أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فوزي بن يونس بن حديد - فقدتُ أخْتي














المزيد.....

فقدتُ أخْتي


فوزي بن يونس بن حديد

الحوار المتمدن-العدد: 5168 - 2016 / 5 / 20 - 13:13
المحور: سيرة ذاتية
    


اسمها حياة، غير أنّها لم تنعم بالحياة إلا قليلا، قذف بها الموت سريعا إلى بحر الآخرة، لم يمهلها إلا قليلا، أبى إلا أن يحاصرها وهي في عمر الشباب الوقّاد، وقبله كان المرض ينهش جسدها من كل جانب، قاومت المرض بكل قوّة وعزيمة إلا أن قدر الله كان أقوى، فامتثل الجسد لأمر الله عز وجل، وبقي خاويا على عروشه مدة من الزمن، إلى أن فاضت روحها إلى بارئها مستسلمة راضية مرضيّة، "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي".
وقبل موتها، دعوت الله عز وجل ليلا ونهارا، سرّا وجهارا، أن يشفيها من مرضها، لطفا بابنها الذي يحتاج إلى رعايتها، ولطفا بأمها التي فقدت أصغر أبنائها قبلها، ولطفا بأخيها الذي صار وحيدا بين أختيه، ولطفا بأختيها اللتين تألمتا لفراقها، نذرت المولى إن هي شفيت أو ظهرت عليها بوادر شفاء، غير أن هذا كله لم يشفع لأختي أن تبقى، لأنه الأجل الذي لا يتأخّر مهما قدّم الإنسان من قربان، الأجل الذي إذا جاء لا يتأخر مهما تقرّب الإنسان للرحمان، ويبقى الإنسان ضعيفا مقهورا وهو يرى عزيزا أمامه يموت ويفقده.
إنها الأخت التي إذا احتجتُ إليها تساعدني، وإذا مرضتُ تسأل عنّي، وإذا ضاقت بي الأمور تواسيني، وإذا لم أحادثها هاتفيّا بادرت بمحادثتي، وإذا زرتُها رحّبت بي وبعائلتي، وإذا سافرت إلى عمان كانت آخر مودّعيّ، وإذا اشتهيتُ شيئا طبختهُ لي، كانت السّند الكبير والدبلوماسيّة المحنكة في العائلة تطفئ لهيب الخلافات، وتتصرّف كما لو أنها العقل المدبر في الحكايات، تعاظَم دورها في الحياة وهي المسمّاة حياة، اشتق اسمها من الحياة نفسها، ولم يبق اليوم إلا هو، عظيمة هي الأخت بهذه المواصفات.
إنها الأمّ التي تعتني بأولادها، تُربّيهم، تُنشئهم على الأخلاق الفاضلة ، توجّههم إلى احترام الآخر مهما كان كبيرا أم صغيرا، تعتني بأدقّ تفاصيلهم، كان أصغرهم أقربهم إليها لأنه يحتاج بشدة إليها، وهي لا تقول كلمة أفّ على لسانها، تقوم بجميع أعمالها وتستمتع بذلك، وكأنها خلقت لها، ورغم مرضها وألمها وأحزانها ظلت صامدة في وجه كل العقبات من أجل الآخرين، تقدّم كل ما لديها وتعتبر ذلك واجبا عليها، تحنو على أطفالها وتعلّمهم العزيمة والإصرار على التحمّل من أجل الحياة ومن أجل غد أفضل.
إنها الزوجة المطيعة المخلصة التي أثنى عليها زوجها في حياتها وازداد ثناؤه بعد مماتها، بعد أن شعر أنه خسر زوجة رائعة بكل المقاييس وهو الذي يرجع متعبا من العمل إلى بيته ويجد الراحة بأتمّ معانيها، من طعام شهيّ وذي تصنيف بديع، وملابس نظيفة ومهيّأة، وغرفة مريحة للاستلقاء، حكى لي زوجها أنه يفتقدها بشدّة، وأنه لا يدري كيف سيواصل حياته دون حياة، واسيتُه وهو يبكي حرقة على فراقها، وهي التي كانت تكفيه مؤونة البيت من الدقيق إلى الثقيل.
هي رحلة الموت التي لا تنتهي إلا بانتهاء الدنيا، رحل أخي قبلها بأربع سنوات وشهرين وأربعة أيام، وهاهي اليوم تفترش الموت وترحل عنّا، وكأن الموت بات يحاصرني ويدعوني للاستعداد للرحيل، ومع يقيني أنه آت لا محالة فإني أدعوكم جميعا لتسامحوني على ما بدر مني من أفعال قد لا تليق، ولكنه الحق الذي أراده المولى سبحانه وتعالى أن يكون بعيدا عن محاباة أي إنسان أو مجاملة أي مخلوق، إنه الموت الذي إذا جثم لا يعرف للقربى صلة، وهو عظة لمن لا يتعظ، إنه الحقيقة التي غفل ويغفل عنها كثير من الناس.
رحم الله أختي وقبلها أخي رحمة واسعة وأسكنهما فراديس جنانه وأسبغ عليهما من رحمته ونعمه، وجعل قبرهما روضة من رياض الجنة، إنا لله وإنا إليه راجعون، وأبعد الله عنكم كل مكروه.



#فوزي_بن_يونس_بن_حديد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استقالة أوغلو ضربة قاصمة لأردوغان
- مفاوضات جنيف على المحك
- العمال يكدحون والكبار يتكالبون
- منظمة التعاون الإسلامي أجسام بلاعقول
- الحُبُّ من أول نظرة... فلسفة إسلاميّة خالصة
- المرأة في يومها الأسود
- لم لا نستشير المرأة؟
- هل هي الحرب القادمة؟
- كيف ينظر الإسلام إلى الموت
- كيف نستقبل العام الجديد؟
- ثورة الإسلام على الظلم
- تحالف إسلامي فاشل
- المرأة التي كرمها الإسلام
- أيها الداعشي ابتعد عن تونس
- العالم يعيش صدمة
- ماذا بعد أحداث باريس؟
- الجبير ومعركة الحسم في سوريا
- رسالة بوتين للعالم
- عذرا أخي نوبل!
- علاقات مشبوهة في العمل


المزيد.....




- لكم وركل وفوضى عارمة.. فيديو من الأرض يظهر اشتباكات عنيفة في ...
- كازاخستان.. قريبة نزارباييف تخضع لمحاكمة بقضية فساد
- القوات الجوية الأمريكية تستعد لتوسيع اتهاماتها لمسرب وثائق ا ...
- ماتفيينكو تؤكد ضرورة محاكمة المسؤولين عن مأساة أوديسا بعد ان ...
- غضب رسمي أردني من -اعتداء- إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى ...
- الولايات المتحدة تتهم روسيا باستخدام أسلحة كيميائية في أوكرا ...
- ترامب: من الممتع مشاهدة شرطة نيويورك وهي تفض اعتصاماً مناصرا ...
- زلزال يضرب شرق تايوان
- الخارجية الأمريكية تؤكد رفض بكين مواصلة المفاوضات مع واشنطن ...
- الخارجية السودانية تتهم بريطانيا بالتدخل والتواطؤ مع الدعم ا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فوزي بن يونس بن حديد - فقدتُ أخْتي