أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - حقائق عن جورج أورويل / 12















المزيد.....


حقائق عن جورج أورويل / 12


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4961 - 2015 / 10 / 20 - 17:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


. أورويل و هتلر
كان أورويل "يعبد" شخصية هتلر عبادة النصارى للمسيح ، و يقلده في كل شيء ، حتى في ملابسه و حبه للكلاب . لذا ، يمكن اعتبار أن أورويل يمثل المعادل الصحفي الإنجليزي لشخصية هتلر ؛ حيث أشتهر بالتعنصر الأعمى للأنغليكانية مثل التعنصر الهتلري للآرية ؛ و كان يؤمن بالاشتراكية القومية مثل هتلر ؛ و مثل هتلر ، فهو يعبد الحقد على الشيوعيين و الاشتراكيين الحقيقيين و اليهود و الاتحاد السوفيتي و دول أوربا الشرقية و الكاثوليك و حركات التحرر الوطني و الزنوج و الايرلنديين و السلافيين و العرب و الهنود و الاسكتلنديين و الأمريكان ، إلخ .
و لأن هتلر لا يمتلك "إنجيلاً" سوى كتابه : "كفاحي" الرث شكلاً و مضموناً - مثل رثاثة أفضل ما استطاع أورويل كتابته - فقد كان ذلك الكتاب لا يفارق أورويل في حله و ترحاله منذ صدور أول ترجمة إنجليزية له عام 1931 . و بالطبع ، فقد اصطحبه معه إلى إسبانيا عام 1936 ، و كان من ضمن المستندات التي أضطر لتركها هناك عندما هرب هو و زوجته و ماكنير كالجرذان إلى فرنسا من شرطة الجمهورية الإسبانية الثانية بعد اكتشافها لدوره التخريبي التجسسي القذر - مع آمره العميل المزدوج جورج كوپ - لصالح قوات فرانكو الفاشي حليف معبوده هتلر . و هكذا نرى أنه في الوقت الذي منحته فيه إسبانيا ما لا يتوفر عليه أورويل من الشرف – المزيف و المؤقت – و الشهرة ، فإنها لم تحصل منه و من آمره (Commandante!) سوى على قاذوراتهما و أجرامهما التجسسي التخريبي ضد شعبها المحاصر المظلوم .
بعد عودته لبريطانيا ، بدأ أورويل بمغازلة الاستخبارات البريطانية عبر الإيغال بمهاجمة الشيوعيين و الاتحاد السوفيتي و اليسار البريطاني عموماً بإطلاق الصفة الصبيانية (pansy-left) عليهم . في حينها ، كان أفضل أسلوب لتزكية المرء لنفسه أمام المخابرات البريطانية هي أن يسوّق المرء نفسه في سوق النخاسة الإمبراطوري باعتباره ذا صبغة نازية . لذا ، نجد – مثلاً – أن المخابرات السوفيتية التي كانت تعي تلك الحقيقة قد وجهت في حينها عملاءها – و منهم ثلاثي كيمبرج الشهير و رئيسهم "كيم فلبي" أكبر و أخطر جاسوس سوفيتي خلال القرن العشرين – للانتماء للحركات المؤيدة للنازية أولاً ، كي يشقوا من بعدها طريقهم بيسر نحو قمم أجهزة المخابرات و الاستخبارات البريطانية ، لان النازي لا بد أن يكره الشيوعيين و الاتحاد السوفيتي و لا يعمل لحسابه حسب تصور قادة منظومة التجسس البريطانى في حينه . و لقد نجحت تلك الخطة السوفيتية أيما نجاح بدليل أن مسؤول جهاز الأم أي فايف البريطاني )أنطوني بْلَنْت) عن ملف كوپ و أورويل كان هو الآخر جاسوساً سوفيتياً .
