أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل















المزيد.....

الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 360 - 2003 / 1 / 6 - 04:04
المحور: الادب والفن
    


 

                              خاص: الحوار المتمدن


   من يستطيع ان يسجل أو يعيش أحساسيس أشواق طائر الليل وهو في الطريق الى العش الأول والبيت الأول والشجرة الاولى خاصة اذا كان هذا الطائر مهاجرا أو منفيا؟  مرة وجدت السيدة سيسيل صديقة العائلة وهي معلمة ورسامة وصاحبة حضيرة ابقار حزينة وصامتة صمت من يغرق في كآبة عميقة وعند السؤال فاجأني جوابها حين قالت:
ـ هذا الصباح فتحت العش الخشبي الموجود على جذع الشجرة فوجدت الطائر الذي هاجر في الخريف الماضي قد عاد أمس ومات في نفس ليلة عودته..!

عاد الى نفس البيت، والى نفس العش، ومات في ليلة وصوله. ترى، ربما هذا الذي أزعج سيسيل أكثر، هل كان يستعجل الوصول ليموت في عشه الاول قادما عبر البحار والجبال والصحارى والليالي؟

وهذه الحادثة قد تكون قريبة الى حد ما من موضوع رواية الروائي العراقي مهدي عيسى الصقر ـ أشواق طائر الليل ـ ، والصقر هو احد جيل الرواد في الكتابة القصصية والروائية وله:
* مجرمون طيبون ـ 54 ـ قصص* غضب المدينةـ قصص ـ 60* حيرة سيدة عجوز ـ قصص ـ 86*
أجراس ـ 88ـ مختارات* الشاهدة والزنجي ـ 87ـ رواية* أشواق طائر الليل ـ 94بغداد
ـ رواية* رياح شرقية..رياح غربية ـ رواية تحت الطبع وربما صدرت.

ان رواية اشواق طائر الليل هي سيرة ذاتية روائية للشاعر العراقي بدر شاكر السياب وان لم يأت ذلك في الرواية صراحة أو إسما، كما ان غلاف الكتاب حمل اسم " رواية" وليس سيرة ذاتية ، وهذا يعني ان الروائي الصقر اراد لنا ان نفهم هذا
النص كما نريد سيرة أو رواية أو سيرة روائية .
  وهذا لا يعني ان عقد القراءة المكتوب على الغلاف " رواية" ملزم للناقد
أو القارئ المهتم، لأن النص الادبي هو الذي يمنح الرواية نوعية التجنيس أو الصفة أو الهوية وليس التعريف الخارجي الذي يريده الروائي..


لكن الحدود ليست صارمة وجازمة وقاطعة بين السيرة الروائية وبين الرواية، لأن الرواية تستعير الكثير من تقنيات السرد السيروي، كما ان هذا يستعير ادوات وتقنية الرواية حتى تداخلا بصورة عضوية وصار  من الصعب الفصل بينهما إلا
لأغراض البحث والدراسة..

لاتوجد سيرة روائية حرفية تتطابق مع السيرة الاصلية، كما لا توجد رواية تنقل واقعا كما هو الى الورق، وإلا ما قيمة الفن أو الأدب اذا كان نسخا للواقع وليس صياغة جديدة له ورؤيا مغايرة ومغامرة تكشف، وتوضح، وتعري، وتفضح، وتضيء،
وتزلزل،وترفع النقاب أو القناع عن واقع شديد التخفي ويرتدي عشرات الاقنعة والواجهات والوجوه.
ان مهدي عيسى الصقر في هذا النص الجميل حاول الاقتراب من سيرة الشاعر الكبير السياب لكنه أخفق على نحو واضح في تصوير حياة هذا الشاعر حين ركز على الجوانب الجنسية والعاطفية في حياة الشاعر الذي كان يحترق بنيران كثيرة، وأشواق كثيرة، وأحلام كونية وانسانية بيضاء، وتكوي دمه قصائد لم تخرج بعد..لذلك فإن اختزال أو اختصار حياة السياب  التي تتسم بالعمق والغنى والشمول والتعقيد والصحة والمرض والعبقرية والحزن والفشل والامل والموت والشعر والمنفى وحروب الثقافة ـ حين وجد نفسه يوما وهو في قالب الجبس في بيروت في مواجهة مع افندية وغوغاء ثقافة  سرقوا حافظة نقوده وضربوه وشهروا به كما يذكر الماغوط! ـ
ان اختصار حياة ضخمة ومتنوعة بهذا الشكل هو عمل غير دقيق ابدا...

