أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي الصافي - للالحاد مدينته الفاضلة -الحلقة الاولى















المزيد.....

للالحاد مدينته الفاضلة -الحلقة الاولى


قصي الصافي

الحوار المتمدن-العدد: 5082 - 2016 / 2 / 22 - 13:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للالحاد مدينته الفاضلة -الحلقة الاولى

النزعة الامبريالية للملحدين الجدد

تجنباً للالتباس وسوء الفهم يجب الاشارة الى ان المقالة لا تستهدف الالحاد تحديداً، وهي ليست دعوة للايمان الديني، انما هي محاولة نقدية للكشف عن الابعادالفكرية والسياسية لحركة الملحدين الجدد، التي أسسها وروّج لافكارها بنشاط حثيث كل من كرستوفر هيجنز و ريشارد دوكنز وسام هاريس وسوزان بلاكويل.
يزعم الملحدون الجدد ان خلاص البشرية يكمن في تطهير عقل الانسان المعاصر مما يسمونه بالفيروس الديني، وكلمة فيروس هنا ليست مجازية بل تعني ما تعنيه بيولوجياً حسب "نظرية" سوزان بلاكويل ، ويعدنا الملحدون الجدد بأننا سنلج عالماً جديداً تتلاشى فيه الاديان وتنحسر معها الاحقاد و الحروب، فالاديان مصدرها الوحيد حسب زعمهم، عالماً جديداً يحتكم فيه الانسان الى العلم الخالص، انسان يفكر ولا ينفعل، لا يلهمه الوعظ والاساطير والقصص اللاعقلانية، فهو قادر على تأسيس منظومته القيمية والاخلاقية بالاحتكام الى المنطق العقلي فقط، ( سوبرمان جديد نقيض لسوبرمان نيتشه .)

بينما ينشر الملحدون الجدد أشرعة العلم إبحاراً إلى مدينتهم الفاضلة، يتجاهلون ما استقرت عليه دراسات علم النفس و الابستمولوجيا التي تؤكد ان عقل الانسان ليس حراً مستقلاً بل تنازعه في تشكيل الأفكار وبناء المفاهيم شبكة معقدة من قوى خفية راسخة في العقل الباطن من عواطف وانفعالات ( أمل، خوف، قلق.... الخ) إضافة إلى ميول وانحيازات لا عقلانية تتشكل عبر تجارب الحياة الفردية والجماعية.
ولادة الانسان المتعلمن ( من العلم) ليست سوى صورة ذهنية متخيلة لا تقل طوباوية عن المتخيل الديني وفردوس حاكمية الله.
اليوتوبيات تصنع تأريخها المتخيل أيضاً، فالاصولية الدينية ترسم صورة للأسلاف لم يشهدها التأريخ يوماً، فمدينة الاسلاف يسودها العدل االمطلق والمساواة الكاملة ونقاء المثل والاخلاق، بيد ان الملحدين الجدد لا يترددون في اعادة تصنيع التأريخ الحديث ايضاً، فكرستوفر هيجنز ينكر اي أثر للايمان الديني على حركة غاندي ومارتن لوثر كينغ ولاهوت التحرير في اميركا اللاتينية، وماما تيريزا بالنسبة له مجرد إمرأة مخادعة، ويرى ان الدين مثل ينبوع يعب منه الناس سموماً، تحث فيهم روح الكراهية وحب القتل والحروب ، ولن يشهد العالم سلاماً إلابالقضاء على الاديان، وهو بهذا يتناسى مجازر وحروب القرن العشرين أكثر القرون دموية ، و قد كان مرتكبو تلك المجازر إما ملحدين أو غيرمتدينين ( هتلر، موسوليني، بول بوت ، ستالين، صدام.....الخ) . سام هاريس لم يستطع تلمس البعد القومي في مجازر ميلوسوفيتش ضد شعب البوسنه ويراها حرباً بين الاسلام والمسيحية.
يزعم الملحدون الجدد أن حركتهم حركة علمانية جاءت لتستكمل أهداف حركة التنوير الاوربية والتي أنهت سلطة المؤسسة الدينية، إلا انها لم تقتلع جذور الفكر الديني بشكل نهائي. فهل هم علمانيون حقاً؟
العلمانية تضع الدين ضمن فضاءه الخاص وترسم له حدوداً مقننة ليكون جزءٱ-;- من الثقافة الاجتماعية لا حارساً ولا مهيمناً عليها، وبهذا يحيا المؤمن وغير المؤمن في تعايش سلمي عبر تنازلات مشتركة وتلاقح بين الدين والثقافة الاجتماعية أو الحداثة، وهذا ما يفسر الاختلاف الكبير بين رؤى وقيم الكاثوليكي الفرنسي ونظيره العربي، وبين المسلم السعودي ونظيره الامريكي أو حتى العربي، تلك الصيغة من الايمان يطلق عليها اوليفيي روا "الايمان الاجتماعي ، الذي تتبناه المليارات من المؤمنين في المعمورة . يوضح اوليفيي رو ا في كتابه (الجهل المقدس) ان الاصولية الدينية تنشأ عند انسحاب جماعة دينية من ذلك التوافق غير المعلن مع الحداثة، بالرجوع الى الدين بحرفيته النصية على اعتباره نظاماً متكاملاً للحياة الاجتماعية والسياسية، فترفض اي تنازلات للحداثة على اعتبارها ثقافة وثنية، يجب معاقبة وتكفير من يرتضيها نظاماً للحياة وإن كان مؤمناً إيماناً إجتماعياً.
بالمقابل يعلن الملحدون الجدد حربهم ليس ضد الاصوليين فحسب بل ضد المليارات من المؤمنين، و تتلبس خطابهم عنصرية واضحة واستعلاء عرقيا، وعدوانية غير مسبوقة تصل حد الرغبة في إبادتهم نووياً. في كتابه (نهاية الاديان) يحبذ سام هاريس ضربة نووية استباقية
ضد اي دولة اسلامية ستمتلك سلاحاً نووياً ، خشية ان تعمد إلى تدمير العالم بحكم النزعة الجهادية وحب الشهادة لدى المسلمين، و يضيف براحة ضمير (نعم سيقتل عشرات الملايين من المسلمين في يوم واحد، ولكن لا خيار لنا سوى استباق كارثة محتملة).
للدخول في لعبة الافتراضات والتي وضع هاريس قواعدها بقوله( علينا ان نتخذ التأريخ مرشداً) ، نقول لم نعرف شيئاً عن تأريخك المتخيل مستر هاريس، إلا ان التأريخ الحقيقي يخبرنا إن العدوان النووي على هيروشيما وناكازاكي قد اقترفته الولايات المتحدة على يد رئيسك
روزفلت، والذي لم يكن مسلماً أو متديناً، وان الخزين النووي الاكبر في العالم قد يمتلك ازرار التحكم به مرشح الرئاسة الموتور دونالد ترامب. يبدو واضحاً ان هاريس قد تجاوز الاسلاموفوبيا إلى تبرير حروب اليمين المتطرف، ولا غرابة اذن ان يهلل لكتابه المحافظون الجدد وصقور اليمين والمنظمات المسيحية المتطرفة كحركة الحق المسيحي رغم الحاد الكاتب.

في مناظرة تلفزيونية جمعت كرستوفر هيجنز بأخيه بيتر المعارض للحرب في العراق خاطب كرستوفر الحضور قائلاً" لا يخدعنكم من يسمون انفسهم تقدميين باسم الانسانية، علينا ان نؤمن ونؤكد ونصر أن نفط العراق من حقنا نحن( يقصد الاوربيين)، إنظر الى العراق، إنه محاط بالوهابيه السنية المتطرفة من جهة وبالشيعية الايرانية المتطرفة من جهة اخرى .) مرة اخرى يصافح الملحدون الجدد صقور اليمين ويروجون لسياساتهم المدمرة، والملفت للنظر أن كرستوفر هيجنز قد وثب من التروتسكية الى مستنقع اليمين بقفزه واحدة.

يمكنك النجاة من انتقام الاصولية الدينية بالتوبة في حالة الاسلاموية، أو أن تولد من جديدجندياً للمسيح ينبذ الحداثة الوثنية وديمقراطيتها في حالة الاصولية المسيحية، أما الملحدون الجدد فلا توبة معهم، فأنت كمؤمن مصاب بفيروس ينتقل جينياً حسب "نظرية بلاكويل" وعليك
ان تنتظر تطوراً في الهندسة الجينية يطهر جيناتك، على أمل أن يحصل ذلك قبل أن يلقي على رأسك سام هاريس قنبلته النووية.

يتبع.



#قصي_الصافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ - الحلقة الأخيرة
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ - الحلقة الخامسة
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ / الحلقة الرابعة
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ - الحلقة الثالثة
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ - الحلقة الثانية
- الديمقراطية وسلطة المال عبر التأريخ
- الانترنيت في القرن السابع عشر
- دور البيرة في تطور حضارات سومر
- عن الطائفية وأزمة العراق وتنبؤات توفلر
- الحب من منظور فلسفي
- العقلاني واللاعقلاني بين الخطاب العربي والأوروبي
- النزعة السايكوباثية للقانون الجعفري
- حق المرأة بالتصويت... الصراع المرير
- الثورة التي أدهشت العالم -الحلقة الثانية
- الثورة التي أدهشت العالم-الحلقة الأولى
- المثقف النخبوي بين إختراع الطباعة والإنترنت
- الإنتفاضات العربية ونظرية المؤامرة
- الإنتفاضات العربية ونرجسية المثقف
- المقدس بين الدين والعلمانية
- -الثائر- آكل لحوم البشر


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - قصي الصافي - للالحاد مدينته الفاضلة -الحلقة الاولى