أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر بولس - الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة















المزيد.....

الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة


زاهر بولس

الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 02:06
المحور: الادب والفن
    


الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة
عن كتاب الشاعر مفلح طبعوني: "داجون فلسطين ونصوص نديّة"
بقلم: زاهر بولس

تساؤلات حول جدوى الكتابة
عند صدور كتاب جديد تتعالى أسئلة وجوديّة. لماذا يصحّ أن نقطع الشجر ببلطة ذراعها غصن لنصنّع أوراقًا نكتب عليها؟ ولماذا نكتب أصلًا ما دامت الحياة على هذه الأرض كما نعهدها، فانية؟ وأعلم أن كلمة فانية تثير النقاش تلو النقاش! هل لنُقرأ؟ هل لتُقرأ؟ هل لتُقرأ حين نفنى؟ هل لتُقرأ إلى حين تفنى الحياة الفرديّة للكاتب؟ هل لتُقرأ إلى حين تفنى الحياة كما نعرفها؟! كلها أسئلة بلا أجوبة، أو لكل سؤال أجوبة متعدّدة بحسب المُجيب وحسب الكاتب وحسب النصّ! وبغض النظر عن هذه الأسئلة نكتب.

العمر الإفتراضي للكاتب والشاعر
وتلي التساؤلات تساؤلات من نوع آخر. ما هو العمر الإفتراضي لأي كاتب أو شاعر أو حتّى عالم؟ كيف يمكن أن يُقاس؟ وهل هنالك خلود مُطلق؟! وبماذا يتعلّق؟ هل يتعلّق بمستوى الكتابة؟ بعلاقات الكاتب؟ بالنقطة التي وقع عليها على محور الزمن؟ بمديد عمر الكاتب؟ بغزارة انتاجه؟ أم كلّ هذا وغيره؟ لكن مما لا شك فيه أن كتاب الشاعر مفلح طبعوني هو واحد من تلك الكتب التي تطيل العمر الافتراضي للكتّاب والشعراء والرسّامين الذين ذُكروا مباشرة أو ضمن النَص، لأن الكتاب ليس عنهم بل لهم، هم الذين كتبوه بعد مغادرتهم هذه الحياة الفانية.
قد يقول قائل وبحق، هل نحن بحاجة لهذا الكتاب حتّى نزيد العمر الافتراضي لشاعر كبير مثل توفيق زيّاد، أو كاتب ضخم طالت شهرته العالميّة عنان السماء مثل ساراماغو؟! والجواب لا ونعم في آن. لا حاجة لجمهور مثقّف عايش توفيق زيّاد أو ساراماغو أو قرأ عنهما ولهما، ونعم بحاجة للجيل الصاعد الذي يولد في فترة مغايرة يغوص فيها العظماء في الكلاسيكيّات بانتظار المتخصّصين في حفريات الكتب. وفجأة يقرأ من يقرأ عنهم في كتاب النصوص النديّة فتنطلق شرارة البحث حتّى عن العظماء المجهولين بالنسبة لهم، والشرارة عمليّا مقدّمة أي بحث.

ضياع نصوص قيّمة بغياب مؤسسة وطنيّة حاضنة
على سبيل المثال، يعتقد كثرٌ، وأنا بينهم، أن صوت أم كلثوم من أجمل وأقوى الأصوات التي عرفناها في العالم العربي، ولنفترض جدلًا أنه الأقوى والأجمل حتّى الآن، ألا يبقى السؤال حائمًا حول صحّة المقولة وامكانية ظلمها لآخرين سبقوها قبل عهد التسجيل الصوتي؟! وكيف لنا أن نعلم وقد ذهب غناؤهم وصوتهم الصدّاح كتغريد العصافير كل صباح في مهب الريح. وكم من كاتب ضاع نتاجه لأنه تركه لنا مخطوطة في حقيبة أو كيس بلاستيكي ولم يجد من يعتني به ويظهره إلى النور في ظل غياب مؤسسة وطنيّة تحتضنه، أو طالته يد الظلام فأحرقته لا لتنير واقعها بل لتبدد امكانيّة تغييره، أو لا تزال تقبع في أقبية ظلاميّة تُدعى تمويهًا أرشيفات مغلقة من أجل الصالح العام، رغم أن الصالح العام يتأتّى بفتحها.
يقول ميخائيل نعيمة في كتابه "الأوثان" حول وثن الكلمة:
"أما الكلمة السوداء- وأعني بها الكلمة المطبوعة لا غير- فوثن ولا كالأوثان.
ما إخالنا، نحن الذين ابتُلينا بمحنة الكتابة، ندرك حقَّ الإدراك أية قوّة هائلة هي الكلمة المطبوعة.
وقد أدركَتْ ذلك مصلحة الدعاية عند الممالك والمؤسسات الكبيرة من دينيّة وعلميّة وسياسيّة وصناعيّة وتجاريّة. فراحت تفتَنّ في استخدام تلك القوّة لمآرب شريفة وغير شريفة.".
فهذه المؤسّسات تعرف من تحتضن ومن تُجهِض، ومن مثلها يعرف، ولكنها لا تستطيع أن تُجهض المشروع البديل.