كان أورويل يعرف الإلفة بين التوجه النازي و رجال الأم آي فايف ، و رأي – متأخراً – منذ عام 1939 ، أنه قد حان له أن يسوّق نفسه في سوق النخاسة الإمبراطوري بهذه الصورة ذات الصبغة النازية ، خصوصاً و أن العبد المتقي لربه هتلر لا بد أن يتوخى العون و الفائدة من إخلاصه لذلك الرب . وعليه ، في 21 آذار 1940 ، نشر أورويل مراجعته لإنجيله غير المقدس "كفاحي" للدعاية للكتاب المذكور عندما كانت بريطانيا و حلفاؤها في حالة الحرب العالمية الثانية مع ألمانيا النازية ، و بعد مضي سنة كاملة على نشر الطبعة الإنجليزية التي أشرفت عليها النازية بنفسها . أي بلا أي مناسبة موجبة عدا غرض تسويق الذات البحت .
و لكي يظهر نفسه – عبر الكسر و الجبر الوصولي الذي كان ديدنه منذ كتابته "الطريق إلى رصيف ويغن" – أنه ليس نازياً تماماً ، و لكنه مع "التوجه الوطني" لهتلر و أمثاله من القادة "الوطنيين" في بريطانيا ، فقد امتنع تماماً في مراجعته تلك عن توجيه أي نقد لمعاداة هتلر المجرمة لليهود و للشيوعية و للديمقراطية البرلمانية و لسياسة التوسع شرقاً في أوربا (طبعاً ، لأن أورويل كان فاشياً شمولياً حتى النخاع أكثر من شمولية هتلر ، و يؤيد كل تلك السياسات الهتلرية قلباً و قالباً) . ثم راح يصرح علناً و بأقوى صيغة إنجليزية ممكنة بعدم استطاعته أن يكره هتلر . و لكنه كسر ذلك بالادعاء بعدئذ مباشرة بكونه قد فكر ملياً بقتل هتلر بنفسه إن تسنى له ذلك ، و لكن ليس بسبب حقده الشخصي عليه . ثم جبر كل ذلك بالترتيل لربه هتلر بهذه الترتيلة النازية العميقة التقوى :
The fact is that there is something deeply appealing about him. One feels it again when one sees his photographs — and I recommend especially the photograph at the beginning of Hurst and Blackett’s edition, which shows Hitler in his early Brownshirt days. It is a pathetic, dog-like face, the face of a man suffering under intolerable wrongs. In a rather more manly way it reproduces the expression of innumerable pictures of Christ crucified, and there is little doubt that that is how Hitler sees himself. The initial personal cause of his grievance against the universe can only be guessed at-;- but at any rate the grievance is there. He is the martyr, the victim. Prometheus chained to the rock, the self-sacrificing hero who fights single-handed against impossible odds. If he were killing a mouse he would know how to make it seem like a dragon. One feels, as with Napoleon, that he is fighting against destiny, that he can’t win, and yet that he somehow deserves to.
ترجمة ترتيلة أورويل لربه هتلر :
"الحقيقة هي أن هناك شيء ما مثير للإعجاب العميق به [أي بهتلر] . و يشعر المرء بذلك عند مشاهدته لصوره – و أنا أوصي بشكل خاص الصورة الفوتوغرافية في بداية طبعة "هيرست و بلاكيت" ، و التي تُظهر هتلر في الأيام المبكرة لارتدائه القميص الأسمر [و هو اللباس المميز لقوات الصاعقة النازية] . في تلك الصورة يظهر وجهه الحزين المثير للشفقة و الشبيه بوجه الكلب ، وجه رجل يعاني تحت وطأة أنواع الحيف التي لا تحتمل . و على نحو رجولي إلى حد ما ، فإنه [أي وجه هتلر] يعيد توليد التعبير للصور التي لا تحصى للمسيح مصلوباً ، و لا شك في أن هتلر يرى نفسه على تلك الصورة . و إذا كان السبب الشخصي الأول لظلامته من الكون لا يمكن إلا أن نخمنه ، و لكن على أي حال فإن الظلامة موجودة هناك . إنه الشهيد ، و الضحية . أنه بروميثيوس مصفداً بالصخرة ، إنه البطل المضحي بنفسه الذي يحارب بيده وحيداً ضد الأقدار المستحيلة . و لو كان يقتل فاراً فإنه يعرف كيفية جعله يبدو مثل التنين . إن المرء ليشعر ، كما مع نابليون ، أنه يحارب ضد القدر ، و انه لا يستطيع الانتصار ، و مع ذلك فهو بهذا الشكل أو ذاك يستحق الانتصار ."
