أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - معنى احترام الآخر














المزيد.....

معنى احترام الآخر


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5091 - 2016 / 3 / 2 - 20:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما زال كثير من الناس لا يستوعبون معنى "احترام الآخر"، فيعتقدون أن المعني بالاحترام هم أنفسهم فقط، لا غيرهم، وأن واجب الغير هو أن يحترمهم ولا يستفز مشاعرهم، دون أن يعترفوا هم لهذا الغير بحقه عليهم أن يحترموه بدورهم، وأن يعتبروا قيمه واختياراته مشروعة كاختياراتهم، وأمنه وسلامته من أمنهم وسلامتهم.
إن "احترام الآخر" مفهوم رئيسي من مفاهيم الدولة الحديثة القائمة على مفهوم المواطنة، الذي يعني تساوي الأفراد أمام القانون بغضّ النظر عن عقيدتهم أو لونهم أو عرقهم أو نسبهم العائلي أو لسانهم، ولهذا فهو المفهوم الرئيسي المؤسس للتعايش السلمي بين الأفراد المختلفين والمجموعات المتباينة في المجتمع العصري، وانبثق من هذا المفهوم مفهوم آخر هو "العيش المشترك" الذي يقتضي احتراما متبادلا في إطار المساواة التامة.
فلنقم بفحص الأسباب التي تجعل بعض الناس عاجزين عن احترام غيرهم الذي يختلف عنهم، مما يتسبب في الكثير من التوترات التي يمكن تفاديها بعقلانية لو توفر شرط المواطنة الذي هو أساس الاحترام المتبادل:
إن الأسباب الرئيسية لعدم احترام الآخر في المجتمعات الإسلامية هي التالية:
ـ عدم الحسم في المرتكزات المشتركة باعتبارها أساسا للبناء الديمقراطي، والاستمرار في تكريس التذبذب والحيرة والثنائيات المتناقضة، مما يخلق نوعا من الازدواجية في السلوك، ويجعل القيم النبيلة عبارات بلاغية مفارقة للسلوك اليومي.
ـ اعتماد منطق الأغلبية في مقابل الأقلية، عوض النظر إلى المواطنين جميعا بصفتهم أعضاء متساوين في مجتمع، وفي إطار دولة ترعى مصالحهم جميعا. ولعل هذا هو السبب الرئيسي لاحتقار الأقليات الدينية في المجتمعات الإسلامية، حيث تعتبر أقليات عليها الخضوع للأغلبية المسلمة والتواري عن الأنظار وعدم التمظهر بطقوسها وعباداتها خشية انتقام الأغلبية.(مع العلم أن هذا المنظور ينقلب رأسا على عقب عندما يتعلق الأمر بالأقليات المسلمة في دول أخرى، حيث تطالب الدول الإسلامية باحترامهم ومنحهم كل الحقوق).
ـ النظر إلى الآخر المختلف باعتباره شرا وحالة انحراف، وعدم استيعاب ما يمثله من غنى بالنسبة للذات.
ـ اعتبار المجتمع جماعة دينية أو عرقية، عوض النظر إليه على أنه مجتمع مشكل من مواطنين يعلنون جميعا الولاء لنفس الدولة ولديهم شعور بالانتماء المشترك للوطن الواحد، وإن كانوا مختلفين في أمور كثيرة مثل اللون والعقيدة والنسب والأصل العرقي واللغة .
ـ اعتبار أن الحقيقة محدّدة سلفا وبشكل نهائي في دين معين، أو رواية تاريخية محدّدة، عوض اعتبار الحقيقة بناء وجهدا عقليا مشتركا وسعيا نحو العلم والاكتشاف اللانهائي.
ـ شيوع إيديولوجيا تهدف إلى تنميط المجتمع ومحو اختلافاته وعناصر تنوعه التي تجسد عبقريته في التاريخ،عبر السعي إلى اختزالها في العنصر الواحد ثقافيا كان أو مذهبيا أو لغويا أو دينيا بهدف التحكم والاستيلاء على الدولة، مما يجعل الآخر المختلف يبدو حجر عثرة وعامل عرقلة، ويبرر بالتالي اضطهاده وعدم احترامه.
ـ تحديد قيمة الفرد في مدى انخراطه في التقاليد الجماعية عوض النظر إليه من خلال مردوديته العملية وإبداعيته وقدرته على التجديد والابتكار.
