أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - تناقضات محاكمة صدام















المزيد.....

تناقضات محاكمة صدام


فالح الحمراني

الحوار المتمدن-العدد: 1393 - 2005 / 12 / 8 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حينما قفلتُ جهاز التلفزيون بعد ان شاهدت ما اتيح من الجلسة الاخيرة من محاكمة المتهم صدام حسين انتابني شك بان هذه المحكمة سوف تستمر، او على الاقل اذا تواصلت باسلوبها الحالي.الامر لايتعلق بالاداء المهني او الاساس القانوني لها، وانما بحجم التناقضات التي تنخر بهالانها لم يدمج محاكمة النظام مع المتهمين.فمحاكمة صدام يجب ان تكون محاكمة النظام الدكتاتوري في الوقت نفسه..
ان المتابع لمحاكمة الرئيس العراقي المخلوع المتهم صدام حسين واعوانه ومطالعات محاميهم، يرصد ان هناك خطة لقلب الامور راسا على عقب وزعزعة المحكمة وافشال مهمتها واثارة الفوضى في جلساتها. لابد ان صداما يكون قد تسلح بمحاكمات سابقة والاشهر منها محاكمة النظام الهتلري الالماني للقائد الشيوعي البلغاري دمتري ديمتروف، الذي تمكن كما يقال من جعل المحكمة منبرا لترويج افكاره.ولكن شتان بين الرجلين، وبين التهم الموجهة لهما.
ان صدام ومحاميه يسعون لتسويف الامور، والابتعاد عن الامور المحورية والتهم المطروحة والتركيز على المسائل الشكلية والثانونية وجر الجلسة لها. ان التشكيك بشرعية المحكمة واختصاصها، والحديث المطول عن السماح بادخال الورق مع المتهم او المطالبة بالسماح لارتداء الكوفية والعقال، وتلك الخطب الجوفاء التي يلقها الدكتاتور المخلوع واعوانه، ما هي الا محاولة لاثارة التوتر في اجواء المحكمة، وصرف الانظار عن الوقائع والارقام التي يدلي بها الادعاء العام والشهود.واستدرار العطف.عطف الضحايا.
ان اخطر تناقض بلغته المحكمة في وضعها الحالي ينحصر في اصرار القاضي رزكار امين رئيس المحكمة التقيد بطابعها الجنائي الصرف، ومحاولة صدام والمتهمين الاخرين ومحاميهم اضفاء الطابع السياسي عليها.ان الحاكم يجلس هادئا غير منفعل دون ان يبدي مشاعر تعاطف مع أي طرف.واحيانا حتى يبالغ في القدرة على التحلي بضبط النفس، وبرودة الدم. ويحرص على استخدام مفردات واحدة في التخاطب مع الجميع.كلهم سادة. بما في ذلك المتهمين.وينبع هذا السلوك كما يبدو من سعيه لابقاء المحكمة في المجرى القانوني.وردد بنفسه "انها قضية جنائية"؟. وهناك قواعد ينبغي الالتزام بها. ولكن المتهم صدام حسين ومعاونيه لايلتزمون في اغلب الاحيان بتلك القواعد. ويعمدون الى تحويل المحكمة الى محاكمة سياسية. انه يبررون جرائهم بحجج سياسية بكونها ممارساتها فرضتها المرحلة "لان امن العراق كان مهدد". وكأن السياسي ـ حاكم مطلق الحرية في التعامل بمصائر الناس وارواحهم.ان المتهمين يسعون الى كسب عطف الجمهور بترديد شعارات تمس المشاعر.ان هذا التناقض في ظل مجرى المحاكمة باسلوبها الحالي، يمكن ان يصب في المستقبل لصالح المتهم صدام حسين والمتورطين معه في جرائم العهد الدكتاتوري. ان التجارب البشرية عرفت العديد من الامثلة حينما يتمكن المجرم رغم وحشية جريمته كسب عطف الراي العام. ان استمرار جلسات المحكمة بهذا الاسلوب قد يؤدى في البداية الى خلق مشاعر اللامبالاة بها لدى اوساط اجنماعية واسعة، ومن ثم توسيع دائرة المتعاطفين. ان التاثير على المشاعر الانسانية وبغض النظر عن الماضي، صفة متأصلة في طبيعة قطاع كبير من البشر.
ان عرض وقائع الجلسات بكاملها في التلفزيون قد تلوح في اول وهلة خطوة نحو تامين محاكمة عادلة. والبرهنة على استقلالية القضاء العراق الجديد. ونحو اقامة دولة القانون.واتاحة الفرصة لحضور واسع لمجريات المحكمة وعلنيتها. لكن هناك جانبا سلبيا لهذه القضية. المتهم الاول واصحابه في القضية باتوا يستغلون هذه الوسيلة السحرية (شاشة التلفزيون) من اجل اللعب في مسارات المحاكمة وتعطيلها وحرفها عن اهدافها، وتحقيق هدفهم بتحويلها الى محاكمة سياسية.(السياسي بمنطقهم البالي غير متهم فهو مناظل من اجل الامة وقام بجرائمه باسمها). وهم كما يلوح مفعمون بحلم باطل عن ان شعب عراق ولهان بحبهم وانه يعبدهم كما كان العراقيون القدماء يعبدون "سرجون" او " حمورابي" (مثلا).( الم يعثروا في احد نقوش بابل على اسم صدام حسن!).ان شعور المتهم صدام ومن معه في قضايا الاتهام بانهم " فرجة" للناس يدفعهم للمزيد من الضجيج والمزايدات وترديد الشعارات المعدة للمشاهد.للمواطن العراقي. للراي العالم العربي. فما حاجة صدام للقران الكريم اذا لم تكن هناك قاعة واسعة من المشاهدين، ومن يسمعه اذا لم تكن عدسات التلفزيون مسلطة عليه اذا هتف بصوت مبحوح بحياة العراق والامة العربية!.ان هذه الوسيلة السحرية على الاقل توجه رساله لفلوله لكي يبعث الامل الامل فيهم ويحثهم على مواصلة ادارة طاحونة الموت.وهم فعلا يمارسون جرائم القتل اليومي.ربما بوحي من تلك المشاهد.فهل من الضروري المضي في عرض تسجيل جلسات محكمة صدام والمتورطين معه، على الملا.هل ثمة ضرورة او تبرير لذلك.ويمكن تامين عدالة المحاكمة بحضور مراقبين مستقلين من هيئات دولية.ان محاكمة الرئيس اليوغسلافي السابق ميلوسيفتش المتهم بارتكاب جرائم ابادة بشرية تجرى وراء الكواليس دون عرضها على شاشات التلفاز.
ان التاريخ عرف محاكم عدة بعد انهيار الانظمة الديكتاتورية والمستبدة( اشهرها محاكمات نوربميرغ، والحزب الشيوعي السوفياتي).ولكن المحاكمة التي انحفرت اعمق في ذهن البشرية هي المحاكم التي حاكمت الانظمة بشخص المتهمين الذين مارسوا الجرائم بحق البشرية. ان صدام كفرد قد يستطيع بفضل فريق الدفاع الذي يخدمه، التملص من مسؤوليته من العديد من الجرائم التي اقترفها او امر باقترافها.فهو كما يقول" لم اضرب عراقي بيدي" ربما الامر هكذا.ولكنه اصدر الاوامر التي لم تسجل على ورق، لم توجد وثيقة لاثباتها، بقتل عشرات الالوف منهم. وهو متهم باقامة النظام البولسي الذي عمته اجواء الموت والخوف والاحقاد والتفرقة القومية والدينية والقتل دون محاكم. اذن هناك تناقض مفضوح في هذا الجانب ايضا.
واذا كانت محاكمة الدكتاتور كما يُراد لها ان تؤسس للدولة القانون، واستقلالية القضاء في العراق، وشفافية المحكمة ونزاهة الحاكم وضمان حقوق المتهم للدفاع عن نفسه، فانها ايضا مطالبة في البحث وبموضوعية ودون تحيز عن الوجه الحقيقي للنظام السابق كنظام سياسي، البيئة التي ارتكبت جرائم الدجيل وحلبجة والمقابر الجماعية وغزو الكويت....ان الحقيقة والعدالة تقضيان باخذ قضية صدام ككل. كفرد وكنظام حكم.ان هذا المدخل وحده كفيل بجعل المحكمة عادلة وتاريخية في ان واحد.



#فالح_الحمراني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في مفهوم العراق الجديد
- في مفهوم -العراق الجديد-
- قراءة في موقف روسيا من سوريا وايران
- مَن المستهدف بعد الاردن؟
- الخوف من الماضي او روسيا والتخلي عن ثورة اكتوبر
- القوائم الانتخابية واصطفاف القوى السياسية في العراق
- صدام و بينوشية ونهاية الدكتاتورية
- -روسيا وعقدة - الشقيق الاصغر
- السياحة في عصر العولمة
- في ايديولوجية العنف والاغتيال السياسي
- الوضع العراقي. قراءة في احتمالات تطوره
- العراقي وخياراته المتاحة
- ايران في استرانيجية الكرملين الجديدة
- الشيوعييون الروس والقضية العراقية
- في ضوء التجربة العراقية الهروب العربي من الديمقراطية


المزيد.....




- نتنياهو: قرار ترامب -الجريء- بضرب إيران -سيُغير التاريخ-
- أول تعليق رسمي من إيران بشأن الضربة الأمريكية على المنشآت ال ...
- ما هي القاذفات الشبحية -بي-2- التي نقلتها الولايات المتحدة إ ...
- ترامب يعلن تنفيذ -هجمات ناجحة جدا- على 3 مواقع نووية إيرانية ...
- القناة 14 الإسرائيلية: ترامب أبلغ نتنياهو بتوقيت الهجوم على ...
- من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران
- مسؤول إسرائيلي: إدارة ترامب أخطرتنا مسبقا بضرب إيران
- ترامب: موقع فوردو -انتهى-
- ترامب: يجب أن توافق إيران الآن على إنهاء الحرب
- بعد ضرب أميركا لإيران.. إسرائيل ترفع التأهب وتمنع التجمعات


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فالح الحمراني - تناقضات محاكمة صدام