أنتهى نص ترتيلة أورويل لربه الأكبر هتلر الذي يسبغ عليه ظلماً صورة الشهيد المظلوم المعذب مثل المسيح و برميثيوس . حتى غوبلز و هملر و غورنغ و هيس لم يستطيعوا مدح قائدهم الفوهرر بهذه الطريقة . وعليه ، و حسب أورويل ، فإن هتلر يستحق الانتصار على أعدائه من الشيوعيين و اليهود و شعوب أوربا الشرقية و الغربية ! هنا يحول أورويل مراجعته لكتاب هتلر من إيراد مندرجاته على نحو حيادي موضوعي ، إلى التماهي بهتلر و الانعكاسات الشخصية بينه و بين الصور الفوتوغرافية لهتلر .
و لقد كنتُ ، في خطتي لهذه السلسلة ، قد وضعت الكلام في هذا الموضوع ضمن عرضي لمعاداة أورويل الكريهة لليهود على طول الخط . و لكنني أجد أن من المناسب الآن تقديم هذا الموضوع بسبب نشر الأستاذ يعقوب إبراهامي مقالته المعنونة : " أكاذيب عن جورج أورويل " بجزئها الأول في عدد الحوار المتمدن (4915) المؤرخ في 2015 / 9 / 4 . في تلك المقالة ، طبخ لنا يعقوب إبراهامي حلاوته المعتادة في جدر جديد مكسور القاع كسراً شنيعاً . تقول هذه الحلاوة – من بين خرط كثير :
"يقول حسين علوان حسين: "فإن أورويل يصرح في معرض مراجعته الفضيحة لكتاب هتلر "كفاحي" عام 1940 (عندما كان بلده في حالة حرب عالمية مع ألمانيا النازية) ، بأنه : "لا يستطيع أن يكره هتلر" . إذن ، هتلر - الذي كان يضرب المدنيين الإنجليز العزل في لندن و غيرها بصواريخ أرض- أرض - لا يمكن كراهيته ، أما كراهية الشيوعيين (الذين أنقذوا بريطانيا من الهزيمة) فهي واجب وطني عند أورويل الذي لا يخفي إعجابه بهتلر فيقارنه بالأبطال التاريخيين : بروميثيوس و نابوليون".
ليست هناك كلمة صحيحة واحدة في هذه الفقرة. كل الفقرة هي مجموعة أكاذيب ملفقة. ليست بها حقيقة واحدة. أنا أعرف ذلك لأنني قرأت هذه "المراجعة الفضيحة" في نصها الإنكليزي الأصلي واستطيع أن أؤكد لكم أن حسين علوان حسين (في أحسن الأحوال) لم يفهم كلمة واحدة مما كتبه جورج أورويل.
المقال "Review of Mein Kampf" (إذا كان حسين علوان يشير إلى مقالٍ آخر، غير الذي نُشِر في آذار 1940، فليقل ذلك وأنا مستعد لمراجعة نفسي) هو مقال ضد هتلر وضد النازية وأنا أتحدى حسين علوان حسين أن يأتي بالنص الإنكليزي للجملة التي يدعي حسين علوان أن أورويل يقول فيها بأنه : "لا يستطيع أن يكره هتلر". لا وجود لجملة كهذه، أو حتى ما يشابهها، رغم علامات الإقتباس التي يضعها حسين علوان حسين.
في هذا المقال يصف أورويل هتلر بال: Mono-maniac. هل يعرف حسين علوان حسين معنى هذه الكلمة؟ الكلمة Maniac على كل حال تعني وفقاً لأحد القواميس العديدة التي بحوزتي: شخصٌ يتصرف بطريقة غبية أو خطيرة – مهووس، معتوه. هذا كُتِب عام 1940.
