أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - واقع اللغات في الإحصاء الرسمي















المزيد.....

واقع اللغات في الإحصاء الرسمي


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 14:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا يثق الناس في الإحصائيات الرسمية في دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وهو موقف يرتبط عموما بضعف الثقة في المؤسسات بسبب الاستبداد وشيوع الفساد وانعدام حقوق المواطنة المتعارف عليها في الدول الديمقراطية. و يعتبر كثيرون أنّ الإحصائيات تهدف إلى تبرير السياسة التي ستنبني عليها، ما يجعلنا نعتقد بأن الرسالة التي تمرّ عبر هذه الأرقام المعلنة في هذه الظرفية بالذات، والتي هي أبعد ما تكون عن البراءة خاصة فيما يتعلق بالأمازيغية، قد يكون هدفها تسويغ التوجه الرسمي فيما يخص القانون التنظيمي للغة الأمازيغية الرسمية. وهو التوجّه الذي يجد صعوبة في التفكير في اللغتين الرسميتين بمنطق المساواة المبدئية، الذي هو المنطق الوحيد المرسّخ للوطنية الحق وللمواطنة الفعلية معا.
يفسر هذا بعض جوانب النقاش الدائر حول المسألة اللغوية بعد إعلان بعض نتائج الإحصاء الرسمي الذي أجري خلال سنة 2014، وهو الإحصاء الذي سبق للعديد من الفاعلين المدنيين الذين واكبوه أن ندّدوا بالطريقة التي يتم بها، وشككوا في مصداقية ونزاهة العديد من القائمين عليه ميدانيا.
فسواء تعلق الأمر باللغة الأمازيغية أو باللغة العربية، فإن الإحصائيات المعلنة تتناقض مع معطيات سابقة عبرت عنها الجهات الرسمية نفسها أو ظهرت في الدراسات التي أجريت قبل هذا التاريخ.
فالبنسبة للأمازيغية سبق للإحصاء الرسمي سنة 2004 أن أعلن رقم 28 في المائة نسبة السكان الناطقين باللغة الأمازيغية في المغرب، وهو رقم ـ بغض النظر عن مدى صحته أو دقته ـ إذا أضفنا إليه معطيات وزارة التربية الوطنية التي أعلنت سنة 2010 عن أن 528 ألف تلميذ استفادوا من تعلم اللغة الأمازيغية في المدارس، واعتبرنا معطى آخر هو أن الأمازيغية لم تكن متواجدة في استمارة الإحصاء الرسمي لسنة 2004، ولم تكن موضوع سؤال القائمين بالإحصاء ميدانيا حيث أغفلها الكثير منهم إما عن قصد أو بسبب عدم التنصيص عليها بشكل واضح في الاستمارة، وأن هذه اللغة قد وجدت في استمارة إحصاء 2014، حيث تم تدارك الخطأ السابق، مما يفترض أن ينعكس بشكل واضح على نتائج الإحصاء. وإذا أضفنا كذلك معطى آخر وهو تزايد عدد السكان في عشر سنوات، حيث لا يعقل ولا يُتصور أن من بين مئات آلاف السكان الذين ولدوا في هذه العشرية الأخيرة لا أحد فيهم ناطق بالأمازيغية، وإذا اعتبرنا كذلك تزايد قيمة الأمازيغية لدى الناطقين بها منذ سنة 2001، التي عرفت تراجع مشاعر "الحكرة" والميز، وانبثاق شعور قوي بالاعتزاز بالانتماء إلى الأمازيغية لدى عموم السكان الناطقين بالامازيغية، والذين كانوا يعانون من مركب نقص مبعثه تنكر المؤسسات لممتلكاتهم الرمزية، وخاصة بعد أن حظيت هذه اللغة بوضع الترسيم في دستور البلاد سنة 2011، وهذا المعطى من شأنه أن يرفع عدد المواطنين الذين سيصرحون بوضوح للقائمين بالإحصاء بلغتهم الأم. وإذا أضفنا إلى هذه العوامل الأربعة عنصرا خامسا هو طبيعة القائمين بالإحصاء وتكوينهم ومهنهم، حيث هي عوامل تساهم في التأثير في نتائج الإحصاء في موضوع اللغات بصفة خاصة، إذ أنّ أساتذة اللغة العربية مثلا وأساتذة التربية الإسلامية يتواجدون بأعداد كبيرة ضمن القائمين بالإحصاء، فسيكون من الصعب أن نتوقع اهتماما منهم باللغة الأمازيغية، بسبب تأثير الإيديولوجيا العربية والوعي المحافظ الرافضين للاعتراف بالتعددية اللغوية والثقافية والساعيين إلى نوع من التنميط على أساس الهوية الأحادية للمجتمع.
هذه العوامل كلها ينضاف إليها العامل الأكثر تأثيرا وهو توجهات الدولة وما تريده من الإحصاء، وهو ما يجعلنا نعتقد بأن إعلان الأرقام المذكورة (ومنها اعتبار أن عدد الناطقين بالدراجة المغربية هم 90 في المائة)، يهدف إلى تبرير سياسات يتمّ التحضير لها.
