أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة موت و حياة















المزيد.....

قصة موت و حياة


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 4789 - 2015 / 4 / 27 - 13:58
المحور: الادب والفن
    


استيقظت إيناس من نومها المضطرب و هي تحسّ بموجة ألم رهيبة تعصف ببطنها . كان ذلك هو آخر يوم لها من فترة الحمل : تسعة شهور كاملة . جَلسَت على السرير و هي تجرّ أنفَاسها بالكاد جرّاء ضغط الحمل الثقيل اللائب في رحمها : تارة يضغط على ظهرها فيكاد يقصمه ، و تارة يتسلق حتى صدرها فيحبس أنفاسها ، و مرات يضغط على أمعائها فتصاب بنوبة رهيبة من حرقة البطن و الرغبة بالقيء ، أما آلام حوضها فتشبه آلام من تُهشَّم عظامه بساطور .
لم تستطع أخذ قسط مريح من النوم طوال ليالي ذلك الشهر ، إذ كانت تحسّ كمن ينام رازحاً تحت ثقل صخرة ضخمة تزن أطناناً ؛ فإن استلقت في فراشها على اليمين ، أحست بالخدر ؛ و إن استلقت على شمالها دوّى قلبها بالنبض المثير للقلق ؛ و إن نامت على ظهرها ، أحست بالاختناق ، فيبدأ الجنين باللكم و الدفر .
- إيناس ! لِمَ أنت متأخرة في النهوض هذا الصباح ، مدام ؟ سألتها عمَّتها - أم زوجها - و هي تقف عند باب الغرفة ، شابكةً ساعديها على صدرها .
الحقيرة ! لَمْ تُكلف نفسها حتى عناء إلقاء تحية الصباح عليَّ . لن أُنَفِّه لها . لأعطيها على قدر عقلها الصغير !
- لقد تعذَّر عليَّ يا أمّي العزيزة القيام من الفراش . أحسُّ بحوضي كما لو كان مطبوراً بالسيف ! كما و لقد انتابتني موجة ألم رهيبة في بطني !
- متى أحسست بها ؟
- قبل دقيقة فقط .
- لقد بدأت عندك آلام الطلق . عليك بالحركة الآن كي تلدي بلا مشاكل في المستشفى .
- اليوم هو آخر يوم من الشهر التاسع !
- هيا قومي ! تحرَّكي ! كفى دلالاً ! كيف تأتيك آلام الطلق ، و لا تأتي لابنتي فاطمة ، و كلتاكما في نفس الشهر الأخير من الحمل ، ها ؟! حظوظ !
ما ذا أقول لهذه الغبيّة التي تعشعش الغيرة في دماغها و تفرِّخ ؟ لو كانت ابنتها هي التي قد أحسَّت بآلام الطلق قبلي ، لما وجَّهت إليها هذه العجوز المقرفة نفس هذا السؤال . لا بد من قول شيء لها يجعلها تنقلع عن وجهي .
- هل عُدتي أبنتك فاطمة صباح اليوم ، يا أمّي ؟
- كلا !
- يا أمّي العزيزة ، اعتقد أن نزولك لغرفتها الآن و تصبيحك عليها سيجعلها تشعر بالكثير من الراحة . لا يجوز تركها لوحدها و هي في شهرها الأخير للحَمْل ، و زوجها غائب عنها في جبهة سيف سعد .
- حسناً . أنا نازلة لغرفتها الآن . لا تَنسي جلب فطورنا أنا و فاطمة لغرفتها ، و بدون تأخير !
- صار !
عندما جلبت إيناس صينية أطباق و أكواب الفطور لأمِّ زوجها - الجندي الاحتياط الملتحق بجبهة الشلامجة شرق البصرة - و أخته ، شاهدت أسارير الفرح تعلو وجه عمَتها .
- صباح الخير ، كيف هي حالتك اليوم يا أختي فاطمة ؟
- لا تزعجيها ، فقد بدأت لديها آلام الطلق ! ردّت عليها العجوز متباهية ، و هي تتناول الصينية منها .
- لا تتحركي . اليوم أنا التي ستطعمك بيديَّ هاتين ، يا ابنتي العزيزة فاطمة .
ما أن أنهت تنظيف و غسل أواني الفطور ، حتى أسرعت إيناس بالصعود لغرفتها لرزم حقيبة الولادة لها و لطفلها . الحمد لله أن أمها قد تكفلت بنفسها بشراء كل ما تحتاج إليه هي و وليدها من ملابس و حفّاظات ، مع حقيبة الكتّان اللوزية الأنيقة المقلّمة ، و المهد المصنوع عند النجّار من خشب الساج التايلندي الفاخر ، و المغطى بالناموسية الحريرية المطرّزة بالورود على الفراش الذهبي القطني الوثير . أمّي تعرف الأصول !!
- إيناس ! إيناس ! أين وَلّيْتي ؟
ما وراء هذه العجوز الدنفة المولعة بمناداتها بالصراخ ؟ سأعطيها مرّة أخرى على قَدْرِ عقلها . هذا ما علمتني إياه أمّي العزيزة و هي تودِّعني في يوم زفافي : عليك بالعقل الذي يهديك للواقعية ، فهو كنز الكنوز ، و نعمة من الرحمن !
- أنا هنا يا أمّي العزيزة ؛ أرزم ملابس الولادة .
- ألم أقل لك بوجوب دوام الحركة ؟ انزلي فوراً للمطبخ !
- صار !
عند دخولها للمطبخ ، شاهدت إيناس ثلاثة طسوت تغص بالفرّوج المذبوح .
- ما هذه ؟
- هذه أربعون دجاجة . عليك هلس ريشها و تنظيفها كلها قبل الظهر لإطعام الضيوف : أخواتي السبعة و بناتي التسعة . الحركة مفيدة للحامل . هذا ما قالته الطبيبة لابنتي فاطمة !
- صار !
عندما فرغت من هلس و تنظيف الأربعين دجاجة ، عصفت بها الموجة الثانية من آلام الطلق .
- إيناس ! إيناس ! أين أنت ؟
- بالمطبخ !
- هل أكملتِ هَلس الدجاج و تنظيفه ؟
- نعم .
- أغسلي يديك ، و تعالي جُزِّي ثيِّل الحديقة بعربة الجز . الحركة مفيدة للحامل . هذا ما قالته الطبيبة لابنتي فاطمة !
- صار !