هل أنا وحسين علوان حسين قرأنا نفس المقالة لجورج أورويل أم إن حسين علوان لا يفهم اللغة الإنكليزية؟
هناك احتمال آخر طبعاً وهو أن حسين علوان لم يقرأ "المراجعة الفضيحة" على الإطلاق واعتمد على مصادر خدعته . في هذه الحالة يكون هو أيضاً قد خدع القراء."

أنتهت الحلاوة الإبراهامية المطبوخة بالجدر المكسور القاع .

و بعد أن أتحت لإبراهامي و صناجته من الطبالين له الوقت الكافي لإفراغ كل "قيحهم" ، كتبت له هذا الرد في 2015 / 10 / 18
: حبل الكذب قصير
الأستاذ يعقوب إبراهامي المحترم
تحية ، و بعد
أرى أن انقطاع تيار الوعي عندكم و عند صناجيكم قد تفاقم كثيراً و يتطلب العلاج .
و بغية إعطاءه شحنة مؤقتة قربة إلى الله تعالى ، و لهذه الحالة فقط ، إبحث في الغوغل عن جملة أورويل التالية في مراجعته لكتاب كفاحي لهتلر :
I should like to put it on record that I have never been able to dislike Hitler.
و ستجد 1590000 من النتائج خلال 2.6 ثانية .
إلى متى تبقى معاداتك للشيوعية تعميك عن إسترجاع تيار الوعي ؟
أنتهى تعليقي .

و قد رد علي الأستاذ يعقوب إبراهامي ، في 2015 / 10 / 19 ، و في تعليقات الجزء الثاني من مقاله ذاك (الذي سأجيب عليه في العدد التالي من هذه السلسلة) بالقول :
العدد: 647655 - إلى حسين علوان حسين (8): حبل إساءة الفهم
هذا كل ما طلبته منك: المصدر أو النص الأصلي. لم اتهمك بالكذب
وقد صدق حدسي: أنت أسأتً (خطأً أو عمداً) فهم ما أراد أن يقوله جورج أورويل. وما فعلتَه أنت هو نموذجٌ من الدرجة الأولى لِما يُمكن تسميته: كيف تقتطع جملةً واحدة مما قبلها وما بعدها، ثم تستشهد بها وتشوه ما أراد أن يقوله الكاتب
السؤال الوحيد هو: هل فعلتً ذلك عن عمدٍ واصرار أم عن سوء فهمٍ
بعد الجملة الي تفتبسها جاءت الجملة التالية
I have reflected that I would certainly kill him if I could get within reach of him, but that I could feel no personal animosity
والإشارة طبعاً بكلمة
him
هي إلى هتلر
أنتهى قول يعقوب إبراهامي .

و لقد أبلغته بنفس المكان و بنفس اليوم ، و بعنوان : من لا يفهم ، لا يفهم في إساءة الفهم :
إلى يعقوب ابراهامي ـ14
أنت لم و لن تستطيع فهم ما يلي :1. لماذا لم تستطع أنت إيجاد الجملة أعلاه أصلاُ أولاً ؛ 2. لماذا قالها أورويل أصلاً ؛ 3. لماذا لا يمكن إلغاؤها بما بعدها قط ؛ 4 . لماذا هي تمثل موقفاً ثابتاً لدى أورويل لم يحد عنه قط ؛و السبب في كل هذا هو (5) عدم فهمك لأبسط قواعد البحث العلمي مثلما سأوضح ؛ و كذلك (6) لعدم فهمك لأسلوب أورويل في الكتابة .
أنتهى ردي .
و بعد أن زودته بالجملة موضوع البحث التي إدعى عدم وجودها في مقالة أورويل ، و بدلاً من قيامه بالاعتذار عن اتهامه لي بالكذب جزافا ، مثلما هو واضح صراحة من منطوق عنوان مقالته "أكاذيب عن أورويل" المقتبسة منه نصوصه أعلاه ؛ فإنه يكذب نفسه بنفسه بالقول : لم أتهمك بالكذب !
