أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سعده - المصحف الشريف















المزيد.....

المصحف الشريف


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4879 - 2015 / 7 / 27 - 10:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعضهم يعتقد أن النصوص القرآنية هبطت من السماء على فلاشة أو كارت ميموري كما يهبط المطر..!

الرسول كان يتلقى النصوص القرآنية من وسيط الوحي السماوي "جبريل" فيقوم بترديدها وحفظها ثم تلاوتها على المدونين ليكتبوها فورا على جلود الماعز وألواح الخشب والصخور..

وبعد وفاة الرسول أقنع عمر بن الخطاب الخليفة أبوبكر بفكرة تجميع تلك القصاصات والجلود والكتابات لتكون بين دفتي كتاب خاصة بعد موت عدد كبير من حفظة القرآن في معركة اليمامة.. وحاول عمر وأبوبكر إقناع زيد بن ثابت لقبول الفكرة بصفته كاتب الوحي السماوي وأهم المدونين خلف الرسول نظرا لثقافته وتفوقه الواضح في الأديان والعلوم واللغات..

زيد رفض الفكرة تماما، بحجة أنها بدعة لم يفعلها الرسول.. لكن الخليفة كان قويا لدرجة اقناع زيد وتوكيله لإنجاز المهمة الصعبة للخروج بأول نسخة من القرآن مجمعة من الرقاع والأكتاف والعسب والجلود وصدور الرجال..
وتخيل أن تلك النسخة بعد وفاة الخليفة أبوبكر ومقتل الخليفة عمر تم حفظها تم حفظها في بيت حفصة بنت عمر رغم صعوبة المهمة في ظل مجتمع ذكوري. لتكون المرأة بذلك هي أول أمينة على النسخة الأولى للقرآن والتي سموها بالمصحف وهي كلمة غير عربية ذات أصول حبشية..
وأثناء خلافة عثمان انتشرت نسخ جديدة للمصحف بقراءات ولكنات عربية أخرى غير لغة قريش خاصة مع تزايد التوسعات والفتوحات، ووصلت النسخ لأكثر من 12 مصحف تسببت في بوادر فتنة وصلت حد إنكار الصحابة بعضهم على بعض وخيمت سحابة الاقتتال في السماء بين المسلمين..

وهنا جاء دور الخليفة عثمان كحاكم سياسي في إنهاء هذا الاختلاف قبل أن يصل حد الاحتدام والحرب الأهلية، فأبقى فقط على نسخة حفصة، وقام بحرق جميع المصاحف بما فيها مصحف عائشة بنت أبي بكر التي غضبت كثيرا من عثمان وأنكرت عليه حرق المصاحف ونعتته بنعثل وقالت حسب رواية "ابن الأثير" في كتاب النهاية: "اقتلوا نعثلا فقد كفر"، وأخرجت قميص الرسول وقالت: "هذا ثوب رسول الله لم يبل وعثمان قد أبلى سنته" كما جاء في شرح النهج للمعتزلي..

نعم يا أصدقائي عثمان حرق جميع المصاحف. ولم يتوقف عند زمن الرسول، بل تجاوز سنتة وأوقف جميع القراءات التي كان قد أجازها الرسول لبعض القبائل.. ولم يعبأ في ذلك الوقت بكل المزايدات والاتهامات التي وصلت حد تكفيره والتحريض على قتله.. وذلك هو دور الحاكم الذي يفهم الظروف ويقدر التغيرات ويفعل ما يحقق الصالح العام دون انقياد سلفي أعمى خلف الموروثات والنصوص، ومواجهة تحديات الدنيا بأساليب الدنيا وحماية أرواح البشر من الفتنة والهلاك كمبدأ يعلو فوق كل مبدأ..

بعد أن انتهى عثمان من سحب النسخ الموجودة وحرقها، قام بأخذ نسخة حفصة وتجهيز هيئة من كبار المدونين على رأسها زيد بن ثابت لإعادة كتابة وتدوين مصحف حفصة ورقيا بشرط أن يكون الفصل في النطق لسعيد بن العاص بحكم أن لسانه ولغته شبيهة جدا بلغة الرسول، وأن يكون الفصل في الكتابة لزيد بن ثابت.. وهكذا يملي سعيد ويكتب زيد، حتى تم التنفيذ بنجاح، وقام الخليفة باعتماد النسخة النهائية الموجودة حاليا في العاصمة الأوزباكستانية طشقند، ونسخها خمس نسخ ووزعها على بلاد المسلمين تحت اسم "المصحف العثماني" الذي أقبلت عليه الأمة من كل صوب وحدب، واجتمعت عليه الكلمة في الشرق والغرب..

