أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟















المزيد.....

الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 356 - 2003 / 1 / 2 - 03:51
المحور: الادب والفن
    


 

                           ـ خاص: الحوار المتمدن


  يستدير الشاعر امين جياد في محطة للقطارات أو في محطة للباصات أو في مطار ما أو في منعطف شارع وفي يده منديل غير مستعمل وهو يبحث عن احد ليودعه فلم يجد، ولم يعثر على من يقول له: وداعاالكراسي على حالها تصدأ في المطر وقد غاردها الصحاب قبل لحظات او ساعات أو سنوات وهي لا تزال تهتز كما لو انهم تركوها الان، اللحظة، والشاي على حاله لم يبرد بعد، ولكن الوقت برد، والمساء موحش، والكلاب تعوي اخر الليل، وثعالب
البساتين المجاورة تعلن شراسة الوقت، والريح ـ ليس سوى الريخ ـ تقرض كالفأر حبل العمر، والظل قصير حتى في أوقات الظهيرة المحرقة
فماذا ينتظر هذا الشاعر وقد بلل المطر منديله، وصدئت الكراسي، وتحولت اقداح الشاي الى هياكل ذكرى تعلن الزوال والنهايات  وموت المسرات البيضاء؟

هذه الشهادة ليست عن امين جياد شخصيا، بل عن ديوانه  ـ لمن اقول وداعا، لأن علم قراءة النصوص  غير معني بفتح سجلات شخصية لهذا الكاتب أو ذاك الشاعر، وغير معني ايضا بالتحدث عن فرشة اسنانه، وعمره، ورغباته، وطراز عيشه، أو حتى احزانه ومباهجه الخاصة، لأن فتح مثل هذه السجلات الاخلاقية هو من اختصاص الشرطة
السرية، أو شرطة الكتابة وهؤلاء فصيلة طارئة دخلت ابواب الادب العراقي من الابواب الخلفية وفي مناخ لا تتوفر فيه شروط الحالة الثقافية في هذه الحقبة، ويفتقر الى المرجعيات الثقافية والنقدية لأسباب معروفة ولا تحتاج الى بحث
لا نقول جديدا، ولكن للتذكير، ان لغة الشعر والادب هي لغة تتجاوز احيانا لغة المؤسسة وتتجاوز حتى الشاعر والاديب والكاتب، اي انها لغة فوق اللغة المتداولة، وهي لغة الاعماق السرية وقد صارت مرئية وديوان  ـ لمن اقول وداعا؟ ـ ربما يكون قد باغت الشاعر في كثير من الاحيان وانتزعه من ورطة الرتابة التي يفرضها الزمن والروتين والعادة والتكرار برسوخ الاشياء والمباهج والليالي والمواعيد  لا شيء يبقى اذن على حاله، لأنه زمن الزوال، والشاعر هنا في ذا الديوان يرثي هذا الزوال، ويحاول الامساك به، أو تسميره ولو من خلال الحلم أو الذكرى لكن ماذا يحدث حين تفر الذاكرة، ويستعصي الحلم؟

  ماذا يفعل شاعر يقف في منتصف طريق ما وهو يحمل منديلا ويحب أن يودع احدا لكي لا تصير الذكرى جرحا، ولكي يتحول الوداع الى احتفال اخر، ولكي لا تُجرح الذاكرة بهروب الاشياء والاصدقاء والوقت؟ وكتعويض عن وداع لم يتم أرسل الشاعر دوانه الى صديق ما في هذا العالم وكتب له اهداءً خاصا يقول فيه:

          " يصلك ديواني في مساء ممطر، لأنني سأدرك تماما ان سماء بغداد
ستبقى
متلالئة بالنجوم، وسيكون صباحك جديدا بلاشك...."


   ولماذا في مساء ممطر امين؟!
هل يحمل المطر رائحة، ذكرى، عطر ما؟ وهل مايزال فنجاني على الطاولة حارا
بعد كل
هذه السنوات؟ ولماذا لا تغادر هذه الاقامة في الذاكرة؟ وماذا لوجئت هنا،
والقوا
القبض عليك بتهمة الحنين الى بنفسجة أو صفصافة أو عشق المطر، او مطاردة
الفراشات، أو هجو الجراد، أو حب الغسق؟!

  واقترح عليك، بدل ذلك، ان تظل واقفا في محطتك وانت تبحث عن صديق ما
لتقول له
وداعا دون ان تجد، فهذا هو أجمل الوداعات.

هذا ديوان حنين، وديوان حب، ورغبة شاعر في ان تعلمنا الاحجار الحكمة
والنار
ومعنى الوقت ومعنى الجنون، ليس الجنون التافه الرخيص الذي يأتي كإهانة أو
فضيحة
أو عورة، بل جنون الحكمة العارية وهي ترى كل شيء على نحو واضح تماما...

وهذا الوضوح هو الحرية....
بالضبط هو الحرية.....


                    مقاطع من قصائد الديوان


  1 قصيدة: مرثية الرجل الذي صار وجها في المنعطفات


                    الى أبي


    لاقمرا دار، ولاصوتا يهتز كما اهتز
   ولاطفلا، يبكي كدموع النهر كما أبكي،
   ولا طيرا يحمل اسراري،
   ولا وشما يطبع احزاني
   لا رملا صحراويا يمتد.. كما امتدُ..وامتدُ..
   لا صوتا يحميني، صوت يتمزق في ذاكرتي،
   لا حبا يطبع فوق جبيني هالة عصري،
   لا حزنا يمحي عن وجهي،
   فأنا وثني في عينيك..و..آه،
  دثرني اكثر، فأنا أدرك ان شوارعنا امتدت
  وعيونك ماتت منذ سنين

 

  2 قصيدة: احجار الاصدقاء


    شاهده الناس على الطرقات،
    تطارده الاشياء،
    يطاردني الناس،
   .......
أصيح بهم،
ـ من انتم..
  ماذا تبغون..
هل تبغون جنوني؟..
اسمع خلفي اصواتا..
ـ الاحجار.. الاحجار.. الاحجار
سقطت منك الاثمار..
والوقت نهار..
خفت على نفسي
  ........
أخرج مبتلا..
حشد واغان واياد ترفع سيفا، اسمعهم:
ـ عاد المجنون
  عاد المجنون
عاد.. المجنون


3 قصيدة: وصية

عبر دروب البصرة
صادفني السّياب
يغني اغنية الغربة والترحال
فسلمني شعرا لم ينشر
صافحني
عاتبني
قال:
ـ إحرقها إن أمكن في جيكور!


4 قصيدة: العاشقة والقمر

الماضي  وردةٌ عشق تكبرُ فوق الباب
وذكراي تطاردني كالذئب، فهل انجو؟
الماضي صار يطاردني.. ويطاردني ..عليّ أكبو!
الماضي يحرقني كحبيب ودعني،
الماضي حب ونزيف وحرائق
وأنا كالطير هجرتُ الاشجار


5 قصيدة: صداقة

كل يأتي في المقهى الهادئ
وصديق يرفض ان يجلس وحده!
وصديق آخر يبحث عن وجه صديق
وصديق لا يُعرف..
ينتظرُ الاشخاص على موعد!

 

نعم، امين، انا ايضا مثلك انتظر في مقهى اخر لا يحمل اية ذكرى ولا اسمع
فيه تلك
الاغنية المذهلة التي كانت تحوّلنا حتى في العتمة الدافئة الى غزلان
مخمورة
بالمطر والربيع ومواكب الغيوم الراقصة ......
الاغنية التي حملتها معي وهي  حصتي الاخير من وطن صار هو الاخر زائلا
كالوقت
والكراسي والاحجار والنار والموعيد...
"عيونك زرازير البراري"!
هل تذكر؟!

ــــــــــ
صدر ديوان ـ لمن اقول وداعا؟ ـ في بغداد سنة 93




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟
- وفاة الممثلة الإيطالية ليا ماساري عن 91 عاما
- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