تاريخ دير مار متى .. أعرف بلادك

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 5179 - 2016 / 5 / 31 - 02:14
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

تاريخ دير مار متى .. أعرف بلادك
في عملية الطمس والتحريف والتغيير القميئة السلبية الجارية اليوم وقبله بعشرات السنين لبلادنا وأوطاننا , على المثقفين الوطنيين والأحرار والتقدميين أن يقوموا بعملية توثيق تاريخية ثقافية , كرد فعل إيجابي على الوقوف بوجه من يعمل لمحو وجودنا كشعوب أهل الأرض السليبة وانتمائنا لهذه الأرض الخيرة وشعبها المكافح الحيّ المجتهد المغامر والطموح .

اينما مشيت في العراق , تفوح منه عبق بخور المعابد والكنائس والاديرة والمساجد والمزارات الدينية والتراثية
العراق مخزن وخزين للحضارات الأولى , كما هو منبت الشعراء والكتاب والأدباء والمناضلين كيف لا , وهو أول من كتب ورسم ونحت على ألواح الطين والقصب أقلام أبناء الرافدين والأهواروالجبال .. أرض السواد والخصب والجنات في يوم ما .. و منذ 3000قبل الميلاد , بدات البشرية تكتب من هناك تاريخها وعلومها وقوانينها واكتشافاتها .. وتدشن نتاج أفكارها على الأرض .. آلهة وزقّورات , ملاحماً وأبطالاً , مدناً وقلاعاً , تماثيلاً وإمبراطوريات ..
هل سيختفي كل هذا النشاط البشري لإبن العراق العبقري من الوجود , أم سيعيد الكرّة ثانية ؟


العراق بلد الخيروالعطاء والجمال ومسرح تمثلت على أديمه قوى الكفاح والجهاد والتحرر والنضال والثورات
----------

ماذا تعرف عن تاريخ دير مار متّى ؟
قرأت لك
من المقدمة :
- ( تتغنّى الأيام طرباً بأمجاده , وتزهو صفحات التاريخ تيهًا بذكر محامده . كل شبر من أرضه الطيبة يقدم البرهان على جلال مآثره وكل ذرة من تربته الخصبة تقيم الدليل على أمجاد غابرة .
أكرم وأنعم بارضٍ فجّرت طاقات حضارية رائعة , ببلد وهب البشرية زخماً من الثمار اليانعة .
وهذا دير مار متّى الجاثم على صدر جبل مقلوب بإطلالته الجميلة الساحرة على السهول السندسية الزاهية , والأودية الفتانة وبصمته الرهيبة , يروي الناس قصة أمجاد حضارة زهت في هذه الربوع ويحدثهم عن كفاح روحي ضد قوى المادة والأنانية تمثل في صوامع دير مار متى ,
وفي قمم جبل مقلوب وفي أحضان أودية سهول نينوى وأثور .
وكان الذين صنعوا تلك الأمجاد وغرّدوا في خمائل تلك الحضارات وخاضوا غمار تلك الحرب الروحية ليقدموا لهذه البشرية خدمات جليلة ودروساً في التضحية ويضربوا أروع الأمثلة في التجرد ونكران الذات والحب الشامل وخلدهم التاريخ , وفي مقدمتهم مار متى الناسك السرياني بطل الزهد والتقشف في " بلاد الرافدين " .
دير مار متى , من الأماكن الأثرية التاريخية التي يشار إليها بالبنان , ومن المزارات الدينية المقدسة , ومن محاسن شمال العراق , ,
يقع شمالي شرقي الموصل في ( جبل مقلوب ) الذي يبعد عنها 35 كم و التابع لناحية بعشيقة . يقصده الناس من جميع أطراف العراق , ويؤمه السياح من مختلف جهات الدنيا وكثيرًا هي الأصوات التي تصاعدت من أعماق الصدور مأخوذة ببدائع مناظرة ورهبة أثاره وسالف أخباره في المجالات الروحية والكنسية والعلمية .
لذلك رأيت مسيس الحاجة إلى جولة تاريخية أستعرض فيها الأدوار التي مرً بها هذا الدير العريق منذ تأسيسه في القرن الرابع الميلادي وإلى يومنا هذا ليقف الزائر , والسائح , والمطّلع , على خلاصة أخباره .
**
في عام 1961 كان قداسة الحبر الأعظم العلامة مار أغناطيوس يعقوب الثالث بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الجالس سعيداً , قد أصدر كتاباً سمّاه ( دفقات الطيب , في تاريخ دير القديس مار متى العجيب ) ضمّنه تاريخاً شاملاً وأخبارًا وافية عن هذا الدير منذ تاسيسه في ( القرن الرابع الميلادي ) وإلى يومنا هذا -
يعتبر هذا الكتاب مصدرًا مهماً في حقل الدراسات التاريخية المسيحية - وبصورة خاصة دراسة تاريخ كنيسة المشرق السريانية ,
وسيبقى مرجعاً للباحثين ومصدراً ثرًا لمن يروم الكتابة في هذا الموضوع وذلك لان المؤلف اعتمد في وضع كتابه هذا على وثائق تاريخية صحيحة واستقى مادة غزيرة من أصدق المصادر وأثبتها من سِير ورسائل وقوانين َمجمعية وقصائد وميامر ولوحات بالإضافة إلى المجلدات التاريخية الضخمة كنسية ومدنية لذلك جاء بحثاً ًلم يترك كزعميقاً دقيقاً لم يترك مزيدًا لمستزيد
فنظرًا إلى هذه الأمور رأيت أن ألخّصه وأسكبه في قالب آخر , وأبسطه بأسلوب خاص . ذلك أود أن أضعه في أيدي العامة من الناس وليس الباحثين وذوي الإختصاص .
أما كتاب دفقات الطيب باسلوبه التاريخي , وطريقة بحثه , وغزارة مادته , فيعتبر مصدراً تاريخياً للدراسات , وكتابا مدرسياً للبحوث والمراجع .

