أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سعده - الإسلام يضطهد المرأة!















المزيد.....

الإسلام يضطهد المرأة!


أحمد سعده
(أيمï آïم)


الحوار المتمدن-العدد: 4692 - 2015 / 1 / 15 - 22:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عند سفح جبل أحد تساقط المسلمون واحدا تلو الآخر، وفر الكثيرون في كل اتجاه بعد الهجمة العسكرية المرتدة التي شنتها جيوش قريش عليهم.. ليجد الرسول نفسه محاصرا ويصاب بإصابات بالغة الخطورة. فأحدهم شج جبهته، وآخر أصاب أنفه، وجرحت شفته السفلى، ونزفت ركبته، وكسر "عتبة بن وقاص" رباعيته ليقع الرسول أرضا وتدوي "صرخة الشيطان" بأن الرسول قد مات.


يملأ الرعب قلوب القلة الباقية حول الرسول.. وهنا تنبري إمرأة بكل شجاعة حاملة سيفها تدافع عن الرسول، فتطعن هذا وتتلقى الطعنات من ذاك. ويفخر الرسول بها ويقول : "ما التفت يمنة ولا يسرة إلا وجدتها تدافع من دوني". وتلقت ثلاثة عشر جرحا بين رمح وضربة سيف..


تلك هي أم عمارة، المرأة الشجاعة التي جاورت الرسول في غزواته ودافعت عنه.. لم يهتم الرسول بأن يأمرها بالبقاء في البيت، أو إخفاء معالم وجهها، أو مخالطة الصحابة.. فالرسول كان يعامل المرأة كإنسان في المقام الأول، بعيدا عن كل الهوس والاسفاف الذي نحياه الآن..


وفي الطريق من خيبر لمكة احتاجت "صفية" زوج الرسول شيئا تصعد عليه إلى الهودج. لم يطلب الرسول وهو قائد الجيوش العون من أحد، لكنه نزل على أحد ركبتيه وجعل الأخرى كالسلم لتضع "صفية" قدمها عليها وتصعد إلى هودجها.. وفي حجة الوداع تخلفت "صفية" عن الركب وتأخرت.. فذهب إليها بنفسه فوجدها تنفطر من البكاء، فيمسح دموعها بيديه ويطمئنها.. منتهى الرومانسية والعاطفية، لتكون رسالة واضحة إلى الأزواج قساة القلوب في كيفية التعامل مع الزوجة ومواساتها والحنو عليها بدلا من تهميشها..


وقبل الرسالة، عاد محمد ذات ليلة مرتبكا وخائفا، وارتمى في حضن زوجته يطلب منها أن تغطيه وتهديء من روعه، احتوت زوجته خوفه، وسمعت له واثقة فيما يرويه ومصدقة، ورفعت من معنوياته، وتبنت قضيته بل وأخذنه من يده وذهبت به إلى رجل صالح تثق فيه لتروي عليه ما رآه زوجها... تلك هي خديجة. لتكون "المرأة" هي أول من نصرت الرسول بعد أن خذله الناس، وأول من آمنت برسالته بعد أن كذبوه..


وكان الرسول كلما دخلت عليه "فاطمة" بنته وسط مجالس الرجال وقف لها وحياها، وأفسح لها بجواره، وقبلها بين عينيها.. وحينما تغادر يوصلها لبيتها وبيت زوجها علي بن أبي طالب..


وحينما كان الرسول على فراش الموت، لم يستطع القيام لها والسلام عليها وتقبيلها كما اعتاد، فبكي بشدة، وبكت فاطمة.. لو كنتم حقا تريدون اتباع سنة الرسول؛ فتعاملوا بهذه الرقة والنعومة مع بناتكم..


ذات مرة كان يجلس الرسول مع عائشة في حجرتها، فدخلت عليهما امرأة عجوز. فقام لها الرسول, وبسط لها فراشه لتجلس عليه, وأطعمها وأكرمها وأهداها هديةً قبل مغادرتها.. ياربي!، على الشياكة والذوق والكرم في التعامل مع إمرأة عجوز..


ولما جاءت بنت صغيرة تشتكي للرسول أن أباها زوجها رغما عنها من ابن أخيه. جلس الرسول يستمع إليها ويبت فورا في شكواها ويستدعي أبيها، ويسحب منه الولاية ويعطيها لابنته، ليكون لها الحق في تقرير مصيرها وفسخ العقد أو إنفاذه.. موقف رائع. محمد الرسول وقائد الجيوش يقدم إرادة فتاة صغيرة على إرادة رجلين، بل ويعطيها ذمة مالية مستقلة لتبيع وتشتري، وتتاجر، وتباشر ولايتها في الزواج والطلاق.. يكفي أن تقف على سلالم محاكم الأسرة لتدرك عظمة هذا الموقف..


وحينما جاءته امرأة اسمها "خولة بنت ثعلبة" من ذوات الجمال والفصاحة والنسب، تستفتيه في أمر زوجها وأحب الناس إليها بعد أن قال لها في لحظة انفعال "أنت علي كظهر أمي" دون أن يطلقها.. فقال لها الرسول: "ما أراك إلا قد حرمت عليه"، فجادلت الرسول وبينت له ما قد يحل بها وبابنها في حالة فراقها عن زوجها. لكن الرسول كرر كلامه وأكد عليه.. فاتجهت بكل حزن ودموع إلى الكعبة، تدعو الله أن يفرج عليها، وبكيت وبكى من حولها رحمةً لها ورقة عليها.

ليبشرها الرسول بعد ذلك بأن السماء جاءت بما يحل مشكلتها ونزلت فيها الآيات الأولى من سورة المجادلة.. الله سبحانه يتجلى من السماء ويستمع لشكوى امرأة، ويكرس الوحي لحل مشكلتها الزوجية. تلك هي العظمة وهذا هو الدين الذي يخاطب أعماق النفس البشرية ويهتم بقضية المرأة..


وبعد عودة الرسول من أحد أسفاره مع صحابته، أتته امرأة سمراء وأخبرته أنها نذرت أن تغني وتضرب بالدف إن عاد سالما.. فأذن لها النبي أن توفي نذرها، وفعلت ذلك أمام جميعهم.... صورة تاريخية للرسول المعلم والقائد والمثقف والمنفتح وبجواره امرأة تغني وتعزف وتعبر عن مشاعرها وسط مجتمع الرجال.. فالرسول لم يكن يعيش بين دروب الخوف والقهر وتهديد التحريم والحظر، بل يشرع لدين الرحمة الذي يبعث البهجة في قلب امرأة، ويرتبط بسعادة الإنسان والتوسيع عليه، بدلا من التشدد والكراهية والتضييق..


في الصين كانوا يعتقدون أن المرأة بلا روح، وقتلها لا يمثل جريمة أمام القانون.. وفي الهند كان على المرأة الهندوسية أن تموت حين يموت زوجها، إلى أن أوقفت بريطانيا هذا التقليد البشع حين حكمت الهند، وعاد الهندوس ليمنعوا الأرملة من الزواج مرة أخرى، وحلقوا رأسها، وأخذوا حليها، وأجبروها فقط على ارتداء اللون الأبيض ومنعوها من المشاركة في أي مراسم أو طقوس.. وفي أوروبا عانت المرأة كل أشكال الاضطهاد والتمييز وتعاملوا معها ككائن منبوذ وروح شريرة ولم تحصل على حق التصويت في فرنسا سوى عام 1944رغم كل الثورات.


ولم يكن للمرأة قيمة في ظل عادات العرب القديمة التي كانت تقتل البنت طفلة، وتبيح للرجل الزواج بأي عدد، وتحرم النساء من الميراث ومن أي حقوق زوجية.. وذاك كان التحدي الأعظم لرسول الإسلام، فجاء لتكريمها إنسانيا وأعطاها حقوق في الزواج والميراث، وحقها في تقرير مصير زواجها. حقوق كانت بمثابة ثورة حقيقية في ظل بيئة بدوية خشنة لا تعترف بالمرأة آنذاك..


المرأة كانت تصلي خلف النبي، وتتوضأ من نفس المكان.. في مسجد واحد يصلي الرجال والنساء دون حاجز بينهما.. وفي صلح الحديبية استمع الرسول لنصيحة "أم سلمة" التي أشارت عليه بفكرة كانت سببا في إنهاء الخلاف القائم بين الرسول وصحابته.. "مريم وآسيا" امرأتان كان لهما مكانة عظمى في الإسلام وعند النبي، بلقيس ملكة سبأ تحدث عنها القرآن وعن وبراعتها وعظمتها في إدارة شؤون المملكة.


"حفصة بنت عمر" دونا عن رجال المسلمين حُفظت النسخة الوحيدة من القرآن في دارها، رغم صعوبة الأمر الذي يتطلب رجالا أشداء.. و"الشفاء بنت عبد الله" تولت وظيفة مراقبة الأسواق في عهد عمر بن الخطاب، وهو منصب حساس وهام في الدولة في هذا الوقت، وكان يأخذ برأيها ومشورتها.


لم يكن الرسول مهتما بلبس المرأة وجسدها، بل كان يشغله قضيتان في المقام الأول: التوحيد والمساواة.. والقرآن الكريم في "6236 " آية لم يتحدث عن زي المرأة إلا في أيتين فقط.. وعشرات الآلاف من الأحاديث عن الرسول الكريم لم يتحدث فيها عن زي المرأة إلا في حديث ضعيف.


حديث واحد فقط، وضعيف!. حينما رأي فتاة ترتدي ثيابا شفافة، وهي بنت صديقه أبو بكر وأخت زوجته عائشة، فأبدى ملاحظة عابرة وبسيطة دون الاسترسال في خطب عصماء.. والآن صارت أعظم مشاكلنا هي الحجاب والنقاب، وحولنا الدين بمنتهى السذاجة والتفاهة إلى جدال أزلي عن جسد المرأة ولبسها.


ولذلك نبهنا الرسول بقوله "إن أشد المسلمين جرما عند الله من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته".. الرسول يتحدث عن أن أشد الناس إجراما هم الباحثون دوما عن التفاصيل وتفاصيل التفاصيل حتى يجدوا سببا للتحريم.. فيضيقون على الناس وينفرونهم.. منهم لله!


الإسلام كان يشرع لدين الرحمة، والرسول لم يكن فظا غليظا، بل كان رقيقا يعلم أن التضييق والمغالاة على الناس وبخاصة المرأة نتيجتها دائما تكون الازدواجية والنفاق الاجتماعي والكذب والتراجع الأخلاقي والأمراض النفسية..


المشكلة إذن ليست في الدين؛ إنما في الأنظمة الأبوية الذكورية التي تتسلح بالدين لاستغلال المجتمع رجالا ونساء، وترسيخ اضطهاد المرأة. الأنظمة التي تقوم بتوظيف النص الديني وتطبيقاته الفقهية لتبرير هذا الاضطهاد والاستغلال، مغلقة كل أبواب التحرر بما فيها حتى باب الاجتهاد.


المشكلة ليست في الدين، إنما في سلوك ونفسية البشر وأخلاقهم لا أكثر.



#أحمد_سعده (هاشتاغ)       أيمï_آïم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عنصرية النشيد الوطني الجزائري
- إمرأة غيرت التاريخ
- دفاعا عن الإسلام
- تياترو مصر
- المرأة والجنس والرجل الشرقي
- الكريسماس ومتعة السفر
- بائعة الجزر
- بائعة الذرة، والبيتزا
- حضن ووداع 2
- إقفل تليفونك
- بائعة الجبنة
- صديقي الشرقي والجنس
- رسالة حنين
- إزدواجية الأخلاق
- الليلة الأخيرة
- كلام أطفال عن أمريكا
- كنتاكي
- ساعة في مستشفى حكومي
- كابوس الموت
- رجُل الرصيف


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد سعده - الإسلام يضطهد المرأة!