أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق أبو شومر - القبلية والفردية في فلسطين














المزيد.....

القبلية والفردية في فلسطين


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 5004 - 2015 / 12 / 4 - 14:24
المحور: المجتمع المدني
    


إن تنامي القبلية والعشائرية والأسرية في المجتمع الفلسطيني أمرٌ يستحق الدراسة والاهتمام! ولا بدّ من كشف الآثار الجانبية لهذه الظاهرة على مجتمعنا الفلسطيني، فقد دخل كثيرون من المثقفين وزعماء الأحزاب قوقعةَ القبيلة، ليس كمؤثرين ومُثقِّفين، بل كلاجئين دائمين لمضارب القبيلة، ولبسوا عباءات قبائلهم، وأعلى كثيرون منهم وشم القبيلة على الأفكار الحزبية والعقدية، وغدتْ القبيلة في فلسطين، في إطار انعدام الأمن، والاقتتال، أقدر على حماية منسوبيها من الأحزاب، ومن الأطر الاجتماعية، والثقافية العاجزة عن مساندة أعضائها ومنسوبيها.
فقد أقدم عددٌ من المثقفين الفلسطينيين، عقب عودتهم للوطن، إلى تأسيس روابط قبلية، وقام بعضُ السياسيين بإلحاق أبناء قبيلتهم وعشيرتهم في الوظائف الحكومية، بغض النظر عن الكفاءة والقدرة، وحوَّل كثيرٌ منهم المؤسسات الحكومية إلى مضارب قبلية، وإلى مجالس شيوخ وعشائر!
هناك آثارٌ جانبية، وأعراضٌ مَرَضيَّةً مصاحبة للنظام القبلي، ولعل أبرز أمراضها، أنها تُلغي المزايا الفردية والإبداع؛ لأن الأفراد في النظام القبلي وشمٌ قبلي يُقاسون بمحفوظاتهم للأصول والأعراف القبلية والأسرية، فهم يلبسون ثيابها وينفّذون أوامرها، وينطقون بلسانها، فالفردية والإبداعية، والتفوُّق في النظام القبلي، لا تعتبر شذوذا فقط، بل إنها عدوٌ لدود للتماثل في القبيلة، لذلك فقد يُقصى المتفوقون، إما بطردهم لضعف انتمائهم للقبيلة، أو بتجريحهم، وتشويههم، وإلصاق التُّهم بهم، لخروجهم عن السائد القبلي المألوف، أو يصل الأمر إلى إعلان البراءة منهم!
فالكلمة الفيصل وفق النظام القبلي ليست للأوعى والأعقل والأكثر ثقافةً، ولكنها للآكثر التزاما بالتقاليد والأكثر حفظا للأصول والأعراف، وللأكثر عراقة في الحسب والنسب، وللأقوى سطوةً ونفوذا، بالمال، والسلاح!
كما أن هذا النظام القبلي، لا يعترف بالأخطاء الفردية، فالخطأ الفردي خطأٌ قبلي، تتحمل القبيلة وزره، فلا وجود للاستقلالية الفردية عن سلالة القبلية.
وما الفرد في القبيلة سوى كُنيتِه ولقبِه فقط!
ولعلَّ أوضح الأدلة هو انتشار كلمة (آل) في الأفراح والأحزان، فالفرحون في فلسطين يبدؤون أفراحهم بكتابة( فرح آل....) على بطاقات، وسيارات الفرح، وكذلك الحال في بيوت العزاء، إذ أن اسم الفرد صاحب الفرح أو العزاء لا قيمة له، فالقيمة الكبرى فقط للأسرة والعشيرة والقبيلة، ولا تستغرب حين يسألك أحدهم:
مِن أي العائلات أنت؟ ولا يسألك عن اسمك الشخصي!
ومن أسوأ كوارث القبلية، هجرةُ المتفوقين والمبدعين من القبائل، إلى وطن آخر، يستطيعون فيه تحقيق ذاتهم! فالمبدعون ينفصلون عن قبائلهم نفسيا وعاطفيا، وقد تكون الهجرة هجرة نهائية، وذلك بالهروب النهائي من مضارب القبيلة!
كما أن النظام القبلي ينفي التجدد، لأنه إطارٌ تقليدي، يستمد قوته من تقليديته واتباعه للسالف، فالسالف ليس تراثا للماضي، وإنما هو الغاية المبتغاة من المستقبل، فالماضي إذن هو المستقبل المنشود، وهذا عقبةٌ، تحولُ دون لحاق المجتمع القبلي بركب الحضارة !
كما أن المجتمعات القبلية تُقاس بعدد رجالها أو محاربيها، وما يملكونه من عتاد حربي، فأكثر المنافسات التي تعتز بها القبيلة، هي منافسات قتالية، ولا تعترف المجتمعات القبلية بأية سلطة أخرى، فإذا خضعت لسلطة الدولة فإن خضوعها مؤقت، ينتهي في لحظات ضعف الدولة، ويتم التحالف بينها وبين غيرها وفق الأطُر القبلية التقليدية الحربية، فالسلام والهدوء يعني هدنة ووقف اقتتال جزئي، إذن فلا مجال لقيام تحالف ثقافي وفكري في هذا النظام القبلي.
ويظهر في هذا النظام عيبٌ آخر وهو شحن نفوس القبليين بجرعات غير حقيقية من الغرور والقوة الزائفة، مما يدفعهم لممارسة الطغيان لإثبات قبليتهم، وتحقيق تمايزهم، لذلك فالنظام القبلي يسعى دائما لاختبار قوته، حتى لو كان الاختبار بافتعال المشكلات والأزمات.
وعندما تحدث الأزمات المتكررة في هذا النظام يُضطر من بقي من المتفوقين، والمفكرين، والمبدعين، للإحتماء بالعباءات القبلية، معلنين استسلامهم وانقيادهم لمشيئة القبيلة، وبذلك تتحقق أبشع العمليات، وهي عملية التطهير الإبداعي الفردي!
أخيـــرا ليست القبيلة عيبا، باعتبار أنها تراثٌ محفوظ، وماضٍ تاريخيٌ، غير أنها بمفهومها السائد اليوم، في معظم مجتمعاتنا العربية القبلية، تؤخر المجتمع، وتمنع تقدمه، ولمتقم الأحزابُ السياسية، والمراكز الثقافية بوضع برامج ثقافية، لإعادة صياغة القبلية، بحيث تتحول إلى داعم للتقدم والحضارة، ورافعة للنضال الوطني الفلسطيني.
تمكنتْ الشعوب الواعية من تفكيك مفهوم القبيلة الجامد، فقلّمت مخالبها، باستخدام المقص القانوني، فأدخلت النظام القانوني والدستوري إلى مضارب القبائل، وأجرت على النظام القبلي تحسينات عديدة، فأزالت زوائده وأورامه، فاستسلمتْ القبيلة في الدول المتقدمة للواقع القانوني الجديد، وتحرر الأفراد من الربقة القبلية، فخلعوا عباءاتهم القبلية، ولبسوا شعارات أوطانهم، فأثرَوا مجتمعاتِهم القانونية بإبداعاتهم الفردية، وأبقوا القبيلة (بوسترا) يشير إلى عظمة التحول من القبلية إلى القانونية والحضارية!
فكان هذا هو الدرس الثقافي والتربوي العظيم الذي ورَّثوه لأجيالهم.
كان مفروضا من الوجهة النظرية أن يكون مجتمعُنا الفلسطيني أبعدَ المجتمعات عن القبلية، بمفاهيمها الضيِّقة، النسب، والحسب، والعرق، فالنضال الوطني، يوحِّد الأعراق والسلالات، فالنضالُ الوطني الفلسطيني، لا ينفي فقط الصيغة القبلية ولكنه يُلغيها، وكان ذلك مفروضا، ولكنه لم يتحقق! وهذا يدفعنا لطرح الأسئلة التالية:
ما مظاهر سيطرة النظام القبلي على القانوني في فلسطين؟
وما آثار هذه السيطرة على النظام الاجتماعي والسياسي والنضالي؟!!
وما تأثير النُّخب السياسية والثقافية على النظام القبلي؟
وما آثارالتماثل المطلق في نمط الحياة، وفق الأصول القبلية، على مستقبل النشء في المجتمع الفلسطيني؟!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دُرَرٌ من تراث نسائنا المُبدعات
- المؤرخ، أبو غوغل الطبري
- مجزرة باريس وإسرائيل
- لعاموس عوز صوت يعقوب، وفعل عيسو!
- قبسات من تاريخ فلسطين
- الإرهاب، لقتل جنين دولة فلسطين
- في ظلال الهبة الفلسطينية
- العرب في قبائلهم الإلكترونية
- نموذجان للتحليل السياسي !
- رد المطلقات في ست ساعات!!
- رسالة اعتذار للبي دي إس
- صحفيو سمَّاعة الهاتف
- أسرار الجاسوس جونثان بولار
- آخر لمسات أطلس العولمة الجديد
- العرب بين السبي والنفي
- قصة اختطاف قطتين غزيتين
- مارشات (ولعت) في أفراح غزة!
- ثلاثة حروب فتَّاكة
- مشروع روجرز في وثيقة سرية
- سكين داعش اليهودية على رقبة إسرائيل


المزيد.....




- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل
- السفارة الروسية لدى واشنطن: تقرير واشنطن حول حقوق الإنسان مح ...
- غرق وفقدان العشرات من المهاجرين قبالة سواحل تونس وجيبوتي
- مصر وأيرلندا: غزة تعاني المجاعة وغير قابلة للعيش
- رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان يندد بالإبادة الجماعي ...
- البرلمان البريطاني يقر قانونا مثيرا للجدل لترحيل طالبي اللجو ...
- -طعنها بآلة حادة-.. داخلية السعودية تعلن إعدام الرويلي بعد إ ...
- انتشال 19 جثة لمهاجرين غرقى بسواحل صفاقس التونسية
- غارتان إسرائيليتان تستهدفان خيام النازحين في حي زعرب برفح


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - توفيق أبو شومر - القبلية والفردية في فلسطين