عجيب ! ما معنى إذن العنوان : أكاذيب عن أورويل ؟ في هذا العنوان توجد لفظة أكاذيب ؛ طيب ، أكاذيب مَنْ تلك التي تتوج عنوان مقالة إبراهامي : أكاذيبي أنا ، أم أكاذيب إبراهامي ؟
ثم يتهمني بعد ذلك بأنني "قد أقتطعت جملة واحدة مما قبلها و ما بعدها بقصد تشويه ما أراد أن يقوله الكاتب" أورويل .
عجيب ! و هل كنت أنا – عندما ذكرت قول أورويل بعدم استطاعته أن يكره هتلر – في معرض الاستعراض لمندرجات مراجعته لكتاب كفاحي بأكملها ، أم كنت بصدد التدليل على وجود قوله القبيح ذاك ؟
جملة أورويل موضوع البحث - و التي إدعى إبراهامي عدم وجودها أولاً - هي جملة منفصلة لوحدها (a complete statement) ، قبلها نقطة ، و تنتهي بنقطة ، و تقرأ :
I should like to put it on record that I have never been able to dislike Hitler.
و ترجمتها هي : يجب علي أن أثبِّت هذا في السجل علناً (أي أن يعلم الجميع) بأنني لا أستطيع أبداً عدم حب هتلر .
و لكونها جملة منفصلة لوحدها تركيبياً ، و هي تامة الدلالة ، لذا ، فهي الموضع للاقتباس المشروع . و من يعترض على ذلك يثبت عدم فهمه لطبيعة النص اللغوي أولاً ، و جهله بقواعد الإقتباس و بأصول البحث العلمي ، ثانياً . لماذا ؟ لأن هذه الجملة التامة المعنى و المنفصلة عن غيرها من الجمل بنقطة لا يشترط وجودها وجود ما بعدها معها : هي جملة مفيدة بحد ذاتها ، مثل جملة : "كان قايين عاملاً في الأرض" (سفر التكوين ، الإصحاح الرابع ، 2) ، أو جملة : "لا تجزم بشيء قبل التيقن منه" . متى يصبح الاقتباس فاسداً ؟ عندما نقتبس – مثلاً - جملة النهي : "لا تجزم بشيء" و نحذف شرطها اللازم في الكلم : "قبل التيقن منه" .
أما المميزات النحوية-الدلالية لجملة أورويل التامة فهي :
أ ) أنها تصرِّح بأن قيام أورويل بالتثبيت العلني لعدم استطاعته عدم حب هتلر إنما هو بمثابة الأمر الواجب (obligation) عليه حسبما يعبر عنه الفعل (should) ؛
ب ) أن مقولة عدم استطاعة أورويل عدم حب هتلر إنما يريد أورويل تثبيتها أمام الملأ كحقيقة تاريخية مُعلنة من طرفه قدر تعلق الأمر بحبه لهتلر حسبما تعبر عنها العبارة الفعلية : (put it on record) ؛
ج ) أن فعل عدم استطاعة أورويل عدم حب هتلر هو فعل مضارع تام (have been) ، بدأ حصوله في ماضي الزمان و هو مستمر للآن و للمستقبل بدليل عدم استخدام أورويل لصيغة الفعل الماضي التام (had been) فيه و التي تفيد معنى إنقطاع حب أورويل لهتلر . و هو ما يعني أن أورويل لم و لن يتوقف عن حب هتلر كائناً ما كانت جرائم الابادة الجماعية للبشر و العدوانات ضد الشعوب الأوربية (بلجيكا ، فرنسا ، بولونيا ـ تشيكوسلوفاكيا) التي إقترفها و سيقترفها نظامه الشمولي الذي دمر البشرية . و هو ما يعني أيضاً أن كل إدعاءات أورويل عن معاداته للشمولية و الثورية و الحرية و الإخاء و المساواة ما هي إلا أكاذيب صريحة . لقد صدق فرانك فرانكفورد عندما قال بأن أورويل هو "فاشي مبدئياً" . و لهذا يحرص من يريد تطويب هذا الجاسوس الفاشي في مدماك القديسين المزيفين على محو الجملة أعلاه بالذات .