فيما هي تدفع عربة جَزِّ الثيِّل جيئة و ذهاباً ، أخذت موجات الألم العاصف تتقارب ، فتكرف معها البطن و الظهر . لقد اقتربت ساعة الولادة .
- إيناس ! إيناس !
- نعم ، عمّتي !
- لماذا كل هذا التأخير ؟ ها ؟ هيا استعدي للذهاب لمستشفى الولادة الآن ، لقد انسكب ماء الرأس عند فاطمة ! فوراً و إلا تركتك لوحدك !
- صار !

رقدت فاطمة على السرير الوحيد الشاغر بصالة الولادة الأولى ، فتعيَّن إدخال إيناس صالة الولادة الثانية .
ألقت إيناس جسدها المنهك على السرير و هي في حالة يرثى لها من الإرهاق . و تعجبت من مدى تضخم حجم الوليد الحاصل ببطنها ، و من التوقف المفاجئ لموجات عواصف آلام الطلق . تذكرت قول أمها لها : عند الطلق ، يقف عزرائيل على سرير الزوجة ، فيما تهفّي الملائكة للزوج ! يا لها من قسمة ضيزى : عزرائيل و شفى الموت للزوجة ، و الملائكة و الترويح للزوج ! لماذا لا يصبح الحمل و الولادة من الواجبات الحيوية للرجال ما دامت الملائكة لم تختر غيرهم كي تُهفّي له ؟
جاءت المولدة إلى سرير إيناس ، و فحصتها . ثم قالت :
- هل هذا هو أول طفل لك ؟
- نعم !
- التوسع أربعة أصابع فقط . هل تشعرين بآلام الطلق الآن ؟
- كانت تعاودني كل خمس دقائق ، و لكنها توقفت الآن !
- ستتعسر الولادة ما دامت بِكراً . هل تستطيعين المشي قليلاً ؟
- لا ! أشعر كما لو كنت قد فقدت الإحساس بساقَيَّ ، و أن جسدي قد بلغ منتهى الإعياء !
- سأعود إليك بعد قليل لأرى ما الذي ينبغي عمله .

