أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - الجمعة الأسود














المزيد.....

الجمعة الأسود


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4988 - 2015 / 11 / 17 - 16:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فى يوم الجمعة الأسود، أقدمت مجموعة من الإرهابيين على اختطاف يافعين أحدهما فى الـ16 من عمره والآخر فى الـ14 كانا يرعيان الغنم فى المنطقة المتاخمة لحدود ولاية القصرين، «فى الجنوب التونسى» وقام الإرهابيون بذبح الأكبر سنا ثم وثقوا العملية بالفيديو، وبعد أن أنهوا فصل الرأس عن الجسد وعلى مرأى الطفل الثانى «وهو ابن عم الشهيد»، وهبوا له الرأس وطلبوا منه أن يسلمه لذويه وأن يتصل بالجيش «الطاغوت».

أجبر المراهق على قطع كل المسافة الفاصلة بين الجبل ومنزله وهو يحمل بيده رأس ابن عمه. لا أحد بمقدوره أن يتصور حجم المعاناة والرعب والألم الذى تحمله اليافع فى تلك الساعات الزمنية، ولا أحد بإمكانه أن يتصور شعور الأهل وهم يتلقون الخبر مشفوعا بدليل الإثبات: الجزء العلوى/الرأس، فى حين بقيت الجثة فى الجبل.

تشير هذه الحادثة الأليمة إلى أن المجموعات الإرهابية غيرت استراتيجياتها فنوعت الأهداف والوسائل. لم يعد الفاعلون السياسيون ولا الشخصيات الوطنية هدفا رئيسا للإرهابيين بل أضحى استهداف المدنيين من كهول وشيوخ وأطفال ونساء نشاطا مستمرا ويجد له مبررا فى المراجع المتداولة لدى الإرهابيين التى تؤصل لهذه العمليات دينيا «فتاوى وبيانات وكتب وغيرها».

فمادامت المعركة معركة تمكين تمهد لإقامة الدولة الإسلامية، فكل الوسائل مسموح بها لاسيما إذا كان الضحايا من المتعاونين مع النظام الرافضين الصعود إلى الجبال والالتحاق بالمجوعات التى ترفع الرايات السود.


وتعكس هذه المرحلة الجديدة التى يمر بها النشاط الإرهابى فى تونس والمتمثلة فى استهداف المدنيين إلى البنية النفسية السائدة لدى المجموعات الإرهابية. فبعد سد المنافذ أمام الإرهابيين وتضييق الخناق عليهم ومنعهم من التحرك بكل حرية وقطع الطرق المؤدية إلى القرى المجاورة التى كانت يعتبرها هؤلاء أرض غنيمة بات الإرهابيون غير قادرين على تنفيذ اتصالاتهم والتنسيق مع الخلايا النائمة والاستمرار فى تطبيق مشاريعهم ومخططاتهم. وعلى هذا الأساس أضحى سكان المناطق المهمشة ضحايا يقدمون قرابين فى الحرب على الإرهاب.

وليس خُفيا أن هذه الفئات التى تعيش الخصاصة وتكابد من أجل البقاء تعد لقمة سائغة فى يد هذه الجماعات الإرهابية باعتبارها تفتقر إلى أبسط الحقوق كتوفر الحماية والتحصين عبر خلق الموارد الأساسية للتنمية، فضلا عن الإحاطة والتوعية. إن الهجوم على الفئات المستضعفة لا معنى له سوى فضح النظام وتعرية فشل السياسيات المعتمدة وكشف النقاب عن عورات السياسيين وخاصة الأحزاب الحاكمة. فما تعيشه تونس طيلة أشهر من صراع على السلطة بين أغلب أبناء النداء الذين لم يصغوا إلى نداء الواجب الوطنى وارتأوا فى المقابل تلبية نداء المصالح الشخصية، يبين عن تغيير فى منظومة الأولويات: فالأولوية صارت اقتسام الغنيمة، وهو اختيار لا يتعارض مع عقيدة كرسها الأوائل فحتى حزب النهضة الذى انتخبه الناس لأن أتباعه يعرفون الله لم يشذ عن هذه القاعدة، وبات أنصاره يظهرون نعمة الله عليهم «فيكدسون الممتلكات» ويحبون المناصب وما تدره على أصحابها من امتيازات تحقق لهم المزيد.

يبدو أن المنسيين فى كل الحكومات غدوا فى وضع اختبار: «هل يخضعون لإرهابيين انتزعت الرحمة من قلوبهم أم يستمرون فى إعلان انتمائهم الوطنى حتى وإن أدى الأمر إلى هلاكهم الجماعى فى مجتمع يميز بين الشهداء على أساس الطبقة والسن والجهة».

الجمعة الأسود فى بيروت وتونس وباريس، تؤكد إجماع الإرهابيين على ارتكاب سلسلة من الجرائم ضد الانسانية. فى تونس وباريس وبيروت أبرياء يدفعون ثمن التوحش والرعونة. ولكن شتان بين نظام يواجه أزمته بكل رباطة جأش وينجح المجتمع المدنى فيه فى التعبئة الجماعية لمواجه العدو فكريا وإعلاميا وعسكريا. وأنظمة لا تملك جهاز مناعة تستمر فى المعارك السياسية التى تزود الإعلام بأطرف الأخبار وتُلهى الناس عن المشكلات الأساسية: العدالة الاجتماعية والحد من استشراء الفساد، والتنوير المعرفى وثقافة احترام التنوع والاختلاف.


الإرهاب واحد ومعلوم ولا دين له، ولكن تبعاته تختلف من مجتمع إلى آخر، وفق وعى الطبقة السياسية وقوة المجتمع المدنى ومدى القدرة على تحمل المسئولية التاريخية.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة إدارة الشأن الدينى
- فى علاقة الدين بالقانون
- احذروا غضب المواطنات
- فى الدعوة إلى المراجعات
- هندسة الفضاءات
- التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب
- عين تشهد وعين تنكر
- تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل
- داعشيات
- حرب المواقع بين «رجال الدين»
- كسر أقفال المعرفة الدينية
- فى تمثّل دور رئيس الدولة
- تونس على محكّ الاختبار
- هل يمكن تشريك حزب النهضة فى الحكم؟
- هل «تمكن» حكومة «الصيد» النساء؟
- ماذا بعد الانتخابات الرئاسية؟
- السياسى العارض
- ماذا وراء استقالة حمادى الجبالى من حزب النهضة؟
- شعب النهضة
- التوافق المزعوم


المزيد.....




- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - امال قرامي - الجمعة الأسود