أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر بولس - جدل في جدل: الحضارة العربيّة الإسلاميّة حضارة أمميّة تقدّميّة















المزيد.....

جدل في جدل: الحضارة العربيّة الإسلاميّة حضارة أمميّة تقدّميّة


زاهر بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 7 - 23:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وُلد الأخطل، غيّاث بن غوث التغلبي، عام 640 م (19 هجري)، وتوفي عام 710 م (92 هجري)، وكان ينتمي لبني تغلب التي تعود إلى نزار وعدنان. نظم الشعر صغيرًا فرشّحه شاعر تغلب كعب بن جُعيل ليهجو الأنصار فأبدع وقرّبه يزيد بن معاوية ومن ثم جعله عبد الملك بن مروان شاعر البلاط الرسمي، أي الناطق بلسان الخلافة الإسلامية والإمبراطورية العربيّة الإسلامية، رغم معاصرته لاثنين من فطاحل الشعر العربي جرير: (33هـ - 110 هـ/ 653 - 728 م) والفرزدق: (38هـ / 658م - 110هـ / 728م) ومنافستهما له! وهو نصراني وهما مسلمان وقد توازى ثلاثتهم بالنبوغ! فكيف نفسّر هذا؟

إن الدولة الإسلاميّة الأولى في كنف الصحراء وقبل انطلاقها إلى الأمصار حفرت على رايتها "إقرأ" لأنها فهمت نزول أول كلمة قرآنية بجدليّتها كما وجب الفهم، ولم تفهمها فقط تقنيّا بمعنى النظر إلى النَص المكتوب وإطلاق مقاطع صوتيّة ملائمة! لقد قالت كلمتها: إن كل ما هو جيّد في الحضارة الإنسانيّة سوف نعيد انتاجه تفاعليّا مع مخزوننا العلمي ونتاجنا الجديد، مع الإعتراف بمصدره ليصبح جزءًا من الحضارة العربية الإسلاميّة، فما بالكم إن كان المصدر عربيّا صرفًا!
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ{1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ{2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ{3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ{4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ{5}}
(سورة العلق)

لقد كان شعر جرير أسْيَر بين الناس من شعر الأخطل والفرزدق برأي بعض النقّاد، ولكن بتفاوت بعض القصائد. وكذا كان جرير خصمًا للأخطل والفرزدق على السواء مما جعل هذين الأخيرين يتقاربان بعض الشيء. ولكن بما يتعلق بالدولة الامويّة فقد كان الأخطل الأكثر ملائمة لهم في مديحهم وهجاء أعدائهم وأعداءه، حتّى وهو على فراش الموت لم تنطفيء جذوته ولا همّته المندفعة في هجاء جرير حين سأله أحد عوّاده:
"يا أبا مالك ألا توصي"؟ فقال:

أوصي الفرزدق قبل الممات بأم جرير وأعيارها

وقال يهجو جريرًا (التميمي- نجد) متّهمًا إيّاه بالبخل والفجور ومعيّرًا إيّاه بوالدته:

"قوم إذا استنبح الأضياف كلبهُمُ قالوا لأمّهِمِ بولي على النارِ
فتُمسِكُ البَولَ بُخلًا أن تجودَ بهِ وما تَبولُ لهُمْ إلّا بِمِقْدارِ"

وهي قيم الصحراء العربيّة ضاربة في العمق متجاوزة الانتماءات الدينيّة بقوّتها ومرورها كالصاعقة، وإن لم يكن جرير عاجزًا، وهو حتمًا ليس بعاجز، وهو القائل في الفخر هاجيًا الشاعر "الراعي النميري" ب 97 بيتًا:

"إذا غَضِـبَـتْ علـيـكَ بـنـو تـمـيـمٍ حَسِبْـتَ الـنـاسَ كُلَّـهُـمُ غِضَـابـا"

وهو القائل في المديح:

"ألَسْتُمْ خَيرَ مَن رَكِبَ المَطَايا و أندى العالمينَ بطونَ راحِ"

وقوله في الغزل:

"إن العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا"

لكن، كان جرير ذا عصبيّة مُضريّة، وكان شعراء مُضر يمالئون ابن الزبير على عبد الملك بن مروان. غير ان هذه العصبيّة لم تستطع أن توفّر لجرير ما كان بحاجة إليه من مال، فلم يجد بدّا من التقرّب إلى الامويين، وفي ذات الوقت كان يميل إلى الموالي والفرس، مما أفقده الحق بالنطق باسم الخلافة الأمويّة، لأنها تُعتبر بمفاهيم السياسة اليوم "وظيفة ثقة" وهذه الخاصّة من معايير القبول لهذا الموقع بالذات إذا ما أضيفت إلى النبوغ.

