أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة














المزيد.....

أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 4756 - 2015 / 3 / 23 - 11:24
المحور: الادب والفن
    


ولُدت ذات يوم في إحدى المناطق الشعبية طفلة جميلة لإمرأة متوسطة العمر تعمل دلالة للملابس النسائية وكان زوجها الفقير يكبرها بسنوات عديدة , زُفت إليه مرغمة وعاشت معه مُرغمة , وحين خرجت ذات يوم لجولتها الطويلة عادت بعد ساعات لتأخذ طفلتها من عند جارتها , ثم دخلت بعدها إلى بيتها ووجدت زوجها نائماً فتركته إلى الصباح ثم حاولت أن توقظه ولكن بلا جدوى , ثم أدركت حينها أنها قد فقدت زوجها وخرجت إلى الجيران لأجل مساعدتها في دفنه .
تقدم للمرأة الشابة رجل عُرف عنه البخل والشراسة ومزاولة بعض الأعمال الممنوعة كتجارة المسروقات , فرضيت به المرأة لحاجتها إلى رجل ما تستند إليه ولم يكن للمرأة خيار في هذا وإعتقدت أنه سيكون راع لها ولإبنتها . كان سعدون زوج مديحة يعامل الطفلة وهي في السابعة بشراسة وخاصة بعد خروج أُمها ثم أصبح الإثنان الزوج والزوجة متفقان على إستغلالها للعمل المنزلي , وحينما كان الإثنان يختليان في غرفتهما كانا يكلفان الطفلة ( أغصان ) بمزاولة الأعمال المنزلية الشاقة , فهي تغسل الصحون والملابس وتعجن العجين لليوم الثاني ثم تذهب بعدها للنوم في غرفتها .
أصبحت أغصان في العاشرة , وكان سعدون مدمناً للخمر , يصرف ما يحصل عليه من تجارة الممنوعات على شراء ( العرق والسكائر ) ولم تنفع إعتراضات مديحة على حرمانها وإبنتها من المصروف , وما كان منها إلا الإضطرار إلى العودة إلى مزاولة مهنة ( الدلالية ) والتي كانت تستغرق النهار بطوله ثم تعود بعدها مُتعبة إلى البيت لتجد سعدون نائماً وهو مخمور , أما الطفلة فكانت خائفة ومرعوبة على الدوام , تبكي ولا تعلم الأم سبب بكائها , كانت أغصان مصابة ( بالتوحد ) ولم تكن تستطيع التعبير عن آلامها بشكل واضح , ولم تستطع أن تفهم ما يجري لها أو من حولها . ذات مرة أخذتها أمها إلى إحدى ( المشعوذات ) والتي أمرتها بكي يديها وقدميها لكي يخرج ( الجني ) من رأسها , وقد صدَقت المرأة أقوال ( السحّارة ) .
ذهبت المرأة إلى البيت لكي تضع ( الصيخ ) الحار على أيدي وأرجل الطفلة والتي أغمي عليها من شدة الألم , وظنت الأم أن الجني سيخرج من رأس أغصان وستعود الطفلة طبيعية كبقية الأطفال , لكن وضع أغصان قد إزداد سوءاً وأصبحت تبكي وتصرخ طوال النهار , لكن هذا لم يمنع الأم من تكليفها بألأعمال المنزلية لكي تستطيع الخروج في عملها اليومي والعودة في نهاية النهار لتجد زوجها يغط في شخيره , أما الطفلة فكانت تبكي على الدوام وهي مرعوبة في إحدى زوايا المطبخ . لاحظت الأم ذات يوم بعض الدماء على ساقي الطفلة فظنت أنها قد جرحت نفسها فأمرتها بالإغتسال والنوم .
في صباح اليوم التالي توسلت الطغلة بأمها كي لا تتركها وتعلقت بها ثم أشارت أغصان إلى مناطق معينة في جسدها وما بين ساقيها وأشعرت الأم بأن هذه المناطق تؤلمها , قامت الأم يضربها ضرباً مبرحاً لإسكاتها ثم قالت لها اسكتي يا ( مجنونة , أنت مخبلة ) ثم خرجت سريعاً .
