أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باور أحمد حاجي - العزاء بشأن الكفر (سروش أنموذجاً)














المزيد.....

العزاء بشأن الكفر (سروش أنموذجاً)


باور أحمد حاجي
كاتب

(Bawer Ahmed Haji)


الحوار المتمدن-العدد: 5146 - 2016 / 4 / 28 - 09:22
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يواجه الفلاسفة والعرفاء المسلمون مشكلة فلسفية وهي أن القرآن الكريم صريح في القول: بأن الكافر والمؤمن بعد الموت يحصلون على اليقين بوجود الله, وبما أنهم كانوا يرون الإيمان بالله هو اليقين, فالشخص المؤمن سيكون من أهل الجنة حتماً, وكذلك الكافر سيكون أيضاً من أهل الجنة لكونه أصبح على يقين بوجود الله. فالشخص الذي يتيقن في وجود الله لا يعذب وليس عليه عقاب, وهذا خلاف مشهور ناتج عن الآية الكريمة في سورة (النور- الآية 25) حين ذكر: ﴿-;-يومئذ يُوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين﴾-;-.

المعروف في قصة الاحتفال الذي أقيم بمناسبة مرور (90) عاماً على ولادة الفيلسوف البريطاني "برتراند راسل" أن إمرأة قالت له: (حسب الظاهر أنك أسن ملحد على وجه الأرض, أي أنك على وشك الرحيل من هذه الدنيا, فلو رحلت من هذه الدنيا ووجدت الله في ذلك العالم فماذا تقول له على انكارك لوجوده؟) فقال لها "راسل" بسرعة وبما يمتلكه من سرعة البديهة: أقول له: لماذا لم تضع في الدنيا أدلة وشواهد كافية لكي أتمكن من الاطمئنان لوجودك؟ أي أنني سأُلزمه بما يلزمني به. هذا هو جواب الفيلسوف التحليلي, فلو كان الله موجودا ًفإنه سيعلم بوجوده في ذلك العالم وسيكون مؤمناً به... فلو كانت روح الإنسانية باقية وكان الله وملائكته موجودين فإن الكافرين سيؤمنون بهم أيضاً... والمؤمن لا يواجه العذاب, لأن العذاب مختص بالكفار, بينما لا يبقى كفر بعد الموت.

هذه المشكلة التي واجهها الفلاسفة والعرفاء على حد سواء الذين سلكوا في نظرتهم للإيمان إلى القول: "بأن الإيمان يتضمن دائماً عنصر المخاطرة والقمار". والسؤال الذي يواجهنا هنا ما هو تعريف الإيمان وما معناه؟ هل يمكن القول مثلاً إننا نؤمن بأن الأرض كروية؟ أو أنا أؤمن بظاهرة الليل والنهار. يرى الفيلسوف الفارسي "عبد الكريم سروش" بأن اختيار الإيمان يعني أن الشخص يتحرك من موقع الاختيار والوعي ويؤدي عملاً, فالإيمان هنا يعني الفعل لا الإنفعال, فمثلاً: لا يحتاج قبول ظاهرة الليل والنهار إلى وجود عزم وإرادة في الإنسان, لأن هذه الظاهرتين تفرض نفسيهما علينا ويخلق فينا اليقين بوجودهما. كذلك الحال بالنسبة للضحك التي تحدث بسبب النكتة وبنحو عفوي, وهذا هو حالة البكاء والحزن فهذه الإدراكات لها صفة الإنفعال. وكذلك مسألة التغذية: فعندما نتناول الطعام تخرج المسألة عن إرادتنا, فهضم الغذاء ليس عملاً إرادياً.
ويرى "سروش" بأن الكثير من أنحاء الكفر والإيمان من هذا القبيل, فهي إنفعالات محضة تحدث في الإنسان بدون تعب وبدون إرادة, فمثل هذا الإيمان أو اليقين لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب لكونها لم تصدر منا عن إرادة واختيار. وفي مقام الجواب على هذا السؤال يقول: "سروش" لا بد من القول بوجود عنصر في الإيمان غير اليقين والكشف العقلي المحض, وطبعاً فالإيمان ليس غريباً عن اليقين ولكن لابد من وجود جوهر في الإيمان يبعده عن الإنفعال ويعمل على تحويله إلى فعل, وبعبارة أخرى: فإن في الإيمان مضافاً إلى اليقين هناك عنصر الإرادة أيضاً, أي أن الإنسان يجب أن يريد الإيمان أولاً. فمثلا : مسألة الموت التي تعتبر من أبده البديهيات لدى كل البشر, فلا يوجد أي إنسان يشك في الموت, إلاّ أن أغلب أو جميع البشر يتحركون في حياتهم وكأن الموت مشكوك في أمره.

