أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه















المزيد.....

ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5180 - 2016 / 6 / 1 - 03:58
المحور: الادب والفن
    


ثلاثة شخصيات ولغة واحد في
رواية "عرافو السواد"
داليا طه
تتحدث الرواية عن علاقة عاطفية تنشأ بين فتاة "حنان" وأخوين، وكلا منهما يهيم بها، وهي تهيم بالأثنين، هذا فحوى الرواية، فإذا ما استثنينا أسم "حان" الذي يذكر من أحد المحبين، تبقى الرواية بدون أسماء، ومكان الحدث حد بمنطقة رام الله، وهناك اشارات تبين للمتلقي بأن الحديث يدور عن الفلسطيني، حيث ذكر بالاسم الصريح بالإضافة إلى سمات عامة متعلقة بالفلسطيني من خلال الحديث عن التشرد، ـ كتبت الرواية قبل انتشار وتفشي (مرض التشرد والهجرة) في المنطقة العربية ـ حيث كانت الهجرة والتشرد مقتصرة على الفلسطيني دون غيره في ذلك الزمن.
عقدة الحدث الروائي
لكي نقرب أحدث الرواية للمتلقي نقتبس بعض المقاطع من الرواية لتوضيح طبيعة الأحداث فيها، "لم استطيع أن اكشف اهتمامي بهما، الأثنين، كيف وهما أخوان طاولت نفسي|؟ هل كان اختلاف أبوتهما مبررا لأقي نفسي مشاعر الذنب حين أكاد أفرق أخوين. ..كل ما حصل أنني وجدت في أحدهما ما أجده في الآخر. أثنان هما، اقرب إلى شخص تفرق في جسدين، وحين كنت اشتاق الأول يأخذني الثاني إليه" ص41، بهذا الشكل كانت مشاعر الفتاة اتجاه الأخوين، هي تحبهما معا، وبنفس المستوى، وبذات المبررات والدوافع، فهي تعتبرهما جسد واحد بشخصيتين.
يتبين لنا مما سبق بأن هناك حالة من عقدة الذنب تلازم الفتاة، لكنها غير واضحة، تحاول أن تتجنب اخبارنا عنها، وكأنها تخجل أو تتهرب من مصارحة نفسها بها، لكنها في هذا الموضع تتوضح لنا عقدتها فتقول: "أنا كنت من يشل ابتعادهما فيعودان نبضا يحرقه اندفاعه. أنا كنت لكل منهما آخره. ليس عينيني الحب. في زمن تستمر فيه الأشياء بالمقلوب كي نفهما ليس عينيني شيء. سأبقى بينهما، فأنا الأبد المتفتح لاكتمالهما" ص43، فالمبررات التي تضعها "حنين" اعتراف بأنها تفعل خطيئة، بحق نفسها وبحق من تحبهما، ورغم تعليلها بأن وجودها يعمل على توحيدهما وبقاءهما جنبا إلى جنب، إلا أن هذا الكلام يحمل في داخله عقدة الذنب.
حالة الصراع، العقدة التي تلازم "حنين" تتطور وتتصاعد إلى أعلى حتى وصلت إلى هذا المستوى، "يا إلهي لا تدعاني أتهالك بتلك الرغبة المجنونة في جعل موتي، إحياء لقصتهما وموتا لقصتكما، انسجا القصة دوني، فأنا من هواة الحافة" ص52، التفكير بالموت كحل من هذه المعضلة يعد اعترافا صريحا بأن هناك عدم قناعة/ايمان بصواب هذه العلاقة، وكأنها علاقة محرمة، لا يمكنها الاستمرار فيها أكثر، لأنها ستكون التضحية/التخلص من أحدهما.
"هل كنت حقيرة حين أحببتك معه؟ ... هل حين ترحل سأضطر أن أقبلك فيه كما فعلت مرة من قبل، لكني اكتشفت هشاشة الفكرة حين التقيتك، لا أدري، سأترك كل هذا معلقا إلى حين تغادر، لكنك لن تغضب إن تزوجته، لا أنوي أن أقضي عمري وحيدة، لا شيء يفزعني أكثر من تصورني عجوزا تدق جداران البيت بنحيبها وصراخ وحدتها" ص67، بهذا الشكل يتم تصعيد الأحداث لتصل إلى الذروة، فليس من المستصاغ أن تستمر مثل هذه العلاقة إلى الأبد ويجب أن تحسم باتجاه احدهما فقط.
إذا كانت مشاعر وإحساس "حنين" بهذا الاضطراب، فهذه الازدواجية في لحب غير مقبولة لها وتحمل بين ثناياها فعل غير سوي، فما هي مشاعر الأخوين، وكيف يفكران، وهما يعرفان بأن على أحدهما أن ينسحب من الساحة، لكي تكون العلاقة مقبولة وسليمة؟
"إذن أنت، لا أحد غيرك، حين تغادر بخياري لن يخيفني شبحك، ولن أستظل العمر بطيفك وأبكي، لن أرى العالم بعينيك وستكون ملكي وسأكون ملكها، حينها نستحضرها الأثنين، نخونها الأثنين ونتناوب جسدها الأثنين، فما رأيك؟" ص75، بهذا الشكل يتضح لبنا بأن مشاعر الشخصيات الثلاثة منسجمة فيما بينهما، ولكها تفكر/تعاني/تتألم/تصارع ذاتها، تصارح ذاتها بضرورة حسم العلاقة، لتكون طبيعية، بين أثنين، فتاة وشاب، امرأة ورجل"