أما الفرزدق فقد امتدح ألدّ أعداء الأمويين ومنافسهم والمشكّك بشرعيّة حكمهم والمطالب به لنفسه، ألإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب:

هـــذا الـذي تــَعرفُ البـطحاءُ وَطأتـه * والبــيـتُ يَعــْرفــــــــه والحـــــلُّ والـــحــَـــرَمُ
هـــذا ابـنُ خـيـرِ عــبـادِ اللـهِ كـُلُّـهمُ * هـــذا التــقـــيُ النــقــيُ الطــاهــرُ الــعلـمُ
هــذا ابـنُ فـاطمةٍ اِنْ كنـتَ جـاهـلـه * بــــجـده اَنــــــبـــيــــاء اللـهِ قـــد خــُتـِــمــوا
وليـــس قـولــك مَـنْ هـذا بــضائــره * العــُـرب تـــعــرف من انـــكرْتَ والعــــــجـــمُ
كــلـتـا يــديـه غيــاثٌ عَـمَّ نـفـعهمـا * يــستـــوكــفـــان ولا يــــــعروهـــمـا عـَـــدمُ
سهــلُ الخـَليـقـةِ لا تخشى بــوادره * يزينـه اثـــنـــان حُسـنُ الخلــقِ والشـِّــيــَــمُ
حَـمّـالُ اَثـقـالِ اَقـوامٍ اِذا امـتُـدِحــوا * حـُـــلْـوُ الشـــــــمـائــــلِ تــحـلـو عنـده نِعـَمُ
مـا قـال لا قـَـطُ اِلا فـي تـَــشـهــدِه * لــــولا التـــشــــهـّد كانـــــت لاءه نـــــــعــمُ

فكيف يمكن لمادح الإمام زين العابدين علي بن الحسين أن يصبح شاعر بني أميّة والناطق بلسان الخلافة! لا يمكن طبعًا، فالقضيّة إذًا سياسيّة، فالخلافة الأمويّة هي خلافة عربيّة أسلاميّة أمميّة، لا تعرف التقوقع الديني ولا حتّى القومي، لا تعرف العنصريّة، تعرف قانون التطوّر في مسيرة التمدّد والتوسّع الإمبراطوري، وتعلم أن هذا لا يتم إلا بغرف العلوم والمعارف والأدب من كل صوب وجانب، عربيّا كان أم أعجميّا تحت يافطة "الحضارة العربيّة الإسلاميّة" وتعلم أن هذا لا يتم إلا إذا كانت هذه الحضارة مُنتجة للمعارف وحاضنة لها في آن، وهذا ليس بالامر المفهوم ضمنًا بل قرار تتخذه قيادة تستشرف المستقبل ومساقاته. وهذا ما استرشدت به الدولة العبّاسيّة وثبّتت بذلك مفهوم "الحضارة العربيّة الإسلاميّة"، وأتجرّأ فأضيف أن هذا ما تقوم به أيران اليوم في "قراءتها" للسياسات الإقليميّة والدوليّة، وهي تعلم أن للّغة العربيّة مركزيّة في العالم الإسلامي، "إنّا أنزلناه قرآنا عربيا"، وهذا ما وجب على الدولة التركيّة أن تستدركه باستعادة الحرف العربي بدل اللاتيني الذي فرضه أتاتورك مُلحقًا بذلك الغبن بالأتراك أوّلًا..

*قُدّمت هذه المداخلة في بيت المهندس المعماري منصور حسن بتاريخ 4.10.2015



#زاهر_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيّدتي
- تَصَوُّف
- مْنِ الشَفِّة هَبَّتْ النَار
- جدلٌ في -جدل-: حضارتنا عربيّة أسلاميّة
- سأهمِس لكِ بِسِر
- رؤيا في المكان الما
- الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة
- تمنيّتُ
- طولُ القُبَلِ يَنُوبُ عن قِصَرِ الكَلام
- وأحتَرِق.. سِرب أسرار ووصيّة
- بيرانديلّو
- آغازادة
- مايسترو الإرهاب
- من شدّة العشق
- مُشاغبة حيّزيّة 2
- مشاغبة حيّزيّة
- قراءة في ديوان الشاعر أيمن كامل إغباريّة -ملاقط غسيل-
- ليْ.. طيني
- رأيتُكِ.. لحظة التشكُّل
- اتّسع الصفر بيننا


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر بولس - جدل في جدل: الحضارة العربيّة الإسلاميّة حضارة أمميّة تقدّميّة