|
أديب في الجنة (18) * دولة النساء الديمقراطية العلمانية !
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5026 - 2015 / 12 / 27 - 09:16
المحور:
الادب والفن
كانت كلمة الملك لقمان مفاجئة للنساء الألف بقدر ما كانت أفعاله ونصرته لهن مفاجأة لم تخطر على بال أحد . فما أن أنهى كلمته المقتضبة حتى وقفن وشرعن في التصفيق الحاد وهن في غاية الفرح والسعادة، فيما كانت السيدة يقظة العقول تستنهض ذاكرتها لترد على كلمة الملك بأفضل ما تجود به مخيلتها . وما أن جلست جميع النساء حتى شرعت في الكلام : " إنه لمن دواعي سرورنا وعمق مشاعرنا أن نتقدم لمقام جلالكم السامي بجزيل الشكر والإمتنان لكل ما أقدمتم عليه من أعمال خيرانية أنقذتم بها ملايين النساء والفتيات والأطفال من الظلم والتعسف، وحررتم االبلدان المجاورة من طغيان الإحتلال، وأخرستم أسلحة الفتك والدمار. لقد ابتلينا ياسيدي بقوم عميت بصائرهم فأعادونا إلى عصور الظلام المنقرضة بدلا من أن يسيروا بركب الحضارة المعاصرة . فكبلوا الحريات بدءا من حرية الرأي وانتهاء بحرية الإنسان في جسده ، ليصبح كل سلوك للإنسان مهما كان ، خاضعا لقيم بائدة ، وأخرى متخلفة لم يوجدها العقل البشري يوما . لقد غدا الإنسان في بلدنا أسيرا لما يملى عليه ، من تمجيد للطاغية وزبانيته، وتنفيذ لأوامرهم ، وتحقيق لرغباتهم ، والسير في ركب الحماقة والجهل والتخلف ولو أدى ذلك إلى معاداة الشعوب والأمم " "سيدي جلالة الملك : لقد أمضينا أكثر من عام للتحضير لتظاهرتنا اليوم لتكون ثورة شاملة في كل مدن بلدنا ، ولذلك لم تتعرض للقمع العنيف الذي كانت تتعرض له التظاهرات السابقة من ضرب وقتل واعتقال وتعسف ، ولم تكن الأمور لتنتهي إلى ما انتهت عليه لولا نجدتكم المعجزة لنا ، التي أدركنا جميعا أنها لم تتم إلا بوحي إلهي ومساندة إلهية لكم ، فأثبتم بسلوككم العادل وأفعالكم النبيلة أنكم خير من يمثل الألوهة العظيمة في الكون . ( نهضت النساء جميعا وشرعن في التصفيق.. وما أن توقفن وجلسن حتى تابعت السيدة يقظة العقول ) : " فاسمح لنا ياسيدي أن نحيي ونمجد الألوهة العظيمة وقد تجلت أفعالها الخيرانية والإنسانية على يديكم .. ( نهوض وتصفيق من كافة النساء ) " تبتغون يا سيدي رأينا في عقاب من ظلمونا ،وفي نوع الحكم الذي نفضله، والأهم أن يكون الحكم بأيدينا، وهذا ما لم نحلم به يوما في ظل الهيمنة الذكورية ، ليس على الحكم وحده بل على العقول أيضا ، بحيث أصبح الناس شبيهين بالببغاوات لا يرددون إلا ما يتفوه به الطاغية ! لن ترقى عدالتنا إلى عدالتك يا سيدي وأنت الكريم الرحيم العادل المحب . فشر علينا أوأقترح أو أؤمر يا سيدي وسننفذ بإذن الله. وفيما يتعلق بنوع الحكم ، أظن أن معظمنا متفقات على أن يكون جمهوريا علمانيا ديمقراطيا يتساوى فيه الجميع أمام قانون ودستور حضاريين . أما أن نحكم نحن كنساء فيا ليت لو يتحقق هذا الحلم ..أكرر عميق شكرنا وامتناننا لجلالتكم . دمتم ودام تمثيلكم للألوهة ومساندتها لكم " نهضت النساء وشرعن في التصفيق . وما أن جلسن حتى نهض الملك لقمان وشرع في إلقاء كلمة رد فيها على كلمة السيدة يقظة العقول وقدم بعض الإقتراحات : " أشكر السيدة يقظة العقول على كلمتها الجميلة والمعبرة . وآمل إعفائي مما اعتبرته في شخصي تمثيلا للألوهة في الكون وإن كنت أدرك أن الألوهة تساندني وتقف معي ، لكني أدرك تماما أن الألوهة تسري بقدرتها وطاقتها في الكون كله والكائنات كلها وأن خير ممثل ومجسد لها في الكون هو الإنسان بالمطلق ، أي البشرية جمعاء . ومشكلة البشرية حتى اليوم أنها لا تعي أن طاقة الألوهة تسري فيها وأن الألوهة تتمثل فيها كلها وأن أفعالها من خير وشرلا تتم إلا بقدرتها العظيمة ،وقد منحت الإنسان حرية الإختيار بين الخير والشر دون أن يعني ذلك أن الألوهة ترضى عن فعل الشر . كون الألوهة بالمطلق هي محبة وخير وعدل وجمال . لهذا الحديث في الخلق والخالق والإله والألوهة بقية، أفضل تركها إلى أن أجزم بيقينها، وإن كان لدي ما أقوله حولها ، لكنه يظل ضمن دائرة الإجتهاد الذي لم يرق إلى يقين . يقين أحتاج إلى الألوهة نفسها أو الله نفسه أن يحسم لي هذا الأمر . خاصة وأن كثيرات بينكن قد يتساءلن الآن لماذا أبقت الألوهة على الشروجعلت الإنسان مخيرا رغم تمثيله لها ؟ فيما يتعلق بالعقاب الذي سننزله بهؤلاء . أدرك وأنتن تدركن الآن على ضوء كلمتي وفهمي أن طاقة الألوهة التي تسري فينا تسري في أجساد هؤلاء الطغاة ، الذين لم يمارسوا طغيانهم إلا لجهلهم ،وعدم فهم أنفسهم ، وعدم فهم الألوهة ، وعدم فهم الغاية من وجودهم ، فإذا كانت الألوهة تسري بطاقتها وقدرتها في أجسامنا بل وتتجسد فيها ، فإن الغاية من وجودنا ليست إلا أن نكون خالقين وصانعي حضارة ،وليس قتلة وسفاحين أو مستغلين ومضطهدين للشعوب،وهذا ما لم يدركه هؤلاء القتلة . لذلك اعتدت أن أكون رحيما معهم بأن أكتفي بإبعادهم إلى جزر نائية ليعتمدوا على أنفسهم في الحياة وإعادة تأهيل ذواتهم. وآمل أنني كنت عادلا فيما قمت به . وبما أن السيدة يقظة العقول أوكلت الأمرلي فإنني أقترح أن نقوم بالحكم عليهم بالإبعاد خاصة وأن لهؤلاء أخوة وأخوات وأمهات وآباء وأبناء وبنات قد لا يكون لهم ذنب فيما اقترفته أيديهم ،وقد يضطرون إلى اللحاق بهم والعيش معهم . على أن لا تتجاوز مدة الإبعاد عشر سنوات قابلة للعفو عن الجميع أو عمن يثبت أن جرائمه أقل . سأطرح الأمر للتصويت . هل توافقن على الإبعاد ؟ رفعت جميع النساء أيديهن . إذن موافقة بالإجماع . اتخذ القرار . فيما يتعلق بحكم النساء . أنتن قمتن بثورة عمت البلاد كلها . ومن حقكن أن تشكلن مجلس قيادة ثورة منكن وتشكيل مجلس استشاري منكن يقود البلاد فترة محددة إلى أن يتم الإتفاق على نظام حكم ودستور جديد وإجراء انتخابات .. أليس كذلك ؟ سأقترح أن يكون مجلس قيادة الثورة من الأخوات العشر اللواتي انتخبتنهن هنا . هل توافقن ؟ ( إجماع ) ! وتابع الملك : وأقترح أن تكون السيدة يقظة العقول رئيسة لمجلس قيادة الثورة . هل توافقن ؟ ( إجماع ) - كم تقترحن عدد عضوات المجلس الإستشاري؟ قالت السيدة يقظة العقول : خمسمائة ! - هل توافقن ؟ ( موافقة بالإجماع ) - من تجد أنها مؤهلة لشغل المنصب لترفع يدها . لم يرفع إلا أربعمائة أيديهن فتمت الموافقة عليهن بالإجماع على أن يتم انتخاب مائة أخريات فيما بعد من قبل الشعب ! ***** يتبع
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أديب في الجنة (17)غلمان الخليفة وحلم الملك لقمان بدولة تحكمه
...
-
الجنون في الأدب !
-
أديب في الجنة (16) ثورة النساء على ظلم الرجال والحكام !
-
أديب في الجنة (15) تعاليم لقمانية واغتصاب جماعي !
-
أديب في الجنة (14) الله يمثل في قلوب الناس !
-
أديب في الجنة (13) حين يرتعب الجنرالات !
-
تأملات وخواطر ومقولات ومقالات في الخالق . الخلق . المعرفة .
...
-
أديب في الجنة . (12)
-
أديب في الجنة . (11)
-
أديب في الجنة (10)
-
أديب في الجنة (9)
-
أديب في الجنة.(8)
-
أديب في الجنة ! (7)
-
أديب في الجنة ! (6)
-
أديب في الجنة ! (5)
-
أديب في الجنة (4)
-
أديب في الجنة (3)
-
أديب في الجنة ! (2)
-
أديب في الجنة ! (1)
-
أديب في الجنة !!
المزيد.....
-
صناع أفلام عالميين -أوقفوا الساعات، أطفئوا النجوم-
-
كلاكيت: جعفر علي.. أربعة أفلام لا غير
-
أصيلة: شهادات عن محمد بن عيسى.. المُعلم والمُلهم
-
السعودية ترحب باختيارها لاستضافة مؤتمر اليونسكو العالمي للسي
...
-
فيلم من إنتاج -الجزيرة 360- يتوج بمهرجان عنابة
-
-تاريخ العطش-.. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسط
...
-
-لا بغداد قرب حياتي-.. علي حبش يكتب خرائط المنفى
-
فيلم -معركة تلو الأخرى-.. دي كابريو وأندرسون يسخران من جنون
...
-
لولا يونغ تلغي حفلاتها بعد أيام من انهيارها على المسرح
-
مستوحى من ثقافة الأنمي.. مساعد رقمي ثلاثي الأبعاد للمحادثة
المزيد.....
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
-
الثريا في ليالينا نائمة
/ د. خالد زغريت
-
حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول
/ السيد حافظ
-
يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر
/ السيد حافظ
-
نقوش على الجدار الحزين
/ مأمون أحمد مصطفى زيدان
-
مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس
...
/ ريمة بن عيسى
المزيد.....
|