أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟














المزيد.....

ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5151 - 2016 / 5 / 3 - 18:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد خمس سنوات من مراجعة الدستور المغربي، هذه المراجعة التي جاءت ببعض التعديلات التي حملت مكتسبات ديمقراطية انتزعها انتزاعا نشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني المغربي والقوى السياسية الديمقراطية، في ظرف عسير وسياق دقيق سنة 2011، بعد هذه المدة التي مرت على المراجعة المذكورة، ما زال الدستور يبدو كما لو أنه عبء على الدولة، حيث التزمت فيه بأمور لا تنوي في الواقع تحقيقها، بقدر ما تهدف إلى التعبير عن نية في الإصلاح مع وقف التنفيذ والتفعيل، ولأن "النية أبلغ من العمل" فيمكن القول إن الكثير من المكتسبات الدستورية قد بقيت لبضع سنوات عند حدود النية والقول، ولم تعرف طريقها إلى التحقق الفعلي، إلى أن جاءت السنة الأخيرة من عمر الحكومة لنفاجأ بأمر آخر كان في الواقع منتظرا، وهو محاولة تحريف مضامين الدستور وإعطائه تأويلات تجهض مضامين نصوصه وتفرغها من معناها، فبما أن الحكومة ملزمة بأن تضع القوانين التي ينصّ عليها الدستور في مدة ولايتها، فقد أصبحنا أمام واقع خطير هو تفعيل الدستور ولكن بعكس محتواه، فصرنا أمام مشاريع قوانين تشرعن جميع الأشياء التي جاء الدستور لإنهائها، ومنها التمييز بسبب الدين واللغة والجنس والحجر على الإعلام وحرية الصحافة والفكر والتعبير، بل لأن دستورنا أصبح أكثر تقدما من ذي قبل ، فقد أصبحنا مثلا أمام إمكانية شرعنة "جرائم الشرف" حسب مسودة القانون الجنائي التي اقترحها وزير العدل والحريات، لأن "دم الرجال سخون" على حدّ تعبير رئيس الحكومة، تماما كمثل رجال العشائر البدوية في منطقة الخليج. فالمجتمع "محافظ" ولا بدّ له من قانون يلبي غرائزه البهيمية.
لقد جاء الدستور حافلا بعبارات احترام الحريات العامة والخاصة، لكن الممارسة تدل على اتجاه حثيث نحو مزيد من عنف السلطة، ونحو النهج التحكمي في الدولة بدون أي مبرر معقول.
كما جاء محتوى الفصل 19 واضحا، حيث يتعلق الأمر بحقوق النساء في المساواة ورفع الميز، لكن الحكومة بعد التواء ومراوغة وكولسة قررت تفعيل هذا الفصل بتأويل جديد لا قبل لنا به وهو أن المساواة هي حسب التقاليد والثوابت وليس المساواة التي تعتبر بموجبها المرأة إنسانا مواطنا فاعلا ومشاركا كالرجل تماما، أما رفع الميز في مشروع هيئة المناصفة فقد أصبح هو رفع جميع أشكال الميز بما فيها التي لا تتعلق بالمرأة، وذلك بغرض التعويم والخلط والتشويش المقصود، تماما كما يتم دائما عند رفع شعار "استقرار الأسرة" للتعمية على حقوق المرأة، كما لو أن هناك استقرار ممكن للأسرة بدون كرامة النساء.
أما فيما يخصّ ترسيم اللغة الأمازيغية فمن الواضح أن ما سبق القانون التنظيمي (الذي لا أثر له بعدُ) من إجراءات تحقيرية سواء في برنامج وزارة التربية الوطنية أو في تقرير المجلس الأعلى للتربية والتكوين أو في مجال القضاء، تدل بما لا يدع مجالا للشك على أنّ الدستور قد وضع جانبا واعتبر وثيقة مزعجة، حيث يتم الإعداد لشرعنة الميز ضدّ الأمازيغية بقوانين، بعد أن كان الميز سلوكا مدانا ومثار سخط وغضب.
