باور أحمد حاجي
كاتب
(Bawer Ahmed Haji)
الحوار المتمدن-العدد: 4785 - 2015 / 4 / 23 - 08:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحلقات المفقودة
سابعا: أحفورة (طيور الأركيوبتركس)
أركيوبتركس أو الطائر الأولي, هو طير منقرض من قبل (150 مليون) سنة وهو من أنواع الطيور ذوات الأسنان الذي يجمع بين صفات الزواحف وصفات الطيور لذا فهو يعد من الحلقات المتوسطة بين طائفة الطيور والزواحف، وهو أول طير يظهر له ريش في جسمه. تشير النماذج المتحجرة بأن حجم آركايوبتريكس يتراوح ما بين الصغير كالحمامة والكبير كالدجاج.
عثر على هذه الأحفورة في عام (1861م) في ألمانيا كما عثر عليه أيضا في البرتغال, والذي يعود إلى العصر (الجوراسي), و يزال النقاش حوله يدور ما إذا كان هذا الطائر أرضياً أو شجريا, لا يجيد الطيران بشكل جيد.
ثامنا: تطور الحيتان
في كتابه (أصل الأنواع) قال داروين: "أن دبا سابحا فاغر الفم من أجل التقاط الحشرات, مثّل نقطة بداية تطورية مقبولة لنشوء الحيتان", ولكن هذا الافتراض أثار الكثير من السخرية إلى حد جعل داروين يكتفي في طبعات الكتاب اللاحقة بالقول بأن "مثل هذا الدب يكاد يشبه حوتا".
وبعد قرن من عصر داروين بقي أحجية التطور لغزا كما وصفه عالم الأحافير "سمسون" في تصنيفه للثدييات عام (1945م) بالقول: أن الحيتان نشأت في المحيطات منذ زمن طويل بحيث لم تتبق أي معلومة عن نسبها" ويقول أيضا: "إنها على العموم أغرب الثدييات وأعجبها".
وخلال العقدين الماضيين أخذ الكثير من أجزاء هذا اللغز المحير يتكشف, إذ أماط علماء الأحافير اللثام عن ثروة من أحافير الحيتان تعود إلى العصر (الأيوسيني) الذي غطى الفترة قبل( 55 مليون و34 مليون) سنة، تلك الفترة التي تم في أثنائها انتقال الحيتان القديمة (الأركيوسيتات) من اليابسة إلى البحر, إلى جانب تحاليل الدنا المأخوذة من الحوتيات الحية الحالية، مكنت العلماءَ من رسم صورة عن متى وأين وكيف تطورت الحيتان من أسلافها التي عاشت على اليابسة.
استنتج عالم الأحافير الذي كان في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي "فان فالين" بأن: "الحيتان أنحدرت من الحافريات اللاحمة الشبيه بالذئاب" تعرف باسم "الميزونيكيدات".
وفي عام (1977م) سافر عالم الأحافير الأمريكي "كينكريتش" في جامعة (ميشيكان) إلى باكستان للبحث عن أقدم حوت في العصر (الإيوسيني), وبعد سنتين من البحث في جبال هيمالايا بشمال باكستان اكتشف فريق " كينكريتش" على أقدم حوت وأكثرها بدائية, وهو حوت لا بد أن يكون قد أمضى جانبا من حياته على اليابسه, وقد لقب " كينكريتش" هذا المخلوق باسم "باكيسيتوس Pakicetus" نسبة إلى مكان نشوئه, والذي كان يعيش قبل حوالي (50 مليون) سنة ماضية.
وفي عام (1983م) توجه " كينكريتش" إلى مصر للبحث عن أحافير جديدة, وبعد بضع جولات ميدانية حظي طاقم " كينكريتش" بأحفورة تعود إلى حوت يشبه أفعى بحري طوله (60 قدما) يعرف باسم "بازيلوصوروس Basilosauridae" وهو حيوان مائي ضخم يعود إلى زمن يتراوح ما بين (40- 37 مليون) سنة.