و الآن إلى السؤال المهم : هل يمكن "محو" دلالة الجملة أعلاه من نص أورويل هذا ؟ الجواب : مستحيل ـ أبداً - لأنها حال نشرها بتاريخ 21 آذار عام 1940 في الصحيفة البريطانية (New English Weekly) فقد أصبحت حقيقة تاريخية ثابتة مثل الحقيقة التاريخية لكلمة "أكاذيب" الواردة في عنوان مقالة يعقوب إبراهامي . السؤال المهم الثاني : هل يمكن "إلغاء" دلالة هذه الجملة بدلالة أي جملة أخرى تجاورها في نفس النص ؟ الجواب : قطعاً لا . لماذا ؟ لأن وظيفة كل جملة في كل نص هي للدلالة التاريخية بذاتها ، و ليست وظيفتها هو إلغاء وجود الجمل الأخرى المثبتة في نفس النص . لا الجملة الأولى يمكن لأي باحث علمي يحترم الحقيقة أن يلغيها بالجملة التالية ، و لا بالعكس . كل واحدة منهما تمثل لحظة قائمة بنفسها مؤسسة لبنية الدلالة التاريخية للنص ككل . و لو كانت وظيفة كل جملة في النص هي إلغاء دلالة الجمل الأخرى فيه مثلما يخرف إبراهامي ، لألغت كل جمل النص بعضها لبعض ، و لانتهى وجود كل نص لغوي أصلاً .
و الأن نتساءل : لماذا زعم إبراهامي بأن الجملة أعلاه غير موجودة في نص مراجعة أورويل لكتاب هتلر : كفاحي ؟ الجواب : لكونه قد وقع ضحية لتزويرات ماكنة الدعاية الإمبريالية بسبب عدم فهمه لأصول البحث العلمي . كيف ؟
عندما يبحث المرء على الشبكة العنكبية عن العنوان : مراجعة أورويل لكفاحي (Orwell’s review of Mein Kampf) ، فسيحصل بالضبط على مثل هذا النص :
. But Hitler could not have succeeded against his many rivals if it had not been for the attraction of his own personality, which one can feel even in the clumsy writing of Mein Kampf, and which is no doubt overwhelming when one hears his speeches .... The fact is that there is something deeply appealing about him. One feels it again when one sees his photographs-and I recommend especially the photograph at the beginning of Hurst and Blackett’s edition, which shows Hitler in his early Brownshirt days.
المصدر :
http://genius.com/George-orwell-review-of-mein-kampf-annotated/
و من الواضح أن النص أعلاه (على فرض أنه كامل) لا يحتوى أبداً على جملة أورويل الفضيحة :
I should like to put it on record that I have never been able to dislike Hitler.
فإذا كان الباحث يثق بالدعاية الإمبريالية لأورويل ، و كان في التحقيق النصي بمرتبة : "رُبُع رِدِن" مثل إبراهامي – أي لا يفهم في الأسس العلمية لتحقيق النصوص – فسيقفز حالاً إلى الاستنتاج بعدم وجود الجملة أعلاه في نص أورويل ، و سيتهمني أنا الذي اقتبستها بالكذب جزافاً ، مثلما فعل .
أما الباحث الذي يدرك ألاعيب ماكنة الدعاية الإمبريالية بصدد كل شيء يخص أورويل ، و الكاتب الضابط لأدوات البحث العلمي في تحقيق النصوص ، فسينتبه إلى وجود النقاط الأربعة (....) بين كلمة (speeches) و كلمة (the) وسط النص أعلاه ، و سيستنتج حالاً وجود حذف فيه . عندها ، سيبحث عن مصدر آخر كامل (unabridged) للنص ، لكون هذا المصدر الناقص لا يصلح للتحقيق النصي أبداً ، و لا لأن يُتخذ أساساً في أطلاق الأحكام بالكذب أو عدمه . و لكن المسكين الغافل يعقوب إبراهامي ابتلع الطعم و الصنارة الإمبريالية حتى كبده . يا غافلين : لكم الله .