بهذا كله سنصبح أمام وضعية جديدة وغير مسبوقة، لا تخلو من طابع كاريكاتوري، وهي أننا قبل دستور 2011 كان الميز مسكوتا عنه من قبل المسؤولين بسبب علمهم بأنه مدان ومرفوض وغير طبيعي، وكانت القوانين التي تعتمدها الدولة تعتبر قاصرة ومضادة لحقوق الإنسان، أما اليوم فإن ما تعمل الحكومة من أجله هو إضفاء الشرعية على الميز اللغوي والثقافي من خلال التظاهر بتفعيل الدستور، مع العلم أن السبيل الوحيد لهذا التفعيل هو إنهاء الميز والتحقير وسنّ قوانين للحماية والنهوض بمقوماتنا الهوياتية واللغوية والثقافية جميعها بدون استثناء.
لقد سبق لخبراء أن أكدوا منذ عقود على أن بالمغرب دستوران اثنان، واحد مكتوب ومعلن لا يتمّ العمل به، وآخر شفوي ومزاجي هو عماد الدولة ومرجعها في القرارات وتدبير المؤسسات، وهي ثنائية عمقت بنيات التخلف في الدولة والمجتمع معا، فهل يمكن أن نقول إننا قد غادرنا هذه الوضعية البئيسة ؟ المؤشرات التي بحوتنا لا تفيد ذلك، وما يجري حاليا سيؤدي لا محالة إلى مزيد من السخط والإحباط والنزاع في المجتمع، حيث ستصبح لنا قوانين تعتبر تفعيلا للدستور دون أن تحقق منه شيئا، وهي عملية شيطانية تلتقي فيها إرادة السلطة بإرادة التيار المحافظ الذي بقي في نفسه "شيء من حتى"، في موضوع حقوق الإنسان التي لم يستطع هضمها حتى الآن. لكن ما يتجاهله هؤلاء وأولائك هو أننا لسنا في نهاية التاريخ، وأنّ التاريخ لا يعيد نفسه، وأننا ملزمون بالعيش المشترك والسلمي مع بعضنا البعض، ومن أجل ذلك لا بدّ من أن يشعر كل واحد منا بالكرامة في وطنه، وبالانتماء إلى الدولة.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الإنسان أولا ؟
- غوغائية الشارع نتاج سياسة الدولة، لكنها قد تؤدي إلى خراب الد ...
- لماذا يحتاج الإسلاميون إلى تقنيين لا إلى مفكرين وفلاسفة وفنا ...
- الأسباب الخمسة لعودة الصراع حول الهوية بعد أن حسم فيها الدست ...
- هل العنف ضدّ المرأة من تعاليم الإسلام ؟
- معنى احترام الآخر
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟
- جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل


المزيد.....




- اخترقت جدار منزل واستقرت في -غرفة نوم-.. شاهد مصير مركبة بعد ...
- مصر تعلن اعتزامها التدخل لدعم دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أ ...
- -القسام- تفجر عبوة -رعدية- بقوة إسرائيلية خاصة وتستهدف ناقلة ...
- قصة الصراع في مضيق هرمز منذ الاحتلال البرتغالي وحتى الحرس ال ...
- هولشتاين كيل يصعد للبوندسليغا للمرة الأولى في تاريخه
- البحرين تدعو للتدخل الفوري لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة ومن ...
- طلبت منه البلدية إخفاء قاربه خلف السياج.. فكان رده إبداعيا و ...
- استطلاع: نصف الأمريكيين يعتبرون الإنفاق على مساعدات أوكرانيا ...
- حاكم بيلغورود: 19 شخصا بينهم طفلان أصيبوا بالقصف الأوكراني ل ...
- مشاهد جديدة لسقوط حافلة ركاب في نهر ببطرسبورغ


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - ما قيمة دستور لا يحترمه أحد ؟