باور أحمد حاجي
كاتب
(Bawer Ahmed Haji)
الحوار المتمدن-العدد: 4351 - 2014 / 1 / 31 - 12:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ماذ نعني بالمذاهب؟ ولماذا تنشأ المذاهب؟ وأيّ هذه المذاهب على الحق وأيها على الباطل؟ وهل الاختلاف بين المذاهب نقمة أم رحمة؟ وغيرها.
نكتفي بهذه الدراسة بالنظر إلى المذاهب الإسلامية ونغض البصر عن غيرها.
يقول الله (جل شأنه) في محكم آياته بعد أن: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم:
((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، ولكن ليبلوكم فيما أتاكم. فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)). (سورة المائدة، الآية 48)
آية أخرة: ((ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)). (سورة هود، الآية 118).
آية ثالثة: ((وما كان الناس إلاّ أمة واحدة فاختلفوا ولو لا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم فيما فيه يختلفون)). (سورة يونس, الآية 19).
ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي). وفي بعض الروايات: (هي الجماعة). رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم.
تعريف المذاهب:
هو جمع مذهب وهو ما يذهب إليه الشخص ويعتقده صواباً ويدين به سواء كان ما يذهب إليه صواباً في نفس الأمر أو كان خطأ.
وفي تعريف آخر: (بأنه صنعة العقل الإنساني ومسرح نشاطه الذهني وعطأه الفكري فيما يعرض له من قضايا الوجود والحياة سواء كان صواباً أو خطأ).
يقول العلامة (د. محمد سعيد رمضان البوطي): " ان هناك من يفسر أحاديث صحيحة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تفسيراً آخر يفرغها من مضمونها فمثلاً حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ((افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعون في النار وواحدة في الجنة، والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة واحدة في الجنة واثنتان وسبعون في النار. قيل يا رسول الله من هم؟ قال الجماعة)). رواه ابن ماجه.
فالنبي (صلى الله عليه وسلم) حصر النجاة في فرقة واحدة والفرق الآخرة في النار. كثيرون هم الذين زلت بهم القدم لسوء فهمهم لمعنى هذا الحديث. يتابع الدكتور البوطي بالقول بأنه هناك الكثير من الأحاديث الصحيحة تدل على أن من قال ((لا إله إلا الله صدقًا من قلبه دخل الجنة )) ، وفي بعضها (( خالصًا من قلبه )) ، وفي بعضها) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله (( وفي بعضها يقول عليه الصلاة والسلام ))أمرت أن أقاتل الناس، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ).
كما يقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) أيضاً : (أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، لا يُلْقَى بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلا دَخَلَ الْجَنَّةَ). اخرجه مسلم
فالمعتزلة يقولون (لا اله الا الله), والشيعة يقولون والزيدية والخوارخ والأشاعرة يقولون (لا إله إلا الله).
ويتابع الشيح البوطي بالقول: (يقول النبي افترقت اليهود إلى كذا فرقة والنصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة. كان يفترض أن يقول النبي وسيفترق المسلمون... ولكنه لم يقل, بل قال ليفترقن امتي. فكلمة أمة من حيث المعنى تدل على معنيين:
الأولى: أمة الدعوة: وهي كل من أرسل إليهم الرسول (صلى الله عليه وسلم) سواء أمن أو لم يؤمن. فمنهم من آمن ومن من كفر.
المعنى الثاني: أمة الاستجابة للدعوة المحمدية.
وهذا الحديث يراد بها المعنى الأول. والله أعلم). انتهى قول البوطي.
ويقول العارف بالله (أبو حامد الغزالي): (وظني أن معظم خلق الله تعالى يدخلون في رحمته).
هل الاختلاف رحمة أم نقمة؟
يكون الاختلاف نقمة عندما يكفر بعضنا بعضاً ويزندق بعضنا بعضاً, ويلعن ويقتل بعضنا بعضاً. أما الاختلاف ما دون ذلك وعلى قاعدة السابقة النبوية في دولة المدينة الأولى، فإن الإسلام لا يضيق بتنوع الانتماء العقدي والمذهبي، ولا يؤمن بالنقاء العرقي (لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى). فاذا كان التنوع من طبيعة تكوين المجتمع، فان الحوار هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى المحبة والى الوفاق والتفاهم والوحدة.
وتمشياً مع سنة الحياة ومع ما جبل عليه الإنسان الذي ميّزه الله تعالى عن بقية الحيوانات بالعقل والتفكير وحب السيطرة على ما حوله... إلى آخره من الغرائز التي امتاز بها الإنسان العاقل المفكر عن غيره من سكان المعمورة, فإن للحوار اهدافاً مختلفة. فهو اما ان يكون وسيلة لتنفيس ازمة ولمنع انفجارها، واما ان يكون سعياً لاستباق وقوع الأزمة ولمنع تكوّن اسبابها، واما ان يكون محاولة لحل ازمة قائمة ولاحتواء مضاعفاتها. فبذلك يكون الاختلاف رحمة للكل أو كما قال الرسول (صلى الله عليه وسلم): (إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة ) حسنه الشيخ الألباني.
ونختم هذه الورقة البحثية بقول الفيلسوف والعلامة (أبو حامد الغزالي) حين قال: ( واطلب الحق بطريق النظر, لتكون صاحب مذهب ولا تكن في صورة أعمى تقلد قائداً يرشدك إلى الطريق وحولك ألف مثل قائدك, ينادونك بأنه أهلكك وأضلك عن سواء السبيل. وستعلم في عاقبة أمرك ظلم قائدك, فلا خلاص إلاّ في الاستقلال. ولو لم يكن في مجال هذه الكلمات إلاّ ما يشكك في اعتقادك الموروث لتنتدب به لطّلب فنهاك به نفعي, إذ الشكوك هي الموصلى إلى الحق, فمن لم يشك لم ينظر ومن لم ينظر لم يبصر ومن لم يبصر بقي في العمى والظلال).
وعليه نستنتج بأن نشأة المذاهب هي سنة الله في خلقه, وستبقى موجودة إلى قيام الساعة. ولا ندعم ما ذهب إليه الباحث الدكتور (غالب بن علي عواجي) في كتابه (المذاهب الفكرية المعاصرة) عندما أدرج أسباباً لنشأة المذاهب الإسلامية بما يلي:
1- جهل أصحاب هذه المذاهب.
2- رغبة هؤلاء في الانفلات والتحلل من كل القيم والأخلاق والعادات الحسنة.
3- دور أعداء الإسلام في نشأة هذه المذاهب الإسلامية.
نرى بعكسه تماماً, فأغلب مؤسسي المذاهب الإسلامية كانوا علماء ولم يكونوا جهلاء. وكانوا أصحاب خلق وعادات حسنة, ولا نعرف أي دور لأعداء الإسلام في نشأة هذه المذاهب والفرق.
#باور_أحمد_حاجي (هاشتاغ)
Bawer_Ahmed_Haji#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