أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا تشويه الأنبياء العبريين ؟ (2)















المزيد.....

لماذا تشويه الأنبياء العبريين ؟ (2)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 5042 - 2016 / 1 / 12 - 21:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى التوراة أشياء لا يستطيع العقل الحر تجاوزها دون التوقف أمامها ، فإذا كانت الديانة العبرية بشعبها الثلاث تعترف بأنّ من بين الأنبياء شخصية (نوح) فلماذا تمّ تشويه صورته ، وبأسلوب صادم للقارىء ، فمثلا نقرأ ((... وشرب نوح من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. فأبصر حام أبوكنعان عورة أبيه وأخبر أخويه. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء ، فلم يـُـبصرا عورة أبيهما . فلما استيقظ نوح من خمره علم ما فعل ابنه الصغير. فقال ملعون كنعان.. عبد العبيد يكون لاخوته. وقال مُـبارك الرب إله سام.. وليكن كنعان عبدًا لهم.. ليفتح الله ليافث فيسكن فى مساكن سام.. وليكن كنعان عبدًا لهم)) (تكوين : 9/ من 20- 27) فإذا كان هدف كاتب هذا السـِـفر هو مجرد التفرقة بين أبناء نوح ، أى التفرقة بين الساميين (أبناء سام) والحاميين (أبناء حام) فلماذا لجأ لتلك الصورة الشائنة عندما صوّر نوح (النبى) وهو فى حالة سكر؟ لدرجة أنه (من شدة سكره) لم يشعر بعريه فبانتْ (عورته) وبصيغة أخرى ، لماذا لم يكن الكاتب مُـباشرًا فيكتب أنّ (سام) أفضل من (حام) دون حكاية السكر، ودون تعرية عورته؟ وأعتقد أنّ ذلك النص (الذى ليستْ له أدنى علاقة بعلم الأجناس) هو السبب الكارثى الذى استمرّ وتبنــّـته الديانة العبرية والثقافة العبرية حتى لحظتنا الراهنة ، وهى أنّ (الحاميين) لابد أنْ يكونوا عبيدًا ل (الساميين) مع ملاحظة أنّ من كتبوا باقى أسفار العهد القديم وقعوا فى التناقض ، حيث ورد فى أكثر من سـِـفر تفاصيل الصراع بين الفلسطينيين وبين أتباع موسى واتباع دواد ، رغم أنّ الجميع (سامييون) وتأكــّـد ذلك عندما ((دعا إسحق يعقوب وباركه وأوصاه وقال له لا تأخذ زوجة من زوجات كنعان)) (تكوين : 38/1)
وكما تم تشويه صورة نوح ، كذلك تم تشويه صورة (لوط) الذى تعترف به الديانة العبرية على أنه (من الأنبياء العبريين) فنقرأ ((وصعد لوط من صوغر وسكن فى الجبل وابنتاه معه ، لأنه خاف أنْ يسكن فى صوغر، فسكن فى المغارة هو وابنتاه . وقالت البكر للصغيرة : أبونا قد شاخ وليس فى الأرض رجل ليدخل علينا كعادة كل الأرض . هلم نسقى أبانا خمرًا ونضطجع معه. فنــُـحيى من أبينا نسلا . فسقتا أباهما خمرًا فى تلك الليلة. ودخلتْ البكر واضطجعت مع أبيها . ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها . وحدث فى الغد أنّ البكر قالت للصغيرة إنى قد اضطجعتُ البارحة مع أبى . نسقيه خمرًا الليلة أيضًـا فادخلى اضطجعى معه. فنــُـحيى من أبينا نسلا. فسقتا أباهما خمرًا فى تلك الليلة أيضًـا . وقامتْ الصغيرة واضطجعت معه ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها . فحبلتْ ابنتا لوط من أبيهما.. إلخ)) (تكوين : 19/20- 28)
أى أنه من أجل تواصل سلالة (الساميين) وتكاثرها كان لابد من تلك (القصة) التى كتبها (مؤلف) يفتقد لأدنى أساليب الكتابة ، ناهيك عن 1- تكريس الفــُـحش بإقامة علاقة مُـحرّمة ومنبوذة من كل التشريعات (الإنسانية) 2- كيف يتم الحمل بينما الرجل (لوط) لم ((يعلم)) بما حدث من ممارسة جنسية ؟ هو فيها طرف (فاعل) لدرجة تخصيب ابنتيه بحيواناته المنوية ؟ وإذا كان اغتصاب الرجل للبنت (كما فى الأفلام السينمائية) ينتج عنه الحمل ، وهى حقيقة مشكوك فيها خاصة لو كانت الفتاة فى حالة غيبوبة بسبب السُـكر الشديد أو تحت تأثير أى مُـخـدّر، فكيف يكون اغتصاب الفتاة للرجل ؟ أليست تلك (قصة) رديئة التأليف ؟ ونفس تلك القصة الرديئة تكرّرتْ مع (ثامار) التى غطــّـتْ وجهها ببرقع وأغوتْ (يهوذا : حماها / والد زوجها) فحملتْ منه (تكوين : 38/ 12- 19) ونقرأ ((إنى أحب ثامار أخت أبشالوم أخى.. فقال له (يوناداب) اضطجع على سريرك وتمارض.. وإذا جاء أبوك ليراك قل له : دع ثامار أختى فتأتى وتــُـطعمنى خبزا . فأرسل دواد إلى ثامار قائلا اذهبى إلى بيت أمنون أخيك واعملى له طعامًـا.. أخذت ثامار الطعام وأتتْ به إلى أمنون أخاها إلى المخدع.. فأمسكها وقال لها تعالى اضطجعى معى يا أختى.. فقالت له لا يا أخى لا تذلنى.. فلم يسمع كلامها وتمكــّـن منها وقهرها واضطجع معها (صموئيل الثانى : 13/ 1- 14) أما الإصحاح السادس عشر من سـِـفر حزقيال فإننى أترك للقارىء حرية قراءته (أو عدم قراءته) نظرًا لما فيه من فــُـحش شديد خجلتُ من نقله للقارىء ، خاصة وأنه يتكلــّـم عن أورشاليم والفلسطينيين وترديد كلمة (الزنا) كثيرًا.. ولمن يود المزيد عليه أنْ يقرأ نشيد الإنشاد .
وبينما أتتْ صورة (لوط) مُـشوّهة فى التوراة ، فإنّ القرآن رفع من شأنه فى أكثر من سورة وأنه حذر قومه من الفاحشة فنقرأ ((ولوطــًـا إذْ قال لقومه أتأتون الفاحشة... إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء)) (الأعراف/ 80، 81) وأيضـًـا ((قالوا يا لوط إنــّـا رُسُـل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد إلاّ امرأتك إنه مُـصـيبها ما أصابهم)) (هود/81) وسورة الحجر/ من 59- 61 وسورة الشعراء / من 160- 167 وسورة النمل / 54 وسورة العنكبوت / من 26- 30 ، وكانت الآبة الأخيرة فيها تحدى من قوم لوط حيث قالوا لنبيهم ((ائتنا بعذاب الله إنْ كنتَ من الصادقين)) فما سبب تلك المفارقة (بل والتناقض) بين العهد القديم والقرآن حول شخصية (لوط) فى الشعبة الأولى (اليهودية) تشويه صورة (لوط) وفى الشعبة الثالثة (الإسلام) دفاع عنه وأنه هو الذى حذّر قومه من الفاحشة ؟ رغم أنّ الشعبتيْن (اليهودية والإسلام) تنتميان إلى ديانة واحدة ، ونفس الشىء حدث حول شخصية إبراهيم ، الشعبة الأولى شوّهتْ صورته والشعبة الثالثة أكرمته.
كذلك فإنّ الشعبة الأولى (اليهودية) شوّهتْ شخصية النبى الخصوصى لبنى إسرائيل (موسى) حيث أنّ ولادته ناتجة عن علاقة مُـحرّمة ، فنقرأ ((فأخذ عمرام (= عمران فى القرآن) يوكابد عمته زوجة له فولدتْ له هارون وموسى)) (خروج : 6/ 20) وتكرّر نفس المعنى مرة أخرى فنقرأ ((واسم امرأة عمرام يوكابد بنت لاوى التى ولدتْ للاوى فى مصر. فولدتْ لعمرام هارون وموسى ومريم أختهما)) (عدد : 26/ 59) فلماذا أراد من كتبوا العهد القديم تشويه صورة نبيهم (موسى) بالنص على أنه جاء من علاقة غير مشروعة بين أبيه (عمرام/ عمران) وعمته ؟ بينما فى القرآن دفاع حميم عن (موسى) وعن بنى إسرائيل فى أكثر من سورة ؟ وهذا هو الاختلاف بين الشعبتيْن العبريتيْن (اليهودية والإسلام) ولكن كان الاتفاق بينهما على أنّ (مريم) أخت هارون وموسى ، فإذا كانت مريم هى أم السيد المسيح ، وإذا كان السيد المسيح قد وُلد بعد زمن موسى وهارون ، وأنّ الفاصل الزمنى بين العهديْن يزيد عن ألف عام ، فلماذا النص على أنّ السيدة مريم وموسى وهارون أشقاء ، وأنّ أباهم (عمرام/ عمران) وأنّ الأشقاء الثلاثة جاءوا من علاقة غير مشروعة ؟ ولماذا وضعوا السيدة مريم مع هارون وموسى رغم الفارق الزمنى بين العهديْن ؟
أما شخصية النبى داود فإنّ الشعبة الأولى شوّهته بطريقة بشعة ، حيث أنه أعجب بسيدة مُــتزوّجة ، فأرسل زوجها (الضابط) إلى (معركة) لا يعود منها ، وهذا هو ما جاء فى النص التالى ((وكان فى وقت المساء أنّ داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك.. فرأى من على السطح امرأة تستحم . وكانت المرأة جميلة المنظر جدًا . فأرسل داود وسأل عن المرأة . فقال واحد : أليستْ هذه بنشبع بنت أليعام امرأة أوريا الحثى ؟ فأرسل داود رسلا وأخذها فدخلتْ إليه فاطجع معها وهى مُـطهـّـرة من طمثها ثم رجعتْ إلى بيتها . وحبلتْ المرأة فأرسلتْ وأخبرتْ داود وقالت إنى حبلى . فأرسل داود إلى يوآب يقول أرسل إلىّ أوريا الحثى (زوج المرأة) فأرسل يوآب إلى داود . فأتى أوريا إليه.... فقال داود لأوريا : أما جئت من السفر؟ فلماذا لم تنزل إلى بيتك ؟.... فقال داود أقم هنا اليوم أيضًا وغدًا أطلقك.. فقام أوريا إلى أورشليم.. ودعاه داود فأكل أمامه وشرب وأسكره... وفى الصباح كتب داود مكتوبـًـا إلى يوآب وأرسله بيد أوريا.. وكتب فى المكتوب يقول : اجعلوا أوريا فى وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فـيُــضرب ويموت..... وعرى داود يتشبع (زوجة أوريا) ودخل إليها واضطجع معها فولدتْ ابنــًـا فدعا اسمه سليمان والرب أحبه... إلخ)) (صموئيل الثانى – 11 ، 12) أى أنّ التشويه نال داود (إقامة علاقة مُـحرمة مع زوجة الضابط أوريا ثم الأمر بجعله يموت فى الحرب) ونال التشويه ابنه (سليمان) المُـعترف به كأحد الأنبياء المُـهمين فى الديانة العبرية بشعبها الثلاث ، حيث جاءتْ ولادته عن طريقة تلك العلاقة التى حرّمتها تلك الديانة وأدانتها كل التشريعات الوضعية التى سنــّــها البشر.
تشويه الأنبياء العبريين فى الديانة العبرية (خاصة فى الشعبة الأولى / اليهودية) يـُـثير أكثر من سؤال عن 1- مغزى ذلك التشويه ؟ 2- هل (الرب) أيـًـا كان اسمه (يهوه أو إيل أو الله) أرسل هؤلاء (الأنبياء) ليكونوا (رسل) هداية للبشر، وترسيخ القيم (الأخلاقية) النبيلة ، أم ليفعلوا عكس تلك القيم النبيلة ؟ 3- وهل هناك شك فى أنّ من كتبوا العهد القديم بشر، وبالتالى فإنه ليس مُــنزّل من السماء كما جاء فى كتب الديانة العبرية بشعبها الثلاث ؟ 4- والسؤال الأخير والأهم هو: أليس هذا التشويه للأنبياء فيه الدلالة القاطعة على عقلية من كتبوا العهد القديم ، وهى عقلية رعاة الغنم والغزو، والسبى واحتلال أراضى (كل) الشعوب لصالح بنى إسرائيل ؟
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا شوّه اليهود أنبياءهم ؟
- لماذا انحاز الرب العبرى للرعاة ؟
- الخروج من جزيرة العرب إلى العالم الخارجى
- كيف تكون الدعوة للدين بالسلاح ؟
- توالى انتصارات جيش محمد (4)
- تثبيت أركان الدعوة المحمدية (3)
- كيف انتصرت الدعوة المحمدية ؟ (2)
- كيف انتشر الإسلام ؟
- الآخرة فى أساطير الشعوب والديانة العبرية
- جذور الصراع بين الرعاة والزراع
- الولع بالدمار فى الأساطير وفى الديانة العبرية
- جذور أسطورة الطوفان
- التكوين الكنعانى والتكوين التوراتى
- الأساطير بين الأديان وانتاج الشعوب
- الديانة العبرية والموقف من مصر
- المخابرات الأمريكية وصناعة الإسلاميين
- زهران وخميس والبقرى
- المتعلمون المصريون والهوس بالأصولية الإسلامية
- الفنون والثقافة القومية لا الأديان
- قراءة فى أحاديث البخارى المتنوعة


المزيد.....




- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- -تصريح الدخول إلى الجنة-.. سائق التاكسي السابق والقتل المغلف ...
- سيون أسيدون.. يهودي مغربي حلم بالانضمام للمقاومة ووهب حياته ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى في ثاني أيام الفصح اليهودي
- المقاومة الإسلامية في لبنان .. 200 يوم من الصمود والبطولة إس ...
- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - لماذا تشويه الأنبياء العبريين ؟ (2)