أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية الأولى !















المزيد.....

أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية الأولى !


محمود شاهين
روائي

(Mahmoud Shahin)


الحوار المتمدن-العدد: 5030 - 2015 / 12 / 31 - 01:35
المحور: الادب والفن
    


وهو يجلس صامتا متأملا في ظل صخرة عملاقة في صحراء على كوكب مهجور حيث أمر المركبة أن تهبط فيها ليخلو إلى نفسه بعض الوقت جاهدا قدر الإمكان الخروج من هموم البشرية ، راح الملك لقمان يتذكر بعض وقائع رحلته الأولى بدءا من محاولة انتحاره في الصحراء الدمشقية وحفر قبر لنفسه ليعثر على القمقم الذي سجن فيه الملك شمنهور من قبل النبي سليمان ، مرورا بكوكب الزهرة وتتويجه ملكا على الجن وزواجه من الملكة نور السماء ، وبجهنم الإله الطاغية داجون، وانتهاء بكوكب الأساطير الذي كان الناس يلقون فيه بناتهم للإله النهر حتى لا يغضب ويفيض ليغرقهم . توقف للحظات عند حواره مع رجل المعرفة " شاهل بيل "على كوكب الزهرة، حول الحقيقة والخيال ، حين سأله عما إذا كان يرى أن وجوده والجن على الكوكب حقيقة أم أنه خيال ؟ ليجيبه الآخربما لم يتوقعه " نعم أنتم حقيقة لكن بقدر ما أنتم خيال " وهاهي هذه الأفكار تعود لتراوده ثانية محاولا قدرالإمكان أن يقنع نفسه بأنه حقيقة بقدر ما هو خيال ، ليس انطلاقا من رأي رجل المعرفة وحده بل وانطلاقا من فكر صانع شخصيته "محمود شاهين " الذي يرى أن الوجود الحقيقي هو لله وحده ، وما الوجود المتجلي إلا مجرد وهم أرادت لنا الألوهة أن نراه حقيقة ،وسيظل كذلك إلى أن يأتي يوم يعم فيه كمال ما يصبح فيه الوهم حقيقة .
ترى ما الذي ستكون عليه نهايته في هذه الرحلة ولماذا أعاد محمود شاهين خلقه بعد عشرين عاما في عمان وليس في دمشق ويضعه في الحال إياها : اليأس ومحاولة الإنتحار ! فهل انتحر فعلا وتحطم جسده على رصيف البناية التي ألقى نفسه من فوقها، أم أن الشيطان تلقفه وأنقذه فعلا وأن كل ما جرى ويجري معه هو حقيقة ؟ هل سيتحقق له لقاء الله ليسبر أغوار الحقيقة ، وهل مخاطبة الله له في كلمته الكونية بالحبيب حقيقة أم انها مجرد أحلام ؟! حين قرر العودة إلى الأرض ليحيا الشقاء لم يكن يعرف أنه يدخل في الحقيقة المطلقة . لم يعد إلى بيته كما تخيل . كذلك لم يصعد إلى السماء ، لكنه دخل في الحقيقة المطلقة :
* ما جرى للأديب لقمان قبل عشرين عاما !
كان بعض الرعاة ينتشرون بقطعانهم على أطراف الصحراء الدمشقية ، حين شاهدوا أسرابا من الطيور المختلفة ، تقدم عبر الفضاء لتحلق على ارتفاع منخفض فوق موقع منبسط في الصحراء. ما أدهش الرعاة هو كثرة الطيور وتنوعها وتآلفها وتحليقها في أسراب منتظمة فوق هذه الرقعة الصحراوية .
كانت النسور تحتل مركز اللتحليق ، تلاها الصقور والعقبان ، ثم اللقالق فا لقطا والنوارس واليمام ، وقد رسمت في الفضاء مشهدا أخاذا ..
أخذ الرعاة يتنادون منبهين بعضهم لما يجري ، وما لبثوا أن راحوا يهرعون نحو المكان لمعرفة السبب الذي دعا الطيور إلى التحليق فوق هذا المكان وبهذا الإنتظام الساحر.
حين راح الرعاة يقتربون كانت النسور تهبط لتحلق على ارتفاع منخفض فوق المكان وكأنها تريد أن توفر حماية له ، وهو ما تأكد الرعاة منه حين غدوا على مسافة أمتار من حفرة مستطيلة في المكان ، فقد راحت النسور تهبط أكثر فأكثر. واصل الرعاة تقدمهم ببطء دون أن يحاولوا الهوش على النسور ، لإحساسهم أن ما يجري أمر مهيب ، وأن النسور ربما تكون كائنات مسحورة ، أو مسيرة من الله ، وأنها قد تؤذيهم إذا ما حاولوا ابعادها. .
واصل الرعاة تقدمهم ببطء وتوجس إلى أن غدوا على مسافة أقرب من الحفرة ، لكنها لم تتح لهم رؤية ما بداخلها ، وتخوفوا من التقدم لأن النسور راحت تنقض نحوهم ، وكأنها تحذرهم من التقدم أكثر ، مما دفع الرعاة إلى الإعتقاد بأن الحفرة تحوي فراخ نسر ما ، وأن النسور تذود عنها ، كما يذود أي طائر عن فراخه.
تجرأ أحد الرعاة وتقدم ببطء ضاما يديه إلى صدره ليوحي للنسور أنه مسالم ولن يقوم بما هو مؤذ ، وفعلا نجح الراعي في التقدم إلى أن وقف على مسافة تتيح له رؤية عمق الحفرة .
كان ثمة رجل ملتح بدا في الأربعينات من عمره يتمدد ميتا على أرض الحفرة ، شابكا يديه على صدره ، وثمة طيف ابتسامة يرتسم على شفتيه ، ونور ما يشع من وجهه، مضفيا مهابة أخاذة وطمأنينة فريدة على محياه ، فبدا وكأنه ليس ميتا على الإطلاق. كان يتمدد بكامل ملابسه التي لم تتعفر بالتراب ، رغم عوامل الطبيعة ووجوده داخل حفرة، يبدو أنه هو من حفرها ليموت
فيها. ولم يكن قد نزع حذاءه أيضا . وكان هناك مسدس صغير ملقى على صدره إلى جانب يديه المشبوكتين. وثمة خنجر أيضا إلى جانبه.
كانت أكوام التراب تحيط بالحفرة وثمة جمجمة قديمة وقمقم نحاسي عتيق يندثران بين الأكوام .
حاول الراعي مد يده لأخذ القمقم ، ففوجىء بالنسر ينقض عليه بشراسة وهو يزعق بصوت مخيف . تو قف الراعي وأشار للرعاة أن يتقدموا ببطء وهدوء ليروا.
أحاط الرعاة بالحفرة القبر ، وراحوا يتأملون وجه الرجل دون أن يأتوا بأية حركة ، وفيما هم يتأملون وجهه شاهدوا طيف الإبتسامة المرتسم على شفتيه ينفرج بين فينة وأخرى ، لتبدو ابتسامته أكثر انفراجا ، وكأنه ليس ميتا ، مما جعلهم يوقنون أنهم في حضرة ولي من أولياء الله الصالحين.
لم يعرف الرعاة ماذا يفعلون ، فلا يعقل أن يتركوا الرجل ملقى هكذا في هذه الحفرة في الصحراء ، وكلما حاولوا الإنحناء قليلا أو الإتيان بأية حركة كانت النسور تنقض عليهم بشراسة ، فلم يكن أمامهم إلا الإنصراف لإخبار سكان قراهم بما شاهدوا .
راح الرعاة يعتلون قمم الجبال والتلال المحيطة بالمكان وينادون الناس في القرى بأعلى أصواتهم ، أن يهرعوا لمشاهدة المعجزة الإلهية.
راح الناس يهرعون من كل صوب من القرى المختلفة ، وفيما كانوا يقتربون شاهدوا ضريحا ينهض في المكان تعلوه قبة كبيرة ، فيما عادت الطيور تحلق على ارتفاع شاهق نسبيا ، وحين بلغوا الضريح وجدوا أنه أحيط بسور من القضبان الفضية ، وحين حاولوا ملامستها لتقبيلها والتبرك من صاحب الضريح ، فوجئوا بالنسور تنقض عليهم مانعة إياهم من لمسها ، فوقفوا على مسافة منها ، وكان في مقدورهم أن يقرأوا بعض الكتابات التي كتبت على جدران الضريح بخط ذهبي واضح:
"هنا يرقد جسد الرجل الذي عرف الله وجزءا من الحقيقة ، هنا يرقد جسد الأديب الملك لقمان عليه السلام" !!
كما قرأوا بعض العبارات الأخرى التي يبدو أنها من كلماته في الحياة :
" وحين التقينا يا إلهي بعد كل هذا العناء من البحث عنك وجدت نفسي أمام نفسي "
"لا يمكن لكل لغات العالم أن تعبر عن شعوري يا إلهي حين أخبرتني أن لا جهنم لديك ، وأنك
لا تحمل إلا المحبة لمخلوقاتك"
"من شاء منكم أن يتعبد إلى الله فليحبه من كل قلبه ومن أعماق نفسه ، فلا عبادة عند الله أكبر من المحبة التي ينبض بها القلب وتختلج بها لواعج النفس"
"أنا روح الحق ، روح الله الذي لا إله غيره "
"ليس هناك امرأة تملأ حياة رجل ، وليس هناك رجل يملأ حياة امرأة ، فالنفس تواقة دوما إلى الجمال ، والجسد لا يسمو إلا بالمتعة والكمال ، فنوعوا النكاح ، ومارسوا الحب بالتراضي والقبول ولا تحرموا أنفسكم وأجسادكم متعة الحياة فإنكم بذلك تتقربون إلى الله" .
: إن مساءلة الله والتساؤل عنه واجب على البشر ، وإني أقول لك أيها الشاب "
إن فهمك بعض الناس فأنت عبقري ، وإن فهمك معظم الناس فأنت ذكي ، وإن فهمك الناس جميعا فأنت أحمق"
" لا يحصد المرء دائما ما يزرع "
" قد يدخل جمل من ثقب إبرة ، لكن لن يدخل تاجر جشع إلى قلوب الناس "
"المادة هي الروح ، والروح هي المادة ، والفصل بينهما مسألة عبثية ، وقد وجدا معا في آن واحد ، ومنهما جاء كل شيء"
إضافة إلى كتابات أخرى كثيرة من عبارات مأثورة قالها الملك لقمان .
*****
وكان الأديب لقمان بعد أن عثر على القمقم في القبر الذي حفره لنفسه لينتحر فيه ، راح يتخيل أن جنيا ما سيخرج له منه ، وهذا ما كان ، فاستلقى في القبر وأطلق العنان لخياله ليتابع رحلته مع الجني في الكون.
دام تخيله تسعة أيام بلياليها دون أن يذوق أي طعام أو شراب ، ودون أن يشعر بحاجته إليهما ، ودون أن تتمكن وحوش الصحراء من الإقتراب منه ، إلى أن أتم تخيله في اليوم التاسع ، فاصطفاه الله إلى رحابه . وأسلم الروح !
*****
كان هذا ما جرى للقمان في رحلته الأولى فما الذي سيجري له في رحلته الثانية ؟ وما الذي يريده محمود شاهين من إحيائه ثانية بعد عشرين عاما من انتحاره . هل يصبح ما تخيله لقمان حقيقة ؟ وهل سنتقبل ما جرى له في الرحلة الأولى وما سيجري له في الرحلة الثانية ليرقى إلى مصاف الحقيقة أم أنه سيظل وهما لا يرقى إلى الحد الأدنى من الحقيقة ؟
****
يتبع



#محمود_شاهين (هاشتاغ)       Mahmoud_Shahin#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أديب في الجنة (20) * البشر والجن على موائد الله !!
- أديب في الجنة (19) * فرحة الأمم بالمحبة والسلام !
- أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
- أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه ...
- الجنون في الأدب !
- أديب في الجنة (16) ثورة النساء على ظلم الرجال والحكام !
- أديب في الجنة (15) تعاليم لقمانية واغتصاب جماعي !
- أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !
- أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
- تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة . ...
- أديب في الجنة . (12)
- أديب في الجنة . (11)
- أديب في الجنة (10)
- أديب في الجنة (9)
- أديب في الجنة.(8)
- أديب في الجنة ! (7)
- أديب في الجنة ! (6)
- أديب في الجنة ! (5)
- أديب في الجنة (4)
- أديب في الجنة (3)


المزيد.....




- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شاهين - أديب في الجنة (21) فصل الختام في رحلة الملك لقمان الفضائية الأولى !