مشاعر المرأة اتجاه الرجل
الحديث يدور عن امرأة شرقية، تخاف العنوسة، تخاف أن لا تلامس/تجرب/تستمتع بجسد الرجل، " ...سنيني الكثيرة، وشوشة الطالبات عن عنوستي" ص25، بهذا الوضوح تحدثنا "حنين" عن حاجتها الجسدية، فهي تمتلك جسد، وعليها أن تمنحه حقه في الحياة أن لا تحرمه من اللذة وأنت توفر له رغباته وحاجاته التي وجدت فيه.
تحدثنا "حنين" أكثر عن أحلامها، عن غريزتها، عن حاجتها للمتعة، عن شهوتها كأنثى للرجل فتقول: "هل سيذيبني يوم عناق، يحيل انغماسي في صدرك وبين يديك، ... هل سأغير لبسي وعمري وقصة شعري وفكري ومشيتي وقناعاتي وحقائبي وعطري بما يعجبك" ص26، فهنا الحديث يدور عن علاقة زواج، والذي يحمل العلاقة الجسدية وأيضا الانسجام بين الزوج وزوجته، "حنين" على استعداد لتغير العديد من طبيعتها مقابل ارضاء الحبيب، فهي على استعداد ـ كمرأة شرقية ـ بالتضحية بكل خصوصيتها مقابل الحصول على رضا الزوج.
وهنا نستذكر رواية ليلى الأطرش "امرأة للفصول الخمسة" التي رفضت هذا الشكل من العلاقة وكانت تعمل على إظهار خصوصيتها واستقلالها الكامل عن رجلها، بحيث كانت تسعى لتحقيق ذاتها بعيدا عن سيطرة وهيمنة عالم الذكور.
كلن "حالة "حنين" تتناقض عن حالة "نادية" بطلة رواية "امرأة للفصول الخمسة" فهنا كانت فتاة تبحث عن حاجاتها الجسدية، فهي لم تجرب/تمارس علاقة جسدية، مما جعلها تعاني من الحرمان الذي كان ظاهرا في أكثر من فوقف ، "ما أي اتبعه، ما لي أصمم خطواتي على هيئته، ما لي أتقمصه وأشتهيه وأسحبه في" ص30، فالحاجة الجسدية الجنسية لا يمكن إغفالها أو تجاهلها، وهذا الطرح يمثل تحديا وتجاوزا للمألوف في المجتمع الفلسطيني، لكن "حنين" أصرت على مكاشفة حاجاتها وتقديم هذا الأمر بكل وضوح، وهذا التمرد/تجاوز المألوف والعادية يؤكد لنا ضرورة أن نصالح أنفسنا بأن هناك من يعاني من الحرمان الجسدي والعاطفي، وعلينا أن نلقي اهتماما لهذا الأمر.
مشاعر الرجل اتجاه المرأة
كما يوجد مشاعر وعاطفة عند المرأة هناك أيضا مشاعر وعاطفة عند الرجل، فهو يميل إليها كما تميل إليه، وهو بحاجة إليها كما هي بحاجة إليه، وهذه الحاجة مزدوجة، حاجة عاطفية، روحية، وعلاقة جسدية جنسية، " ..لكنني استطعت إقناعها أنني مجنون آخر تاه عن نفسه ليحفر في أنوثتها نعشه، وليصرخ ملء خطوتها أحبيني فإني أحبك!!" ص4، فهنا الحاجة روحية أكثر منها جسدية، لكنها تبين حاجة الرجل للمرأة فهي عنصر لا يمكن الاستغناء عنه.
"كيف بطلقة فقط جعلتني عبد ابتسامتها؟ كيف مرغت في أنوثتها كل جبروتي" ص34، فهنا المشاعر الجياشة اتجاه المرأة واضحة وتظهر بكل جلاء.
الايحاءات الجنسية
هناك ايحاءات جنسية تقدم لنا الجنس بشكل جميل، بعيد عن السفور والقبح، فيقدم لنا على شكل علاقة طبيعية تنساب بشكل سلس إلى النفس بعيد المشاهد القاسية والفاحشة التي تلازم عملية الجماع، "كانت تمطر يومها، ولم يكن سواي قد ابتل، راح المطر يصب في روحي وفي دمي، وفي خيال أمنيتي، يغرس غزارته في جنباتي ويترك الآخرين عراة يبتلع نعومة جسدي ويخنقني" ص5، ففي المقطع السابق ايحاءات جنسية واضحة، بحيث لا يمكن اسقاطها على المطر المعروف لدينا، بل هو مطر آخر، من هنا وجدنا مشاعر "حنين" كانت تشير إلى مطر من نوع آخر، وماء غير الذي يسقط من السماء.
"ـ هو يفرق جسده ليسكنني، ما رأيك أن أجعل دخوله أسرع" ص75، بهذه الكلام أيضا يمكننا أن نجد علاقة جسدية جنسية.
الاغتراب
حالة الاغتراب أو العزلة، أو رفض الواقع وما فيه حالة نلازم الادباء والشعراء في منطقتنا، وهي حالة تمثل حالة الصحة والمعافى للكاتب، فهي تشير إلى أنه يرفض السلبيات، ويقول لها: "لا"
" أي أمل يمة؟ ما في أمل! ما في أما أمام انحسار القدسية في نفاقنا، ما من أمل ونحن مسوخ نتعذب في جماليات تستغرقنا ولا نفهم منها إلا تناقضها مع أرواحنا" ص6، هذه احدى مشاهد الرفض للواقع، ومصالحة الذات بالسلوك غير السوي الذي نقدم عليه مقابل إرضاء الأخرين، ورغم قناعتنا بعدم صواب وصدق هذا السلوك.
"غبية الحياة، خصوصا حين تمنح لأمثالنا، ونحن سعيدون بدور البطولة الذي ندرك زيفه لكن نمثله بكل أناقة، شعب لا تعولي عليه، لن يستمع إلا لغبائه. ولا يثق إلا بمن يتاجر بدمه، شعب أصم" ص9، عدم قبول سلوك مجتمع يدعي البطولة أو تنسب إليه البطولة، وهو ليس أكثر من تاجر يفكر بالربح المادي أو المعنوي الذي يحصل عليه مقابل مشاهد الموت الذي يقع كل يوم، لا يمكن القبول بممارسة هذا الدور، أو السكوت عمن يمارسه، ويجب تعرية الذات بأن هناك خلل في هكذا سلوك، وعلينا جميعا أن نتصدى له، ونضع له حد.
الرواية من منشورات مركز أوغاريت الثقافي، رام الله، فلسطين، الطبعة الأولى 2007.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التناسق والانسجام في مسرحية -وجهة سفر-
- السخط في ديوان - الساعة الناقصة- فايز مقدسي
- المرأة والرجل في رواية -امرأة للفصول الخمسة- ليلى الأطرش
- الارهاب والفساد في رواية -ذاكرة الماء- واسيني الأعرج
- انتصار المرأة في رواية -الحضارة أمي- إدريس الشرايبي
- التجربة في رواية -المرآة مسيرة شمس- هديل الحساوي
- تعدد القراءات في ديوان -عشق- حمودة الشايجي
- السيرة المحفزة للمعرفة -رام الله التي هناك- محمود شقير
- الكويت تنقذ جمهور القراء
- -في اللغة والأدب وعلاقتهما بالقومية- ساطع الحصري
- المعرفة بالشعر في ديوان -وسائد حجرية- مازن دويكات
- البداية المتسرعة في مجموعة -خارج الصورة- محمد المقادمة
- العنوان مفتاح المضمون في ديوان -ضجر الذئب- يوسف أبو لوز
- تأثير النت
- التراث الديني والشعبي في رواية -ملاك القرصة الأخيرة- سعيد نو ...
- توضيح حول كتاب -الحرب الأهلية في صدر الإسلام- عمر أبو النصر
- فرح
- تجاوز المألوف في ديوان -أحلام السنونوة- علاء الدين كاتبة
- عبث الفعل في ديوان -مقفى بالرماة- محمد لافي
- لعادية في ديوان -أوراق من ذاكرة المسفر- أمجد محمد سعيد


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه