يوسف يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 5192 - 2016 / 6 / 13 - 23:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وطن تحول الى .. " مدفن جثث "
مقالة في جلد الذات
لا زلت مدفون بقلبي سرا أيها الوطن ، جثة مجهولة الأسم والعنوان والأرض و.. ، لا شاهد على قبرك ، أنت أجمل عروس أيها الوطن ، ولكنك عروس ضحية ، عروس تعاقبوا على مضاجعتها كل أفراد القبيلة بدل عريسها ، ثم تركوها عارية تنزف مضطجعة على فراش عرسها ، والذئاب تلعق دمائها ، وجاء الحراس وعوض أن يدفنوها ليستروا جريمتهم علقوها عارية مصلوبة على الصليب ، ووقفوا بعد حين في يوم العزاء ، حكام وساسة ورجال دين .. بعمائمهم وسبحهم الطويلة وخواتمهم الفضية ، يتلقون تعازي المعزين فيها غير خجلين ، غير آبهين بما فعلوا ، تاركين الصليب والمصلوب على مرمى من سرادق العزاء ، كبرين بعد الحين والحين .. " الله أكبر " ، " الرحمة للوطن " ، رجال باعوا الله ورسله وكتبه وأشتروا الشيطان وسبله وخططه ، لا وطن لي أيها الزمن ، ألا الأهات المدفونة بقلبي ، لا وطن لي ، ألا ملامح وذكرى وخيال كان أسمه " الوطن " .
------------------------------------------------
لا وطن لي أيها الوطن ، الوطن تحول الى مدفن للجثث ، ولكن حتى الوطن في نعومة أظفاره كان ذكريات أليمة ومآتم حزينة و قصص مثيرة تتخللها في بعض الأحيان ضحكات الطفولة ، لا وطن لي ، أنا كاليتيم بدونك ، أنا كالرضيع الذي فطم قبل أوانه ، لم أكن أحلم أن تتحول الى ذكرى وطن ، ذكرى مسروقة من مخيلتي ، ذكرى حولها الغوغاء الى سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة ، كنت سمفونية ألم وحزن وأنين ولكن كنت عزيزا ، كنت روضا عبق عطره ينفذ الى الروح فتحولت الى جيفة وجثث لم يكفها القبور فطرحوها في الأنهار والترع والمزابل ، كيف للأبناء أن يتحولوا الى مغتصبين ، كيف للنخيل أن تقطع أوصال جذورها وتتحول الى حطب ترمى للنار، وكيف لفلاحي الوطن أن يبذروا الملح في الأرض بدل البذور ، أنت وطن فقد بين المقابر وتاه بين الأزقة والطرق أنت طفلة أيها الوطن فقدت مرضعتها فأرضعوها السم والكراهية والبغضاء ، أنت " وطن الأهات " أيها الوطن .
#يوسف_يوسف (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