أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - الأسد سلطان














المزيد.....

الأسد سلطان


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 5006 - 2015 / 12 / 6 - 07:32
المحور: الادب والفن
    


الأسد سلطان .. "قصة قصيرة حقيقية "
أحمد سعده
سلطان .. كان أسداً عاشقاً يحب أنثاه، ولا يطيق أن ينظر لها غيره.. وليس مجرد أسد عادي في السيرك القومي.. وكان له منافس آخر اسمه "جبار"..
في موسم التزاوج كان "جبار" يشعر برغبة هائجة.. وأثناء أحد عروض السيرك حاول جبار الاقتراب من أنثى سلطان، لكن سلطان هاجمه بشراسة مدافعا عن حبيبته..
إنها معركة منطقية من أجل أنثى .. صراع وحشي بالمخلب والناب .. اشتباك ملكي، لم يفضه سوى كرباج المدرب "محمد الحلو" الذي نزل على ظهر سلطان، حتى لا يفسد العرض أمام الجماهير..
سلطان شعر بإهانة وجرح أمام حبيبته، وأمام الجماهير.. وظن أن مدربه الذي رباه منذ كان شبلا تخلى عنه، ونصر "جبار" عليه..
ظل سلطان مكسورا وشاردا، في عينيه نظرة غضب وانتقام لم يلمحها سوى ابن المدرب.. وانتهى العرض.. وأعطى المدرب ظهره للأسود، ووقف رافعا يديه يتلقى التحية والتصفيق من الجمهور..
في هذه اللحظة لمعت عينا سلطان، وكشر عن أنيابه.. وصاح ابن المدرب بأعلى صوت يحذر والده الذي لم يسمعه بسبب التصفيق والتشجيع.. وانقض سلطان على ظهر المدرب وغرس فيها أنيابه..
ارتبك السيرك، وتعالت صرخات الجماهير التي انتابها الرعب، ووقفت تقذف سلطان بالكراسي والقطع المعدنية في حالة من الفوضى والذعر والهلع..
إنها لحظة انتقام.. لحظة نسي فيها سلطان عشرة السنين.. وقتل مدربه محمد الحلو الذي لفظ أنفاسه في المستشفى متأثرا بجراحه، وكانت آخر كلماته: "محدش يقتل سلطان"..
إن الإنسان في لحظات الموت لا يتذكر إلا أغلى ما لديه، فهو سيخرج من الدنيا حاملا هموم من سيتركهم فيها، فيوصي بالحفاظ عليهم.. ووصية المدرب كانت واضحة .. رحيمة .. وصيته كانت: "سلطان" !
لقد ندم سلطان على جريمته المتهورة أشد الندم، فانقطع تماما عن الطعام، وأصابته حالة من الاكتئاب والانطوائية.. وقرر مدير السيرك وضعه في قفص ونقله لحديقة الحيوان..
وأثناء النقل، نظر سلطان نظرته الأخيرة من داخل قفصه لحبيبته وأنثاه التي قتل مدربه بسببها.. إنها نظرة ألم وفراق تعجز معها كل الكلمات..
لقد ادعى سلطان القوة .. وهو ضعيف.
وادعى الوحشية .. وهو في منتهى العاطفية.
وادعى الهمجية .. وهو في منتهى الإنسانية.
ولم يكتفي بالحزن على فراق حبيبته، والبكاء على قتل مدربه.. فاستمر في قفصه وحيدا مضربا عن الطعام عاجزا عن النوم.. وأدخلوا عليه أنثى شقيه دلوعة تلاعبه. وتداعبه.. وتنسيه.. لكنه هاجمها وضربها وطردها، واستمر في رفضه لكل شيء..
إن سلطان يتجه بأقداره نحو الموت.. لكنه موت بطيء لا يرضيه..
وتحولت عزلته إلى جنون عارم، ومحاولة للانتحار.. فأخذ ينهش بأنيابه في جسده، ويصرخ ويزأر، وقضم ذيله وقسمه إلى نصفين.. ثم هدأ أخيرا، ونام وسط بركة من الدماء..
إن سلوك سلطان يصفع كل معارف البشر، ويتحدى كل فلسفاتهم..
لقد نام أخيرا واستراح.. لكنه نوم بلا صحو.. لقد مات سلطان..
انتحار سلطان كان بعد أسبوع واحد من موت مدربه في دراما كبرى وغريبة نقف أمامها فاغري الأفواه.. لقد كان انتحاره رفضا للحياة التي كان يوما يحبها لدرجة لم يحتمل معها فراق حبيبته، وفقدان مدربه..
لقد تحرر من حياته البائسة، وعذاب الضمير الذي يلاحقه، وآلام الندم التي تعضه في قلبه.. والوجع الفصيح الذي يمزق أحشاءه..
إن الحياة بالنسبة لسلطان كانت كابوسا مفزعا أبشع من الموت نفسه، فقرر أن يمحي الوجود ويكتب نهايته بأنيابه.. نفس الأنياب التي قتل بها مدربه..
لقد قدم سلطان نفسه لمحاكمة عاجلة أصدر فيها حكما بإعدام نفسه.. وأسدل الستار على قصة ملك من ملوك الغابة الأوفياء..
إنها قصة إعجازية أشبه بقصص التوراه والقرآن، أثبت من خلالها سلطان أن الضمير ليس حكرا فقط على بني الإنسان، لكنه أيضا في قلوب الوحوش الضارية..
إن الأسد سلطان قدم صورة نموذجية للنبل والوفاء والإخلاص.. بينما أسود ووحوش البشر في كل مكان يقدمون أبشع الصور للقبح والهمجية، وسفك دماء البشر بلا ذرة خجل أو ندم..



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العذاب الصامت
- ليمون بالنعناع
- المصحف الشريف
- المرأة .. نضال لا ينتهي!
- موتوسيكل
- رقية وعثمان
- رسالة إلى ضائعة
- عن الوحدة
- عن الإنتحار
- دين الحب
- الحب آخر ما تبقى من أمل
- عم سعيد ليس سعيدا.
- الحل الأمني لا يكفي للقضاء على التطرف!
- الأشياء ليست دائما كما تبدو!
- طفلة وشيكولاتة
- الرسول وشارلي إيبدو.
- قصة رواية غيرت التاريخ
- صديقتي الألمانية والدين والسياسة.
- الإسلام يضطهد المرأة!
- عنصرية النشيد الوطني الجزائري


المزيد.....




- -زعلانة من نفسي-.. مها الصغير تعتذر من فنانة دنماركية وفنانو ...
- onlin نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول برقم الجلوس عل ...
- الفنان المصري إدوارد يكشف رحلة مرضه من حقن التخسيس إلى الجلط ...
- ثبتها الآن واستعد لمتابعة البرامج الثقافية المفيدة “تردد قنا ...
- Sigg Art in Monte Carlo: A hybrid vision of what it means to ...
- -سيغ آرت- في مونتي كارلو: رؤية هجينة لما يعنيه أن نكون بشراً ...
- -النجم لا ينطفئ-، ظهور نادر للفنان عادل إمام يطلق تفاعلاً وا ...
- ماريانا ماسا: كيف حررت الترجمة اللغة العربية من كهوف الماضي ...
- حاتم البطيوي: سنواصل فعاليات أصيلة على نهج محمد بن عيسى
- رسومات وقراءات أدبية في -أصيلة 46- الصيفي استحضارا لإرث محمد ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد سعده - الأسد سلطان