أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي صنع الله ابراهيم ـ رواية وردة والمسكوت عنه















المزيد.....

الروائي صنع الله ابراهيم ـ رواية وردة والمسكوت عنه


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 372 - 2003 / 1 / 19 - 08:02
المحور: الادب والفن
    



             خاص: الحوار المتمدن


إن القراءة النقدية لروايات صنع الله ابراهيم ستحيلنا على سؤال مهم عن مدى التطابق بين الواقعي والروائي، وبين الشخصية الواقعية والشخصية الروائية،
وبين صورة الشخص عن نفسه وبين صورته بعين روائي.

لقد تناول صنع الله ابراهيم في اغلب رواياته وقائع حقيقية وتعرض الى شخصيات حقيقية  وسماها بالاسم بل اعلن في مقدمة روايته القيمة" وردة" (ان بعض الاشخاص والوقائع في الصفحات التالية هم من صميم الواقع والبعض الاخر من نسج الخيال لذلك من المهم أن تقرأ على انها.. رواية!)وهذا التنويه ورد ايضا في روايته " ذات" كما ان رواياته الاخرى مثل ( بيروت، بيروت/ شرف/اللجنة/ تلك الرائحة/ وردة) كلها تتضمن وقائع وشخصيات من صميم
الواقع وبعضها بالاسماء الحقيقة كما جاء في روايته القيمة وردة.

ان رواية وردة تتعرض الى حقب واجيال عديدة في اكثر من  مكان في العالم العربي ، ومسرحها يمتد من القاهرة الى صنعاء وبيروت وعدن ومسقط وظفار، وهي تتناول مرحلة منسية، أو اريد لها ان تكون منسية من تاريخ هذه المنطقة، وهي الثورة العمانية في ظفار التي تم اسقاطها من خلال اتفاق دولي اقليمي كتب عنه الكثير، لكن الاجيال العربية الفتية نتيجة التعتيم والتضليل الاعلامي لم تعد تتذكر اي شيء عن هذه الثورة المغدورة.


ورواية صنع الله ابراهيم تتابع مسار هذه الثورة في شخوصها الاحياء والاموت وبالاسماء الحقيقية، وتتعرض الى الامكنة والجبال والصخور والشيوخ
والمخبرين والثوار والشهداء والمنحرفين والتجار والمقاولين وباعة الاوطان والضمير وباعة الجسد والبلد في عمل روائي مفتوح يعري ويفضح المسكوت عنه والذي لا يقال الا همسا أو بوحا أو لا يقال ابدا .


لكن هذه الرواية ـ كما في روايات صنع الله الاخرى ـ تثير قضية نقدية وروائية هي قضية العلاقة بين الروائي ومصادره، والعلاقة بين الروائي وشخوصه؟ من اين يستمد الروائي مادته الروائية؟ وكيف يتعامل مع شخوصه؟.

ان صنع الله كروائي مشغول بقضية الحرية والعدالة والحقيقة مثله مثل بقية كتاب الرواية العرب أمثال حيدر حيدر ومحمد شكري والطاهر بن جلون وغيرهم، ليس من واجبه جعل الواقع المشوه جميلا، ولا وضع مسحة كنهوتية على نماذج بشعة ولا وضع مساحيق على وجوه شائهة.على العكس انه يعري ويفضح ويكشف ويرفع النقاب عن الوقائع الخفية والنماذج المختبئة خلف حجب واستار ووضعها تحت ضوء النهار لكي يراها الناس كما يجب أن
ترى، على حقيقتها، لا كما تحب هذه النماذج ان تظهر.

وهذا ماقام به الروائي الشهير غابريل ماركيز في روايته الاخيرة( خبر اختطاف) التي تحدثت وبالاسماء عن قتلة وكتاب وصحفيين وسماسرة وسياسيين وخاطفين واذاعيين وزعماء احزاب.

كما ان الروائي الايطالي امبرتو ايكو تعرض في روايته الشهيرة( اسم الوردة) الي ظاهرة حساسة تمس جوهر الوجدان الديني المسيحي وهو مؤسسة الفاتيكان ودور رجال الدين فيها والشذوذ الجنسي للبابوات عبر التاريخ.

ان مثل هذا السجل الوعر لا يمكن، بل لم يجرؤ على فتحه اي مؤرخ، ماعدا هذا الروائي الكبير ايكو وهو ايضا مفكر ولساني وناقد على درجة كبيرة من
الاهمية في الحياة الثقافية الاوروبية.

  اذا كان الروائي الايطالي امبرتو يتعرض الى ظاهرة الشذوذ الجنسي عند البابوات، فماذا يمنع الروائي العراقي أو العربي من الحديث عن ظاهرة الشذوذ
الجنسي عند بعض الشواذ الذين لا يشكل الشذوذ الجنسي خطيئتهم الوحيدة، بل قد يكون هذا الشذوذ هو الأقل خطورة اذا ما قورن بأنواع اخرى من الرذائل
السياسية والاخلاقية ذات التاثير الاجتماعي العام؟.

ان الروائي غير معني بالتصنيفات الاخرى السياسية والاجتماعية والاخلاقية التي  تلجأ الى التخفي والتستر والتواري وحجب الحقائق والاشياء والاسرار، لأن هذا يتعارض مع صميم العمل الروائي الذي يقوم في مجمله على كشف كل ماهو مخبوء ومنسي ومختبي خلف واجهات واصباغ واعلانات ومساحيق.