عندما تَرَكتْني المولدة ، غَفَوت إغفاءة الجندي المُنهك بعد انتهاء المعركة الطويلة . و شعرت كمن يحلم في اليقظة . رأيت التلاشي ، أسود طويلاً و فارغاً ، غير أني شعرت كما لو كان كل شيء على ما يرام و أن عقلي متقبل لهذا الوضع باعتباره أنه هو الوضع الطبيعي . و لكن لماذا مولدتي تتلمس رسغي بيد ، ثم تتلفت نحو العاملات مؤشرة بيدها الأخرى نحوي بعيون دامعة و بإيماءات مهتاجة ؟ لا بد أن تلك هي دموع السعادة بعد أن نجحت في توليدي ، و ها هي تومئ للجميع للتنويه بحسن صنيعها و بالجمال الأخاذ للوليد الجديد . كم هي عاطفية هذه المرأة الطيبة القلب ! و لكن لم استبد الوجوم على أوجه الجميع حولي و هم يستمعون إليها ؟ هل هناك مشكلة في الطفل ، لا سمح الله ؟ كلا ، مستحيل ، مثلي لا تلد غير الأطفال الأصحّاء التمام . أرى الجميع حولي يبكون . مساكين . لعلهم يشعرون بالقلق بسبب ضحاياهم الشباب في هذه الحرب العبثية التي أشعلها هذا المجرم الغبي صدام مع الجارة إيران و التي استمرت ثمانية أعوام عجاف أتت على الزرع و الضرع . الحمد لله أن كل شيء قد أصبح على ما يرام الآن ، و ما عاد هناك سبب للقلق بعد توقف الحرب . مسكينات . يا لهن من نساء طيبات القلب ؛ قلوبهن مثل قلوب الأسماك . آه كم أنا آسفة لعدم تمكني من مساعدتهن بشيء ، ولا توجيه عبارات التعزية اللطيفة لهن لمواساتهن و لتبديد قلقهن .

حسناً ، لقد فقدت الإحساس بالزمن تماماً و بدا العالم ضبابياً ناعماً . أتذكر سرير المستشفى و لكنني لا أتذكر شيئاً عن جسدي و لا عن الجنين ، كما غاب القلق عني تماماً . فجأة تدفق الضياء الأبيض الذي يعمي ببريقه العيون و الذي راح يتقدم نحوي و أنا أطوف بسلام طاغ في عالم كل شيء فيه بات أوضح و أدق و الألوان أبهج . تقدمت و تقدمت إلى أمام دون الحاجة إلى النظر إلى الوراء وسط تدفق مشاعر الفرح و الراحة حتى غمرني النور الوهّاج . و من وسط نهر الضياء الآسر ، تراقصت أمام عيني شفتان لوزيتان ساحرتان ، و قلن لي :
- مرحباً بمقدمك ، يا سيدتي ! جِئْتِنا من العراق ؟
- نعم . و كيف عَرِفت ؟
- من رائحة طينته الزكية الأثيرة لدينا التي تفوح منك ! إنه الموطن الشهير للآلهة المغدورة ، و فيه أكبر بحيرة للدماء . مساكين أهل العراق الشرفاء ، لا مستقبل لهم داخل بلدهم . و لكنهم يحملون رائحة ترابه المتميزة .
- أوه ! صحيح ! و لكن لماذا لا مستقبل لهم ؟
- لأن بلدهم فاحش الثراء ؛ و لذا ، فإن أولي الأمر فيه من الشرفاء ما يلبث أن يقتلهم أو يزيحهم المجرمون الحرامية بلمح البصر ، ليتسمروا على كراسيهم طوال عقود ، مستنزفين أقصى ما يمكن استنزافه من ثرواته و دماء شبابه . و أنت تعلمين بأن المجرم الذي لا يشبع من أكل الحرام لا يسلِّم الحكم إلا لمن هو أسفل منه . بلدكم منجم لأنفس الثروات الطبيعية و البشرية و التي ما فتئت سلباً مسلوباً على مر العصور . و لكن شعبكم ينتقل من جائحة لأخرى و هو دائخ بين سراق الداخل و الغزاة الطامعين فيه من الخارج ، و بين عبادة التاريخ .
- عبادة التاريخ ؟
- نعم ! لقد حوَّل المجرمون ماضيكم البائد إلى صنم يحكم حاضركم ، فضاع حاضركم و مستقبلكم معاً في عبادة ذلك الصنم . إنها الصنمية التاريخية . و لكن ربك بالمرصاد !
- لم أفهم . و لكن لماذا ؟
- لكي يُشْغِلوكم بقتل بعضكم البعض و جيرانكم في حروب عدمية تترى ، فَتَنْسَون مصيبتكم الكبرى : حكامكم اللصوص السفلة ، و تتفرق كلمتكم بدلاً من توحدها لإسقاطهم !
- فهمت الآن . أوه ! كم هو مُحزن وضع شعبي العراقي المسكين !
- صحيح ، و لكن لا داعي للحزن الآن بعد أن خرجتي من الظلمات إلى النور !
- حمداً لله !
- ما اسم أمَّك ، يا إيناس ؟
- صَبا أحمد !
- صَبا ، بالفتح ؛ أم صِبا بالكسر ؟
- صَبا ، بالفتح .
- أوه ! مع الأسف ! لقد حصل المحذور . أنّك لستِ أنتِ المقصودة ! إنّه تشابه الأسماء مرة أخرى ! عليَّ أن أعتذر منكِ للإرباك الحاصل ! و لكن عليك أنتِ مغادرة جنة السماوات ، و العودة إلى جحيم العراق ثانية فوراً !
- و لكن لماذا ؟
- لأنك لستِ أنتِ المقصودة . المقصودة هي امرأة أخرى أسم أمها هو : صِبا أحمد ، و ليس : صَبا أحمد . أنا آسفة !
- و لكن الفرق بين الاسمين بسيط و لا يكاد تمييزه ! ألا يمكنك عمل شيء لمساعدتي على البقاء هنا في الجنة ؟
- أخشى أنني لا أستطيع عمل شيء لك بهذا الصدد ، فنحن أعلى من ذلك ، فمثل هذا الأمر مُحال هنا !
- أرجوكِ ! ساعديني ، فقد تعبت من الحياة في العراق ! كما أنني أخشى أن يتزوَّج عليّ رجلي بامرأة ثانية فأمضّي بقية عمري و الغيرة تنهش قلبي ليل نهار ! أنت تعلمين أن الرجال طمّاعون للفراش ، و عيونهم زائغة على الدوام ، رغم عدم وجود فرق بين امرأة و أخرى ! كما أنهم لا يقدرون قيمة ما لديهم مثل تقديرهم لقيمة ما ليس لديهم !
- هذا صحيح ، و سببه خوفهم من الموت ؛ و لكنه أمر ضروري لإدامة البشرية !
- و لكن لماذا يجب على النساء الحمل و الولادة دون الرجال ؟ يمكن تعديل واجبات التعاون و المشاركة بينهما بجعل الحَمْل و الولادة على الزوج ، فيما تتكفل الزوجة بالرضاعة و الحضانة ، أليس كذلك !
- فكرة معقولة و عادلة !
- أرجوكِ ! أبقني هنا بدلاً من البهدلة في دوّامات العراق !
- و لم العجلة ؟ ألا تعلمين أن كل أهل العراق الشرفاء مأواهم الجنة !
- أكيد ؟
- هذا هو الأمر الوحيد الأكيد بصدد شعب العراق ! قوّاكِ الرحمن !

عندما جاءت عاملة الخدمة بعربة نقل الموتى لحمل جثة إيناس إلى برّاد جثثت الموتى ، تحرّك ساعدا الأخيرة ، و أمسكا ببطنها .
- سليمة ! وِلِـﭻ-;- سليمة ! صرخت العاملة على المولدة .
- ما بك تصرخين ؟ ألا ترينني و أنا أوَلِّد هذه المرأة الكبيرة بالسن ؟
- هذه المرأة هنا ! إنها تتحرك ، و هي ليست ميتة ! كيف تأمرينني بنقلها لبرّاد جثث الموتى و هي حيّة ترزق ؟ هل تريدين كسر رقبتي ؟ ها ؟ صخَّم الله وجهك !
تركت سليمة توليد المرأة الكبيرة بالسن ، و هرولت نحو سرير أيناس . و قفت فوقها ، و ضربتها بقوة على أم رأسها ، ثم راحت تحرك وجهها يمنة و يسرة !
- إيناس ، إيناس : كيف أنتِ ؟ إيناس !
- بخير . أجابت إيناس .
- الحمد لله !
بعد فحصها ، أعلنت سليمة ، و هي تخاطب العاملة السليطة اللسان :
- لقد نزل ماء رأس الجنين ! أنقليها إلى سرير التوليد حالاً !
و فيما كانت سليمة تُوَلِّد إيناساً ، صرخت الحامل الكبيرة بالسن من على سرير الولادة جنبها :
- تالله لن أحمل مرة أخرى و لو قطّعوا أوصالي !
- كلكن تقلن هذا هنا . و لكن لا بأس عليك : ستسطرين السبعة أطفال الواحد تلو الآخر حسب الأصول ! ردَّت عليها العاملة .
- آخ ، يُمّا !
- أسكتي و إلا دمغتك على أم رأسك ! أمرتها العاملة مهددة .
- ولـﭻ-;- آخ ، يُمّا ألحقي لي !
- لعد بس تعرفين كيف تتفلقحين جوّاه ، و تأكليه للصُرَّة ، و تونِّسين روحك ؟ ألا تعرفين شوية تجمِّضين على روحك هنا ؟
أخرجت المولدة طفلة إيناس الوليدة ، فشعرت الأخيرة بالراحة و بالسعادة الطاغية و هي تسمع صوت بكائها المبحوح البهيج احتفاءً بخلق الحياة .
- ضعيها مؤقتاً في الحاضنة ، لطفاً ، كي أتفرغ للمرأة الثانية . قالت المولدة للعاملة و هي تناولها الطفلة الوليدة .
انتقلت سليمة لتوليد المرأة الكبيرة بالسن .
دخلت عمّة إيناس صالة الولادة و توجهت نحو إيناس مباشرة ، و قالت لها :
- لماذا ولدتي بنتاً و ليس ولداً ، ها ؟
- الأمر بيد الله !
- إنها الكارثة ! لقد كنت أتصور أنك ستلدين ولداً مثل ابنتي فاطمة كي أفرح به ، و ليست قنبلةً ذريّة !
- ولـِﭻ-;- ، إنتي ، مهمودة الشيب ، أخرجي برّه حالاً ، و إلا أخرجتك بالركلات ! ممنوع الدخول لصالة الولادة ! أمَرَت العاملة عمّة إيناس ، التي أسرعت بالخروج طائعة .
- ست سليمة ، هل أنقل إيناس من سرير التوليد ؟ سألت العاملة .
- كلا ، دعيها ترتاح قليلاً ؛ فلديها جنين ثان ينتظر التوليد . أجابتها سليمة .
بعد نجاحها في توليد المرأة الكبيرة بالسن ، انتقلت سليمة إلى إيناس ، فأولدتها طفلها الثاني : ولد .

لدى انتقالها من سرير التوليد إلى سرير التمريض ، أحست إيناس بالفرح الغامر يلفها ، و بانزياح همِّ طن الصخور التي كانت ترزح تحتها رغم غزارة الدماء التي بللت ملابسها . كما أحست بشوق طاغ لمعانقة طفليها الوليدين ، و تحسس ملامستهما اللذيذة لصدرها .
دخلت عمّة إيناس صالة الولادة مرة ثانية ، و توجهت نحو إيناس مباشرة ، قائلة لها :
- إسمعي ، أنا أريد البنت لي كي أربّيها بنفسي ؛ أما الوَلَد ، فهو عليك ، و لا دخل لي به مطلقاً !

بغداد ، 27 / 4 / 1988 .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 13-13 (الأخيرة)
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 12-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 11-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 10-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 9-15
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 8-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 7-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 6-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 5-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 4-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 3-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 2-13
- عطو و هابرماس و نهاية مدرسة فرانكفورت / 1-13
- حسين علوان حسين - الأديب و الباحث الأكاديمي العراقي - في حوا ...
- القليل من الدعم اللوجستي فقط
- ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 5-5
- أقوى العلماء تأثيراً ماركس ، و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب ...
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 3- 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 2 - 5
- ماركس و فرحان : عندما يفيض الغيض بسبب الظلم / 1 - 5


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - قصة موت و حياة