إن الدولة باعتبارها الإطار الذي يضمّ أبناء الوطن الواحد ينبغي أن تكون فضاء للتعايش لا الصراع، وللتسامح لا التباغض والتنافر، وأن كل من لم يفهم معنى الدولة الوطنية بهذا المفهوم الحديث لا يمكن له أن يقبل بالآخرين في جواره مما يجعله يتحول إلى مصدر للقلاقل والفتن.
إن احترام الآخر المختلف، سواء كان أقلية أو أغلبية، هو من عوامل التعايش السلمي المشترك الذي لا يسمح لأي كان بالتحكم في حياة الآخرين، أو احتكار الفضاء العمومي لصالحه وحده، أو إملاء اختياراته على الغير، فهذا ليس هو واجب الاحترام المتبادل بين الطرفين. كما أنّ احترام الآخر لا يعني أن تقع في عبوديته أو في التبعية لميوله أو الامتثال لأهوائه، بل هو السماح له بممارسة اختياراته الحرة دون إكراه أو قهر، وعليه فعل نفس الشيء بالمثل تجاه الآخرين، وإلا بطل الاحترام المطلوب، وحلّ محله العدوان والتطاول على حقوق الغير.
من هذا المنطلق على المواطنين أن ينتبهوا إلى أن احترام الآخر لا يعني السكوت عن أخطاء الآخرين، حيث يخلط البعض بينهما عمدا لكي يضفي على أخطائه طابع الحق في التعبير والاختلاف، وذلك مثل ما يتعمده البعض من التنكر للحقوق الأساسية للمواطنين، أو من السعي إلى عرقلة الإصلاح في هذا المجال أو ذاك، أو التراجع عن مكتسبات المجتمع التي تحققت بفضل تطورات عسيرة وطويلة الأمد، أو مثل الدعوة إلى الاعتداء أو الكراهية. إن نقد الانحرافات والأخطاء ومظاهر الظلم والميز واللامساواة هو واجب الجميع، وهو ليس إخلالا بواجب الاحترام للآخرين، لأن هذا الأخير إنما يتعلق باحترام الآخرين في نمط حياتهم واختياراتهم وفي تمتعهم بحقوقهم الأساسية التي لا تؤذي غيرهم.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي ينبغي مراجعته في مناهج ومقررات التربية الدينية ؟
- السعودية / إيران، هل دقت ساعة الحقيقة ؟
- معنى أنّ -الأمازيغية مسؤولية وطنية لجميع المغاربة-
- لا يجوز تأويل الدستور المغربي تأويلا يجهض مكتسباته
- التدين والنزعة الانتحارية
- رئيس حكومة فوق الدستور ؟!
- واقع اللغات في الإحصاء الرسمي
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟
- جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا
- على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي الت ...
- من يقوم بتنفيذ -أجندة أجنبية- بالمغرب ؟
- المغاربة والعلمانية: قراءة في نتائج دراسة ميدانية


المزيد.....




- بسرعة 152 ميلًا في الساعة.. ثنائي مغامر يقفزان من مروحية ويح ...
- -ألف حمساوي- في تركيا.. -زلة لسان- إردوغان وماذا وراءها؟
- ماذا يعني إعلان مصر التدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد ...
- شتائم واتهامات بين نواب المعارضة والحزب الحاكم في البرلمان ا ...
- وسط التغييرات في الكرملين.. القبض على مسؤول كبير آخر في وزار ...
- حزب الله يرد على -اعتداءات إسرائيل على المدنيين بصواريخ وأسل ...
- الصين تتعهد باتخاذ -جميع الإجراءات اللازمة- ردا على الرسوم ا ...
- القسام تعلن تنفيذ عملية مركبة ثانية في المساء ضد قوة إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل إسرائيلي وإصابة 5 جنود بإطلاق صواريخ ...
- زاخاروفا تصف الاتحاد الأوروبي بالمريض بـ-اضطراب القطب الثنائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - معنى احترام الآخر