أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - النرجسية والعرب














المزيد.....

النرجسية والعرب


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 08:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تقول الأسطورة اليونانية القديمة ، إن شاباً كان فائق الجمال قد عشق نفسه وكان كل يوم يذهب إلى البحيرة ويطيل النظر في صورته على سطح البحيرة ، أما ما كانت تعتقده البحيرة فهو أن ( نارسيس ) كان معجباً بها وبجمالها وعذوبة مائها، وذات يوم أطال نارسيس النظر إلى صورته في الماء فهام بها وفقد صوابه وسقط في الماء وغرق ثم تعفنت جثته ، وبعد أن مر أحد الحكماء وسأل البحيرة لِمَ تركتي نارسيس يغرق فيك ، قالت كنت مشغولة عنه لجمالي أنا ، وكانت نهايتهما أن تعفن ماء البحيرة مع جثة نارسيس .
هكذا تقول الأسطورة ، لكن علم النفس يحدد النرجسية بأنها حالة مرضية منتشرة في كل العالم ، والمصابون بحالة الشخصية النرجسية هم بعض المتميزين شكلاً ومضموناً وتعود الأسباب الأساسية في الشخصية النرجسية ( NPD ) إلى العوامل الوراثية ، فالشكل الجميل والإعتزاز به هو من الموروثات ، ويدعم ذلك العوامل الإجتماعية والثقافية ، وتعمل التربية الأُسرية كعامل أكيد في تكريس عُشق الذات للفتاة الجميلة أو للولد الذكي حتى يصبح هذا الفرد لاغياً للآخر أمامه ، وإن رآه فهو إمتداد له ومكرس لأجله يقوم بخدمته ومدحه وتركيز الضوء عليه . وقد يتخذ هذا الشخص موقف العداء ممن ينتقده أو لا يمدحه شكلاً أو مضموناً ، وهو لا يستطيع السماع والإنصات للآخرين ، وإن أنصت فهو لأجل الإنتقاد والتسفيه والتقليل من شأن الآخرين .
الشخص النرجسي كثير الإهتمام بشكله وملامحه ، يدرس حركاته لغرض جلب الإنتباه إليه ويتوقع من الآخرين أن ينظروا إليه ويجعلونه مركز إهتمامهم ، وهذا الشخص يعاني من مشكلة في إقامة العلاقات الصداقية والعاطفية لذلك تعتمد علاقته بعائلته على تحقيقها لمصالحه وإحتياجاته ، وهو غير قادر على العطاء بل يجد اللذة بالأخذ دائماً وهو متصور بأنه مستحق لهذا وليس له موقع غير الأولوية ، لذا فهو إن إنتقص من الآخرين لا يشعر بالذنب أبداً ، ويتميز بإنتقاميته وعنفه لمن يتجرأ ويكشف عيوبه ، وعلى هذا الأساس فالنرجسي يعيش في عزلة إلا من القلة ذوي المصلحة في العلاقة معه . والغريب في الأمر أن النرجسي سعيد بعزلته هذه لأنه يعتقد جازماً بأن لا أحد يوازيه أو يساويه مكانة فيحاول دائماً أن يعلو لكي ينظر إلى الآخرين من فوق .
إن النرجسية المرضية يقابلها نرجسية صحية تكون وفق شروط وظروف طبيعية وضرورية للحياة وإستمرارية الجنس البشري ، مثل محبة وعشق الوالدين لطفلهما لأنه إمتداد لهما وتأكيداً لوجودهما وتحقيقاً لآمالهما ، وقد تجد الأم في إبنتها تأكيداً لجمالها وشبابها الدائم ، وقد يجد الوالد في إبنه تأكيداً وإمتداداً لذكائه وبراعته في مهنته ، وهذا هو منهج عام لإستمرارية الحياة وشد لأواصر العلاقات العائلية .
