أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - طيور بلا أجنحة ( 2 )














المزيد.....

طيور بلا أجنحة ( 2 )


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 5007 - 2015 / 12 / 8 - 08:52
المحور: الادب والفن
    


في إحدى القرى الفلسطينية وفي صباح شتائي شديد البرودة ، كان ( أيمن ) وهو طفل في العاشرة وكبير إخوته الثلاثة هو المسؤول في عائلته بعد رحيل والده والذي كان قد قُتل في إحدى الهجمات الإسرائيلية على القرية . بعد هذا أخذت أم أيمن تعُد ولدها لكي يصبح مسؤولاً ومعيناً لهذه العائلة ، فهو من يُكلف بالتسوق وتوصيل إخوته للمدرسة كل صباح ، وهو من يقف قرب البيت لكي يفتح كُشك أبيه لبيع السكائر ، والذي يكاد يكون المحل الوحيد الذي يتكوم عليه الزبائن كل صباح قبل ذهابهم إلي أعمالهم .
كانت المنطقة التي يسكن فيها أيمن منطقة مُحتلة وقد تعَوَد الجميع على رؤية الجنود الإسرائيليين يتهادون ذهاباً وإياباً في المنطقة ، وقد حذرته أمه مراراً من التحرش بهم لحاجتهم إليه ، كما أخبرته بأن هذه العائلة لن تتحمل فقدان فرد آخر منها .
تعَود أيمن أن يذهب كل صباح إلى مخبز القرية الوحيد والذي يُشم رائحة دخانه من بعيد وكان المحل الوحيد الذي يحصل على تجهيز النفط له بعكس بيوت القرية والتي كان يضطر بعض سكنتها الى شراء النفط المهرب من المناطق الإسرائيلية ، وكان هذا المخبز هو المكان الوحيد الذي تنبعث منه الحرارة والدفء كما يُشم منه من بعيد رائحة الخبز الشهية .
خرج أيمن في ذلك الصباح كعادته وحسب طلب أمه لجلب الخبز والذي يعتمد عليه طعامهم ، رافق أيمن جاره مسعود وهو شاب في حوالي الثامنة عشر ، كان الطريق طويلاً لكنهما أخذا يتمازحان طوال الطريق إلى أن أوقفتهما دورية إسرائيلية وبعد تفتيشهما سمحا لهما بالمرور مواصلين طريقهما . وبعد ذلك بدقائق أخذ تقاذف النيران ينتشر في جميع الإتجاهات ، وحار أيمن ، أيعود إلى الوراء أم يواصل الطريق ، ولم يجد الإثنان شيئاً يحتميان به ، أمسك مسعود بيد أيمن وهرولا نحو صخرة كبيرة ليحتميا بها ، أخرج مسعود منديلاً أبيض ليسمحوا لهما بالمرور بدون إطلاق النار عليهم ، لم يسمعهما أو يرهما أحد ، وإستمر إطلاق النار بشكل كثيف وطار جزء من الصخرة التي يحتميان بها . إختبأ أيمن خلف مسعود وهو يرتجف من الخوف والبرد معاً ، فكر أيمن بإخوته ولم يشأ أن يموت هنا لكنه لم يستطع أن يتحرك يميناً أو يساراً ، لم يبال الجنود بالمنديل الأبيض وإستمر الإطلاق بإتجاههما والإتجاهات الأخرى .
كان أحد المقاتلين يتناوش مع الجنود وقد تكاثروا عليه من كل المداخل . مر صوت إطلاق شديد قرب أُذني أيمن فإلتفت إلى مسعود فوجده مضرجاً بدمائه ومتكئاً على الصخرة ، كاد أيمن أن يبكي لكنه تماسك وإستجمع شجاعته وأمسك بجسد مسعود الميت محتمياً به ، وإستمر إطلاق الرصاص وبشكل عشوائي وكثيف ، كان هناك مصوراً ومراسلاً لإحدى الصحف الأجنبية وكان يلتقط الصور بسرعة رغم صراخ الجنود وإحتجاجهم . قرر هذا المصور أن تكون هذه هي صورته الأخيرة لكي ينسحب من بين النيران فالخطر يتزايد من حوله .
بعد أن عاد المصور إلى الفندق الذي يسكنه أخذ بمراجعة شريط الصور التي إلتقطها ليتفحص صلاحيتها وليختار الصور المؤثرة والتي سيرسلها إلى صحيفته ، كانت الصورة الأخيرة التي وقف أمامها مذهولا وحزيناً ، مرعوباً وآسفاً ، أحس هذا المصور بالإشمئزاز من كل ما رآه لكنه قرر أن يختار صورة واحدة تعبر عن هول الواقعة والتي قد تُرضي سكرتير التحرير ، قام بنقل الصورة من تلفونه النقال إلى الكومبيوتر وهو يردد ممتعظاً ( إن هذا ليس بالعدل ، ليس بالعدل إطلاقاً ) . كانت الصورة هي صورة أيمن مضرجاً بدمائه ومتكئاً على كتف مسعود ، وكان الإثنان مستلقيان على الصخرة الكبيرة والتي لم تستطع أن تحميهما ، بل تفطرت وأدخلت النيران إلى جسديهما .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيور بلا أجنحة ( 1 )
- الفكر الذكوري في الفلم الأفغاني ( أُسامة ) .
- ماذا فعلتم بشباب العراق
- النرجسية والعرب
- البقاء للأقوى أم للأصلح لدى المسلمين
- الزهايمر المرضي - السياسي
- لماذا يصفق العراقيون بيد واحدة .
- كارثة الطفل العربي - العمالة -
- الأم طوعة العراقية
- هل يحتاج العالم العربي مجدداً إلى سفينة نوح
- حكم الجاهلية - إستعباد النساء
- الطفولة العراقية والحرمان
- هل أصبحنا قتلة محترفين
- العراق هو الأسوأ صحياً في منطقة الشرق الأوسط
- أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة
- حرامية بغداد
- حينما يبيع الإرهابيون الفتيات العراقيات لِمَ لا يشتريهن العر ...
- حين إبتلع أطفالنا موسى أبائهم
- لماذا نلعن الناس في العراق .
- سيناريو درامي ... مقاتلون عند الفجر


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - طيور بلا أجنحة ( 2 )