|
قراءة في الرسالة التي بعتها الامين العام للامم المتحدة الى السيد محمد بعدالعزيز
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5161 - 2016 / 5 / 13 - 01:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مؤخرا ابرق الامين العام للأمم المتحدة السيد بانكيمون رسالة شكر الى السيد محمد عبدالعزيز . وقد اشارت كل القنوات الصحراوية الى خبر الرسالة دون نشر نصها البيّن لأسباب سنصل اليها لاحقا . ما يلاحظ في رسالة بانكيمون ، أنه وجهها الى السيد محمد عبدالعزيز كشخص وليس كهيئة . وهنا لا نجد ما يفيد مخاطبة بانكيمون لعبدالعزيز كأمين عام للجبهة ، او رئيسا للجمهورية الصحراوية . هنا قد نطرح تساؤل عن السبب في عدم مخاطبة بانكيمون لعبدالعزيز كهيئة . ألا يعتبر هذا التصرف والسلوك ، بمثابة محاولة لإصلاح ما افسده في زيارته للأقاليم المتنازع عليها ، حين اخل بواجبات التحفظ والحياد ، وانحاز بشكل مكشوف الى الجبهة والى الجمهورية ، و خاصة وهو يرفع اصبعيه متوعدا الصحراويين بالنصر ، او عندما انحنى الى علم الجمهورية الصحراوية ، وهو ما يؤكد اعتراف بانكيمون بالجمهورية التي انشأتها الجزائر وليبيا في ظروف الحرب الباردة ، ولم ينشئها الصحراويون من خلال استفتاء كما تنصص على ذلك كل قرارات الامم المتحدة ، من خلال الجمعية العامة التي تتبنّ بالإجماع توصية اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار ، او من خلال قرارات مجلس الامن التي تنصص فقط على حل الاستفتاء وتقرير المصير . وحين يعتبر بانكيمون التواجد المغربي بالصحراء بمثابة احتلال ، رغم ان الحسم النهائي لنزاع الصحراء لا يزال بيد الامم المتحدة ، ألا يناصر بخرجته هذه ، الدعوة الى رفع السلاح والعودة الى الكفاح المسلح الذي توقف منذ 1991 ، وهي دعوة الى اشعال نار ، ليحترق بها كل من حاول الاقتراب منها ؟ لذا فتركيز بانكيمون في رسالته لعبدالعزيز على الجانب الانساني المأساوي لوضع المخيمات ، والتفاعل مع الشباب الصحراوي ، والتذكير بالحفاوة التي استقبل بها في المناطق التي تسيطر عليها الجبهة ، يبقى من الوجهة العامة اسلوبا دبلوماسيا يقوم به اي مسئول يقوم بزيارة لبلد آخر غير بلده ، خاصة عندما يستقبل بالحفاوة وسعة الصدر . لكن ان يقول الامين العام للأمم المتحدة في رسالته الى السيد عبدالعزيز ، بأنه لم يفهم اصل المشكل في عرقلة الحوار بين طرفي النزاع ، إلاّ بعد ان جاء الى الصحراء ، فهذا دليل قاطع ان السيد بانْ كأمين عام ، يجهل كل الجهل حيثيات الصراع ، واصل المشكل ، وانه لن يكون بذلك ، ومن خلال المواقف الاستفزازية التي قام بها ، غير شخص مدفوع من قبل اسياده ، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الامريكية ، وبريطانيا العظمى ، كقوى استعمارية ، تعمل على مشروع تجزيئي ، يغير الجغرافية التي ستصيب المغرب ، كما ستصيب الجزائر ، مع امكانية تغيير الانظمة التي اضحت عالة على الغرب ، اكثر من انها عالة على شعوبها ، خاصة وان دورها استنفد عند نهاية الحرب الباردة ، وبموت الايديولوجية ، وسقوط المعسكر الاشتراكي . فما يُحظر ، وبالعلن للمنطقة ، سيكون تكملة لتفتيت الدولة القومية الشرق اوسطية ، وربما محو دول من الخريطة ، مثل ليبيا ، والعراق ، وسورية واليمن على الابواب ، ومصر تنتظر الدور . إذن أنْ يصرح السيد الامين العام للأمم المتحدة بجهله سابقا لأصل المشكل ، وللعقبات التي تعترض اصل النزاع ، فهذا يعني ان الامين العام مسير وليس مخير ، ويكون بذلك دون مستوى الامانة التي يتربع على رأسها . ولنا هنا ان نتساءل : كم حقوق دول ضاعت مع بانكيمون الغير الملم بأصل المشاكل والنزاعات ؟ لكن هناك قراءة اخرى لمضمون الرسالة . من يعرف ضربات بانكيمون التي تأخذ الوقت ، سوف لن يفاجئ بتوقيت الرسالة الموجهة الى السيد عبدالعزيز . فبانكيمون لن ينسى احراجه من قبل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولند ، حين جاءا لاستقبال محمد السادس الذي رفض النزول من سيارته ببهو الاليزيه في مؤثر الماء بسبب عدم استقباله من قبل هولند شخصيا . في الوقت الذي جاء كبار رؤساء ، يحكمون العالم مثل ، بوتين ، و دفيد كاميرون ، والهند ووو فنزلوا من سياراتهم ببهو الاليزيه ، ودخلوا قاعة المؤتمر دون ان يستقبلهم الرئيس هولند . كذلك بانكيمون لن يمرر بسهولة رفض النظام السماح له بالنزول بالعيون ، كانتقام على رفض بانْ لقاء الملك بالعيون ، لأنها وحسب اعتقاده ، ليست مغربية وتخضع للقرار 1514 التي يصفها بالأقاليم المستعمرة التي ينتظرها تصفية الاستعمار . فكان رد بانْ هو الانتقام بطريقته الخاصة عندما انحاز بالكامل للبوليساريو ، رغم ان النزاع هو بيد الامم المتحدة ، وكان عليه عوض التخندق مع طرف ضد طرف ، ان يتمسك فقط بالقرارات الدولية دون تجاوزها . إذن ألا نعتبر توجيه بانكيمون رسالته الى عبدالعزيز ، وفي هذا التوقيت ، هو عمل مقصود ، ومستهدف ، وصفعة جديدة لمبدأ الحياد المفروض توافره في اي امين عام ؟ وإذا نحن علمنا ان يوم 10 ماي 2016 ، هو ذكرى لتأسيس جبهة البوليساريو في 10 ماي 1973 ، فالسؤال : ألا تعتبر رسالة بانْ تهنئة بعيد ميلاد الجبهة في بلدة موريتانيا بالزويرات ؟ هنا ، فحين يهنأ الامين العام للأمم المتحدة الجبهة بعيد ميلادها ، فالتفسير الوحيد الذي يفسر الحدث ، هو تدعيم الامين العام للمشروع الذي جاءت من اجله الجبهة ، الذي هو التحرير والاستقلال . وبما ان الوصول الى هذا الهدف الذي سيتوج ببناء الجمهورية هو الكفاح المسلح ، تكون رسالة بانْ دعوة صريحة للعودة الى الكفاح المسلح الذي كاد ان يعطي ثماره ، لولا تخلي الجبهة عن هذا الكفاح ، بتوقيعها وقف اطلاق النار في سنة 1991 الذي خلق " المينورسو – هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " . كذلك فحين يبرق السيد بانْ الى محمد عبدالعزيز ، وهو الامين العام للجبهة ، فهو يؤكد على القرار 34/37 الصادر سنة 1979 من الامم المتحدة ، الذي يعتبر الجبهة الشعبية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي ، والخطورة ان بانِ الذي قرأ خطأ وكالعادة القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في 16 اكتوبر 1975 ، ينفي اي صلة للمغرب مع الصحراء رغم اعتراف المحكمة بوجود علاقة بيعة مع السلاطين الذين كانوا على رأس الدولة العلوية . فهل من اطراف او دول كبرى تستعمل بانْ في تفجير المنطقة بالعودة الى الكفاح المسلح الذي سيحرق كل من اقترب منه ، فأحرى ان يشارك فيه ؟ اليس المخطط الذي يجري التحضير لتنفيذه ،غايته تغيير الجغرافية ، وتغيير وحدة الشعوب لصالح الدولة العبرية ؟ ماذا حين يتمسك كل اعضاء مجلس الامن بضرورة عودة الفريق السياسي للمينورسو بدون شروط ، لاستئناف مهمته التي هي تنظيم الاستفتاء كما يدل على ذلك عنوانها ؟ فهل سيرضخ النظام المخزني لقرار مجلس الامن الذي خدم وناصر مع الامانة العامة بانْ في كل تحركاته وتصرفاته الغير الحيادية ، ويكون بذلك ملزما ومجبرا على تنظيم الاستفتاء طبقا للمسطرة الاممية ، ام انه سيرفض ، ونظرا لان المخطط مؤامرة ، ستصبح المواجهة بين النظام وبين كل اعضاء مجلس الامن والجمعية العامة ؟ إذا تم تنظيم الاستفتاء ، فان 99 في المائة من الصحراويين سيصوتون لصالح الانفصال والجمهورية . واذا انفصلت الصحراء عن المغرب ، فأكيد ان الدولة وليس النظام او فقط رأسه ، ستسقط ، والسقوط لن يؤسس لعائلة او قبيلة جديدة لحكم المغرب ، بل السقوط سيكون من قبل الضباط ، وضباط الصف ، والجنود الملتصقين بالصحراء ، والمنفيين ، والمدفونين فيها منذ اربعين سنة ، والشعب الذي ابناءه الذين ماتوا بآلاف ودفنوا جماعات في حفر بالجرافات ، وليس ابناء آل الفاسي ، ولا النظام الذي اضاع الصحراء بمواقفه الارتجالية ، ولا ( زعماء ) الاحزاب والنقابات . وان حصل شيء من هذا القبيل وهو مرجح للحصول ، فأكيد سيؤثر على جغرافية المغرب بانفصال الريف ، والأطلس المتوسط ، والأطلس الكبير ، واعتقد ان تقرير الخارجية الامريكية حول الامازيغ المغاربة ، دليل ساطع على ما يحاك للمنطقة . لكن الاساس ان الجزائر لن تفلت من هذا المخطط التخريبي . ان تصريح ساركوزي ، ومواقف دول الخليج من الجزائر بسبب العلاقات مع بشار الاسد ، ورفض الانخراط في الجيش الاسلامي تحت امرت السعودية ، ورفض قتل الشعب اليمني ، والموقف من ايران ومن حزب الله ، وتخندق الجزائر الى جانب المعسكر الاشتراكي خلال الحرب الباردة ، كل هذا سيجعل الجزائر تؤدي ما سيؤديه المغرب بسبب هذا المشروع المخطط الذي تم التنظير له من قبل ادارة بوش الابن ، مع الصقور من رامسفيلد الى تشيني الى كودليزا راييس . ان رسالة الامين العام للأمم المتحدة ، وفي هذا الظرف ، وبمناسبة 10 مايو 2016 عيد ميلاد الجبهة في 10 مايو 1973 ، الى السيد محمد عبدالعزيز، ليس بريئا . انها دعوة للتحضير والاستعداد لما بعد غشت 2016 ، حيث سيكون تقرير بانْ في حالة استمرار النظام في رفض عودة المينورسو النقطة التي ستفيض الكأس .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إيجابيات وخطورة القرار 2285 لمجلس الامن
-
الجبهة الوطنية التقدمية الديمقراطية بديلا عن خرافة - الاجماع
...
-
قدر المغرب الراهن بين نظامين . نظام الملكية المطلقة ، ونظام
...
-
تمخض الجبل فولد فأرا
-
هل استشعر الملك محمد السادس بشيء يحاك ضده ؟
-
بين مغالطة - الاجماع الوطني - الاجماع الفاسد ، واقرار سيادة
...
-
- هيئة الامم المتحدة لتنظيم الاستفتاء بالصحراء الغربية - - ا
...
-
ألإقطاعية المخزنية والانتخابات
-
إقرار السيادة للشعب
-
- كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون - اتق الله يا جلا
...
-
قرار مجلس الامن المرتقب حول نزاع الصحراء
-
مثقف الطريق الوسط الراكد وراء المنصب الكبير
-
هل الصحراء مغربية ؟
-
هل سيتم حل قضية الصحراء الغربية بلجوء مجلس الامن الى الفصل ا
...
-
التجييش والتهييج
-
هل تعترف الامم المتحدة بالجمهورية الصحراوية ؟
-
وضع المرأة في المجتمع الراسمالي : الجنس والاستغلال
-
المرأة المحتقرة في النظام الراسمالي
-
في المغرب سلك القضاء من وظائف الامامة
-
اربعون سنة مرت على تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية
المزيد.....
-
رد -ساخر- من بايدن على اتهام ترامب بأنه وراء إدانته في قضية
...
-
أوباما يوضح -أهمية- المقترح الذي أعلنه بايدن لوقف القتال في
...
-
شرطة نيويورك تعتقل نشطاء خلال مظاهرة رافضة للعدوان على غزة
-
فيديو لـ-توليد السحب في السعودية-.. ما حقيقته؟
-
-سنتكوم- تؤكد تدمير أربع مسيّرات تابعة للحوثيين
-
فرنسا تمنع شركات إسرائيلية من المشاركة في معرض للسلاح.. وغان
...
-
ماذا يعني دخول ترامب السجن لجهاز الخدمة السرية؟
-
السياسة الأميركية واحتجاجات الجامعات
-
الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن
-
فيديو لمتظاهر مؤيد للفلسطينيين يحتج في مباراة بطريقة -غريبة-
...
المزيد.....
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|