لكنها بقيت نسخة بلا تنقيط وتشكيل، وهو ما يتسبب في التباس كبير للجميع عند القراءة واحتمالية القراءة الخاطئة وعدم التفريق بين الأحرف المتشابهة كالفاء والقاف والياء والباء والتاء والثاء، وهذا باستثناء الرجال الذين يحفظونه في صدورهم.. ومع انتشار الإسلام وتابعيه كثرت الأخطاء من جديد، لنلتقي مرة أخرى بالقرار السياسي ودور الحاكم لكن هذه المرة مع الخليفة علي بن أبي طالب الذي تجرأ وأسند فكرة التنقيط والتشكيل لصديقه أبوالأسود الدؤلي، ولم يهتم أيضا بمعارضة ضيقي الأفق من المتشددين..

لكن النقط أيضا لم تكن بالشكل الكافي، حيث تم الاكتفاء بنقطة واحدة فوق الحرف أو تحته، فغابت النقطتان والثلاثة نقط، فلم تعرف الياء من الباء والتاء من النون.. وهكذا ظهرت المشكلة والأخطاء للمرة الثالثة لكن هذه المرة بدون حاكم سياسي جريء يواجه رفض وتنطع رجال الدين، إلى أن جاء عهد الخليفة عبدالملك بن مروان الذي تجرأ وأصدر تعليماته لوالي العراق الحجاج بن يوسف الثقفي ليشرف على هذه المأمورية الصعبة جدا، وربما أن الخليفة اختار الحجاج تحديدا لقوة شخصيته وشدة بأسه وربما عنفه وطغيانه ليكون رادعا لمن تسول له نفسه من رجال الدين باستغلال الحدث وإحداث فرقة وانقسام وتحريض البسطاء على الانقلاب.. ويتم تنقيط المصحف بشكل كامل وكلي وتقسيمه لأجزاء وأحزاب وأرباع بعد أن وجدوا أن عدد حروف القرآن بشكل حسابي تقبل القسمة على ثلاثين..

ومنذ هذا التاريخ صار المصحف العثماني كما هو في جيبك وبين يديك الآن، وكما هو في الفاترينات والسيارات والمساجد والمكاتب كنسخة سهلة قابلة للقراءة بدون معلم..

ومن سهولة القراءة إلى سهولة الحفظ بعد ذلك، ثم وضع المصريون لمستهم بحس فني ظهر في تنغيم قراءة القرآن وتلحينه، وعن هذا أيضا خرجت الكثير من فتاوي رجال الدين التي لا تجيز هذا العمل، ومنهم القرطبي الذي لعن المصريين رغم انتشار فكرة التلحين والتنغيم بعد ذلك في كل البلاد وظهور عمالقة مصريين في التجويد بمقامات موسيقية مثل عبدالباسط عبدالصمد الذي قرأ بمقام "صبا- النوا- صول"، وقيثارة السماء محمد رفعت الذي قرأ بمقام "نهاوند ألفا"، والمنشاوى من مقام "سيكا- المي"..

تخيل أن هذا الكتاب العظيم الذي انتشر في كل ربوع الأرض، ما كان سيصلك بهذه الصورة لو تم الاعتماد على فتاوي وآراء رجال الدين في تلك العصور والذين عارضوا كل مراحل حفظ ذلك الكتاب ووصفوها بأنها بدعة وضلالة.. وتخيل أن رجل سياسة وطاغية بحجم الحجاج بن يوسف كان أكثر نفعا وإلماما بحال المسلمين من رجال دين وفتوى مثل الإمام مالك والإمام قتادة الذي قال عن من قاموا بالتنقيط "وددت أن أيديهم قطعت" وهكذا لهذا الحد لم يكن رجال الدين مدركين لحجم التحديات التي تمر بها الدولة ويعارضون كل فكرة لحفظ القرآن تمسكا بشكليات لا قيمة لها..

إذن كان التجديد والتطوير ومجاراة العصر والدنيا هي الأسباب التي حفظت القرآن، وجاء هذا عن طريق رجال السياسة والحكم الذين كانوا أكثر تقديرا للأمور، وربما كان هؤلاء من يقصد بهم "إنا نحن نزلنا الذكر، وإنا له لحافظون"..



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة .. نضال لا ينتهي!
- موتوسيكل
- رقية وعثمان
- رسالة إلى ضائعة
- عن الوحدة
- عن الإنتحار
- دين الحب
- الحب آخر ما تبقى من أمل
- عم سعيد ليس سعيدا.
- الحل الأمني لا يكفي للقضاء على التطرف!
- الأشياء ليست دائما كما تبدو!
- طفلة وشيكولاتة
- الرسول وشارلي إيبدو.
- قصة رواية غيرت التاريخ
- صديقتي الألمانية والدين والسياسة.
- الإسلام يضطهد المرأة!
- عنصرية النشيد الوطني الجزائري
- إمرأة غيرت التاريخ
- دفاعا عن الإسلام
- تياترو مصر


المزيد.....




- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...
- وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
- نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20 ...
- سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سعده - المصحف الشريف