أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استفتاء عربي














المزيد.....

استفتاء عربي


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 1391 - 2005 / 12 / 6 - 09:18
المحور: كتابات ساخرة
    


الدبكات وحلقات الرقص الشعبي والأهازيج.. تعمّ ساحات المدينة على أنغام الأناشيد والأغاني التي تمجّد كل أنواع الطيور. فهذا اليوم مخصص للاستفتاء على قانون يمنع اغتيال العصافير الصغيرة ليلاً!
هرجٌ ومرجٌ يسودان المدخل المؤدي إلى مركز الاستفتاء. الحرارة شديدة ولا توجد أية مروحة تخفف تعرّق الأجسام البشرية المتلاصقة. الرؤوس تموج مهمهمةً.. وكل منها يسعى جاهداً للإدلاء بصوته.
بعض المشرفين على الاستفتاء, تعلو أصواتهم نصحاً وإرشاداً وتنظيماً... مطمْئنةً بأن فرصة التعبير عن المشاعر في هذا العرس الوطني البهيج, ستطال الجميع, ولكن بالدور..
اقتربْتُ متوجساً متسائلاً في سرّي: كيف سأستطيع ممارسة واجبي وسط هذا الاكتظاظ وأنا في عجلة من أمري..؟! فزوجتي مريضة أكثر منّي, والأفضل أن أكون إلى جانبها في مثل هذا الوقت.
صحيح أنني هزيل الجسم, صغير الحجم, ومن طبعي الاستجداء... ولكن رُبّ ضارة نافعة! فقد ساعدتني هذه الصفات من الوصول إلى صندوق المركز بأقلّ قدر من الخسائر..
أبرزت بطاقتي الانتخابية لرئيس المركز, فانتزعها منّي زميله بسرعة. وبآلية من يقف على خط إنتاج في معمل, أخذ البطاقة وسجّل اسمي في الجدول. وبمهارة ممرض محترف, أمسك يدي وامتشق دبوساً ووخزني به في مقدمة إبهامي! ندّت منّي آهة ألم ممزوجة بالغرابة والدهشة!! سالت قطرات الدم من إصبعي! فوضعها فوراً على الدائرة الخضراء ضمن استمارة الاستفتاء (نعم) وأمرني بالانصراف!
لم يترك لي فرصة الاعتذار عن اعتماد هذه الطريقة بالتعبير عن سعادتي بهذا القانون الذي طال انتظاره.. فأنا مصاب بالسكري ودمي بطيء التخثر.. و.. ولكن من سينتظر شرحي المملّ هذا..! من سيصغي إليّ في أجواء الصخب والضوضاء هذه؟
دسستُ بطاقتي في جيبي, وبصعوبة بالغة شققتُ طريقي وسط هذه الكتل البشرية وتملّصت من الزحمة! مما أدّى إلى انفكاك حزام بنطالي!
بحرجٍ وارتباكٍ شديدين أعدتُ الحزام إلى وضعه الطبيعي.. نظرتُ إلى الصبية القريبة مني أستوضح منها فيما إذا كانت قد لاحظت أي شيء, وسرعان ما احمرّت أذنيّ ووجنتيّ بعد أن أخفت ضحكتها بكفها ورمتني بنظرة باسمة فيها من الخفر والحياء والإفصاح ما يدلّ على ضبطها لحالتي المخجلة تلك!
أدرْتُ لها ظهري على الفور, وتأكدتُ مجدداً من وضع الحزام, وتفّقدتُ سحّاب بنطالي جيداً إمعاناً في الاطمئنان, وقفلتُ عائداً إلى البيت!
يا إلهي! المصيبة الكبرى ليست اليوم, بل غداً!
غداً, سنحتفل بنتيجة الاستفتاء.. وستحتشد المدينة بالمسيرات الضخمة احتفاءً بهذا الحدث العظيم.. وقد يؤدي ذلك إلى فرار العصافير الصغيرة إلى خارج المدينة بسبب الضجيج.. والمشكلة ليست هنا, فلتهرب جميع عصافير الدنيا... المشكلة أن رجليّ تؤلماني كثيراً.. والطبيب حذرني من مغبة الوقوف طويلاً.. فكيف سأشارك بمسيرة الغد؟!
يا ربّي! ما هذه المصيبة! وهل لدي خيارات أخرى أصلاً؟!
يبدو أني سأشارك لا محالة, ولكن أقسم بأن صوتي لن يعلو غداً بأي هتاف, وإذا أجبرتُ على ذلك, كأن يرمقني أحدهم بنظرة لها معنى, فسوف أفتح فمي وأطبقه تمثيلاً.. وسوف أقف عند أول زقاق جانبي متشاغلاً بربط حذائي.. إلى أن يسبقني الركب, فألتفت يمنة ويسرة.. وألوذ بالفرار...!



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضائح عند غيرنا.. تزكم الأنوف
- !قيام.. جلوس
- استقالة وزير
- زوم البندورة
- جحيم الاستبداد ولا جنّة الموساد
- كيف ستتزوج إذن؟
- لن ننساك أبداً
- الحلّ الأمثل
- الأخرس
- الطابق السابع
- أبو بحر
- على وشك الإحباط
- عمل ثانٍ
- الحلاّف
- سلحفاة المعلم
- !كان ... وما زال
- هايل أبو زيد
- السياسة والأسطورة
- الشغل... مو عيب
- هل أنا على صواب..؟


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - استفتاء عربي