لا بد لي أن أقول أولاً
لا غرو إذا ما وصفت كتاب دفقات الطيب بتلك النعوت فإن أبحاث مؤلفه تحمل هذا الطابع وتنطبق عليها هذه النعوت والأوصاف مما يجعل من جميعها مصادر ودراسات ومراجع ومن قداسة المؤلف مؤرخاً ّكبيراً بَزّ أقرانه لا بل شيخ المؤرخين وهب حياته لدراسة التواريخ السريانية ففاز قصب السبق على من سار على على هذا الدرب قبله ...
ثانياً : إن المرء ليقف موقف الإكبار والإجلال والإعجاب إزاء همة رجل موهوب أخرج لوطنه وأمته وكنيسته عشرات الكتب والبحوث في بضع سنوات لا تمنعه عن ذلك واجباته الدينية الكثيرة ولا تعيقه مهامه البطريركية المتراكمة من أن يجعل أوقات فراغه وراحته وقفاً على التأليف والكتابة والخطابة .
الموصل - دير مار متى 15 / 1 / 1974
الأب إسحق ساكا
بجانبه صورة لمنظر الدير كما يظهر من الطبكي -
......

أمام سرقة آثارنا وتدميرها , وتفريغ أصحاب الأرض بواسطة عصابات مجهولة الهوية والمنشأ أدخلت إلى بلادنا العربية إبتداء من العراق وسوريا وفلسطين وهلم جراً... بالإضافة إلى تواطؤ الحكام .. تتوسع غرب قارة أسيا وشمال أفريقيا , ونحن نكتب عن هذه الأرض المستهدفة للتدمير والسرقة ثم الإحتلال , لكي تحملها وتعيها الأجيال جيلا بعد جيل للبشرية كلها ..... لتقرأ عنها وتشاهدها مليارات الناس على صفحات الحوار المتمدن و الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى ... هذه أمانة في أعناق المثقفين والمثقفات الثوريات الأحرارالأمناء على التاريخ والحضارة البشرية التي بناها وجذرها أجدادنا والأجيال التي سبقتنا بدمائهم وعقولهم تركوا لنا التراث والآثار والمؤلَف والكتاب
تركوا لنا تجاربهم المريرة , وعصارة أفكارهم الثرة الغنية بكل ما هو جديد ومفيد .
أعداء الإنسان والتطور والتغيير يهدّموا البناء ويقتلوا الإنسان ويغيروا الهوية , ونحن ننبش ونسترجع ونبني الذاكرة والأحداث والصورة والإسم والموقع لنقول للعالم نحن هنا ولن يمروا .... سنبقى نحارب بالفكر وبالقلم رفيقنا وسلاحنا الدفّاق المنيع .......! ... يتبع
مريم نجمه

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل