أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بير رستم - مشكلتنا مع الإستبداد.. ثقافي فكري وليس حزبي/ فئوي.















المزيد.....

مشكلتنا مع الإستبداد.. ثقافي فكري وليس حزبي/ فئوي.


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 5092 - 2016 / 3 / 3 - 20:08
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


إن الإستبداد في منطقتنا الشرق أوسطية تعتبر التحدي الأكبر لأي منظومة سياسية مجتمعية حيث الإرث الثقيل من المنظومة الفكرية الثقافية والتي توارثناها عبر الأجيال من منظومات فكرية مجتمعية قامت أساساً على فكرة الوحدانية والتفرد بالسلطة حيث سلطة الخليفة مستمدة من السلطة المطلقة للإله.. وهكذا فقد تجذرت هذه الإشكالية الحاكمية في فكرنا السياسي وثقافتنا المجتمعية عموماً وللوقوف أكثر على حيثيات القضية علينا أن نقوم ببعض التعريفات الأولية حيث تقول الموسوعة الحرة بخصوص ذلك التالي؛ (الاستبداد في القاموس العربي الإسلامي "يعني الحزم وعدم التردد في اتخاذ القرار وتنفيذه. ومن هنا جاءت عبارة "إنما العاجز من لا يستبد". هذا هو معنى الاستبداد عندما يقرن بـ"العدل" الذي يفقد فعاليته مع العجز عن تطبيقه. أما الاستبداد من دون عدل فهذا هو "الطغيان").

وتضيف الموسوعة إلى تعريفها السابق عن الإستبداد فتقول؛ (يعرف معجم لسان العرب "الاستبداد" بالتالي: "استبد بفلان، أي انفرد به دون غيره." أما المعجم المنجد في اللغة العربية المعاصرة فيعرف كلمة "استبد": "حكم بأمره، تصرف بصورة مطلقة، غير قابل الاعتراض". كما يعرف نفس المعجم كلمة "استبداد":"تعسف، تسلط، تحكم." ويورد المعنى الثاني: "ظلم، فرض الإرادة من دون مبرر. "أما موسوعة السياسة، فتورد تعريف "استبداد": "حكم أو نظام يستقل بالسلطة فيه فرد أو مجموعة من الأفراد دون خضوع لقانون أو قاعدة ودون النظر إلى رأس المحكومين." وتضيف الموسوعة تعريفا لمحمد عبده لنفس الكلمة: "المستبد عرفا من يفعل ما يشاء غير مسؤول ويحكم بما يقضي به هواه").

وتقول كذلك (أما في التعريف الغربي فكلمة المستبد (despot) مشتقة من الكلمة اليونانية "ديسبوتيس" التي تعني رب الأسرة، أو سيد المنزل. ثم خرجت من هذا النطاق الأسري، إلى عالم السياسة لكي تطلق على نمط من أنماط الحكم الملكي المطلق الذي تكون فيه سلطة الملك على رعاياه ممثلة لسلطة الأب على أبنائه في الأسرة. وهنا يصبح المعنى انفراد فرد أو مجموعة من الأفراد بالحكم أو السلطة المطلقة دون الخضوع لقانون أو قاعدة. دون النظر إلى رأي المحكومين. وهذه السلطة المستبدة التي يتأثر بها الفرد أو بعض الأفراد هي تلك التي تمارس الحكم دون أن تكون هي ذاتها خاضعة للقانون الذي يمارسه سلطانه فقط على الشعب).

إذاً كانت وما زالت قضية الإستبداد إحدى أكبر الآفات التي تهتك بالمجتمعات وتكون سبباً لإنحطاطها الأخلاقي الفكري والمادي حيث التسطيح والميوعة والإرتزاقية، بدل البحث والإبداع والتنوير وقد وقف الكثير من الباحثين والمفكرين على القضية لكن يعتبر الكواكبي* من أهم المفكرين أو على الأقل الأكثر تأسيساً للمدرسة الفكرية في بداية القرن الماضي والتنظير لقضية الإستبداد في كتابه المشهور؛ "طبائع الإستبداد ومصارع الإستعمار" حيث يقول في فاتحة الكتاب؛ "المسألة الإجتماعية في الشرق عموماً وفي المسلمين خصوصاً، إنما هم كسائر الباحثين، كلٌ يذهب مذهباً في سبب الانحطاط وفي ما هو الدواء، حيث إني قد تمحَّص عندي أنَّ أصل هذا الداء هو الاستبداد السياسي ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية".

وهكذا نجد بأن هذا المفكر العبقري، أستطاع أن يلخص المشكلة؛ مشكلة الإنحطاط الشرقي في العبارات السابقة، بل ويطرح الحل الناجع بقناعتي وهي "الشورى الدستورية" وليس (الحاكم العادل)، كما كان يطرحها أصحاب الفكر الديني لتكريس وشرعنة الحكم المطلق للخلفاء والسلاطين والطغاة، فهنا يقول الكواكبي؛ بأن الدستور والحياة الديمقراطية والتشاور والمشاركة السياسية والتي تكفلها دستور البلاد بقوانين مدنية حقوقية هي الضمان للخروج من حالة الإنحطاط والإستبداد الذي هو سبباً ومقدمة لواقع المجتمعات الشرقية.

ويعرف الكواكبي الاستبداد كما يلي: "الاستبدادُ لغةً هو: غرور المرء برأيه، والأنفة عن قبول النّصيحة، أو الاستقلال في الرّأي وفي الحقوق المشتركة". ويضيف "أنّ الاستبداد صفة للحكومة المطلقة العنان فعلاً أو حكماً، التي تتصرّف في شؤون الرّعية كما تشاء بلا خشية حساب ولا عقاب محقَّقَين". وبحسب تعريفه فإن؛ "أشدّ مراتب الاستبداد التي يُتعوَّذ بها من الشّيطان هي حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية". ويقول _بما معناه_ أن كلما فقد المستبد إحدى الخاصيات السابقة فإن إستبداده يخف على (الرعية)، إذاً فإن مسألة التوريث (للسلطة المادية والمعنوية) وقيادة الجيش مع النفوذ الديني أو الأيديولوجي في وقتنا الحالي هي لبتي تؤسس لـ"حكومة الفرد المطلق".

لكن ما يؤخذ على الفكر السياسي عموماً إنها لم تؤصل المشكلة وتربطها بأصولها وجذورها الفكرية والفلسفية حيث وبقناعتي، فإن جذر الاستبداد تعود إلى مرحلة باكورة التوحيد في الفكر الديني حيث التضحية بمجمع الآلهة _آلهة السماء والأعماق وتوزع الأعمال والوظائف والمهمات على مجموعة كبيرة من الآلهة والأرباب_ لصالح إله ورب جامع، قوي، متكبر، مهيمن، متجبر وطاغي.. وهكذا فإن إسقاط هذه الصفات والأسماء على الإله الواحدالأحد _التسميات الأربعة الأولى هي من أسماء الله عند المسلمين_ يعكس ثقافة المرحلة التاريخية وفلسفتها وإنتقال المجتمعات من مرحلة المشاع إلى ما تعرف اليوم بالدولة المركزية وتأسيساً لسلطة الملك الفرعون أو الخليفة الحاكم بإسم الله وصولاً إلى الدولة الفاشية في المراحل المتأخرة مع النازية عالمياً والبعثية محلياً.

إذاً وإنطلاقاً مما سبق فإننا نلاحظ بأن كل الحكومات التي حكمت بلداننا المشرقية هي "حكومات فردية مستبدة"؛ دول إستبدادية، إن كانت منها الملكية الوراثية أو الجمهورية المتوارثة بالولادة أو من خلال العسكر وإنقلاباتهم وبلاغات رقم واحد وذلك حتى بعد أن شهدت المنطقة العربية ما تعرف بربيعها المتخريف _من الخريف وليس الخرّف، وربما الإثنين هو الأصح_ وتجربة مصر وإنقلاب العسكر ومجيء السيسي إحدى تعبيراتها الفاضحة.. وبالتالي؛ فإن مشكلة الإستبداد هي مشكلة ثقافية لها جذورها التاريخية في عمق الثقافة العربية والشرقية عموماً وهي ليست مرتبطة بجهة فئوية أو حزبية، كما يروج لها بعض الأطراف الحزبية والأيديولوجية حيث تجد كل طرف سياسي يحاول إتهام الآخر بالاستبداد والطغيان وكأن الاستبداد هي ثقافة ذاك الحزب وتلك الجهة الأقلوية وليس فكراً عاماً شمولياً في ثقافة المنطقة.

وتطبيقاً على الواقع السياسي الكوردي، فإننا نجد بأن أكثر طرف كوردي متهم بالإستبداد هم رفاق منظومة العمال الكوردستاني حيث يقول أحد الإخوة معلقاً على إحدى بوستاتي بخصوص هذه المنظومة ما يلي: "بغض النظر عن ما كتبه هذا وذاك وهنالك الكثيرون امثاله.. ولكن الا ترى ان من يقف في طريق وحدة الصف الكردي هم وحدهم سياسيي حزب العمال الكردستاني ويفرضون سياستهم على الاجزاء الاخرى. اظنك سوف تتهمني بانني مثله لانني لم اقل هربجي. انا لست مع اي حزب ولكن لنكن واقعيين ففرض الايديولوجيات هو بحد ذاته دكتاتورية".

إننا ومن خلال قراءة تعليق ذاك الأخ والصديق نلاحظ نوع من تبرئة الذات في تحميل الآخر كل تبعات الخلاف والإنقسام الكوردي وعدم توحيد الكلمة والتي هي أيضاً _أي تبرئة الذات وتحميل الآخر الأخطاء والمسؤوليات_ هي الأخرى لها جذورها في ثقافتنا الشرقية؛ حيث مفهو التأليه والشيطنة، فالأول نزيه كامل وكلي الحقيقة، بينما الآخر هو "الشيطان الرجيم" ونحمله كل تبعات الجريمة.

أما بخصوص الإتهام الشخصي لي، فيمكنني القول: أولاً لم أطلب الهربجي من أحد لأطلبه منه وثانياً لم أقل يوماً بأن نهج العمال الكوردستاني ليس إستبدادياً كما هي حال عموم الأحزاب الأخرى، كونها وكما أسلفت؛ هي جزء من ثقافة المنطقة وشعوبنا وبالتالي فهي تفرض سياساتها على الآخرين وسوف نمر بحقبة الإستبداد الكوردي كما الآخرين.. لكن وللأسف؛ فإننا نتهم حزب العمال الكوردستاني بسياسة الإستبداد وكأن أحزابنا الأخرى تمثل قمة الديمقراطية.

(*) عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي (1271 هـ / 1855 – 1320 هـ / 1902م) أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الفكر السياسي، اشتهر بكتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، الذي يعد من أهم الكتب العربية في القرن التاسع عشر التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي.




#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داود أوغلو: لن نسمح بسايكس بيكو جديدة للمنطقة!!
- حوار .. مع سلفي!!
- قوات التحالف الإسلامي .. هي لخلافة -داعش- وإعلان إقليم سني ف ...
- العكيدي ..في آخر خزعبلاته الحمقاء!!
- القائد السابق للناتو.. حان الوقت التحدث عن إمكانية تقسيم سور ...
- تركيا.. وقصف مواقع وحدات حماية الشعب.
- الرد الأمريكي ..على الطلب التركي لمنع قيام الكيان الكوردي.
- الوحدة الكوردية ..بات من مصلحة النظام السوري!!
- أسباب غياب ..الملف الكوردي في سوريا؟!
- (سيدي).. الإستبداد ليس واحداً!!
- الكوردي .. من هو الكوردي؟!!
- نقطة نظام ..في قضية العلاقة مع النظام!!
- شارل إيبدو .. هل تجنت أم قالت الحقيقة؟!!
- جهاد الخازن .. في قراءته لسياسات أردوغان.
- واقع مقلوب .. كوردستان لا تحتل الدول العربية!!
- فكرة التوحيد .. وبذور الإستبداد!!
- الكتابة.. على الحجر!!
- الكورد.. وعنصرية حنان الفتلاوي!!
- غسان عبود .. آخر من يريد أن (يركب الكورد)!!
- الكانتونات العربية.. في المناطق الكوردية!!


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - بير رستم - مشكلتنا مع الإستبداد.. ثقافي فكري وليس حزبي/ فئوي.