ومن تجربة حقيقية تعرضت في روايتي( عزلة اورستا) الى بعض النماذج التي تحب أن تصنع لنفسها واجهات ملونة براقة وتتخفى خلفها وتمارس عبر ستار وحجب كل ماهو دنيء ومنحط وقذر ومنها شخص غريب الاطوار قدم نفسه لي ولغيري ولا يزال على انه شاعر ومطارد ومحكوم عليه بالموت، وعند التدقيق في الامر مليا ظهر انه منحرف جنسيا ولص هارب من العراق بعد سرقة محل، والاخطر من كل ذلك انه عند كل مقالة او قصيدة يكتبها يلجأ الى تقنية تنتمي الى تقاليد لصوص محترفين، وهي وضع عدة كتب امامه في مجال معين وسرقة جملة من هنا وجملة من هناك ثم ربطها بعملية لصق
سرية ومسح كل أثر يدل على المصدر الحقيقي.

واكتشفت ان هذا " النموذج" الامي لا يفرق بين حرف الالف ورقبة البعير، ولكنه يكتب عن التفكيك والحفر وديريدا!ماذا يمكن ان يقول الروائي عن شخص من هذا النوع؟. هل يمكن القول انه كاهن؟! والامر نفسه واجهني وانا أكتب روايتي الجديدة ـ لم تنشر بعد ـ وهي تتحدث عن عشرات الشخصيات، ومن بينها شخصية الشاعر المرحوم رياض ابراهيم الذي تابعت حياته بدقة وهدوء واكتشفت ان رياض ابراهيم وان مات بالكستة القلبية التي جاءت منقذة
من الغدر، لكن القاتل الحقيقي كان شخصا آخر يحمل اليوم واجهة براقة وملونة ويعيش خلف ستار وحجاب وصنع لنفسه واجهة خارجية يطل بها على الناس من خلق قناع.
اذا كانت العدالة لم تفلح في معاقبة المجرم، فهل من واجب الروائي منحه شهادة براءة على جريمة؟!

ان الرواية هي فن رفع الاقنعة. لكن لماذا لا يخجل هؤلاء من ممارسة الفضيحة ويخجلون من اسلوب التعبير عنها؟.

هناك نمط من الناس ترسخت في داخله شخصيتان أو أكثر نتيجة ظروف القمع أو التربية المزدوجة: واحدة علنية للتعامل مع المجتمع والدولة وهي واجهة يحرص هذا الصنف على ان تكون مقبولة ومتفقة ومتطابقة مع الاوضاع، والشخصية الثانية هي شخصية سرية باطنية تعيش في نفق داخلي وتبني عالمها السري بطريقة العنكبوت وتمارس احط واخس الافعال من خلف نوافذ مغلقة وفي أماكن تحرص هذه الشخصية على ان تكون محاطة بالكتمان والغموض والسرية.

مع من يتعامل الروائي؟!
مع واجهة خارجية ملفقة متطابقة مع القيم السائدة؟.
أم مع الشخصية الحقيقية الشاذة والمنحرفة التي تتظاهر في نسختها الخارجية بالزهد والاخلاق والورع؟.

هنا يكمن جوهر الفن الروائي خاصة وكل فن عامة.

ان الرواية هي فن الفضيحة.
وعلى الذين يخجلون من الفضيحة أن يكفوا عن ممارستها، لا أن يخجلوا من كشفها.

ان الرواية الجديدة هي النص العاري المفتوح والمُؤسّس على كشف المخبوء والمستور والمسكوت عنه لا فن تجميل القبح وجعله يبدو جذابا كما لو كانت الحياة هي مسرح للسيرك والتهريج ولعبة الخداع القصيرة جدا.

 



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى المتماوت رعد عبد القادر ـ مات طائر بغداد المغرد
- الشاعر الشيلي بابلو نيرودا ـ تعالوا انظروا الدم في الشوارع
- الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين
- الروائي الالماني هرمان هيسه ـ اذا ما إستمرت الحرب
- الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول
- الشاعرة اليزابث. ر . كري ـ عشية الحرب
- الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد
- الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !


المزيد.....




- -مرّوكِية حارة-لهشام العسري في القاعات السينمائية المغربية ب ...
- أحزان أكبر مدينة عربية.. سردية تحولات -القاهرة المتنازع عليه ...
- سلطنة عمان تستضيف الدورة الـ15 لمهرجان المسرح العربي
- “لولو بتعيط الحرامي سرقها” .. تردد قناة وناسة الجديد لمشاهدة ...
- معرض -بث حي-.. لوحات فنية تجسد -كل أنواع الموت- في حرب إسرائ ...
- فرقة بريطانية تجعل المسرح منبرا للاجئين يتيح لهم التعبير عن ...
- أول حكم على ترامب في قضية -الممثلة الإباحية-
- الموت يفجع بطل الفنون القتالية المختلطة فرانسيس نغانو
- وينك يا لولو! تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 لمشاهدة لولو ...
- فنانو الشارع يُحوِّلون العاصمة الإسبانية مدريد إلى رواق للفن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي صنع الله ابراهيم ـ رواية وردة والمسكوت عنه