غير أن السؤال المهم هنا هو : لماذا لا يطال هذا الحذف هنا إلا هذه الجملة بالذات و جملة التفكير بقتل هتلر بعدها ، و هو ما أوقع المسكين الغافل إبراهامي في شراكه ، و جعله يرتكب حماقة رميي أنا بالكذب جزافاً من خلال المدلول الصريح لعنوان مقالته : أكاذيب عن أورويل ؟
في هذا الحذف آيات لأولي الألباب ، عسى أن يكون إبراهامي منهم بعدما وقع ضحية له وهو غافل و بعد أن يقرأ هذا الكلام .
الجواب : و ذلك بغية خلق خرافة تقديس جورج أورويل كاتباً بريطانياً ثورياً من خلال اصطناع خرافة صورته كقديس "امبريالي ثوري" . لماذا ؟ لأن ماكنة الدعاية الإمبريالية في بريطانيا لم تستطع إنتاج أي كاتب قديس ثوري شريف طوال القرن العشريين من غير المناهضين للإمبريالية البريطانية حصراً ؛ في حين أن كل الحكام البريطانيين في نفس القرن ملطخة أيديهم بالدماء و كلهم خدم للإمبريالية . المطلوب هو اصطناع بطل إمبريالي يميني بصبغة ثورية ، بأي ثمن كان . فباستثناء الثوريين اليساريين الحقيقيين ، لم تنتج بريطانيا أدباء أبطالاً مقربين من السلطة خلال القرن العشرين يمكن تقديسهم (canonization) دعائياً . لذا ، فإن حذف الجُمَل الفضيحة من مؤلفات أورويل المنشورة على الشبكة و الدعاية المستمرة لأعماله و تحويلها و حياته إلى شرائط سيمية و برامج تلفزيونية و مسرحيات و مناهج تدريسية مقررة في العالم الأنجلوسكسوني أجمع و تزييف الحقائق بصدد تفاصيل حياته يراد بها النفخ في صورته لخلق الوعي المزيف لخرافة قداسته . و لهذا النفخ التزييفي تاريخ طويل في بريطانيا (و العالم) زُوِّرت خلاله كل الحقائق عن حيوات مختاريها ؛ و منهم شكسبير الذي طال التزييف حتى محل ولادته . و إذا كانت المؤلفات المسرحية لعشرات المؤلفين طوال قرن كامل التي نسبت ظلماً لشكسبير عظيمة ، ألا أن كتابات أورويل هي من الدرجة الرابعة أو الثالثة في أكرم التقديرات . و لو كان إبراهامي قد سأل ناشره فيكتور غولانكز عند تعيينه رئيساً للجامعة العبرية في القدس عن قيمة أعمال أورويل ، لقال له الحقيقة العارية بصريح العبارة : "أنه كاتب مُبالَغ في تقدير أعماله" .
و عندما نضيف إلى كل هذا الانعدام التام للثبات الفكري في أعمال أورويل كافة ، سندرك بوضوح السبب الذي يجعل كل الاتجاهات السياسية تستطيع استثمار هذا العمل أو القول له أو ذاك أو ذياك لمصلحتها ، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار . و هو بالضبط ما فعله المحافظون الجدد في أمريكا للترويج لاحتلالهم أفغانستان و العراق تدشيناً لرأسمالية النار للقرن الواحد و العشرين .
يتبع ، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 5
- حقائق عن جورج أورويل / 11
- حقائق عن جورج أورويل / 10
- قصة حجب عصام الخفاجي لتعليقي
- حقائق عن جورج أورويل / 9
- حقائق عن جورج أورويل / 8
- حقائق عن جورج أورويل / 7
- حقائق عن جورج أورويل / 6
- حقائق عن جورج أورويل / 5
- حقائق عن جورج أورويل / 4
- حقائق عن جورج أورويل / 3
- حقائق عن جورج أورويل / 2
- حقائق عن جورج أورويل / 1
- فورة الواهس في اللغو اليابس : مالوم أبو رغيف نموذجاً
- ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 4
- ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 3
- ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ / 2
- ذكريات شيوعي عراقي : كاظم الشيخ
- قصة موت و حياة
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 13-13 (الأخيرة)


المزيد.....




- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسين علوان حسين - حقائق عن جورج أورويل / 12