محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 4956 - 2015 / 10 / 15 - 01:19
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مشكلة العقل العربي بين العلم والدين !
شاهينيات 1116
كثيرا ما تحدث في مواقع على شبكة النت حوارت ثنائية أوجماعية ( متحدية ) بين متدينين وعلمانيين ( ملحدين ) حول وجود خالق أو عدمه . وفي العادة يتمسك العلماني بنظرية داروين في الإنتخاب الطبيعي والنشوء والإرتقاء ليصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود خالق ( إله ) ،بينما يتمسك المحاور المؤمن بدينه ومعتقداته بغض النظر إن كان مسيحيا أو مسلما . فالحوار يجري بين عقلين ينغلقان على ما اكتسباه من معرفة وعلى اعتبار أنها حقائق مطلقة ، في الوقت الذي أثبت فيه العلم عدم وجود حقائق مطلقة . ويندر أن يجري حوار بين عقلين منفتحين على فكر مادي ( علماني ) وفكر مثالي ( ديني ) حول ما هية وجوهر الطاقة القائمة بالخلق بعيدا عن المفاهيم السائدة كلها ، وهل يمكن اعتبارها خالقا أم لا يمكن على الإطلاق .
ما يجري هو أن العلماني إذا كان يحاور مؤمنا قد يستطيع أن يثبت عدم وجود خالق ( إله ) لديه جنة ونار وينبغي الصلاة له خمس مرات في اليوم ! أو أنه الأب والإبن والروح القدس. وهذه النتيجة ليست اثباتا على وجود خالق مختلف قائم بالخلق ،كأن يكون الخالق طاقة أو مادة ، أو الطبيعة بكليتها ، أي بكائناتها .. وبالتالي يمكن أن تكمن الألوهة في الإنتخاب الطبيعي نفسه والنشوء والإرتقاء نفسيهما . وفي هذه الحال يكون الإنتخاب الطبيعي خالقا خلق نفسه بنفسه وما زال يخلق نفسه بنفسه ويطورها ..وداروين نفسه وحسب نظريته يثبت أن الكائنات تخلق نفسها بنفسها أي أنها خالقة ! وفي الفيزياء الكمومية ،ثبت أنه لا يمكن فصل الراصد عن المرصود ، وبالمعنى الفيزيائي ، المادة عن الطاقة أو العكس ، وبالمعنى الوجودي ،الوجود عن موجده ، وبالمعنى الكينوني أو الكائني : الكائن عن مكونة ، ويمكن هنا تمثل قول متصوف : " أنا الله والله أنا " والخلاصة أنه يمكن القول : لا مادة إلا وينتج عنها طاقة ، ولا طاقة إلا وينتج عنها مادة . فالإنسان مادة ينتج عنه طاقة ينتج عنها فعل مادي .
المحاور الآخر (المؤمن ) يصر على موقفه وفي الغالب ينزه الخالق عن الخلق ، ويجعله الأول الذي لم يكن قبله شيء وأنه خلق الخلق بالأمر المخفف ( ليكن ) حسب العهد القديم ( التوراة ) والأمر الصارم ( كن ) حسب الإسلام .
وهذا الأمر يمتد ليشمل الحوارات بين الأديان الذي أطلق عليه حوار الحضارات وهو في الحقيقة لم يتمخض إلا عن صراع الديانات ،فانظروا إلى الصراع القائم على شبكة النت بين المسيحيين والمسلمين .. مئات آلاف المواقع .. وكل جهة تعتبر نفسها أنها عرفت الحقيقة المطلقة ومنذ زمن مديد ! وبالتالي دينها هو الحقيقة ولا دين غيره !
وما نأمله من العلمانيين أن لا يعتبروا أنهم عرفوا الحقيقة المطلقة وأغلقوا عقولهم عليها ! كي لا يكونوا مثل الآخرين . العقل البشري ما زال يحبو في المعرفة ، والحقيقة المطلقة إن كان هناك حقيقة مطلقة لا يعرف أحد ماهي . الحقائق نسبية وستظل نسبية إلى أجل غير مسمى . وإن كان هناك حقيقة مطلقة في ذاتها فهي تظل نسبية بالنسبة إلى حقيقة الوجود .
*******
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