وفي عام (1992م) حصل فريق "ثويسين" من كلية الطب في جامعة (نورث استرن أوهايو) الأمريكية على هيكل عظمي تام لحيوان يقع بين الحيتان البحرية وأسلافها الأرضية, وذلك من صخور بحرية في شمال باكستان تعود إلى (48 مليون) سنة خلت وهو ذو أقدام كبيرة وذيل قوي يدل على مهارته في السباحة, وقد أطلق "ثوييسين" على هذا الحيوان اسم "أمبولوستوس Ambulocetidae" أي الحوت السابح الماشي.
ومنذ ذالك الحين اكتشف "ثويسين" و "كينكريتش" وآخرون الكثير من الأحافير التي توثق مراحل لاحقة لانتقال الحيتان من اليابسة إلى البحر, والتي تعرف باسم " بالريمنگتونوسيتيدات" و " الپروتوسيتيدات" وهي أول حيتان قادرة على الإبحار
وتظهر فحوصات الحمض النووي "DNA" ان فرس النهر هو في الواقع الاقرب ارتباطا مع الحيتان المعاصرة.
في الختام ما أود قوله:
بعد هذا البحث المتواضع يمكن أن نصل إلى بعض الأفكار التي نلخصها في الآتي:
1- أصبحت فكرة التطور أو نظرية التطور واقعا ملموسا لا ينكروه إلاّ من لا يحترم عقله وعلمه, فقد أثبته العلم إثباتا قاطعاً لا شك فيه وفي الكثير من التجارب التي لم يتسنى لنا عرضها في هذه الدراسة. وقد يقاطعني خلقوي (أي الذي يؤمن بالتصميم الذكي) ويأتيني بما قاله المفكر الإسلامي (هارون يحيى) من حجج على دحض التطور. إلاّ أنه لا يسعني في هذا المقام إلاّ أن أقول: عذراً فما يقدمه (التصميم الذكي) من حجج ما هي إلاّ حجج ضعيفة ومقطوعة التجارب, أما ما يقدمه نظرية التطور من إثباتات خلال الفحص الدقيق والتي لا خلاف فيها بين العلماء (DNA) يجّبرنا على جعل هذه النظرية أساسا في تفكيرنا.
2- النقطة الثانية التي أود أن أقولها هي: من قال ان نظرية التطور يخالف الفكر الديني السائد في اليهودية أو المسيحية أو الاسلامية أو أي دين آخر, نعم هو يخالف ما هو سائد من تفسيرات علماء الدين للنصوص الدينية. فهناك الكثير من الفلاسفة والعلماء المحترمين لعقولهم مؤمنون بالله ولهم اعتقاد في فكرة التطور في نفس الوقت, ما المشكلة؟.
3- والنقطة الأخرى هي: لم تقل نظرية التطور بأن الإنسان كان شمبانزياً قبل أن يتحول إلى إنسان كما هو شائع في الأوساط الشعبية, لا بل قال: هم أبناء عموم من فصائل أقدم بكثير قبل أكثر من (8 ملايين) سنة ماضية. فيبقى الإنسان إنسان والشمبانزي حيواناً.
4- والشيء الآخر: هل أفضل للإنسان أن يكون قد خُلق من خلية حية أليس أكرم له وأفضل من كونه خلق من تراب جامد, أيهم أفضل وأكرم؟.
5- ان التطور يحدث في الجينات وليس له علاقة في الجسم والأعضاء, فهو يعمل على الجينات فقط خلال ملايين السنوات.
قائمة المصادر
الكتب
1- تشارلز داروين: أصل الأنواع.
2- تشارلز داروين: نشأة الإنسان والانتقاء الجنسي.
3- تشارلز داروين: التعبير عن العواطف عند الإنسان والحيوانات.
4- إسحاق عظيموف: البدايات.
5- نيل شوبين: السمكة داخلك.
6- د. صلاح عثمان: الداروينية والانسان.
7- كولين تادج: الحلقة المفقودة.
8- جان شالين: الانسان نشوؤء وارتقاؤه.
9- ستيفن باكستر: التطور.
10- ستيفن جوولد: منذ زمن داروين.
11- هويمارفون ديتفورت: تاريخ النشوء.
موقع youtube
1- رحلة داروين المفقودة.
2- السمكة داخلك, 3 أجزاء.
#باور_أحمد_حاجي (هاشتاغ)
Bawer_Ahmed_Haji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