بمعنى أننا في الوقت الذي نقبل بواقع معين (مثلاً الموت) فإننا لا نذعن لوجوده. والقرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة التي هي أن الإيمان لا يتلخص باليقين الذهني, بل لا بد معه من العلاقة العاطفية والخضوع والتوجه إلى ذلك الشيء, يقول تعالى في (سورة الزمر: الآية 45): ﴿-;-وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالاخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون﴾-;-, فلم يقل إن هؤلاء يشكون في وجود الله, بل يودون أن لا يكون مثل هذا الإله, وعلى هذا الأساس يقول "سروش" أن الإيمان والكفر يرتبطان بعلاقة المحبة والكراهية, ولا يتلخصان باليقين والشك والإنكار. فعندما لا نحب شيئاً فنحن نقف أمامه موقفين:
1- أن نسعى لتغطية وإلغاء اسمه, فلا نكتفي بعدم التبليغ له بل نتحرك لإطفاء نوره وإقصاء اسمه وإلغائه.
2- أن ننطلق في مواجهته من موقع الطغيان والرفض.
هذا هو معنى الكفر بدقة, فالكفر نوع من الموقف وهذا الموقف يختلف عن الموقف المفكر أو المحقق في مقابل نظرية فلسفية وعلمية, فموقف هذا المحقق أن يسعى لإبطالها من خلال الكشف عن نقائضها ونقاط ضعفها وأخطائها المنطقية ولا يتعامل معها من موقع الكراهية والنفور. أما الشخص الكافر فليس بالضرورة أن يبذل جهداً علمياً وفلسفياً في مقابل هذه الحقيقة, بل يبذل جهداً عملياً من خلال إخفاء وطمس التعاليم الإلهية والتعتيم الإعلامي. فالكفر هو إيجاد الكراهية لله وللدين عن طريق العلل. أما البحث الاستدلالي لتأييد الدين أو إنكارها فلا محذور فيه إطلاقاً.



#باور_أحمد_حاجي (هاشتاغ)       Bawer_Ahmed_Haji#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزاء بشأن التربية الدينية -روسو أنموذجاً-
- العزاء بشأن عقل الإنسان -مونتين أنموذجاً-
- تسهيل المنطق 8/8
- تسهيل المنطق 7/8
- تسهيل المنطق 6/8
- تسهيل المنطق 5/8
- تسهيل المنطق 4/8
- تسهيل المنطق 3/8
- تسهيل المنطق 2/8
- تسهيل المنطق 1/8
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (7/7) والأخيرة
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (6/7)
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (5/7)
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (4/7)
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (3/7)
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم الحلقة (2/7)
- نظرية التطور بين الوهم وسوء الفهم
- الفلسفة الرياضية
- مفهوم الفلسفة
- نشأة المذاهب رحمة أم نقمة


المزيد.....




- -نساء الزرافات- في تايلاند..هكذا وثق مغامر إماراتي واحدة من ...
- كيف تحوّلت ألعاب الفيديو إلى ساحة لتجنيد المتطرفين؟
- فاديفول في زيارة رسمية لأوكرانيا تأكيدا لمواصلة الدعم الألما ...
- حرب السودان.. عندما يصبح الصحفي سائقا والمهندس مزارعا
- هل تحتوي الإيصالات الورقية على مادة سامة؟
- هل تنجح ضغوط واشنطن في التوصل إلى صفقة تنهي حرب غزة؟
- سلاح حزب الله بين الضغوط والجدل اللبناني وترقب الرد
- أوسع هجوم روسي منذ بدء الحرب.. رسالة حادة للغرب
- غروسي ينسف رواية ترامب.. مشروع إيران النووي لم يُقبر بعد
- ضربات ترامب على إيران تعزز تمسّك كوريا الشمالية بترسانتها ال ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - باور أحمد حاجي - العزاء بشأن الكفر (سروش أنموذجاً)