الحفريّات في الكتب
ورد في مقدّمة ديوان أبي الشمقمق الذي صدر عن منشورات الجمل عام 2015، جمع ودراسة وتحقيق د. محمّد سالمان، ما يلي:
"وكانت أول محاولة جادّة لجمع شعر أبي الشمقمق من ثنايا الكتب تلك التي قام بها المستشرق النمساويّ جوستاف فون غرنباوم الذي جمع 216 بيتًا موزّعًا على 57 مقطوعة"
ويضيف سالمان عن محاولته: "وتلك هي المحاولة الرابعة وقد سعيتُ عند جمعي للديوان من جديد إلى مسح شامل لما هو متوفّر من كتب التراث لاستخراج ما فات المحقّقين السابقين فاستطعت تحقيق نحو نيف وستين بيتًا جديدًا إلى الديوان لم يرد ذكرها في النشرات السابقة لشعر أبي الشمقمق.." ولا يزال نحو ثلاثة أرباع شِعره بانتظار الحفريات أو ضاع في مهبّ الزمن.
داجون فلسطين ونصوص نديّة
من هنا أتناول كتاب الشاعر والكاتب والناشط السياسي- اجتماعي مفلح طبعوني الذي اختار له اسمًا ليعطي عنوانًا لا للكتاب وحده، ولا استخدامًا لأحد العناوين الداخليّة بل له هو بذاته ليعرّفنا على منطلقاته الثقافيّة وشحنته الحضاريّة، "داجون فلسطين" وداجون إله الحنطة الكنعاني- فلسطيني. إن الذي سرق حيفا- شكمونة أراد أن يسرق جذور الحضارة (تنويه: ذكرت حيفا كمثال لانعقاد الندوة حول الكتاب فيها)، لأن الحرب لا تزال على جذور الحضارة، وتُحسم فقط حين تُحسم على جذور الحضارة، وليس فقط على الأرض والمبنى رغم أهمّيتهما. من سرق حيفا بنى فيها مخازنًا للحبوب والحنطة أسموها ד-;-ג-;-ו-;-ן-;- وليس صدفة، رغم أن المنطق يقول أن تخليد هذا الاسم الوثني محرّم عليهم في "دولة اليهود"! إلا أنه حتمًا مُحَلّل لنا في الحفاظ على أساطيرنا الكنعانيّة، يخافُنا السارق فيستخدمه وكأنه من حضارته، فيعيدنا الكتاب إلى مقولة أن الصراع لم يُحسم بعد ولن يُحسم إلا إذا استسلمَتْ الأسطورة والتي هي الوعاء الأوسع للتاريخ الذي يعيش الحاضر ويتطلّع نحو المستقبل، وكيف تستسلم الأسطورة وأمثال مفلح طبعوني يعيدون الصراع حول الحضارة كما يعيد شاب حداثيّ مشاغب البوستات القديمة إلى الشريط الدائر في شبكات التواصل الاجتماعي الالكترونيّة بنقرة سبّابة فيعيد التلاطم من جديد.
بعد البسملة ورد في كلمة ناشرَي كتاب الأغاني لابي الفَرَج الاصفهاني "الاغاني" الغنيّ عن التعريف جملة ملفتة: "لن نكون آخر من يتصدّى لكتاب الاغاني بالشرح والتعليق، ولن يكون غيرنا، ممن سيتصدّى له بعدنا آخر المشتغلين فيه.". وقد وردت أسماء في الحياة الأدبيّة الفلسطينيّة والعربيّة والعالميّة في كتاب "داجون فلسطين"، بعضها أوّل من تصدّى لها مفلح، بالنسبة للبعض، وبعضها ليس أول من تصدّى لها ولن يكون الأخير، إلا أنه ولا شك زاد لُبنة في بناء المكتبة وأرضًا لحفريّات الكتب المستقبليّة. ومفلح لم يكتب فقط عن المشاهير بحسب تعريفات الأنواع الأدبيّة، إنما جاوزها ليعرّفنا على أبطال دراما الحياة أمثال سليم الأعوج وغيره.
عند عودة المعرّي مع ابن القارح إلى الجنّة ليلتقي الشعراء، تدحرج إلى أسفل سُلّم مؤدٍّ إلى بيت في أقصى الجنّة، فسقطت من جيوبه وريقة كُتب عليها: بم وصلت إلى شفاعة شعبك، أطال الله في عمرك، يا مفلح طبعوني؟ فيقول: بالصدق وحضانة فرسان الثقافة، قممهم كبراعمهم وشغب إحياء الأساطير.. وأنا أزيد على ما كتب المعرّي: لأنّك تزيد من العمر الإفتراضي لكاتب أو شاعر، فوق الثرى كان أم في أحشائه، وهي جريمة لا تُغتفر في شرع الاستبداد! ومثلك لا يطلب مغفرة من مستبد.
حيفا- أيلول 2015

ملاحظة: هذه الكلمة ألقيت في حيفا احتفاءً بإصدار الكتاب الجديد "داجون فلسطين ونصوص نديّة" للشاعر والكاتب الفلسطيني ابن الناصرة مفلح طبعوني.



#زاهر_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تمنيّتُ
- طولُ القُبَلِ يَنُوبُ عن قِصَرِ الكَلام
- وأحتَرِق.. سِرب أسرار ووصيّة
- بيرانديلّو
- آغازادة
- مايسترو الإرهاب
- من شدّة العشق
- مُشاغبة حيّزيّة 2
- مشاغبة حيّزيّة
- قراءة في ديوان الشاعر أيمن كامل إغباريّة -ملاقط غسيل-
- ليْ.. طيني
- رأيتُكِ.. لحظة التشكُّل
- اتّسع الصفر بيننا
- خطوة لا أكثر.. (عن حريّة التعبير)
- استغراق
- حَنِين الدَفَاتِر إلى الشَجَر
- سجّل ما هو آت
- أُشْقُقْهَا.. السَمَاحِيق
- هنا غزّة.. ممنوع الدخول
- ويبتعدُ..


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زاهر بولس - الحفريّات في الكتب كي لا تستسلم الأسطورة