ان الرواية الجديدة ـ والصقر يكتبها منذ عشرات السنين ـ هي فن التمرد والمشاكسة وتهديم المتاريس الاخلاقية الزائفة، وتهشيم اللغة القديمة واعادة تركيب اللغة التي فسدت هي الاخرى، وهي فن المعارضة بإمتياز، وهذه الرواية حتى لو طمست
اليوم أو غدا فإنها ستقرأ في الايام القادمة كما يقول بورخيس عن قناعة وتجربة وحكمة" لأنها من الاعمال التي تعرف طريقها الى قرائها ولو بعد زمن طويل"...

   إن الخطاب الروائي يتقاطع ويتعارض مع الخطاب السياسي. الخطاب الروائي خطاب زلزلة، والخطاب السياسي خطاب اقناع.

   الخطاب الروائي خطاب عصف وشك وبحث وتيه.
   والخطاب السياسي خطاب تثبيت واجوبة ويقين.
    الخطاب الروائي يثير اسئلة، والخطاب السياسي يقدم اجوبة.
الخطاب الروائي يزعج ويلعن ويهجو ويحرض ويقسو على الجمهور، والخطاب السياسي، خاصة في عالمنا الثالث، هو خطاب مداهنة ومراعاة وتملق وتقديس أخطاء الجمهور من أجل الكسب.

يخسر الروائي اذا كتب كما يريد الجمهور.
ويربح السياسي اذا تبنى خطاب الناس.
الخطاب الروائي لا يسعى الى كسب الجموع، بل استفزازها من اجل الاسئلة الحقيقية،
والمحيرة، والجوهرية.

والخطاب السياسي يسعى الى هذا الكسب.

  الخطاب الروائي لا يفكر في صندق الاقتراع أو ربح الاصوات، في حين تشغل هذه وتحتل عقل السياسي...
ان خسارة السياسي للجمهور هي نهاية حياته، وخسارة الروائي للجمهور هي بداية حياته...

نحن، إذن، أمام خطابين من طبيعتين مختلفتين، والخطأ الشنيع هو في الدمج بينهما، والتعامل مع الخطاب الروائي بأدوات وذهنية وعقلية وتقاليد الخطاب السياسي، وهذا الالتباس ناتج بسبب غياب التقاليد الثقافية وتراكم الذاكرة المعرفية
والروائية وسيطرة القراءات السياسية على الخطاب الادبي.

أي نحن أمام هيمنة الايديولوجيا حتى في القراءة.

هذا الفصل بين الخطاب السياسي والروائي كان لا بد منه في الحديث عن رواية
ـ
أشواق طائر الليل ـ لأن هذه الرواية وان ابتعدت عن طرح رؤيتها للشاعر المريض في مستشفى ويعيش على اشواقه في انتظار الصحة والعودة والحب والعافية، إلا ان تلخيص حياة السياب بهذا الصورة قدم رؤية سياسية وان من خلال لغة روائية شفافة، لأن الرؤيا ليست لغة، بل هي تحديق خلف الاستار والحجب والجدران والذي لا يرى وقراءة المخبوء والمطمور والمستور والمختفي والذي لا يقال إلا همسا أو بوحا أو سرا.

هذه هي وظيفة الرواية.

إن بطل " أشواق طائر الليل" هو جسد/ حطام/ شهوة مهشمة/ كومة عظام تنحدر نحو الموت والحب والصراع بينهما.

لكن تبقى اشواق هذا الطائر هي الاقوى.
حتى حين مات الجسد، وجدنا انفسنا أمام ذات الاشواق.

  أشواق طائر آخر
  في مكان آخر
قد يكون مثل طائر سيسيل السيء الحظ الذي مات في يوم عودته وفي العش وحيدا،
بدون
ان يعلن حتى عن قدومه..!
  لم تجد سيسل إجابة..
وغرزت اسئلة كثيرة عندي  ربما لن أجد لها اجابة ابدا ايضا.

   لماذا لا يريد طائر الليل ان يموت في ارض غريبة؟!




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- الامتحانات في هذا الموعد جهز نفسك.. مواعيد امتحانات نهاية ال ...
- -زرقاء اليمامة-... تحفة أوبرالية سعودية تنير سماء الفن العرب ...
- اصدار جديد لجميل السلحوت
- من الكوميديا إلى كوكب تحكمه القردة، قائمة بأفضل الأفلام التي ...
- انهيار فنانة مصرية على الهواء بسبب عالم أزهري
- الزنداني.. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان
- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل