أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - المؤرخ، أبو غوغل الطبري














المزيد.....

المؤرخ، أبو غوغل الطبري


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 4995 - 2015 / 11 / 24 - 20:24
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


لَبِسَ معظمُ منسوبي شبكات التواصل الاجتماعية مسوحَ الرهبان، وعمائمَ الشيوخ، وأردية النُّسَّاك البوذيين، وتحوَّلوا إلى واعظين، ودعاة، ومبشرين.
وقد كتبتُ فيما مضى عن هذه الظاهرة، وأشرتُ إلى سهولة ارتيادها من قبل بعض محدودي الفكر والثقافة، ورغبتهم في المشاركة والتواصل، وإبراز قدراتهم، حتى، في مجالات ترديد الأدعية والأذكار، كوسيلة لاجتذاب الأصدقاء، والمريدين، والأنصار.
ولكنني اليوم لن أطرق هذا الباب، بل إنني سأذكر نوعا آخر من (السلفية) المنتشرة في شبكات التواصل الاجتماعية، وهي تيار (السلفية السياسية).
أعني بالسلفية السياسية، هي ارتداد الكثيرين إلى التراث السياسي الغابر، ونبشهم الماضي، لا لاستنباط العبر، وبيان المزايا والعيوب لتعزيز الثقافة والوعي، بل للحصول على أنماط من سِيَر الزعماء الراحلين، ممن انتُقِدوا في حياتهم، وخُوِّنوا في فتراتِ حكمِهم، وتعرضوا للتجريح والإهانات في السرِّ والعلن!
فجأة، اكتشف ،سلفيو الفيس بوك، والتويتر، ومدمنو اليو تيوب وغيرها؛ أن عهود زعماء السلفية السياسية كانت عهودا مضيئة، كانت عهودا نهضوية، وأن الزعماء الراحلين كانوا مرسلين من السماء، وسرعانَ ما حولوهم إلى شهداءَ، وأبطالٍ عِظام !
وشرعوا في نبش سيرتهم، باستخدام رائدي العصر السلفي الأوحد، مؤرخي الألفية، وما قبلها من عصور، المؤرخ(أبو غوغل الطبري)، والموثِّق (هيرودوت اليوتيوبي)!!
شرعوا ينشرون مقتطفات من أقوال الزعماء (الشهداء) المخلصين الأوفياء!
اكتشفوا فجأة بأن الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر كان البطل القومي العربي الأوحد، وأنه كان على حق، ليس في تأميم قناة السويس، بل في تأميم كل أملاك الإقطاعيين، وأن خُطبَهُ السياسية، وقفشاته وسخريته من بعض الملوك والرؤساء، كانت قمةَ الوطنية، وغاية الإخلاص والحرص والوفاء!
أما عن الرئيس التونسي الراحل، الحبيب بورقيبة، فحدِّث ولا حرج، فهو قد أصبح فجأة رائد الحكمة السياسية، والموعظة الاقتصادية، وزعيم الفقه الاجتماعي، ونصير المظلومين والمقهورين، وصاحب النبوءات السياسية الصادقة!
أما عن الرئيس الراحل صدام حسين، فهو لو عاش اليومَ لكان أملَ العرب، ومرتجى مقهوري العالم، وموحد شمل العرب، وقائدهم المغوار، ومؤسس الخريطة العربية، وفق القوة العسكرية، وهو زعيم الوحدة بين كل الأجناس، وهو بالإضافة إلى ذلك النصير الأول للقضية الفلسطينية!
ولم ينتهِ الأمرُ عند هؤلاء القادة العِظام، بل امتدَّ ليطال القائد ياسر عرفات، فهو بطل فلسطين، وحامي حماها، وزاهدُها وراعيها، ومسيِّرُ شؤونها، وحبيبُ شعبها، بكل فئاته وأطيافه!
ومَن يبحث في موسوعة المؤرخ، أبو غوغل الطبري، فإنه أيضا سيجد أن الملك فاروق، لم يكن فاسدا فاسقا، بل كان وطنيا شريفا، يسعى لمصلحة مصر، شوَّهتْ بريطانيا صورته، وأظهرته كزير نساءٍ ومستودعٍ للكلسترول، ومخزن للغباء!
وها هي جماهير عميد المؤرخين، أبو غوغل الطبري، الغفيرة تستعد لتداول سيرة الرئيس المصري، أنور السادات، وحسني مبارك، كبطلين تاريخيين، حافظا على وحده مصر، ونصراها حربيا واقتصاديا، ووحدا شملها دينيا وعرقيا!
أما عن مشروع استعادة سيرة الرئيس الليبي الراحل، معمر القذافي، فهي اليوم، تجري على قدمٍ وساق، فهو لم يكن متطرفا، غريب الأطوار، بل هو أحد أبرز حكماء الرؤساء العرب، وأكثرهم حُنكة، وأشدهم مراسا ودُربة، وكان في حياته سدادة قمع الهجرات الإفريقية إلى أوروبا، لذا فهو وفق هذا التقييم، يستحق جائزة نوبل في الحفاظ على النسيج الاجتماعي الأوروبي، فهو رائد (الإبداع الديموغرافي)!
والغريب في كل ذلك، أن كثيرين ممن اعتادوا تجريح الزعماء السابقين في حياتهم، هم اليوم يمجدونهم، ويؤبِّنونهم بقصائد الرثاء والمدح، ومطولات مقالات التقريظ والشكر والثناء!
علينا الاعتراف بأن شبكة الإنترنت أظهرت أكبر عيوبنا، وهي أننا نعيش في ماضينا، ونعود له عندما نفشل في حاضرنا، ونعدم أن نضع الخطط لمستقبلنا، وهذه العودة هي مرضٌ خطير من أمراض المجتمعات!
لا يجب أن يُفهمَ من مقالي، أنني ضد كل الرموز المذكورين سابقا ، ولكنني أشير إلى الظاهرة فقط، ظاهرة السلفية السياسية، وفي الغالب الأعم، فإن أتباع هذه النظرية يقيسون رموزهم السياسيين بمقدار (سلفية) السنوات، فكلما طالت سنواتُ غيابهم، كانوا أكثر تقديسا، واحتراما، وتقديرا، وكثيرٌ من أنصار هذه النظرية لا يكتفون بالتقديس، بل يُخرجونهم من بشريتهم، ويحولونهم إلى أنبياءَ ورسلٍ، كانوا يتلقَوْن تعليمات حكمِهم من السماء!!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجزرة باريس وإسرائيل
- لعاموس عوز صوت يعقوب، وفعل عيسو!
- قبسات من تاريخ فلسطين
- الإرهاب، لقتل جنين دولة فلسطين
- في ظلال الهبة الفلسطينية
- العرب في قبائلهم الإلكترونية
- نموذجان للتحليل السياسي !
- رد المطلقات في ست ساعات!!
- رسالة اعتذار للبي دي إس
- صحفيو سمَّاعة الهاتف
- أسرار الجاسوس جونثان بولار
- آخر لمسات أطلس العولمة الجديد
- العرب بين السبي والنفي
- قصة اختطاف قطتين غزيتين
- مارشات (ولعت) في أفراح غزة!
- ثلاثة حروب فتَّاكة
- مشروع روجرز في وثيقة سرية
- سكين داعش اليهودية على رقبة إسرائيل
- دافيد غروسمان، وإحراق عائلة الدوابشة
- العربُ واليهود، عند غوستاف لوبون


المزيد.....




- بيان من -حماس-عن -سبب- عدم التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النا ...
- واشنطن تصدر تقريرا حول انتهاك إسرائيل استخدام أسلحة أمريكية ...
- مصر تحذر: الجرائم في غزة ستخلق جيلا عربيا غاضبا وإسرائيل تري ...
- الخارجية الروسية: القوات الأوكرانية تستخدم الأسلحة البريطاني ...
- حديث إسرائيلي عن استمرار عملية رفح لشهرين وفرنسا تطالب بوقفه ...
- ردود الفعل على قرار بايدن وقف تسليح
- بعد اكتشاف مقابر جماعية.. مجلس الأمن يطالب بتحقيق -مستقل- و- ...
- الإمارات ترد على تصريح نتنياهو عن المشاركة في إدارة مدنية لغ ...
- حركة -لبيك باكستان- تقود مظاهرات حاشدة في كراتشي دعماً لغزة ...
- أنقرة: قيودنا على إسرائيل سارية


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - توفيق أبو شومر - المؤرخ، أبو غوغل الطبري