إن هذا مختلف تماماً عن حالة تحقيق الذات الذي يسعى إليه الفرد العادي ، وهو مبتعد عن حالة الشخصية النرجسية ، فالشخص العادي يسعى منذ ولادته إلى حين مماته لتحقيق أهدافه ثم الوصول إلى الهدف الأسمى وهو تحقيق ذاته من خلال العمل والدراسة وتأسيس العائلة وتربية الأطفال وإقامة العلاقات الإجتماعية ، وقد يتساوى في هذا الإنسان والحيوان مع إختلاف المستوى العقلي والوسيلة .
المهم هنا إن قابلية الفر د العربي للإصابة بمرض النرجسية قد أخذت تتزايد وهي قد تتعدى المتميزين شكلاً أو مضموناً إلى المتمركزين ذاتياً والذين يعانون من عدم التوازن بين الأنا والأنا العليا والذين يعتقدون أن العالم يدور في محورهم ووفق شروطهم ، ويصاب بهذا بعض أصحاب رؤوس الأموال وبعض السياسيين ، حيث يعمل الأول على توسيع شبكته العنكبوتية لخدمة أعماله وملكيته تمجيداً لذاته ، والثاني يفرض آراءه السياسية على أكبر عدد من أفراد المجتمع لتحقيق أهدافه بغض النظر عن مدى مصداقية هذه الأهداف وهو لا ينظر بهذه الحالة إلا إلى نفسه في المرآة .
وقد يصاب بهذا المرض الفرد العادي ، أو ربما الفقراء الذين لا يمتلكون موهبة أو شكلاً جذاباً لكن هذا الفرد يصاب بتقوقع ذاتي نتيجة رد فعل لقمع خارجي ولأجل الثبات وعدم الإنهيار يستميت هذا الشخص لأجل إثبات صلاحيته وإستحقاقه للحياة دون غيره ، ويبدو أن في داخل كل منا هذه الإستماته والعشق لوجودنا ، وإن قاتلنا هذا الدافع سنخلق دافعاً قوياً وقد يكون عدوانياً لأجل البقاء والإرتقاء ، ونأخذ مثلاً لهذا حالات القمع الإجتماعي والقمع السياسي للنساء ولأفراد المجتمع بشكل عام ، وقد يُقابل هذا بإستشراس هؤلاء لتحقيق حقوقهم المشروعة ، وقد يستميت الفرد العادي في حالات العنف الجماعي والحروب الداخلية ، ويكون قتل الأطفال مثلاً هو دافع حتمي للآباء والأمهات للشراسة وممارسة العنف لإعادة إثبات الوجود ولتعديل الموازين والإنتقام للتحطيم الذاتي ، لذا فمن الغباء أن يسعى الآخر لتحطيم الآخر حباً بذاته لأن ردود الأفعال ستكون متساوية ويكون بهذا كمن يحفر حفرة من تحته وهو متوقع بأن التراب لن ينهال عليه .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البقاء للأقوى أم للأصلح لدى المسلمين
- الزهايمر المرضي - السياسي
- لماذا يصفق العراقيون بيد واحدة .
- كارثة الطفل العربي - العمالة -
- الأم طوعة العراقية
- هل يحتاج العالم العربي مجدداً إلى سفينة نوح
- حكم الجاهلية - إستعباد النساء
- الطفولة العراقية والحرمان
- هل أصبحنا قتلة محترفين
- العراق هو الأسوأ صحياً في منطقة الشرق الأوسط
- أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة
- حرامية بغداد
- حينما يبيع الإرهابيون الفتيات العراقيات لِمَ لا يشتريهن العر ...
- حين إبتلع أطفالنا موسى أبائهم
- لماذا نلعن الناس في العراق .
- سيناريو درامي ... مقاتلون عند الفجر
- لماذا نلطخ وجه الإسلام بالدم
- تضخم الأنا لدى الفرد العراقي .
- مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج
- الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - النرجسية والعرب