ظلت الطفلة تصرخ وهي تعلم ما ينتظرها لكنها لا تجيد التعبير عن آلامها ولا تعرف أحداً يمكنه مساعدتها , ولا تعلم أيضاً كيف تشرح الأمور لجيرانها فقررت السكوت والإستكانة .
عاد سعدون مبكراً إلى البيت وتوجه مباشرة إلى غرفة ( أغصان ) وطلب منها تقديم الطعام له وبعد أن شبع ذهب ليكرع من قنينة العرق المركونة قرب السرير , وأخذ يبتلع الجرعات سريعاً حتى ثَمِل , ثم جر قدميه جراً إلى غرفة أغصان وأغلق بابها , كانت الطفلة ترتجف وتصرخ بشكل هيستيري وظلت تصرخ إلى أن سمع سعدون قفل الباب يدور فأسرع بالخروج من الغرفة وتظاهر بالنوم .
هرعت الطفلة إلى أمها وهي تصرخ مشيرة إلى مواقع الألم , نظرت الأم إلى زوجها فوجدته نائماً ودفعت بأغصان بقوة إلى الأرض وطلبت منها إحضار الطعام ثم الذهاب إلى النوم .
عند الصباح تجولت أغصان في أرجاء المنزل لوحدها وبزغ في ذهنها الصغير شعاع يدفعها للخروج إلى الخارج حيث حريتها , حيث يمكن أن تلعب وتلهو بدون أن يؤلمها أحد . خرجت الطفلة مسرعة كعصفور فر من قفص بدون أن تتناول شيئاً , وفرت إلى الشارع ثم إلى الشارع الآخر وأحست أن لها جناحين تطير بهما , لم تكن أغصان تجيد الإلتفات يميناً أو يساراً أو تنتبه إلى الأصوات . كانت تقفز من رصيف إلى آخر فلا حدود لديها للحركة , هرولت مسرعة إلى الشارع الكبير وكأنها تبحث عن شيء لكن هناك من هو أسرع منها حيث مرّ من فوقها كما مرت سنواتها القليلة سريعة وبلا فرح , طار جسدها في الهواء ليرتمي ثانية إلى الأرض . حصلت أغصان على حريتها كما أرادت ووضع سائق مجهول حداً لآلامها
وُضعت أغصان على طاولة التشريح وبيّن التقرير الطبي بأن الطفلة قد تعرضت للإغتصاب لعدة مرات وعلى مدى سنوات , وحينما إطلعت مديحة على التقرير بعد أن أخبرها مركز الشرطة بمصير الطفلة المجهولة الهوية . لطمت الأم على وجهها وكأنها قد إستعادت أمومتها بعد زمن طويل , أخذت تبكي بحرقة وتطلب لنفسها الموت ولإبنتها الحياة وظلت متجمدة أمام جسد الطفلة وكأنها تنتظر عودتها إلى الحياة ولكن هيهات فقد كانت هذه الأغصان الجميلة بلا جذور .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرامية بغداد
- حينما يبيع الإرهابيون الفتيات العراقيات لِمَ لا يشتريهن العر ...
- حين إبتلع أطفالنا موسى أبائهم
- لماذا نلعن الناس في العراق .
- سيناريو درامي ... مقاتلون عند الفجر
- لماذا نلطخ وجه الإسلام بالدم
- تضخم الأنا لدى الفرد العراقي .
- مَن سَجَن الطفل البصري في قفص الدجاج
- الطائر المقدس - قصة قصيرة - للكبار فقط
- أنحب أمواتنا أكثر من أحيائنا
- الورود السوداء - قصة قصيرة
- أخاك أخاك أن من لا أخاً له .. كساع إلى الهيجا بغير سلاح
- نحن من يزرع الشوك
- البيت العراقي
- من يُعدِل الميزان .
- من يبقى للعراق الجريح !!
- الإرهاب من أين والى أين .
- هل يتبادل الإنسان الأدوار مع الحيوان .
- الطلاق الحر بين الجماعات والأفراد .
- إن كنت تريد غزالاً فخذ أرنباً , وإن أردت أرنباً فخذ أرنباً . ...


المزيد.....




- في عيد التلفزيون العراقي... ذاكرة وطن تُبَثّ بالصوت والصورة
- شارك في -ربيع قرطبة وملوك الطوائف-، ماذا نعرف عن الفنان المغ ...
- اللغة الروسية في متناول العرب
- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ناهده محمد علي - أغصان بلا جذور ... قصة واقعية قصيرة