لماذا يدافع الأزهر عن الدواعش ؟

طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5124 - 2016 / 4 / 5 - 22:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

هل الإمام الذهبى والماوردى لا يفهمان الإسلام ؟
وهل يجرؤ الأزهر على تكذيب البخارى ؟
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية فى الشام والعراق الذى أطلق عليه الإعلام الأمريكى والعربى (داعش) أنه حرق بعض النسخ من الأناجيل ، وأنّ أعضاء التنظيم أعدموا مُــترجمى تلك النسخ من العاملين بمؤسسة (وايكليف) فى الشرق الأوسط ، فسارع العاملون بمؤسسة الكهنوت الأزهرى بأنْ أصدروا تقريرًا قالوا فيه أنّ ((الدواعش لا يفهمون (صحيح) الإسلام ، وأنّ أتباع الديانات الأخرى كانوا يـُـمارسون شعائرهم الدينية بحرية طوال فترات حكم المسلمين ، بل كان المسلمون أكثر رحمة بأصحاب هذه الديانات من الحكام أتباع نفس الدين ، كما كان الحال فى مصر قبل وبعد الحكم الإسلامى)) (البوابة نيوز30مارس2016)
وعند تطبيق ما ورد فى كتب التراث العربى/ الإسلامى على تقرير الكهنوت الأزهرى ، يتبيـّـن للعقل الحر التناقض الصارخ بين المصدر الأصلى ، وتقرير الأزهر. وأعتقد أنّ ابن خلدون أحد المصادر المُـهمة فى تاريخ التراث العربى/ الإسلامى ، وأنه مصدر ثقة كبيرة لغالبية العاملين بالشأن الثقافى العام ، حتى بين الذين يـُـصنــّـفون أنفسهم على أنهم (كــُـتاب مسلمون) وبالتالى فإنّ شهادته لا يمكن الطعن عليها أو التشكيك فيها حيث كتب ((... ولما فــُـتحتْ أرض فارس وجدوا فيها كتبـًـا كثيرة ، فكتب سعد بن أبى وقاس إلى عمر بن الخطاب يستأذنه فى شأنها وتلقينها للمسلمين ، فكتب إليه عمر أنْ اطرحوها فى الماء ، فإنْ يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منها ، وإنْ يكن ضلالا فقد كفانا الله ، فاطرحوها فى الماء أو فى النار)) وكان تعقيب ابن خلدون ((وهكذا ذهبتْ علوم الفرس عن أنْ تصل إلينا)) وكتب أيضًـا ((أين علوم الفرس التى أمر عمر بن الخطاب بمحوها عند (الفتح) ؟ وأين علوم الكلدانيين والسريانيين وأهل بابل ، وما ظهر عليهم من آثارها ونتائجها ؟ وأين علوم القبط ومن قبلهم؟)) (مقدمة ابن خلدون- المكتبة السعيدية – بجوار الأزهر- عام1930- ص32، 402) فى تلك الشهادة من ابن خلدون ، يتبيـّـن أنّ أمر التعرف على ثقافات الشعوب المُـختلفة ، لم يقتصر على منع قراءة الأناجيل فقط وإنما حرق كتب الفرس والكلدانيين والسريانيين وأهل بابل وعلوم القبط.. إلخ.
وهل موقف عمر بن الخطاب من ثقافات الشعوب المختلفة ، يختلف عن موقفه مع المواطن العراقى واسمه (صـُـبيغ) الذى كان يـُـكثر السؤال عن (المُـتشابه فى القرآن) ولما استلم عمر بن الخطاب رسالة أبى موسى الأشعرى ، أمر بضرب الرجل ب (عراجين النخل) لمدة عدة أيام حتى نزف الدم من رأسه. فقال الرجل ((إنْ كنتَ يا عمر تــُـريد قتلى فاقتلنى قتلا جميلا)) فعفا عنه وأمر أبا موسى الأشعرى ألاّ يـُـجالسه أحد من المسلمين ، وإنْ مرض فلا يعودوه (أى لا يزوره) وإنْ مات فلا يشهدوه . وهل هذا الموقف يختلف عن موقف عمر بن الخطاب الذى أمر بإجلاء اليهود والنصارى عن جزيرة العرب تنفيذا لشعاره الذى كان يـُـردّده دائمًـا ((حتى لا يبقى فيها دينان)) وكلام عمر ترديد لحديث الرسول (لا يجتمع فى جزيرة العرب دينان)) (نقلاعن أبى الحسن الماوردى فى كتابه (الأحكام السلطانية والولايات الدينية - مكتبة مصطفى البابى الحلبى بمصر- عام1973- ص168) فهل يمكن التشكيك فى مصادر الماوردى ؟ أو اتهامه بأنه لا يفهم (صحيح الإسلام) ؟ وعندما تزوّج (حذيفة) المسلم من امرأة يهودية أمره عمر بتطليقها وقال له ((طلــّـقها فإنها جمرة)) تمسـّـك الرجل بزوجته بعض الوقت وفى نهاية المطاف ((أذعن لمشيئة عمر فطلــّـقها)) (موسوعة فقه عمر بن الخطاب - تجميع د. محمد روّاس) وهل هذا الموقف يختلف عن الموقف من الشخص المُـسلم الذى يعتنق دينــًـا آخر؟ حيث أنّ عمرو بن العاص سأل عمر بن الخطاب عن رجل أسلم ثم كفر. وفعل ذلك مرارًا فردّ عليه ((اعرض عليه الإسلام فإنْ قبل وإلاّ اضرب عنقه)) وذكر ابن قدامة ((إجماع الصحابة على ذلك ومنهم عمر)) (المصدرالسابق) وهو ما يتفق مع الحديث (النبوى) الشهير ((من بدّل دينه فاقتلوه)) (رواه أحمد والبخارى)
وهل تلك المواقف تختلف عن ما ورد من أحاديث (نبوية) تتعلــّـق بنظرة الإسلام لمن أطلق عليهم (أهل الكتاب) مثل حديث ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)) (صحيح البخارى- رقم 437) وتكرّر فى الحديث رقم 1330. وقال نبى الإسلام ((والذى نفسى بيده ليوشكنّ أنْ ينزل فيكم ابن مريم حــَـكمًـا مُـقسطــًـا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية)) (حديث رقم2222 وتكرّر فى الحديث رقم2476. أى أنّ المسيح ابن مريم سيكسر الصليب ويـُـقر الجزية. وعن فلان عن فلان عن ابن عمر أنّ ((عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز. وكان رسول الله لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها ، حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحا)) (حديث رقم2338) وقال رسول الله ((إنّ الله بعثنى رحمة وهدى للعالمين.. بعثنى لأمحق المعارف والمزامير)) (رواه أحمد - نقلا عن الإمام الذهبى فى كتابه المُـعنون (كتاب الكبائر) دار الغد العربى - مكتبة الكليات الأزهرية - مطبعة الحلبى - ص90)
وهل الدواعش يا من تعملون فى مؤسسة الكهنوت الأزهرى جاءوا بشىء يختلف عما ورثوه عن التاريخ العربى الإسلامى ، حيث أنّ ((المُـشركين فى دار الحرب صنفان : صنف منهم بلغتهم دعوة الإسلام فامتنعوا عن الدخول فى الإسلام ، فأمير الجيش (المسلم) مُـخيّـر فى قتالهم بين أمريْن يفعل منهما ما علم أنه الأصلح للمسلمين وأنكأ للمشركين من بياتهم ليلا ونهارًا بالقتال والتحريق . والصنف الثانى : لم تبلغهم دعوة الإسلام ، فيـُـحرّم علينا قتالهم ، فإنْ أقاموا على الكفر بعد ظهور الدعوة لهم حاربهم (قائد الجيش المسلم) وصاروا كمن بلغتهم الدعوة)) (الماوردى – مصدر سابق - ص37) فهل الماوردى ضد الإسلام ؟ وهل هو لا يفهم الإسلام ؟ كما قال تقرير الأزهر الذى حاول (تجميل) صورة الدواعش بالحجة الشهيرة أنهم ((لا يفهمون الإسلام)) ؟
***

#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات