أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - موزة الانتظار(قصة قصيرة)














المزيد.....

موزة الانتظار(قصة قصيرة)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5016 - 2015 / 12 / 17 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


يقود الظروف ، او الظروف هي التي تقوده ، كان شبه معدماً ، حياته متأرجحة ، كما هي حال آلاف الآخرين الذين هم على شاكلته . ندم في الاشهر الاخيرة على دخوله (العش الذهبي) اذ جاء قرار زواجه متسرعا ، ومن دون تروٍ ، فوقع (الفاس بالراس) كما كان يعبّر . وحينما يسأله بعض اصدقائه عن زواجه يجيبهم :(انه قدري) .
ليس لديه مصدر رزق ثابت يعتاش عليه ، لسد مصروفات ، البيت ، الزوجة ، والجنين الذي في احشائها . فالزوجة في كل اسبوع تريد منه أن يوفر لها خمسين الف دينار ثمن الكشفية والدواء ، اذ يجب عليها أن تراجع الدكتورة النسائية لغرض الاطمئان على صحة الجنين ، ولم يستطع الزوج توفير ذلك المبلغ الا بشق الانفس .
جاء موعد الافراج عن الزوجة ، لتضع طفلاً جميلاً ، قال احد اقربائه انه يشبه اباه ، انفه ، حاحبيه ، عينيه الزرقاوين ، تقاطيع وجهه ، فمه القرمزي ، . فسموه (وسام) ، فصار الاب يدعى (ابو وسام) .
تدرج هذا الوليد في العمر ، واخذت الايام تدور دورتها ، كالساعة الجدارية التي تراقب حركات الزمن ، وتترصد خطاه . بلغ وسام من العمر اربع سنوات . يخرج الاب فجر كل يوم الى (مسطر العمال) الكائن وسط بغداد ، للبحث عن العمل ، حيث تتجمهر عشرات العمال الذين هم على شاكلة هذا الرجل البائس . وحينما يأتي رجلاً غريباً للبحث عن عمال بناء تحيطه عشرات العمال ، يصيرون حوله دائرة ، كدائرة دخان سيجارة . فيختار منهم خمس اشخاص او ستة ، فينفض من حوله ، بعد ذلك ، بقية العمال . و هذا المشهد البائيس يتكرر كل يوم .
ابو وسام لا يجيد مهنة اخرى غير مهنة (العمَالة) ، وقد تعوّد عليها منذ أن اصبح عمره ستة عشر عاماً ، بعد أن ترك المدرسة ، لظروف مادية بحتة واتجه الى العمل بدل الدراسة التي وصفها بأنها (دوخة راس) .
عوّد طفله الصغير أن يجلب له في كل يوم حبة موزة ، بعد عودته من العمل ، يقدمها له مع قبلة يطبعها على خده الصغير . وكان الطفل يعرف موعد مجيء الاب ، فينتظره في رأس (الدربونة) ليأخذ تلك الهدية الثمينة ، المحببة الى نفسه ، ويحظى بتلك القبلة من فم ابيه الحنون.
وفي يوم نحس مشؤوم ، بينما الرجل – كعادته- واقفاً مع عدد من العمال في المسطر ، فأذا بشخص غريب يدخل عليهم بحجة مقاول يطلب عمال ، احاط به عشرات الاشخاص ، فما كان منه الا أن يفجر نفسه وسط حلقة العمال ، فجعلهم بلحظة جثث متناثرة ، واجسادا هامدة . كان من بينهم تعيس الحظ ، ليخلف زوجة ارملة ، وطفلاً يتيماً .
شيعه اهله وذويه ، واوصلوه الى مثواه الاخير ، وانطوت صفحته الى الابد . الا أن طفله لم يدرك ما معنى الغياب الابدي لأبيه ، فكان يقف عصر كل يوم في مكان اللقاء المرتقب لعودة ابيه ، ليفرح بحبة الموزة وقبلة الاب التي اعتادها ، حتى يصيبه رمح اليأس بضربة قاتلة . فتأتي اليه امه فتضع يده الصغيرة بيدها وتعود به الى البيت ، قائلة له : لقد ذبلت موزة الانتظار يا بني .
[email protected]



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تقصد السعودية بتحالفها الجديد ؟
- ضياع الانسان في (مؤتمر حقوق الانسان)
- سُخرية السّوط
- لماذا رفضت المانيا طلبا للولايات المتحدة ؟ !
- جريمة ختان المرأة
- طائفة -القرآنيين- وحكم الارتداد
- قتل اطفال اليمن جهاد في الفقه السعودي !
- السعودية،قطر ، تركيا ..واللعب على المكشوف
- غريبٌ في مدينة
- جرائم داعش لا يحتملها العقل
- سد الموصل : لا عاصم اليوم من الماء !
- البطاطا داعشية
- لماذا تركيا لا تحترم جارتها العراق !
- هل سيسمح العراق بدخول قوات امريكية لأراضيه ؟
- من اسرار التحليل النفسي(2) : البكاء علاج فاعل للصدمات النفسي ...
- المانيا .. ما معنى : سياسة -الاندفاع والتسرع- ؟
- دخول بريطانيا لمحاربة داعش هل نعده طريقا نحو الخلاص ؟
- من اسرار التحليل النفسي (1) :العلاج بالغناء
- نحن في الجنة والغرب في النار
- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين .. ومناصرته انقرة


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود السلمان - موزة الانتظار(قصة قصيرة)