وبالنسبة للغة العربية فالنسبة المعلنة لعدد المتمكنين من اللغة العربية من المتمدرسين ، أي من الذين دخلوا المدرسة، والتي هي 99,4 في المائة، (نسبة تذكرنا بنتائج الاستفتاء حول الحكام العسكريين في شمال إفريقيا والشرق الأوسط)، هذه النسبة تتعارض مع الدراسة الدولية التي أعلنت في شهر مارس من السنة الجارية، والتي تداولتها الصحافة الوطنية على نطاق واسع، وأثبتت أن "التلاميذ المغاربة من المستوى الابتدائي قد احتلوا الرتبة الأخيرة في القراءة باللغة العربية الفصحى من بين 48 دولة مشاركة في الدراسة." و"أنّ 62 في المائة من تلاميذ السنة الثانية ابتدائي لا يستطيعون حتى فهم سؤال مكتوب بالعربية". كما لا يفهمون ما يقال لهم بهذه اللغة، وأن مستوى التلاميذ في اللغتين العربية والفرنسية وصل إلى درجة "كارثية" من التدني، وهو ما يحيلنا أيضا على الطريقة التي أجري بها الإحصاء سنة 2014 وطبيعة القائمين عليه.
فمن الواضح أن نتائج الإحصاء فيما يخص اللغة العربية يتناقض كليا مع واقع الحال، ومع ما يؤكده رجال ونساء التعليم من تدني الإلمام باللغة العربية والفرنسية بدرجة كبيرة حتى لدى تلاميذ الباكالوريا الذين بلغوا 18 سنة، وقضوا سنوات طويلة في دراسة العربية والفرنسية بعدد مرتفع من الساعات في الأسبوع. وهو ما يجعلنا ننبه إلى خطورة نتائج الإحصاء الرسمي الذي يقدم معطيات مطمئنة بالنسبة لهذه اللغة لكنها تخفي واقعا مترديا ومأزوما يتطلب حلولا جذرية. ويمكن للقارئ الكريم أن يطلع على مقالي "اللغة العربية في يومها العالمي" والذي أوضح فيه أسباب ضعف الإلمام باللغة العربية وكذا مشاكل تدريسها.
لقد وضع الإحصاء الرسمي الدارجة المغربية في الصدارة بنسبة تقرب من تسعين في المائة من المغاربة، وجعل اللغة العربية في المرتبة الثانية بنسبة 99 في المائة من الذين ولجوا المدرسة، وبالنظر إلى استمرار ارتفاع نسبة الأمية وإلى تدني معرفة المتمدرسين بهذه اللغة، فإن هذا الرقم يصبح بالنسبة لتعداد السكان أقلّ من الثلثين بعد نصف قرن من التعليم المعرّب. ووضع الإحصاء الرسمي اللغة الأمازيغية في ذيل القائمة بنسبة تقرب من ربع السكان، فهل هو تمهيد للتمكين للدارجة المغربية، وهل هو تسويغ مسبق للنزوع الملاحظ لدى المسؤولين منذ 2011، والذي يميل إلى عدم المساواة بين اللغتين الرسميتين، ما يعني استمرار الميز رغم الترسيم ؟
إنها أسئلة ستحمل لنا الأيام القادمة إجابات واضحة عنها، لكن مهما كانت الإجابة التي ستكشف عنها مضامين القانون التنظيمي للغة الأمازيغية، هل هي مضامين تنتصر للمساواة أو تستمر في تكريس الميز بين المغاربة، فإن المبدأ الذي لا يمكن تناسيه هو أن كل لغة هي صنيعة السياسات العمومية المعتمدة، فليست هناك لغة راقية بطبيعتها ولا لغة ضعيفة في ذاتها، ولعل اهتمام المغاربة بلغاتهم الوطنية في التعليم والإعلام والحياة العامة، سيجعلها تقوم بوظائف عديدة لم تكن تقوم بها من قبل، ما سيضمن لها النماء والتطور.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحداثة- بأثر رجعي
- المفكر والبهلوان
- صلاة الاستعراض
- لماذا يسيء المحافظون استعمال حريتهم ؟
- جرائم الشرف سلوك وحشي مضاد للعقل وللحضارة
- من يرفض تقنين الإجهاض عليه تقديم الحلول العملية
- الاعتدال المتطرف أو التطرف المعتدل
- الإساءة للأديان ليست مبدأ ديمقراطيا وإلحاق الأذى بالغير ليس ...
- بعض المسكوت عنه في النقاش حول الإرهاب
- ناقوس الخطر الذي دُق في أنكولا
- على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان -الوطنية- ليست هي الت ...
- من يقوم بتنفيذ -أجندة أجنبية- بالمغرب ؟
- المغاربة والعلمانية: قراءة في نتائج دراسة ميدانية
- الديمقراطية ومنطق -أخف الضررين-
- هل يعرف العرب معنى النصر ومعنى الهزيمة ؟
- حقيقة ما يحدث في -غرداية- بالجزائر
- عندما يستنجد مسلمو الهند بالعلمانية
- إلى المقامرين بالوطن
- لماذا لا تنجح الانتخابات في بلدان المسلمين
- مأزق طارق رمضان


المزيد.....




- الحكومة الأردنية تعلن توقّف استيراد النفط من العراق مؤقتا وت ...
- كيف تتعامل مصر مع أي مخالفات لاتفاقية السلام مع إسرائيل؟ سام ...
- معظمهم من الطلاب.. مقتل وإصابة العشرات في حادث سير مروّع في ...
- نقطة حوار - حل مجلس الأمة الكويتي: إنقاذ للبلاد أم ارتداد عن ...
- مناورة عسكرية دولية بالأردن بمشاركة 33 دولة من ضمنها ألمانيا ...
- محللان إسرائيليان: رفض مناقشة -اليوم التالي- يدفع الجيش للعو ...
- بالكوفية وعلم فلسطين.. خريجو كلية بيتزر يردون على رئيسها الر ...
- مصر تعتزم التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
- روسيا تسيطر على 4 قرى بخاركيف وكييف تقر بصعوبة القتال
- المقاومة تقصف عسقلان من جباليا وتبث مشاهد لعملية نوعية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - واقع اللغات في الإحصاء الرسمي