، وأخيراً قطعت هاجس الخوف بالصعود إلى الشجرة الكبيرة بمساعدة بسيطة من صديقها الوفي أحمد .
بعد أيام جميلة كانت تمضي كلها أسرار وحياة ورغبة في الاكتشاف ، طلعت شمس يوم بهي ومشرق على القرية فأجتمع الصديقان بعد الظهيرة تحت شجرتهما ، ومن العجيب حقا أن أحمد الخجول جداً قرر أخيراً أن يبوح لها بسر حبه لها
فتشجع قليلاً ونطق بكلمات متعثرة للتمهيد والإستملاح ، لكنه لم ينطقها واضحة الدلالة حتى بان ظل غافل ، هزت رأسها فرأت أباها ، ينظر إليها شزراً . ما إن رأى الولد حجمه الضخم ، وملامح وجهه المنقبضة حتى انطلق مثل القطار هارباً برأسه المنخفض إلى الأرض .
دارت بها الدنيا ، صارت وحيدة ، توقعت كل السوء من نظراته المخزية ، فقد سمعت من قصص كانت تحكيها جدتها أن الفتاة إذا حدث أن مشت أو جلست مع فتى غريب فمصيرها الدفن .
في الواقع لقد كانت الصفعة خاطفة مدوية ، والأخرى كانت مُبكية و مدميةً . ألست إبنته ، فلذة كبده ؟ لماذا يعاملني مثل هذه المعاملة ؟
كل هذه التساؤلات وغيرها كانت تطرحها على نفسها في طريق العودة إلى البيت مشدودة من شعرها بعنف وحشي .
أدخلها حجرتها الصغيرة المظلمة وأقفل الباب بإحكام ، ومضى ونام ، سمعت بعد لحظات أنين أمها يعلو ويخفت في إيقاع مستمر حتى حل صمت مضجر .
بعد أسبوع وجدت فاضمة نفسها في مثل موقف أختها الكبيرة تودرت ، لابسة ثوباً أبيض ، والحناء تُزخرف على يديها ورجليها وأناملها ، وهي مستسلمة للنساء .
همس أبوها في أذنها بصوته الأجش:
ــ حمداً لله أن لا أحد يعرف فعلتك غيرنا، لا تعودي إلى بيتي مطلقةً ، ليست لعائلة المختار بنات مطلقات .
زُفت في عصر ذلك اليوم إلى رجل في العقد الرابع من عمره ، لكن له إقطاع وثروة طائلة بالمنطقة المجاورة ، هكذا فهمت فاضمة أخيراً مغزى قول أمها:
ــ سيأتي يوم سعدك عما قريب يا ابنتي .



#حفيظ_بورحيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أرق


المزيد.....




- أحمد السقا يتحدث عن طلاقه وموقفه -الغريب- عند دفن سليمان عيد ...
- احتفال في الأوبرا المصرية بالعيد الوطني لروسيا بحضور حكومي ك ...
- -اللقاء القاتل-.. وثيقة تاريخية تكشف التوتّر بين حافظ الأسد ...
- هنا رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد ا ...
- فيلم -مجموعة العشرين-.. أول رئيسة أميركية تواجه تحديات صعبة ...
- راشد عيسى: الشعر رسالة جمالية تنتصر للفكر الإبداعي وتتساءل ع ...
- بوتين: روسيا تفتخر بتنظيم مسابقة -إنترفيجن 2025-
- ترامب يواجه -البؤساء- على المسرح و-الاستهجان- خارجه! (صور)
- أبناء الشبكة العنكبوتية.. الكافكاوية كما نعيشها اليوم
- إجراءات إيران الفنية ستدخل حيز التنفيذ فور إصدار الوكالة الد ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حفيظ بورحيم - فاضمة والفراشات